مجلس الأمن يطالب بـ«وقف استخدام الغذاء سلاحاً»

تجنب الإشارة إلى موسكو… وبلينكن لمواجهة «الابتزاز» الروسي

حض وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن دول العالم على الضغط على روسيا لوقف «الابتزاز» (رويترز)
حض وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن دول العالم على الضغط على روسيا لوقف «الابتزاز» (رويترز)
TT

مجلس الأمن يطالب بـ«وقف استخدام الغذاء سلاحاً»

حض وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن دول العالم على الضغط على روسيا لوقف «الابتزاز» (رويترز)
حض وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن دول العالم على الضغط على روسيا لوقف «الابتزاز» (رويترز)

تجنب مجلس الأمن توجيه أصابع الاتهام إلى روسيا خلال مطالبته (الخميس) المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات «لوقف استخدام الغذاء سلاحاً» في النزاعات المسلحة، مندداً «بشدة باستخدام تجويع المدنيين أسلوباً حربياً»، رغم أن ذلك محظور بموجب القوانين الدولية. فيما حض وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، دول العالم بالضغط على روسيا لوقف «الابتزاز» عبر وقف نقل الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود.

جاءت هذه المطالبة من مجلس الأمن عبر بيان رئاسي، أعدّته الولايات المتحدة في مستهلّ رئاستها هذا المنبر الدولي في أغسطس (آب) الجاري، بعدما ضمنت تأييد أكثر من 75 دولة أعضاء في الأمم المتحدة مبادرة «تلتزم فيها باتخاذ إجراءات لإنهاء استخدام الغذاء سلاحَ حرب وتجويع المدنيين تكتيكاً من أساليب الحرب».

أعلن بلينكن أن مجلس الأمن اعتمد بإجماع أعضائه الـ15 بياناً رئاسياً أُعد بمبادرة من الولايات المتحدة (رويترز)

وفي مستهل الجلسة التي عُقدت برئاسة أميركية، أعلن بلينكن أن مجلس الأمن اعتمد بإجماع أعضائه الـ15 بياناً رئاسياً أُعد بمبادرة من الولايات المتحدة، وتجنب ذكر أيٍّ من روسيا وأوكرانيا بالاسم. وكرر المجلس بموجبه «التزامه التصدي لانعدام الأمن الغذائي، بما في ذلك المجاعة، في حالات النزاع المسلح»، مكرراً «تأكيد الاحترام الكامل لسيادة الدول وسلامة أراضيها وفقاً لميثاق الأمم المتحدة».

وأكد «أهمية دور المنظمات والترتيبات الإقليمية ودون الإقليمية والتعاون معها بشكل متسق مع الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة، فيما يتعلق بالحفاظ على السلام والأمن الدوليين، والمساهمة في الجهود الدولية لدعم ومنع المجاعة وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية الناجم عن النزاعات». وعبّر عن «قلقه إزاء عدم كفاية المساعدات الإنسانية والإنمائية والتمويل الذي يحدّ من الجهود المبذولة للتصدي (...) لانعدام الأمن الغذائي والتهديد بالمجاعة».

ورحب مجلس الأمن بـ«التزام بنوك التنمية والمؤسسات المالية الدولية متعددة الأطراف توحيد خبراتها والتمويل لزيادة الدعم السياسي والمالي للبلدان المعرضة لأزمات الأمن الغذائي». وعبّر عن «قلقه إزاء ازدياد عدد النزاعات المسلحة في مناطق جغرافية مختلفة في كل أنحاء العالم»، مكرراً «الحاجة إلى كسر الحلقة المفرغة بين النزاع المسلح وانعدام الأمن الغذائي».

أتاحت الاتفاقية خلال زهاء عام تصدير نحو 33 مليون طن من الحبوب من الموانئ الأوكرانية إلى مختلف بقاع الأرض بما فيها أفريقيا (أ.ف.ب)

وأخذ علماً بأنه «في عام 2022 كان النزاع المسلح هو الدافع الأكثر أهمية لمستويات عالية الحدة من انعدام الأمن الغذائي لنحو 117 مليون شخص في 19 دولة وإقليماً» عبر العالم. وندد «بشدة باستخدام تجويع المدنيين أسلوباً حربياً يحظره القانون الدولي الإنساني». وحض «كل الجهات الفاعلة ذات الصلة بما في ذلك التي لديها القدرة على التأثير على الجماعات المسلحة، والعمل على وقف إغلاق الطرق المطلوبة وإلحاق الضرر لإمداد الأسواق المحلية بمصادر الغذاء، بما فيها المحاصيل والثروة الحيوانية، وكذلك المستلزمات الطبية والإنسانية».

وفي كلمته خلال رئاسته الجلسة في نيويورك حول «المجاعة وانعدام الأمن الغذائي بسبب النزاع»، دعا بلينكن إلى «التصدي للحرب العدوانية الروسية» ضد أوكرانيا وعواقب ذلك على النظام الغذائي العالمي، مضيفاً أن مبادرة البحر الأسود التي تفاوضت عليها الأمم المتحدة وتركيا مع كل من روسيا وأوكرانيا، أدت إلى تسليم 32 مليون طن من المواد الغذائية الأوكرانية إلى العالم.

وأوضح أن «صادرات القمح وحدها تعادل 18 مليار رغيف خبز»، مؤكداً أنه «تم تصدير أكثر من نصف المنتجات الغذائية من خلال هذا الجهد وذهب ثلثا القمح إلى البلدان النامية». ولاحظ أنه «منذ انسحاب روسيا من هذا الترتيب في 17 يوليو (تموز)، متجاهلةً النداءات العالمية، ارتفعت أسعار الحبوب بأكثر من 8 في المائة حول العالم».

واستشهد بوصف وزارة الخارجية الكينية الخطوة الروسية بأنها «طعنة في الظهر»، وكرر أن العقوبات الدولية على روسيا «تستثني صراحةً المواد الغذائية والأسمدة الروسية». وندّد بالقصف الروسي لمخازن الحبوب الأوكرانية والتهديد بمهاجمة أي سفينة في البحر الأسود، معتبراً أن هذه الإجراءات «تتفق مع قرار روسيا الشهر الماضي منع إعادة تفويض المساعدة الإنسانية الضرورية عبر الحدود إلى سوريا».

مستودع الحبوب الذي استهدفته مسيّرة روسية في ميناء إيزماييل الأوكراني على نهر الدانوب أمس (أ.ف.ب)

وعبّر عن «تقديره الكبير لتركيا والآخرين الذين يعملون على إعادة الصفقة الكبرى» الخاصة بالحبوب، ورأى أنه «يجب على كل عضو في مجلس الأمن، وكل عضو في الأمم المتحدة، أن يخبر موسكو بأنه يكفي استخدام البحر الأسود كابتزاز»، بموازاة «رفض معاملة أضعف الناس في العالم بوصفهم وسيلة ضغط لهذه الحرب غير المبررة وغير المنطقية» ضد أوكرانيا، داعياً إلى «تعزيز الأمن الغذائي الضروري لتحقيق رؤية ميثاق الأمم المتحدة لإنقاذ الأجيال من ويلات الحرب وإعادة تأكيد كرامة وقيمة كل إنسان».

وكان مسؤول أميركي كبير قد أشار إلى أن بلينكن سيعلن أيضاً تمويلاً جديداً بنحو 362 مليون دولار «لمعالجة دوافع انعدام الأمن الغذائي وتعزيز الصمود» في نحو 12 دولة أفريقية وهايتي. وفي إشارة إلى أن البيان الرئاسي لا يسمي أي دولة على وجه التحديد، قال المسؤول الأميركي: «لا نسعى إلى تحويل ذلك إلى مواجهة في روسيا أو أي دولة أخرى» في مجلس الأمن. وأضاف أنه «مهما كانت تصرفات موسكو بغيضة، كما نراها نحن وكثير من الدول في كل أنحاء العالم، فإننا ندرك أن هذا تحدٍّ أكبر من دولة واحدة». وزاد: «نحن نعلم أيضاً أن شركاءنا، خصوصاً في جنوب الكرة الأرضية، يفضّلون الاستماع إلى التركيز على الحلول بدلاً من توجيه أصابع الاتهام».

واتّهمت فرنسا (الأربعاء) روسيا بتعريض الأمن الغذائي العالمي للخطر «على نحو متعمَّد من خلال تدمير بنى تحتية أساسية لتصدير الحبوب». وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية في بيان: «إنها تسعى لتحقيق مصلحتها الخاصة على حساب السكان الأكثر ضعفاً عبر رفع أسعار المنتجات الزراعية ومحاولة منع أحد منافسيها الرئيسيين من تصدير منتجاته» وهي أوكرانيا.

وأعلن وزير البنى التحتية الأوكراني أولكسندر كوبراكوف، أن الضربات الروسية التي استهدفت منشآت تابعة لميناء أوكراني مطلّ على نهر الدانوب صباح الأربعاء أدت إلى «إتلاف» نحو 40 ألف طن من الحبوب المعدة للتصدير. وأكّد كوبراكوف على «تلغرام»، «ضرب الروس مستودعات وصوامع حبوب، ما أدى إلى إتلاف نحو 40 ألف طن من الحبوب كانت معدَّة للتصدير»، متّهماً روسيا باستخدام مسيّرات إيرانية الصنع لتنفيذ الهجوم. وأشارت الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن - كلير لوجندر، إلى أن فرنسا ستواصل تقديم مساعداتها الغذائية إلى «البلدان الأكثر تضرراً من انعدام الأمن الغذائي الناجم عن العدوان الروسي». كما نددت بالضربات التي استهدفت مجدداً بنى تحتية مدنية، قائلةً إنها «انتهاك للقانون الإنساني الدولي»، مضيفةً أن «هذه الأعمال غير المقبولة تشكل جرائم حرب ولا يمكن أن تمر من دون عقاب»، مرددة تصريحات وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا.

وبدأت موسكو، بعد انسحابها من الاتفاق، استهداف الموانئ الأوكرانية والبنية التحتية للحبوب بالبحر الأسود ونهر الدانوب، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الحبوب في أنحاء العالم. وتقول موسكو إنه في حال تلبية مطالبها الخاصة بتسهيل تصدير حبوبها وأسمدتها فإنها ستبحث عودة العمل بموجب اتفاق الحبوب مجدداً.

وقالت رومانيا (الخميس)، إنها ستُنهي الإجراءات الجمركية لما يصل إلى 30 سفينة تنتظر دخول رومانيا من موانئ أوكرانية على نهر الدانوب في غضون يومين، في إشارة إلى أن حركة التجارة لم تتوقف على الرغم من الهجوم الروسي على الميناء الأوكراني الرئيسي في النهر.

وقال الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس، إن الهجمات الروسية المستمرة على البنية التحتية المدنية الأوكرانية في نهر الدانوب تصل إلى مستوى جرائم الحرب. ويشكل المرور عبر النهر آخر ملاذ لشحن صادرات الحبوب الأوكرانية عبر ممر مائي بعدما أعادت روسيا فرض الحصار الفعلي على موانئ أوكرانيا على البحر الأسود وأغلقتها الشهر الماضي.

وذكرت وكالة «إنترفاكس» الأوكرانية للأنباء، الخميس، نقلاً عن رئيس الوزراء دينيس شميهال قوله إن البلاد تبحث إمكانية تقديم خدمات التأمين للسفن التي تُبحر عبر «ممر الحبوب». ونُقل عن شميهال قوله في مؤتمر صحافي: «تُجري الحكومة المناقشات، وأنا على يقين من أننا سنتخذ قراراً بشأن تأمين السفن والشركات ذات الصلة التي ستعمل في ممر الحبوب». وكان ما يقرب من ربع صادرات الحبوب الأوكرانية يمر عبر موانئ نهر الدانوب قبل أن تنسحب روسيا من الاتفاق. وتنقل شحنات الحبوب على صنادل عبر النهر إلى ميناء كونستانتا الروماني على البحر الأسود لتواصل طريقها إلى وجهاتها بعد ذلك. وقال فلورين أوزومتوما، مدير الملاحة في إدارة نهر الدانوب الرومانية، لـ«رويترز»: «نحاول التعامل مع هذه التكدسات بأفضل ما في وسعنا لتخفيف الازدحام الملاحي في نهر الدانوب». وأضاف: «سنُنهي الإجراءات الجمركية لنحو 30 سفينة في يومين، 12 على الأقل اليوم -إن لم يكن 14- والباقي غداً». وقال إن الإدارة أنهت الإجراءات الجمركية لأعداد قياسية من السفن القادمة من الموانئ الداخلية الأوكرانية في مايو (أيار) ويونيو (حزيران)، والتي بلغت أكثر من 477 سفينة في الشهر.


مقالات ذات صلة

أكثر من 33 مليون نيجيري سيعانون من الجوع العام المقبل

أفريقيا أدى العنف والتصحر إلى منافسات عنيفة أحياناً بين المجتمعات الزراعية والرعاة الرُحّل في نيجيريا (أ.ف.ب)

أكثر من 33 مليون نيجيري سيعانون من الجوع العام المقبل

أفاد تقرير بأن أكثر من 33 مليون نيجيري سيعانون من الجوع العام المقبل، وهو رقم يزداد مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتفاقم آثار الحرب والتغير المناخي.

«الشرق الأوسط» (أبوجا )
المشرق العربي فتى فلسطيني نازح من شمال قطاع غزة يجلس على أنقاض منزل مهدم على مشارف مدينة غزة (أ.ف.ب)

خبراء في الأمن الغذائي: المجاعة الوشيكة في شمال غزة «احتمال قوي»

حذّرت لجنة من الخبراء في الأمن الغذائي العالمي من «احتمال قوي بحدوث مجاعة وشيكة في مناطق» شمال قطاع غزة، فيما تواصل إسرائيل هجومها على حركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تتدخّل الشهية في محاولة ترميم ما يتجوَّف (آدوب ستوك)

«الأكل العاطفي» تُحوّله الحرب إعلاناً للحياة... ولا تغفر مبالغاته

إنها الحرب؛ بشاعتها تفرض البحث عن ملاذ، ومطاردة لحظة تُحتَسب، والسعي خلف فسحة، فيتراءى الطعام تعويضاً رقيقاً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
خاص يحمل الأطفال الفلسطينيون الأواني في طابور لتلقي الطعام من مطبخ خيري في رفح (رويترز)

خاص الجوع في العالم... تحدٍّ أخلاقي يتطلب حلاً مستداماً

يمثل الجوع وانعدام الأمن الغذائي تحديات أخلاقية وإنسانية تؤثر على الملايين حول العالم، ما يفرض مسؤولية أخلاقية تجاه المتضررين.

«الشرق الأوسط» (روما)
العالم فلسطينيون يتجمعون للحصول على مساعدات غذائية مقدمة من برنامج الأغذية العالمي في جباليا بشمال غزة (رويترز)

«الأمم المتحدة» تحذر من تفاقم الجوع في غزة والسودان ومالي

حذرت وكالات الأغذية، التابعة للأمم المتحدة، من تفاقم مستويات الجوع، خلال الأشهر السبعة المقبلة، في أجزاء كثيرة من العالم، وأكثرها إثارة للقلق غزة والسودان.

«الشرق الأوسط» (روما)

بوتين يسعى إلى استعادة كورسك قبل تنصيب ترمب

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يصافح السيناتور ماركو روبيو خلال مناسبة انتخابية في رالي بولاية نورث كارولينا (أ.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يصافح السيناتور ماركو روبيو خلال مناسبة انتخابية في رالي بولاية نورث كارولينا (أ.ب)
TT

بوتين يسعى إلى استعادة كورسك قبل تنصيب ترمب

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يصافح السيناتور ماركو روبيو خلال مناسبة انتخابية في رالي بولاية نورث كارولينا (أ.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يصافح السيناتور ماركو روبيو خلال مناسبة انتخابية في رالي بولاية نورث كارولينا (أ.ب)

تشير التعيينات التي لم تؤكد كلها بعدُ، على الأقل بالنسبة إلى تسمية السيناتور ماركو روبيو لشغل منصب وزير الخارجية في إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، إلى أن ملف الحرب في أوكرانيا قد لا يكون بهذه السوداوية المتوقعة... فـ«هل نفي المحادثة تعبير عن امتعاض روسي؟».

سؤال طُرح على خلفية نفي موسكو المكالمة الهاتفية التي جرت بين ترمب والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يوم الخميس الماضي، وكشفت عنها وسائل إعلام أميركية عدة يوم الاثنين.

ويقول مراقبون إن هذا النفي قد يكون بداية «امتعاض» روسي من احتمال وجود تغيير في «توقعات» موسكو، خصوصاً أن الفريق المشكل لإدارة سياسات واشنطن الخارجية، هو من الصقور الجمهوريين، الذين يتخذون مواقف متشددة من روسيا. ووفق المكالمة، فقد طلب ترمب من بوتين وقف أي تصعيد جديد للحرب، فيما الأخير يستعد لشن هجوم شتوي على كورسك، بعدما نشر 50 ألف جندي روسي وكوري شمالي؛ لاستعادتها من أوكرانيا قبل تسلم ترمب منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، بما يمكنه من الجلوس إلى طاولة المفاوضات من موقع أقوى، من دون الاضطرار إلى الدخول في مساومات لتبادل الأراضي.

ترمب حتى الساعة لم يصدر تعليقات جديدة حول رؤيته لمستقبل تلك الحرب. لكنه قال مراراً إنه يتمتع بعلاقة جيدة ببوتين. وزُعم أيضاً أنه أخبره بأن الولايات المتحدة ستقصف موسكو إذا حاولت مهاجمة أوكرانيا. وقال إنه يريد مساعدة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

ماركو روبيو (أ.ف.ب)

لكن صحيفة «تلغراف» البريطانية نقلت عن الجنرال أوليكساندر سيرسكي، القائد العسكري الأعلى في أوكرانيا، قوله إن «عشرات الآلاف من جنود العدو» وصلوا لطرد قوات كييف من الجيب الروسي، مما أثار مخاوف الغرب من تصعيد كبير للحرب. ويعتقد حلفاء «حلف شمال الأطلسي (ناتو)» أن بوتين يأمل استعادة تلك الأراضي التي دخلتها أوكرانيا، قبل تنصيب ترمب. وقال الجنرال سيرسكي إن «عشرات الآلاف من جنود العدو من أفضل الوحدات الروسية كانوا يهاجمون المواقع الأوكرانية»

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)

تكثيف الهجمات للتأثير على التفاوض

وأظهر تقييم استخباراتي دفاعي بريطاني، اطلعت عليه الصحيفة، أن من المرجح أن تكثف روسيا هجمات الطائرات من دون طيار الانتحارية على المواقع الأوكرانية في الأيام المقبلة، باستخدام مواقع إطلاق جديدة بالقرب من الحدود.

وذكر سلاح الجو الأوكراني، الثلاثاء، أنه أسقط 46 طائرة من أصل 110 طائرات مسيّرة أطلقتها روسيا ليل الاثنين. وأضاف أنه فُقد أثر 60 طائرة مسيرة روسية في المجال الجوي الأوكراني، فيما غادرت اثنتان أخريان باتجاه بيلاروسيا. وقال إن القوات الروسية استخدمت أيضاً 3 صواريخ خلال الهجوم الذي وقع ليلاً، فضلاً عن قنابل جوية موجهة. وقال حاكم منطقة خاركيف، أوليه سينيهوبوف، إن هجوماً وقع في ساعة متأخرة من مساء الاثنين على مدينة خاركيف.

قوات روسية توجه طلقات مدافعها باتجاه مواقع القوات الأوكرانية في كورسك (أ.ب)

بدورها، قالت وزارة الدفاع الروسية، الثلاثاء، إن أنظمة الدفاع الجوي دمرت 13 طائرة مسيّرة أوكرانية خلال الليل. وأضافت الوزارة عبر قناتها على تطبيق «تلغرام» أن جميع الطائرات المسيّرة أسقطت فوق المناطق المتاخمة لأوكرانيا.

كما أدت ضربة روسية إلى «تضرر» سد في شرق أوكرانيا، ما تسبب في ارتفاع كبير بمنسوب مياه أحد الأنهار، وشكل «تهديداً» بحدوث فيضان في الأراضي المجاورة، وفق ما أعلن مسؤول محلي الاثنين. وقال فاديم فيلاشكينفاديم فيلاشكين، عبر «تلغرام»: «ألحق الروس أضراراً بسد خزان كوراخوف».

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيرته الكورية الشمالية تشوي سونغ هي في موسكو (إ.ب.أ)

وأضاف حاكم المنطقة أن «هذا الهجوم قد يهدد سكان المناطق الواقعة على نهر فوفتشا بمنطقتي دونيتسك ودنيبروبتروفسك». وأكد أن منسوب المياه في هذا النهر الواقع قرب قرية فيليكا نوفوسيلكا «ارتفع بمقدار 1.2 متر»، لكن «لم يبلَّغ عن أي فيضان حتى الآن».

ومن المرجح أيضاً أن يشارك نحو 12 ألف جندي كوري شمالي في القتال بمنطقة كورسك، بموجب اتفاقية الدفاع المشترك بين روسيا وكوريا الشمالية التي وقعها البلدان أخيراً.

وصدقت كوريا الشمالية على المعاهدة التي تنص على تقديم مساعدات عسكرية متبادلة، وفقاً لما ذكرته وسائل الإعلام الحكومية في كوريا الشمالية الثلاثاء، في وقت تقول فيه الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وأوكرانيا إن كوريا الشمالية أرسلت آلاف الجنود إلى روسيا لدعم حربها ضد أوكرانيا.

وقال محللون أوكرانيون إن الكرملين قد يهدف أيضاً إلى استخدام أكبر هجوم مضاد له في منطقة كورسك لبناء الزخم والدفع إلى منطقة سومي شمال شرقي أوكرانيا.

زيادة نفوذ أوكرانيا

لم يشرح ترمب حتى الآن بالتفصيل نوع الصفقة التي يعتقد أنها يمكن أن تنهي الحرب، رغم أن الحلفاء قدموا خططاً مختلفة تنطلق من فكرة تجميد خط المواجهة الحالي.

ويقول جون هاردي، الباحث في الشأن الروسي بـ«مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات» بواشنطن، المحسوبة على الجمهوريين، إن «أفضل ما يمكن أن يفعله ترمب لتأمين صفقة جيدة هو زيادة نفوذ أوكرانيا». وأضاف في حديث مع «الشرق الأوسط»: «هذا يعني زيادة المساعدات المقدمة لأوكرانيا، وإزالة القيود المفروضة على الضربات الأوكرانية، وخفض أسعار النفط». وقال إن «أوكرانيا تحتاج إلى أن تكون قادرة على تثبيت خطوطها، ويحتاج بوتين إلى إقناعه بأن مزيداً من القتال لن يكون مفيداً».

جنود من الجيش الروسي يقاتلون ضد الجيش الأوكراني في كورسك (أ.ب)

وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» قد نقلت عن 3 من أعضاء فريق ترمب أن خطته تطرح إقامة منطقة عازلة بعمق 1300 كيلومتر بين روسيا وأوكرانيا تشرف عليها بريطانيا والأوروبيون من دون مساهمة الولايات المتحدة فيها أو تمويلها. كما تقترح تجميد خط المواجهة الحالي حيث هو الآن، وموافقة أوكرانيا على تأجيل طموحها في الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)» لمدة 20 عاماً. في المقابل، ستضخ الولايات المتحدة في أوكرانيا أسلحة كاملة لردع روسيا عن إعادة بدء الحرب.

واقترح جيه. دي. فانس، نائب الرئيس المنتخب، في سبتمبر (أيلول) الماضي، أن تتمسك روسيا بمكاسبها الحالية شرطاً للسلام. وقال إن بقية أوكرانيا ستظل دولة مستقلة ذات سيادة، وستحصّن جانبَها من الخط بشكل كبير لمنع هجوم روسي ثانٍ. وفي المقابل، ستحصل روسيا على وعد بالحياد الأوكراني. وقال فانس: «إنها لن تنضم إلى (حلف شمال الأطلسي)، ولن تنضم إلى بعض المؤسسات المتحالفة. أعتقد أن هذا هو الشكل النهائي لهذا الأمر».

تقوية موقف كييف

ويوم الاثنين، أجرى رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، في باريس، محادثات مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول الحرب. وقال بيان من رئاسة الحكومة البريطانية إن البلدين سيحاولان وضع أوكرانيا في «أقوى موقف ممكن قبل الشتاء».

وقال جون هيلي، وزير الدفاع البريطاني، إن ترمب كان «محقاً تماماً» في التحذير من التصعيد وفي أن الولايات المتحدة ستواصل سياسة «الأمن من خلال القوة»، على الرغم من تهديد الرئيس المقبل بقطع المساعدات العسكرية عن أوكرانيا. ويشعر الدبلوماسيون الغربيون بالقلق من أن يحاول بوتين الاستيلاء بسرعة على الأراضي قبل تنصيب ترمب؛ لمنح روسيا مزيداً من القوة التفاوضية في أي محادثات سلام.

جمود روس في منطقة كورسك الروسية عند الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

ونفى الكرملين أن يكون ترمب قد تحدث إلى بوتين، على الرغم من التقارير التفصيلية عن محادثتهما التي ظهرت في وسائل الإعلام الأميركية.

جاء ذلك عشية لقاء ترمب الرئيس جو بايدن في البيت الأبيض يوم الأربعاء لمناقشة عملية الانتقال. وقال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي، إن بايدن سيستغل الاجتماع لحث خليفته على مواصلة الدعم الأميركي لكييف.

وتعهدت إدارة بايدن بصرف الأموال المتبقية لأوكرانيا خلال الأسابيع العشرة المقبلة، والتي كان أقرها الكونغرس؛ بما فيها ما يعادل 4.3 مليار دولار من الأسلحة الأميركية المعاد توجيهها، و2.1 مليار دولار عقوداً جديدة من شركات أميركية.

وقال وزير الدفاع البريطاني لـ«هيئة الإذاعة البريطانية» أمس: «أتوقع أن تظل الولايات المتحدة إلى جانب حلفائها، مثل المملكة المتحدة، وتقف مع أوكرانيا مهما استغرق الأمر للتغلب على غزو بوتين».