البيروقراطية تعلق مهمة سفينة الإغاثة «أوشن فايكينغ» في إيطاليا

سفينة «أوشن فايكينغ» الإغاثية في ميناء تشيفيتافيكيا (أ.ف.ب)
سفينة «أوشن فايكينغ» الإغاثية في ميناء تشيفيتافيكيا (أ.ف.ب)
TT

البيروقراطية تعلق مهمة سفينة الإغاثة «أوشن فايكينغ» في إيطاليا

سفينة «أوشن فايكينغ» الإغاثية في ميناء تشيفيتافيكيا (أ.ف.ب)
سفينة «أوشن فايكينغ» الإغاثية في ميناء تشيفيتافيكيا (أ.ف.ب)

فيما كان من المفترض أن تبحر سفينة «أوشن فايكينغ» للبحث عن مهاجرين يحتاجون للإنقاذ في المتوسط، الجمعة، توقفت في ميناء تشيفيتافيكيا خارج روما بسبب نزاع بيروقراطي مع السلطات الإيطالية، ما ترك مزيداً من المهاجرين يكافحون وحدهم للنجاة.

وقالت الناطقة باسم منظّمة «إس أو إس ميديتيرانيه» غير الحكومية، التي تستأجر سفينة «أوشن فايكينغ» للإغاثة الإنسانية، كلير غوشا، خلال جولة في السفينة: «كان علينا أن نكون في البحر حالياً». وأضافت، في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية: «بصراحة، الوضع صعب قليلاً».

كلير غوشا الناطقة باسم منظّمة «إس أو إس ميديتيرانيه» غير الحكومية التي تستأجر سفينة «أوشن فايكينغ» للإغاثة الإنسانية (أ.ف.ب)

وتلقت سفينة «أوشن فايكينغ» الأمر بالعودة إلى ميناء تشيفيتافيكيا حيث أنزلت 57 مهاجراً مؤخراً.

بعد 7 ساعات من التفتيش، الثلاثاء، احتجزت سلطات الميناء السفينة بسبب ما تعتبر «إس أو إس ميديتيرانيه» أنه «تفسير مقيّد» لمعايير سلامة السفن.

وجدت السلطات أنه لا يوجد عدد كافٍ من أفراد الطاقم المعتمدين لتشغيل أطواف النجاة، رغم أنها تحتوي على أكثر من الكمية المطلوبة من الأطواف.

كلير غوشا الناطقة باسم منظّمة «إس أو إس ميديتيرانيه» غير الحكومية التي تستأجر سفينة «أوشن فايكينغ» للإغاثة الإنسانية (أ.ف.ب)

ولم تُطرح هذه المشكلة أبداً خلال 7 عمليات تفتيش سابقة على مدى السنوات الأربع الماضية، بحسب غوشا. وأضافت أن ذلك يمثل أحدث عقبة في طريق الجمعية الخيرية من قبل السلطات الإيطالية.

- إطلاق النار على عناصر الإغاثة

في سفينة إنقاذ المهاجرين فراغ يذكّر بانتظام بغياب من يجب إنقاذهم من البحر.

وقالت غوشا، مشيرة إلى سطح خشبي يبلغ طوله 69 متراً: «عندما يكون لدينا 400 شخص، لدينا للأسف أشخاص ينامون هنا أيضاً».

واجهت سفينة «أوشن فايكينغ» وسفن أخرى تحديات متزايدة خلال إنقاذ مهاجرين هذا العام.

وأجبر قانون جديد أصدرته الحكومة الإيطالية اليمينية المتطرفة الجديدة، سرى مفعوله في يناير (كانون الثاني)، سفن الإنقاذ على الرسو في موانئ محددة، غالباً ما تكون بعيدة وتتطلّب الإبحار لأيام إضافية. وأدّى ذلك إلى ارتفاع تكاليف العملية اليومية لسفينة «أوشن فايكينغ» إلى 24 ألف يورو تقريباً، بدلاً من 14 ألف يورو سابقاً، وفق غوشا.

سفينة «أوشن فايكينغ» الإغاثية في ميناء تشيفيتافيكيا (أ.ف.ب)

يوم الجمعة الماضي، أثناء عملية إنقاذ 11 مهاجراً، قالت غوشا إن خفر السواحل الليبي أطلقوا النار على مسافة قريبة من قارب إنقاذ مطاطي، يقلّها وطاقم «أوشن فايكينغ» ومهاجرين.

وأضافت: «حياتنا معرّضة للخطر... يجب ألا نكون مستهدفين»، داعية إلى مزيد من الشفافية والمحاسبة لخفر السواحل الليبي الذين يمنحهم الاتحاد الأوروبي «الملايين ويدرّبهم ويعطيهم قواربَ... ثمّ نرى هذه القوارب في أيدي ميليشيات بعد 3 أسابيع». وقالت أيضاً: «كأنّ العالم مقلوب رأساً على عقب. نحن عاملو إغاثة، لكننا مع ذلك نتعرّض لإطلاق النار ويتمّ احتجازنا».

في صقلية في الجنوب، اختتم المدير التنفيذي للوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل «فرونتكس»، هانز ليتينز، زيارة لإيطاليا استمرّت يومَين بالتطرّق إلى معالجة تضخم أعداد المهاجرين.

وخلال حديثه مع صحافيين، شدّد على ضرورة «البحث عن شراكات تمنع المغادرين، لأن المهاجرين ليسوا على دراية بمخاطر العبور. فهم يصعدون أحياناً تحت تهديد السلاح».

وعلى السطح الرئيسي لسفينة «أوشن فايكينغ»، الجناح الطبي مقفر، وكذلك الغرفة الصغيرة حيث تلتقي قابلة متخصصة في العنف الجنسي بالمهاجرات.


مقالات ذات صلة

مهاجرون باكستانيون عالقون على الحدود بين مالي وموريتانيا

شمال افريقيا قوات بحرية إسبانية تعترض قارب مهاجرين غير نظاميين انطلق من سواحل موريتانيا (أ.ف.ب)

مهاجرون باكستانيون عالقون على الحدود بين مالي وموريتانيا

«رغم المسافة الكبيرة التي تفصل موريتانيا عن باكستان، والتي تقدر بنحو 7700 كيلومتر، فإنها أصبحت وجهة للمهاجرين الآسيويين».

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ تعيينات دونالد ترمب في إدارته الجديدة تثير قلق تركيا (رويترز)

ترمب يؤكد عزمه على استخدام الجيش لتطبيق خطة ترحيل جماعي للمهاجرين

أكد الرئيس المنتخب دونالد ترمب أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية بشأن أمن الحدود واستخدام الجيش الأميركي لتنفيذ عمليات ترحيل جماعية للمهاجرين غير الشرعيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

عثرت السلطات الأمنية في مدينة صبراتة الليبية على «وكر» يضم 90 مهاجراً غير نظامي، تديره إحدى عصابات الاتجار بالبشر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ما مدى احتمال استخدام روسيا أسلحتها النووية؟

جانب من التجارب الروسية على إطلاق صواريخ لمحاكاة رد نووي (أرشيفية - أ.ف.ب)
جانب من التجارب الروسية على إطلاق صواريخ لمحاكاة رد نووي (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

ما مدى احتمال استخدام روسيا أسلحتها النووية؟

جانب من التجارب الروسية على إطلاق صواريخ لمحاكاة رد نووي (أرشيفية - أ.ف.ب)
جانب من التجارب الروسية على إطلاق صواريخ لمحاكاة رد نووي (أرشيفية - أ.ف.ب)

وجه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خطاباً متلفزاً في 24 فبراير (شباط) 2022 أعلن فيه تضمن الإعلان عن الغزو الروسي لأوكرانيا، ما تم تفسيره بأنه تهديد باستخدام الأسلحة النووية ضد الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) إذا ما تدخلت. وقال إن روسيا سترد على الفور، وستكون العواقب منقطعة النظير على نحو لم تشهده هذه الدول طيلة تاريخها. ثم في 27 فبراير 2022 أمر بوتين روسيا بنقل قوات نووية إلى «وضع خاص للمهام القتالية»، وهذا له معنى مهم من حيث البروتوكولات المتعلقة بإطلاق أسلحة نووية من روسيا.

وقالت باتريشيا لويس، مديرة الأبحاث ومديرة برنامج الأمن الدولي في «معهد تشاتام هاوس» (المعروف رسمياً باسم المعهد الملكي للشؤون الدولية) إنه وفقاً لخبراء متخصصين في الأسلحة النووية الروسية، لا يستطيع نظام القيادة والتحكم الروسي نقل أوامر الإطلاق في وقت السلم، ولذلك فإن رفع الوضع إلى «المهام القتالية» يسمح بتمرير أمر الإطلاق وتنفيذه.

أضافت باتريشيا، في تقرير نشره «تشاتام هاوس»، وبثته «وكالة الأنباء الألمانية»، أن بوتين وجه تهديدات نووية أشد في سبتمبر (أيلول) 2022 عقب أشهر من الصراع العنيف والمكاسب التي حققها هجوم مضاد أوكراني. وأشار إلى توسيع في العقيدة النووية الروسية، مخفضاً عتبة استخدام الأسلحة النووية من تهديد وجودي لروسيا إلى تهديد لسلامة أراضيها.

بوتين مجتمعاً مع كبار مسؤولي وزارة الدفاع في الكرملين (أرشيفية - إ.ب.أ)

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 وفقاً لتقارير كثيرة ترددت لاحقاً، رصدت الولايات المتحدة وحلفاؤها مناورات أشارت إلى أنه كان يتم تعبئة القوات النووية الروسية. وبعد موجة من النشاط الدبلوماسي، تدخل الرئيس الصيني شي جينبينغ لتهدئة الموقف، وأعلن معارضته لاستخدام الأسلحة النووية.

وفي سبتمبر 2024 أعلن بوتين تحديثاً للعقيدة النووية الروسية لعام 2020، وتم نشر التحديث في 19 نوفمبر، وخفض رسمياً عتبة استخدام الأسلحة النووية.

وتشير المبادئ الأساسية الجديدة للاتحاد الروسي بشأن الردع النووي بدلاً من ذلك إلى عدوان ضد روسيا أو بيلاروسيا «باستخدام أسلحة تقليدية من شأنها أن تُشكل تهديداً خطيراً لسيادتهما أو سلامة أراضيهما».

وفي 21 نوفمبر الحالي هاجمت روسيا دنيبرو في أوكرانيا باستخدام صاروخ باليستي جديد للمرة الأولى، وأعلن الرئيس بوتين أنه تم إطلاق اسم أوريشنيك على الصاروخ، الذي يفهم أنه صاروخ باليستي متوسط المدى وقادر على حمل أسلحة نووية، وله مدى نظري أقل من 5500 كيلومتر.

وأطلقت روسيا صواريخ مسلحة تقليدية قادرة على حمل أسلحة نووية على أوكرانيا طوال الحرب، ولكن أوريشنيك أسرع بكثير ومن الصعب التصدي له، ويشير إلى نيات روسيا للتصعيد.

الردع النووي في الحرب الباردة

وتم تطوير ردع الأسلحة النووية خلال حقبة الحرب الباردة في المقام الأول على أساس ما تم وصفه بالتدمير المتبادل المؤكد. والفكرة وراء التدمير المتبادل المؤكد هي أن الرعب من الأسلحة النووية أمر كاف لردع أي عمل عدواني وحرب.

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات روسي من طراز «يارس» يمر أمام حرس الشرف خلال عرض عسكري في موسكو (أرشيفية - رويترز)

ولكن تطبيق نظرية الردع على حقائق ما بعد حقبة الحرب الباردة أكثر تعقيداً في عصر الهجمات السيبرانية والذكاء الاصطناعي، حيث يمكن أن يتداخل ذلك مع القيادة والتحكم بشأن الأسلحة النووية.

وعلى ضوء هذه المخاطر، أصدر الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الصيني شي جينبينغ بياناً مشتركاً من قمة «مجموعة العشرين» الشهر الحالي في البرازيل، يؤكد على السيطرة البشرية على القرار الخاص باستخدام الأسلحة النووية.

وتتبادل الولايات المتحدة وروسيا معلومات بشأن صواريخهما النووية طويلة المدى الاستراتيجية، بموجب معاهدة «ستارت» الجديدة، وهي معاهدة بين الدولتين تهدف إلى الحد من الأسلحة النووية ومراقبتها، والتي من المقرر أن ينتهي العمل بها في فبراير 2026.

ولكن مع قرار الولايات المتحدة الانسحاب من معاهدة القوات النووية متوسطة المدى في عام 2019 لم تعد هناك أي اتفاقية بين الولايات المتحدة وروسيا تنظم عدد أو نشر الصواريخ النووية، التي يتم إطلاقها من الأرض. وتم سحب الأسلحة النووية قصيرة المدى ووضعها في المخازن نتيجة للمبادرة النووية الرئاسية لعام 1991، ولكنها لا تخضع لأي قيود قانونية.

وتم عقد المؤتمر العاشر لمراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في عام 2022 في نيويورك، وكانت قضية تهديدات الأسلحة النووية واستهداف محطات الطاقة النووية في أوكرانيا محور المناقشات.

وتمت بعناية صياغة وثيقة لإحداث توازن بشكل دقيق بشأن الركائز الرئيسية للمعاهدة، وهي عدم الانتشار ونزع السلاح النووي والاستخدامات السلمية للطاقة النووية. ولكن روسيا سحبت موافقتها في اليوم الأخير للمؤتمر، مما عرقل إحراز تقدم.

وقالت باتريشيا إنه كان يعتقد بأنه إذا كانت روسيا ستستخدم أسلحة نووية، فإن من المرجح أن يكون ذلك في أوكرانيا، باستخدام أسلحة نووية ذات قوة منخفضة في ميدان القتال. ويعتقد بأن روسيا لديها احتياطي من هذه الأسلحة يبلغ أكثر من ألف.

وتشير البيانات الصادرة من روسيا على نحو زائد، إلى أن التهديدات النووية موجهة بشكل مباشر أكثر إلى حلف «الناتو»، وليس أوكرانيا فقط، وكانت تشير إلى أسلحة نووية طويلة المدى ذات قوة أعلى.

وعلى سبيل المثال في خطابه بتاريخ 21 سبتمبر 2022، اتهم بوتين دول «الناتو» بالابتزاز النووي، مشيراً إلى بيانات أدلى بها ممثلون رفيعو المستوى للدول الرئيسة في «الناتو» بشأن احتمال قبول استخدام أسلحة الدمار الشامل (أسلحة نووية) ضد روسيا. وقال بوتين: «في حالة وجود تهديد لسلامة أراضي بلادنا، وللدفاع عن روسيا وشعبنا، فمن المؤكد أننا سوف نستخدم كل نظم الأسلحة المتاحة لنا».

ولم تكن هناك تهديدات صريحة باستخدام الأسلحة النووية أطلقتها دول «الناتو». ولا يعتمد «الناتو» على الأسلحة النووية بوصفها شكلا من أشكال الردع، والتزم مؤخراً بأن يعزز بشكل كبير وضعه الخاص بالردع، والدفاع على المدى الأطول رداً على غزو روسيا لأوكرانيا.

وسيتم رصد ومراقبة أي تحرك لتجهيز ونشر أسلحة نووية روسية بواسطة الأقمار الاصطناعية، التابعة للولايات المتحدة ولدول أخرى، والتي يمكنها الرصد عبر غطاء من السحب وفي الليل، كما يبدو أنه حدث بالفعل في أواخر عام 2022.

واختتمت باتريشيا تقريرها بالقول إنه اعتمادا على المعلومات الاستخباراتية الأخرى والتحليل، وفشل كل المحاولات الدبلوماسية لإثناء روسيا عن موقفها، فإنه ربما تقرر دول «الناتو» التدخل لمنع عملية إطلاق من خلال قصف مواقع التخزين ومواقع نشر الصواريخ مسبقاً.