الذكاء الاصطناعيّ يدخل الحرب الأوكرانيّة

TT

الذكاء الاصطناعيّ يدخل الحرب الأوكرانيّة

نصائح مختلفة لتطوير نتائج تقنيات الذكاء الصناعي التوليدي
نصائح مختلفة لتطوير نتائج تقنيات الذكاء الصناعي التوليدي

يقول بعض المفكّرين إن التكنولوجيا تساعدنا على الحصول على ما نريده بطريقة أسهل، لكنها تبعدنا عن عمل المعرفة، وذلك تحت شعار: «لا تفكّر فنحن نفكّر عنك، ولا تكتب فنحن سنكتب عنك». هي عمل من صنع الإنسان، لكنها ليست إنسانيّة. تُحاكي عقل الإنسان؛ فهو مُبتكرها، وهو يخاف منها إن تحوّلت إلى وحش يلتهم كلّ من حوله. فلماذا يريد تسريع الأمور عليه؟ أي الإنسان. وهل هو قادر على اللحاق بهذه السرعة؟ يقول الفيلسوف الفرنسي بول فيريليو ما معناه: «اليوم، كلّ شيء يتعلّق بالسرعة والآنية، ولم تعد تعنينا المسافة». سرعة عالم اليوم ستُغيّر إدراكنا لواقعنا المَعِيش، وستُغيّر العلاقة الفيزيائيّة مع المحيط. ولن نكون قادرين على تلقّي المعلومة، تحليلها واستيعابها، لتحديث المعرفة في وعينا كما تعوّدنا؛ فالسرعة وكميّة المعلومات التي تنهال علينا بشكل غير مسبوق سوف تهمّشاننا لصالح الآلة الذكيّة والأسرع.

يقول بعض علماء الاجتماع إنه إذا ما خطط الإنسان للمستقبل فإن هذا المستقبل سيأتي، وبشكل مختلف عما إذا كان قد تُرك دون تخطيط. إذا نحن نغيّر المستقبل عندما نُخطّط له، ونرسم الاستراتيجيّات. فهل نحن نُحسّن هذا المستقبل أم نغّير ديناميكيّته التفاعليّة مع محيطه؟ ألم يُغيّر ألفرد نوبل المستقبل عندما اخترع الديناميت؟ (أصل الكلمة من الإغريقيّة Dynamis تعني القوّة). ألم يُغيّر العالم الإنجليزي ألان تورينغ عالمه آنذاك في عام 1950، وذلك عندما وضع أوّل لبنة في بنية الذكاء الاصطناعيّ؟

الذكاء الاصطناعيّ في الحرب الحديثة!!!

أغلب الاستعمالات اليوم للذكاء الاصطناعي هي في المجالات التالية: الآلة التي تستعمل الذكاء الاصطناعي كردّ فعل على المحيط الذي تتعامل معه (Reactive). أفضل مثال لذلك هو في لعبة الشطرنج. هناك أيضاً مجالات متعدّدة غيرها، لكن الأخطر هو عندما تصل الآلة إلى الوعي الكامل لتفكّر وتتصرّف دون تدخّل بشريّ (Self-Awareness). حتّى الآن، نحن ضمن المسار الذي سيقودنا حتماً إلى نقطة التفرّد (singularity)، وذلك وفق العالم الأميركيّ راي كورزويل. سُمّيت هذه النقطة بالتفرّد، فقط لأنها النقطة الفاصلة (وهي نقطة افتراضيّة)، حين يتخطّى ذكاء الآلة الذكاء البشري. وبحيث تعمل الآلة بالكامل دون أيّ تدخّل بشريّ.

إذن مع كل تكنولوجيا متقدّمة تخريبيّة (Disruptive)، هناك ثورة في الشؤون العسكريّة وذلك عبر إدخال هذه التكنولوجيا في منظومات السلاح، في التدريب العسكري، في التجهيز، حتى الوصول إلى التوصيف الوظيفيّ للمقاتل من كلّ الرتب. ومن يملك هذه التكنولوجيا، هو حتماً متقدّم على منافسيه. فيسعى المنافس للحاق عبر الحصول على هذه التكنولوجيا، الأمر الذي يأخذنا إلى ما يُسمّى بسباق التسلّح. هكذا حصل مع السلاح النوويّ، ويتكرّر الأمر اليوم مع الذكاء الاصطناعي.

في الحرب السوريّة، جرّب الجيش الروسيّ ما يُقارب الـ320 منظومة سلاح. كما مرّر على المسرح السوري الكثير من الجنود والضباط القادة، بهدف التدريب وتراكم الخبرات.

بعد التجربة الروسيّة في سوريا، رأى الرئيس بوتين أن الجيش الروسي قد أصبح جاهزاً لحرب مرتفعة الحِدّة، فكانت الحرب الأوكرانيّة.

الذكاء الاصطناعيّ في الحرب الأوكرانيّة!!!

تجمع الحرب الأوكرانيّة صوراً كثيرة من الحرب العالميّة الأولى. فيها الحرب الدفاعيّة، حرب الخنادق، كثافة استعمال المدفعيّة، وعدد القتلى المرتفع. كما تجمع صوراً كثيرة من الحرب العالميّة الثانيّة، وهي الحرب الصناعيّة بامتياز، فيها الطائرة، الصاروخ، الدبابة، المناورة، لكن دون استعمال السلاح النوويّ حتى الآن على الأقلّ.

لكن الجديد في الحرب الأوكرانيّة هو دخول الذكاء الاصطناعيّ على هذه الحرب. فيها المسيّرة، فيها الحرب السيبرانيّة، فيها قذيفة المدفعيّة الذكية، فيها مراقبة الأقمار الاصطناعيّة المستمرّة لمسرح الحرب. فيها الاستعلام التكتيكيّ الآنيّ (Instant).

في هذه الحرب، جرّب الغرب، «الناتو» وخصوصاً الولايات المتّحدة الأميركيّة، كل منظومات الأسلحة المتوافرة. جربت الدبابة إلى جانب المدفع الميدانيّ، إلى جانب منظومة الدفاعات الجويّة، إلى الصواريخ الذكيّة بعيدة المدى، إلى سلاح الهندسة، إلى الحرب الإلكترونيّة. كما جُرّبت الأسلحة الأميركيّة، إلى جانب الأسلحة التي تُصنّعها بعض دول حلف «الناتو»، مثل صواريخ «ناسام» النرويجيّة، إيريس الألمانيّة. والجدير ذكره هنا، أن كلّ هذه الأسلحة الغربيّة، تقاتل بعضها مع بعض وبنفس الوقت، ومن قبل جيش واحد هو الجيش الأوكرانيّ (Combined Arms Army)، وبتدريب من الغرب ككلّ.

فضحت هذه الحرب كلّ الأسلحة الغربيّة كما الروسيّة، إن كان في نقاط قوّتها، أو نقاط الضعف. وتبيّن للكلّ أن إهمال التصنيع العسكري قد يكون مُكلفاً إبّان الحروب.

في هذه الحرب دخل القطاع الخاص على المسرح، كلاعب جيوسياسيّ أساسيّ، وذاك عبر شبكة الاتصالات «ستارلينك»، التي يملكها رجل الأعمال إيلون ماسك.

إذن، ستكون الدروس المُستقاة من هذه الحرب كثيرة جداً. وهذه الدروس قد تبقى دروساً في الذاكرة وعلى الورق، إذا لم تُدخل في المنظومة العسكريّة، إن كان عبر تعديل التدريب، التجهيز، وحتى تطوير الأسلحة للحرب القادمة.


مقالات ذات صلة

شولتس مرشح حزبه للانتخابات المبكرة في ألمانيا

أوروبا أولاف شولتس يتحدث بعد اختياره مرشحاً للانتخابات المبكرة في برلين الاثنين (رويترز)

شولتس مرشح حزبه للانتخابات المبكرة في ألمانيا

قرر الاشتراكيون الديمقراطيون دعم أولاف شولتس رغم عدم تحسن حظوظ الحزب، الذي تظهر استطلاعات الرأي حصوله على نحو 15 في المائة فقط من نوايا التصويت.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تعيد للواجهة المبادرة العراقية للتطبيع مع سوريا بعد موقف روسيا

أعادت تركيا إلى الواجهة مبادرة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني للوساطة مع سوريا بعد التصريحات الأخيرة لروسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو يتحدث للإعلام بعدما ترشح بوصفه مستقلاً للانتخابات الرئاسية في بوخارست 21 أكتوبر 2024 (أ.ب)

رومانيا: مفاجأة روسية في الانتخابات الرئاسية

تُعد نتيجة الانتخابات بمثابة زلزال سياسي في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 19 مليون نسمة، وبقي إلى الآن في منأى عن المواقف القومية على عكس المجر أو سلوفاكيا.

«الشرق الأوسط» (بوخارست)
أوروبا أوكراني في منطقة دمّرها هجوم صاروخي في أوديسا الاثنين (رويترز) play-circle 01:26

الكرملين: دائرة ترمب تتحدّث عن سلام وبايدن يسعى للتصعيد

أكد الكرملين أن الرئيس فلاديمير بوتين أشار مراراً إلى أن روسيا مستعدة للحوار بشأن أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
شؤون إقليمية إردوغان خلال استقباله الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته بالقصر الرئاسي في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته عدداً من الملفات الأمنية والقضايا التي تهم الحلف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

ألمانيا: محاكمة رجل بتهمة احتجاز وإساءة معاملة امرأة في الغردقة

شرطيون ألمان (أرشيفية - رويترز)
شرطيون ألمان (أرشيفية - رويترز)
TT

ألمانيا: محاكمة رجل بتهمة احتجاز وإساءة معاملة امرأة في الغردقة

شرطيون ألمان (أرشيفية - رويترز)
شرطيون ألمان (أرشيفية - رويترز)

بدأت وقائع محاكمة ألماني أمام المحكمة الإقليمية الأولى في ميونيخ بتهمة احتجاز ألمانية في شقة على مدار شهرين في منتجع الغردقة المصري.

ويقول الادعاء العام إنه يعتقد أن الرجل (37 عاماً) قام في أوائل عام 2017 باحتجاز المرأة التي يبلغ عمرها حالياً 33 عاماً، وإساءة معاملتها بطريقة وحشية، واغتصابها بشكل متكرر.

ويواجه الرجل اتهامات بارتكاب جريمة خطيرة تتعلق بسلب المرأة حريتها وإلحاق أذى بدني خطير ومتعمد وتهديدها واغتصابها. وأقر الرجل بالتهم الموجهة إليه في أول يوم للمحاكمة.

وحسب الادعاء، تعرف الاثنان على بعضهما عبر الإنترنت، وفي ليلة رأس السنة 2016، سافرت المرأة إلى مصر لبناء حياة مشتركة هناك. ويعتقد أن الاعتداءات بدأت تقريباً في الأسبوع الثاني من يناير (كانون الثاني) 2017؛ إذ أخذ الرجل هاتفها المحمول وجواز سفرها، وكان يحتجزها داخل الشقة عند خروجه.

ووفقاً لما قاله الرجل في المحكمة، فإنه كان يتناول بانتظام مسكناً للألم في ذلك الوقت، وغالباً ما كان يتعاطى مع المسكن الحشيش أو مادة «كريستال ميث»، وأضاف: «عندئذ كان يبدأ التأثير الحقيقي»، فكان يبقى مستيقظاً بعدها لمدة يومين أو ثلاثة.

وتابعت صحيفة الدعوى أن معاناة المرأة انتهت في 17 مارس (آذار) 2017، عندما أنقذتها الشرطة المصرية بمساعدة المكتب الاتحادي الألماني للتحقيقات الجنائية. ولا تتوافر معلومات بعد حول كيفية علم السلطات بوضع المرأة.

وحددت المحكمة الإقليمية في ميونيخ خمس جلسات للمحاكمة.

وتختص المحكمة بالنظر في القضية لأن آخر مكان إقامة للمتهم في ألمانيا كان في مدينة ميونيخ. ومن المتوقع أن يصدر الحكم في 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.