شهدت مدن فرنسية، السبت، «مسيرات مواطنين» تعبيراً عن «الحزن والغضب» ضد عنف الشرطة، بعد أيام من مقتل الشاب نائل م. برصاص شرطي خلال تدقيق مروري.
وفيما تتواصل تداعيات موجة العنف والشغب التي هيمنت على فرنسا الأسبوع الماضي، منع القضاء مسيرة كان من المقرر تنظيمها السبت في منطقة باريس، تكريماً لذكرى الشاب الأسود أداما تراوري الذي قُتل خلال عملية توقيف في 2016. وقالت آسا تراوري، شقيقة أداما، إن «الحكومة قررت صب الزيت على النار» و«عدم احترام مصرع أخي الصغير».
وكشف مقتل نائل (17 عاماً)، في 27 يونيو (حزيران) في نانتير، وما أعقبه من عنف غير مسبوق منذ العام 2005 في المدن، عمق «أزمة الضواحي» والخلافات داخل المجتمع الفرنسي، من الصعوبات التي تواجهها أحياء الطبقة العاملة، إلى العلاقات المضطربة بين الشباب وقوات الأمن.
دعوات لإصلاح الشرطة
في ساحة الجمهورية بباريس، انضمّت آسا تراوري إلى «مسيرة من أجل العدالة»، وهي واحدة بين 30 مظاهرة أخرى ضد عنف الشرطة، مدرجة من شمال البلاد إلى جنوبها. فقد دعا حوالي 100 جمعية ونقابة وحزب سياسي من اليسار إلى «مسيرات المواطنين» للتعبير عن «الحداد والغضب»، والتنديد بالسياسات التي تعدّ «تمييزية» ضد الأحياء الشعبية. وطالبت هذه المنظمات في تعبئتها «من أجل الحفاظ على الحريات العامة والفردية»، بإجراء «إصلاح عميق للشرطة ولتقنيات تدخلها وتسلحها».
وانتقد الناطق باسم الحكومة أوليفييه فيران، الجمعة، المنظمات التي «ليس لديها سوى اقتراح واحد (...)، هو الدعوة إلى مظاهرات (...) السبت في المدن الكبرى التي لم تتعافَ بعد من عمليات النهب». وأشار خصوصاً إلى مسؤولية النواب، بمن فيهم ممثلو حزب فرنسا الأبية المعارض (يسار راديكالي)، الذين دعوا إلى مسيرة بومون المحظورة.
انتقاد فرنسي للجنة أممية
أعربت باريس، السبت، عن اعتراضها على تصريحات اعتبرت أنها «مبالغ فيها» و«لا أساس لها» للجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة، نددت فيها «بالاستخدام المفرط للقوة» من طرف قوات إنفاذ القانون خلال أعمال الشغب الأخيرة التي هزت فرنسا. وكانت لجنة القضاء على التمييز العنصري التابعة للأمم المتحدة تبنّت بصورة عاجلة إعلاناً يدين «الاستخدام المفرط للقوة من قبل الشرطة»، مطالبة باريس «بتبني تشريع يحدّد ويحظر التنميط العنصري».
وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية، في بيان، أن «أي إجراء للتنميط العرقي من قبل قوات الأمن محظور في فرنسا»، مشددة على «تكثيف مكافحة تجاوزات عمليات التدقيق» على أساس الملامح. وأضافت أن «أي سلوك تمييزي يبلَّغ عنه تتم متابعته، وعند إثباته تُفرض عقوبة إدارية أو قضائية»، مشيرة إلى أن الشرطي الذي أطلق الرصاصة القاتلة التي قتلت الشاب نائل وأشعلت الاحتجاجات وأعمال الشغب «قُدِّم على الفور إلى القضاء، ووجهت إليه تهمة القتل العمد». وأكدت الخارجية الفرنسية أن «قوى الأمن في فرنسا تخضع لمستوى من الرقابة الداخلية والخارجية والقضائية، تعرفه قلة من الدول». كما دعت فرنسا اللجنة إلى «الحكمة والاعتدال في ملاحظاتها التي تأسف لطبيعتها المتحيزة والتقريبية». وقالت إنها «لم تفهم غياب التضامن والتعاطف تجاه المسؤولين المنتخبين أو ممثلي المؤسسات الفرنسية الذين تعرضوا لاعتداءات (...) وكذلك 800 شرطي ودركي ورجل إطفاء جرحوا». وفي إعلانها، أعربت اللجنة عن قلقها الشديد إزاء «استمرار ممارسة التنميط العرقي، إلى جانب الاستخدام المفرط للقوة في إنفاذ القانون، خصوصاً من قبل الشرطة، ضد أفراد الأقليات، بما في ذلك الأشخاص من أصول إفريقية وعربية». وأكدت فرنسا في بيانها «أنها دولة قانون تحترم التزاماتها الدولية، ولا سيما الاتفاقية الدولية للقضاء على التمييز العنصري»، مشددة على أن «مكافحة العنصرية وجميع أشكال التمييز أولوية سياسية».