شبح كارثة نووية يخيّم على محطة زابوريجيا

صورة بالقمر الصناعي لمحطة زابوريجيا النووية (أ.ب)
صورة بالقمر الصناعي لمحطة زابوريجيا النووية (أ.ب)
TT

شبح كارثة نووية يخيّم على محطة زابوريجيا

صورة بالقمر الصناعي لمحطة زابوريجيا النووية (أ.ب)
صورة بالقمر الصناعي لمحطة زابوريجيا النووية (أ.ب)

تصاعدت المخاوف حول سلامة محطة زابوريجيا النووية، الواقعة في جنوب أوكرانيا والتي تسيطر عليها القوات الروسية، في الأيام الأخيرة فيما تتبادل كييف وموسكو اتهامات بالتخطيط لاستفزازات. ولمعرفة الأخطار التي تهدد الموقع، قابلت «وكالة الصحافة الفرنسية» خبيرين في هذا المجال.

ما هو الوضع على الأرض؟

تفجيرات في المنطقة، وانقطاع متكرر للتيار الكهربائي، وموظفون أوكرانيون تحت الضغط. وباتت المحطة، الأكبر من نوعها في أوروبا في قلب الصراع منذ سيطرت عليها موسكو في 4 مارس (آذار) 2022.

وهذا الأسبوع، تصاعدت المخاوف مجدداً بشأن سلامتها، بعد اتهام كييف روسيا بزرع متفجرات في الموقع، داعية إلى اتخاذ «إجراءات فورية».

لكنّ خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية الموجودين في الموقع، لم يجدوا أي أثر لألغام أو متفجرات خلال عمليات التفتيش الأخيرة التي قاموا بها.

إلا أن هذه الوكالة التابعة للأمم المتحدة طالبت، الأربعاء، بالوصول إلى كلّ المباني في محطة زابوريجيا النووية، من بينها أسطح المباني التي تضم المفاعلين 3 و4. وشدّدت على ضرورة «توضيح الوضع الراهن» في وقت يتبادل الطرفان فيه التّهم بالتخطيط لـ«استفزاز» أو «هجوم».

محطة زابوريجيا النووية (رويترز)

من جهته، حذّر الكرملين من «عمل تخريبي» أوكراني محتمل قد تكون «عواقبه وخيمة».

وأكد الجيش الأوكراني، الخميس، «تراجع التوتر» حول محطة زابوريجيا للطاقة النووية «تدريجياً»، لكن السلطات الأوكرانية في مدينة زابوريجيا الواقعة على مسافة 50 كيلومتراً من المجمع النووي الذي يحمل الاسم نفسه، قالت إنها تستعد «للسيناريو الأسوأ».

ما هي السيناريوهات؟

*هجوم

أوضح ماثيو بان، الأستاذ في كلية هارفارد كينيدي، أنه في مواجهة قصف مدفعي محتمل، تُحمى المفاعلات الستة السوفياتية التصميم بواسطة «حاويات إسمنتية سميكة». كما أنها مزودة بـ«أجهزة أمان» ركّبت بعد حادث مارس (آذار) 2011 في منشأة فوكوشيما اليابانية الذي نجم عن زلزال عنيف أعقبه تسونامي.

وأضاف الخبير: «بالتالي، هناك احتمال ضئيل أن يتسبب عدد قليل من الألغام أو القذائف في انبعاث إشعاعي خطير (...) يتطلب ذلك دماراً كبيراً بمتفجرات، وهو أمر لا يمكن استبعاده» نظراً إلى الدمار الذي لحق بسدّ كاخوفكا في جنوب أوكرانيا مطلع يونيو (حزيران).

صورة بالقمر الصناعي لمحطة زابوريجيا النووية (أ.ب)

* انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة ونفاد إمدادات المياه

في الأيام العادية، تشغَّل أنظمة المحطة بأربعة خطوط بقدرة 750 كيلوفولت، لكنها تضررت بسبب الضربات المتكررة عليها. حالياً، يعمل خط واحد فقط.

في حال انقطاعه، يمكن توفير الكهرباء عبر محطة طاقة حرارية قريبة، لكن هناك أيضاً، تقع مشكلات بانتظام.

وكان على المشغّل اللجوء مؤقّتاً إلى المولّدات. يضم الموقع 20 مولّداً في المجموع مع مخزون وقود يكفي 10 أيام قبل أن يصبح تزوّد الوقود ضرورياً.

كما أصبحت المحطة في وضع أكثر هشاشة منذ الهجوم على السدّ، ما تسبب في انخفاض منسوب المياه في الخزّان المستخدم لتبريد الوقود في قلب المفاعل، وكذلك الموجود في أحواض التخزين.

وأشار المعهد الفرنسي للحماية من الإشعاع والسلامة النووية إلى أنّ «قصوراً في التبريد لفترة طويلة سيؤدي إلى وقوع حادث انصهار وانبعاثات مشعّة في البيئة».

*تأثير محدود

توقفت الوحدات الست التي كانت تنتج قبل الحرب نحو خُمس الكهرباء في أوكرانيا، عن العمل قبل أشهر.

وقالت كارين هيرفيو، نائبة المدير العام للمعهد الفرنسي للحماية من الإشعاع والسلامة النووية: «بالتالي فإن تأثير (أي خرق) سيكون أقل».

لكن في حين أن «كمية اليود المنبعثة ستكون أقل بكثير» في حال وقوع كارثة نووية، فإن المواد الأخرى المنبعثة، مثل الروثينيوم والسيزيوم، سينتهي بها المطاف على التربة وستلوثها بحسب قولها.

ووفقاً لماثيو، فإنه «ما زال هناك احتمال وقوع كارثة من شأنها تلويث منطقة كبيرة رغم إغلاق المفاعلات». وحذّر من أن «هناك كمية هائلة من المواد المشعة في الموقع».

ومع ذلك، من الصعب إجراء «تقييم دقيق للمحيط» الذي قد يتأثر إذا حدث ذلك. فكل شيء سيعتمد على نوع الكارثة والظروف الجوية، مثل سرعة الرياح وأمطار يحتمل أن تحمل معها المواد المضرّة وتنقلها من مكان إلى آخر.


مقالات ذات صلة

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

العالم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اليوم (السبت) أن بلاده تتوقع أن آلافاً من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

التقى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، الجمعة، الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في بالم بيتش في ولاية فلوريدا، فيما يدرس تعيين مبعوث خاص لأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة»

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بارتكاب جرائم حرب جديدة بعد الهجوم الصاروخي على مدينة دنيبرو بصاروخ جديد متوسط المدى.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (ا.ب)

أوستن: قوات كوريا الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك في الحرب «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، اليوم (السبت)، أن بلاده تتوقع أن الآلاف من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال ضد أوكرانيا

«الشرق الأوسط» (سيدني)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ماذا نعرف عن الصاروخ «أوريشنيك» الذي أطلقته روسيا على أوكرانيا؟

TT

ماذا نعرف عن الصاروخ «أوريشنيك» الذي أطلقته روسيا على أوكرانيا؟

صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)
صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، بإطلاق بلاده صاروخاً جديداً فرط صوتي على مصنع أسلحة أوكراني. وهذا السلاح، غير المعروف حتى الآن، استخدمته روسيا للمرة الأولى ضد أوكرانيا ولتحذير الغرب.

فيما يلي ما نعرفه عن هذا الصاروخ التجريبي الذي أُطلق عليه اسم «أوريشنيك»:

آلاف الكيلومترات

حتى استخدامه يوم الخميس، لم يكن هذا السلاح الجديد معروفاً. ووصفه بوتين بأنه صاروخ باليستي «متوسط المدى»، يمكنه بالتالي بلوغ أهداف يتراوح مداها بين 3000 و5500 كيلومتر، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي قبل إطلاقه (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

وحسب الرئيس الروسي، فإن إطلاق الصاروخ كان بمثابة تجربة في الظروف القتالية؛ مما يعني أن هذا السلاح لا يزال قيد التطوير. ولم يعطِ أي إشارة إلى عدد الأنظمة الموجودة، لكنه هدّد بإعادة استخدامه.

تبلغ المسافة بين منطقة أستراخان الروسية التي أُطلق منها صاروخ «أوريشنيك»، الخميس، حسب كييف، ومصنع تصنيع الأقمار الاصطناعية بيفدينماش الذي أصابه الصاروخ في دنيبرو (وسط شرق أوكرانيا)، تقريباً 1000 كيلومتر.

وإذا كان لا يدخل ضمن فئة الصواريخ العابرة للقارات (التي يزيد مداها على 5500 كيلومتر) يمكن لـ«أوريشنيك» إذا أُطلق من الشرق الأقصى الروسي نظرياً أن يضرب أهدافاً على الساحل الغربي للولايات المتحدة.

وقال الباحث في معهد الأمم المتحدة لأبحاث نزع السلاح (Unidir) في جنيف، بافيل بودفيغ، في مقابلة مع وسيلة الإعلام «أوستوروزنو نوفوستي»، إن «(أوريشنيك) يمكنه (أيضاً) أن يهدّد أوروبا بأكملها تقريباً».

وحتى عام 2019 لم يكن بوسع روسيا والولايات المتحدة نشر مثل هذه الصواريخ بموجب معاهدة القوى النووية متوسطة المدى الموقّعة في عام 1987 خلال الحرب الباردة.

لكن في عام 2019 سحب دونالد ترمب واشنطن من هذا النص، متهماً موسكو بانتهاكه؛ مما فتح الطريق أمام سباق تسلح جديد.

3 كلم في الثانية

أوضحت نائبة المتحدث باسم «البنتاغون»، سابرينا سينغ، للصحافة، الخميس، أن «(أوريشنيك) يعتمد على النموذج الروسي للصاروخ الباليستي العابر للقارات RS - 26 Roubej» (المشتق نفسه من RS - 24 Yars).

وقال الخبير العسكري إيان ماتفييف، على تطبيق «تلغرام»، إن «هذا النظام مكلف كثيراً، ولا يتم إنتاجه بكميات كبيرة»، مؤكداً أن الصاروخ يمكن أن يحمل شحنة متفجرة تزن «عدة أطنان».

في عام 2018، تم تجميد برنامج التسليح «RS - 26 Roubej»، الذي يعود أول اختبار ناجح له إلى عام 2012، حسب وكالة «تاس» الحكومية، بسبب عدم توفر الوسائل اللازمة لتنفيذ هذا المشروع «بالتزامن» مع تطوير الجيل الجديد من أنظمة «Avangard» التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، ويُفترض أنها قادرة على الوصول إلى هدف في أي مكان في العالم تقريباً.

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي على متن شاحنة مدولبة (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

حسب بوتين فإن الصاروخ «أوريشنيك» «في تكوينه غير النووي الذي تفوق سرعته سرعة الصوت» يمكن أن تصل سرعته إلى 10 ماخ، «أو 2.5 إلى 3 كيلومترات في الثانية» (نحو 12350 كلم في الساعة). وأضاف: «لا توجد أي طريقة اليوم للتصدي لمثل هذه الأسلحة».

عدة رؤوس

أخيراً، سيتم تجهيز «أوريشنيك» أيضاً بشحنات قابلة للمناورة في الهواء؛ مما يزيد من صعوبة اعتراضه.

وشدد بوتين على أن «أنظمة الدفاع الجوي المتوفرة حالياً في العالم، وأنظمة الدفاع الصاروخي التي نصبها الأميركيون في أوروبا، لا تعترض هذه الصواريخ. هذا مستبعد».

وأظهر مقطع فيديو للإطلاق الروسي نُشر على شبكات التواصل الاجتماعي، ست ومضات قوية متتالية تسقط من السماء وقت الهجوم، في إشارة -حسب الخبراء- إلى أن الصاروخ يحمل ست شحنات على الأقل. يقوم هذا على تجهيز صاروخ بعدة رؤوس حربية، نووية أو تقليدية، يتبع كل منها مساراً مستقلاً عند دخوله الغلاف الجوي.