طالبو اللجوء في آيرلندا هدف لليمين المتطرف

امرأة تمر قرب خيم اللاجئين في دبلن (أ.ف.ب)
امرأة تمر قرب خيم اللاجئين في دبلن (أ.ف.ب)
TT

طالبو اللجوء في آيرلندا هدف لليمين المتطرف

امرأة تمر قرب خيم اللاجئين في دبلن (أ.ف.ب)
امرأة تمر قرب خيم اللاجئين في دبلن (أ.ف.ب)

ينام سلمان الكحيل (23 عاماً) في خيمة في شارع صغير خلف المكتب الآيرلندي للحماية الدولية في دبلن. في الداخل، ليس هناك سوى كيس نوم ووسادة وبطانية بيضاء رقيقة يفرشها فوق الأرض الصلبة.

«هذا بيتي»، قال سلمان وهو من أفغانستان لوكالة الصحافة الفرنسية.

وصل طالب اللجوء قبل ستة أيام إلى آيرلندا عبر فرنسا ثم المملكة المتحدة ويعيش في واحدة من خمسين خيمة بالقرب من الوكالة المسؤولة عن دراسة طلبات اللجوء.

يكشف المخيم الذي أقيم في مارس (آذار) في وسط العاصمة الآيرلندية عن حجم أزمة المشردين من طالبي اللجوء في آيرلندا التي تشهد صعوداً لليمين المتطرف المناهض لاستقبال اللاجئين.

وقال الكحيل: «يبقى البعض هنا مدة شهرين... هناك صعوبة في الحصول على الطعام وللحصول على خيام. نواجه مشكلات عدة». استغرقت رحلة الشاب عامين ليصل إلى آيرلندا من أفغانستان. وخلال بضعة أيام منذ وصوله إلى دبلن، تلقى العديد من التهديدات.

رئيس المجلس الآيرلندي للاجئين نيك هندرسون (أ.ف.ب)

وتفيد أرقام للمجلس الآيرلندي للاجئين، نُشرت الاثنين، بأن 1393 طالب لجوء تُركوا في الشوارع لمدة تصل أحياناً إلى عشرة أسابيع منذ نهاية يناير (كانون الثاني). بين هؤلاء ثلاث نساء حوامل وأربعة قاصرين لا يرافقهم ذووهم، حسب المصدر نفسه.

لا مساكن

يقول رئيس هذه المنظمة غير الحكومية نيك هندرسون «عملنا مع أشخاص تم الاعتداء عليهم وآخرين يعانون من مشكلات صحية تفاقمت».

وصرح العراقي زاهد مولود (22 عاماً) الآتي من أربيل لوكالة الصحافة الفرنسية، بأنه مرض بعد أن تُرك في الخارج مدة شهرين في ظل «البرد القارس».

وأكد رئيس الوزراء الآيرلندي ليو فارادكار أن حكومته تبذل «كل ما في وسعها» لإدارة الأزمة، وأعلن عن تخصيص عشرة آلاف سرير إضافية لطالبي اللجوء واللاجئين. وقال فارادكار «نواجه أزمة لاجئين في آيرلندا لا تشبه أي أزمة عرفناها أو تصورناها من قبل».

ولجأ أكثر من سبعين ألف أوكراني إلى البلاد في 2022 في إطار برنامج استقبال وضع بعد الغزو الروسي. في العام نفسه، تلقت الدولة التي يبلغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة 13651 طلب لجوء إضافية، حسب الأرقام الحكومية.

وتبدو السلطات غير قادرة على استيعاب طالبي اللجوء في بلد يعاني أزمة سكن مزمنة، وينقصه 250 ألف منزل أساساً، حسب الحكومة.

اللاجئ العراقي زاهد مولود بجانب خيمته (أ.ف.ب)

وأدى الاستياء العام من وضع الإسكان إلى ردود فعل معادية للاجئين صدرت عن اليمين المتطرف الذي يؤكد بلا توقف أن «آيرلندا امتلأت».

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني)، نُظمت مظاهرات في شمال دبلن ضد خطط إيواء طالبي اللجوء. واندلعت احتجاجات في مناطق ريفية أخرى.

إحباط

في فبراير (شباط) ومارس (آذار)، عارض مئات المتظاهرين خطة لإيواء طالبي اللجوء في ثكنات عسكرية سابقة في بلدة مولينغار الصغيرة.

وفي إنتش بغرب آيرلندا، استخدم متظاهرون الشهر الماضي جرارات لمحاصرة فندق لاستقبال طالبي لجوء؛ مما أجبر بعضهم على الفرار.

خيم اللاجئين خلف المكتب الآيرلندي للحماية الدولية في دبلن (أ.ف.ب)

ومنذ أسابيع أصبح المخيم المؤقت الذي يعيش فيه سلمان وزاهد هدفاً لمظاهرات مناهضة للمهاجرين. وتعرّض عدد من طالبي اللجوء للاعتداء عليهم وأحرقت خيامهم.

وقالت سيدة تقيم في الحي لوكالة الصحافة الفرنسية إنها تخشى أن تتحول الاحتجاجات إلى أعمال عنف. أضافت هذه الموظفة البالغة من العمر 30 عاماً وفضّلت عدم الكشف عن اسمها: «لا نريد أن يأتي أحد ويضرم النار في خيمة». وأشارت إلى أن سكان المنطقة الذين كانوا يرحبون في البداية بالقادمين «انتقلوا من التفهم إلى الإحباط... سيكون من الأفضل أن تجد (الحكومة) سكناً أفضل... بدلاً من مجرد تركهم في الشارع».


مقالات ذات صلة

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ تعيينات دونالد ترمب في إدارته الجديدة تثير قلق تركيا (رويترز)

ترمب يؤكد عزمه على استخدام الجيش لتطبيق خطة ترحيل جماعي للمهاجرين

أكد الرئيس المنتخب دونالد ترمب أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية بشأن أمن الحدود واستخدام الجيش الأميركي لتنفيذ عمليات ترحيل جماعية للمهاجرين غير الشرعيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

عثرت السلطات الأمنية في مدينة صبراتة الليبية على «وكر» يضم 90 مهاجراً غير نظامي، تديره إحدى عصابات الاتجار بالبشر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية أحد اليهود الأرثوذكس في القدس القديمة يوم 5 نوفمبر الحالي (إ.ب.أ)

الهجرة إلى إسرائيل ترتفع في عام الحرب

أظهرت أرقام جديدة أن 11700 يهودي أميركي قدموا طلبات من أجل الهجرة إلى إسرائيل بعد بداية الحرب في قطاع غزة يوم السابع من أكتوبر العام الماضي.

كفاح زبون (رام الله)

ماذا نعرف عن الصاروخ «أوريشنيك» الذي أطلقته روسيا على أوكرانيا؟

TT

ماذا نعرف عن الصاروخ «أوريشنيك» الذي أطلقته روسيا على أوكرانيا؟

صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)
صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، بإطلاق بلاده صاروخاً جديداً فرط صوتي على مصنع أسلحة أوكراني. وهذا السلاح، غير المعروف حتى الآن، استخدمته روسيا للمرة الأولى ضد أوكرانيا ولتحذير الغرب.

فيما يلي ما نعرفه عن هذا الصاروخ التجريبي الذي أُطلق عليه اسم «أوريشنيك»:

آلاف الكيلومترات

حتى استخدامه يوم الخميس، لم يكن هذا السلاح الجديد معروفاً. ووصفه بوتين بأنه صاروخ باليستي «متوسط المدى»، يمكنه بالتالي بلوغ أهداف يتراوح مداها بين 3000 و5500 كيلومتر، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي قبل إطلاقه (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

وحسب الرئيس الروسي، فإن إطلاق الصاروخ كان بمثابة تجربة في الظروف القتالية؛ مما يعني أن هذا السلاح لا يزال قيد التطوير. ولم يعطِ أي إشارة إلى عدد الأنظمة الموجودة، لكنه هدّد بإعادة استخدامه.

تبلغ المسافة بين منطقة أستراخان الروسية التي أُطلق منها صاروخ «أوريشنيك»، الخميس، حسب كييف، ومصنع تصنيع الأقمار الاصطناعية بيفدينماش الذي أصابه الصاروخ في دنيبرو (وسط شرق أوكرانيا)، تقريباً 1000 كيلومتر.

وإذا كان لا يدخل ضمن فئة الصواريخ العابرة للقارات (التي يزيد مداها على 5500 كيلومتر) يمكن لـ«أوريشنيك» إذا أُطلق من الشرق الأقصى الروسي نظرياً أن يضرب أهدافاً على الساحل الغربي للولايات المتحدة.

وقال الباحث في معهد الأمم المتحدة لأبحاث نزع السلاح (Unidir) في جنيف، بافيل بودفيغ، في مقابلة مع وسيلة الإعلام «أوستوروزنو نوفوستي»، إن «(أوريشنيك) يمكنه (أيضاً) أن يهدّد أوروبا بأكملها تقريباً».

وحتى عام 2019 لم يكن بوسع روسيا والولايات المتحدة نشر مثل هذه الصواريخ بموجب معاهدة القوى النووية متوسطة المدى الموقّعة في عام 1987 خلال الحرب الباردة.

لكن في عام 2019 سحب دونالد ترمب واشنطن من هذا النص، متهماً موسكو بانتهاكه؛ مما فتح الطريق أمام سباق تسلح جديد.

3 كلم في الثانية

أوضحت نائبة المتحدث باسم «البنتاغون»، سابرينا سينغ، للصحافة، الخميس، أن «(أوريشنيك) يعتمد على النموذج الروسي للصاروخ الباليستي العابر للقارات RS - 26 Roubej» (المشتق نفسه من RS - 24 Yars).

وقال الخبير العسكري إيان ماتفييف، على تطبيق «تلغرام»، إن «هذا النظام مكلف كثيراً، ولا يتم إنتاجه بكميات كبيرة»، مؤكداً أن الصاروخ يمكن أن يحمل شحنة متفجرة تزن «عدة أطنان».

في عام 2018، تم تجميد برنامج التسليح «RS - 26 Roubej»، الذي يعود أول اختبار ناجح له إلى عام 2012، حسب وكالة «تاس» الحكومية، بسبب عدم توفر الوسائل اللازمة لتنفيذ هذا المشروع «بالتزامن» مع تطوير الجيل الجديد من أنظمة «Avangard» التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، ويُفترض أنها قادرة على الوصول إلى هدف في أي مكان في العالم تقريباً.

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي على متن شاحنة مدولبة (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

حسب بوتين فإن الصاروخ «أوريشنيك» «في تكوينه غير النووي الذي تفوق سرعته سرعة الصوت» يمكن أن تصل سرعته إلى 10 ماخ، «أو 2.5 إلى 3 كيلومترات في الثانية» (نحو 12350 كلم في الساعة). وأضاف: «لا توجد أي طريقة اليوم للتصدي لمثل هذه الأسلحة».

عدة رؤوس

أخيراً، سيتم تجهيز «أوريشنيك» أيضاً بشحنات قابلة للمناورة في الهواء؛ مما يزيد من صعوبة اعتراضه.

وشدد بوتين على أن «أنظمة الدفاع الجوي المتوفرة حالياً في العالم، وأنظمة الدفاع الصاروخي التي نصبها الأميركيون في أوروبا، لا تعترض هذه الصواريخ. هذا مستبعد».

وأظهر مقطع فيديو للإطلاق الروسي نُشر على شبكات التواصل الاجتماعي، ست ومضات قوية متتالية تسقط من السماء وقت الهجوم، في إشارة -حسب الخبراء- إلى أن الصاروخ يحمل ست شحنات على الأقل. يقوم هذا على تجهيز صاروخ بعدة رؤوس حربية، نووية أو تقليدية، يتبع كل منها مساراً مستقلاً عند دخوله الغلاف الجوي.