يجتمع نحو 50 من القادة الأوروبيين، يوم الخميس، في مولدافيا، الدولة الصغيرة التي تشهد على غزو أوكرانيا المجاورة من قرب وتعيش في خوف من احتمال زعزعة روسيا استقرارها، لتوجيه «رسالة قوية» إلى موسكو بأن كيشيناو ليست وحدها، بحسب ما جاء في تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية التي أضافت أن من شأن مشاركة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن تعطي مزيداً من الزخم لهذا التجمع غير المسبوق الذي سيعقد قرب عاصمة مولدافيا.
لم يعلَن أي شيء في هذا الشأن، لكن «الوكالة الفرنسية» ذكرت أن زيلينسكي قد يشارك في هذا الاجتماع لـ «الأسرة الأوروبية» بعدما زار الكثير من الدول في الأسابيع الأخيرة... إيطاليا، وألمانيا، وفرنسا، والمملكة المتحدة، والمملكة العربية السعودية، حيث حضر قمة جامعة الدول العربية، واليابان حيث حضر قمة مجموعة السبع.
يُعد تنظيم القمة الثانية للمجموعة السياسية الأوروبية (CPE) تحدياً لوجيستياً كبيراً لمولدافيا، وهي جمهورية سوفياتية سابقة يقل عدد سكانها عن ثلاثة ملايين نسمة، وهشة اقتصادياً.
وقال فيليكس هيت، الخبير في مؤسسة «فريدريش - إيبرت ستيفتونغ» الألمانية «ببساطة، لم يسبق لمولدافيا أن شهدت حدثاً بهذا الحجم».
ومن أجل ضمان تنظيم آمن ومنظّم للقمة، اتُخذت ترتيبات معقدة لاستيعاب طائرات القادة في مطار مولدافيا الصغير. ويتوقع أن يصل عدد المشاركين إلى ألفين، من بينهم 700 صحافي، في قلعة ميمي، وهي مصنع نبيذ يقع في قرية بولبواكا على مسافة نحو 35 كيلومتراً من العاصمة كيشيناو، وعلى المسافة نفسها من تيراسبول عاصمة ترانسدنيستريا، المنطقة الانفصالية الموالية لروسيا التي يبلغ عدد سكانها 300 ألف نسمة في شرق البلاد.
وهذا المنتدى، وهو أوسع من الاتحاد الأوروبي (20 بلداً مدعواً بالإضافة إلى 27 دولة في الاتحاد الأوروبي) وأطلق فكرته الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يجمع دولاً ذات اهتمامات استراتيجية مختلفة، مثل أرمينيا، وآيسلندا، والنرويج، وسويسرا، وتركيا، والمملكة المتحدة، وصربيا وأذربيجان، بحسب ما أوضحت «الوكالة الفرنسية». ومقارنة بالاجتماع الأول في براغ والذي ضم 44 دولة في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، ستشارك ثلاث دول إضافية في هذا الاجتماع هي أندورا وموناكو وسان مارتان.
وقال سيباستيان مايّار، مدير «معهد جاك ديلور»: «يجب رؤية مَن في الصورة (أي المشاركين)، لكن أيضاً من ليس موجوداً». وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية «إنها مناسبة أيضاً لإظهار أن الأوروبيين يناقشون مصالحهم الاستراتيجية في ما بينهم من دون الأميركيين».
»مولدافيا ليست وحدها»
بالنسبة إلى مولدافيا، يشكل هذا التجمع محطة مهمة وفرصة للتعبير مجدداً - بقوة - عن إرادتها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بأقرب فرصة.
وقبل أيام قليلة، قالت مايا ساندو، رئيسة هذا البلد الصغير، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية «روسيا ستبقى مصدراً كبيراً لعدم الاستقرار في السنوات المقبلة وعلينا حماية أنفسنا». وأضافت «نعتبر أنه لا يمكننا إنقاذ ديمقراطيتنا إلا من خلال أن نكون جزءاً من الاتحاد الأوروبي».
ومع اقتراب القمة، نشرت مولدافيا على «تويتر» مجموعة من رسائل فيديو قصيرة لأبرز القادة الأوروبيين، على غرار المستشار الألماني أولاف شولتس الذي أشار فيه إلى أهمية هذا اللقاء «للأسرة الأوروبية الموحدة».
وكل الرسائل ألحقت بوسم #مولدافيا ليست وحدها.
ومع أن هذا الاجتماع لن يناقش موعد انضمام مولدافيا إلى الاتحاد الأوروبي، ستكون المسألة حاضرة بشكل قوي في الكواليس.
في يونيو (حزيران) 2022، منح الاتحاد الأوروبي كلاً من أوكرانيا ومولدافيا وضع مرشح رسمي لعضويته. ويريد البلدان الآن الانتقال إلى المرحلة المقبلة.
وخلال الزيارة الأخيرة التي قامت بها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين لكييف، أعرب فولوديمير زيلينسكي عن نفاد صبره، وقال «حان الوقت الآن لاتخاذ قرار إيجابي بشأن بدء المفاوضات حول الانضمام» إلى الكتلة.
ومن المقرر عقد قمة ثالثة للمجموعة السياسية الأوروبية في أكتوبر (تشرين الأول) في غرناطة (إسبانيا) ورابعة في النصف الأول من العام 2024 في المملكة المتحدة، في احترام للتناوب بين الدول الأعضاء وغير الأعضاء في الاتحاد.