كييف تؤكد استمرار المعارك في باخموت

موسكو تتهم «مخرّبين» أوكرانيين بالتوغل في أراضيها

صورة جوية نشرتها القوات الأوكرانية الأحد لمبنى سكني تشتعل فيه النيران في باخموت (أ.ف.ب)
صورة جوية نشرتها القوات الأوكرانية الأحد لمبنى سكني تشتعل فيه النيران في باخموت (أ.ف.ب)
TT

كييف تؤكد استمرار المعارك في باخموت

صورة جوية نشرتها القوات الأوكرانية الأحد لمبنى سكني تشتعل فيه النيران في باخموت (أ.ف.ب)
صورة جوية نشرتها القوات الأوكرانية الأحد لمبنى سكني تشتعل فيه النيران في باخموت (أ.ف.ب)

أكدت أوكرانيا الاثنين مواصلة القتال من أجل باخموت، مؤكدة سيطرتها على جزء من المدينة، فيما أعلنت مجموعة فاغنر المسلحة الروسية أنها ستنقل السيطرة على المدينة المدمّرة للجيش الروسي بحلول الأول من يونيو (حزيران).

وفي الوقت نفسه، اتهمت موسكو «مخربين» أوكرانيين بالتوغل في منطقة روسية محاذية لأوكرانيا، الأمر الذي نفته كييف. ونفت أوكرانيا سقوط باخموت في يد القوات الروسية، مشيرة إلى أنّها لا تزال متمسّكة بمنطقة واحدة من المدينة، ومؤكّدة أنّ المعارك مستمرّة. وجاء ذلك بعدما أعلنت مجموعة «فاغنر» والجيش النظامي الروسي في نهاية الأسبوع، السيطرة على باخموت.

وقالت نائبة وزير الدفاع غانا ماليار: «المعارك مستمرة»، وذلك غداة إعلان الرئيس فولوديمير زيلينسكي أنّ باخموت لم «تُحتل» من قِبل روسيا. وأضافت ماليار أنّ قوات كييف لا تزال تسيطر على منطقة «الطائرات» في باخموت. وتابعت أنّ «المعركة من أجل المرتفعات على الأطراف - شمال وجنوب الضواحي - مستمرة».

وكان رئيس مجموعة فاغنر المسلّحة الذي تقود قواته الهجوم على باخموت، أعلن السبت سيطرة مقاتليه على المدينة. وأعلن الاثنين أنّ قواته ستغادر باخموت بحلول الأول من يونيو، وتسلّم السيطرة عليها إلى القوات الروسية النظامية. وقال يفغيني بريغوجين في مقطع فيديو مسجّل نُشر عبر تطبيق «تلغرام»: «ستغادر مجموعة فاغنر أرتيوموفسك (الاسم السوفياتي للمدينة) بين 25 مايو (أيار) والأول من يونيو». وأشار بريغوجين إلى أنّ قواته أقامت «خطوط دفاع» على المشارف الغربية للمدينة قبل نقل السيطرة إلى الجيش الروسي.

وقال بريغوجين الذي يخوض خلافات علنية متزايدة مع القيادة العسكرية الروسية، «إذا لم يكن لدى وزارة الدفاع ما يكفي من الوحدات، فلدينا آلاف الجنرالات». وكان بريغوجين وجّه انتقادات لاذعة لوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ورئيس أركان الجيش فاليري غيراسيموف اللذين اتهمهما بعدم الكفاءة والتسبّب بخسائر واسعة النطاق لموسكو في الصراع في أوكرانيا. وكان أعلن سابقاً أنّ مقاتلي فاغنر سينسحبون بحلول 25 مايو. وهنّأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فاغنر والجيش الروسي باحتلال باخموت المفترض. ولكن زيلينسكي قال خلال قمة مجموعة السبع الأحد، إنّ باخموت «ليست محتلّة» من قبل روسيا. ويُعتقد أنّ كلا الجانبين تكبّدا خسائر فادحة في معركة باخموت، الأطول والأكثر دموية خلال الغزو الروسي.

مجموعة «تخريب»

في غضون ذلك، أعلنت السلطات الروسية أنّ مجموعة «تخريبية» أوكرانية دخلت منطقة بيلغورود المتاخمة لأوكرانيا، مشيرة إلى أنّ العمل جارٍ للقضاء عليها، في ظل سلسلة من الهجمات على الأراضي الروسية.

وأشار المتحدث باسم الكرملين إلى أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تم إبلاغه بالتوغّل المستمر للأراضي الروسية من قبل «مخرّبين» من أوكرانيا، معتبراً أنّ الهجوم يهدف إلى «تحويل الانتباه» عن احتلال باخموت الذي تبنّته موسكو. وأضاف دميتري بيسكوف لوكالات الأنباء الروسية «أبلغت وزارة الدفاع وجهاز الأمن الفيدرالي وحرس الحدود الرئيس... يجري العمل لطرد هذه المجموعة التخريبية من الأراضي الروسية والقضاء عليها». لكن مستشار الرئاسة الأوكرانية ميخايلو بودولياك قال عبر «تويتر» إن «أوكرانيا تتابع باهتمام الأحداث في منطقة بيلغورود في روسيا وتدرس الوضع، لكن ليس لديها أي علاقة بذلك».

جندي روسي يحرس المحطة النووية في زابوريجيا (أرشيفية - أ.ب)

هجوم ليلي على زابوريجيا

ميدانياً أيضاً، أُعيد وصل محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا والتي تحتلّها روسيا، بشبكة الكهرباء بعد انقطاع تسبّبت فيه ضربات ليلية روسية، وفق ما أعلنت السلطات الأوكرانية. وقالت شركة «إنرجواتوم» الأوكرانية العامة في بيان نُشر على «تلغرام»، إنّها «أعادت الطاقة إلى محطة الطاقة النووية انطلاقاً من نظام الكهرباء الأوكراني».

وفي وقت سابق، أكدت الشركة أنّ «هجوماً» ليلياً من قبل القوات الروسية قطع الاتصال بآخر خط توتّر عالٍ للكهرباء يربط المحطّة بالشبكة الأوكرانية.من جانبها، أعلنت إدارة الاحتلال الروسي للمحطّة أنّه «بسبب انقطاع خط التوتر العالي (...) فقدت المحطة تغذيتها الخارجية بالكهرباء».

وبينما أعلن الجيش الأوكراني إسقاط أربعة صواريخ و15 طائرة مسيّرة روسية خلال الليل فوق دانيبرو، أشارت «أوكرينيرغو» إلى أنّ «خطوط توتّر عالٍ... تضرّرت»، الأمر الذي أدى خصوصاً إلى «توقّف واحدة من أكبر محطّات الطاقة في المنطقة، وكذلك عدة محطّات فرعية تابعة لأوكرنيرغو».

بدوره، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رفاييل غروسي الاثنين إنّ الأمن النووي للموقع «ضعيف للغاية». وأضاف عبر «تويتر »، «يجب أن نتفق الآن على حماية المحطّة، هذا الوضع لا يمكن أن يستمر».

وهي المرة السابعة رسمياً التي ينفصل فيها هذا المجمع النووي الضخم عن شبكة الكهرباء منذ استيلاء الجيش الروسي عليه في 4 مارس (آذار) 2022. وواصلت المحطة، التي كانت تنتج في السابق 20 في المائة من الكهرباء الأوكرانية، العمل خلال الأشهر الأولى من الهجوم الروسي، رغم القصف، قبل توقفها في سبتمبر (أيلول).

ومنذ ذلك الحين، لم يولد أي من مفاعلاتها الستة VVER-1000 العائدة إلى الحقبة السوفياتية الطاقة. لكن المنشأة لا تزال متصلة بنظام الطاقة الأوكراني وتستهلك الكهرباء التي تنتجها لتلبية احتياجاتها الخاصة، ولا سيما لضمان تبريد المفاعلات.

اجتماع لوزراء «المجموعة الشمالية» في حلف شمال الأطلسي في ليغيونوفو ببولندا الاثنين (رويترز)

الدنمارك تعرض استضافة قمة للسلام

في سياق متصل، أفاد وزير الخارجية الدنماركي لارس لوكه راسموسن الاثنين بأن بلاده تود أن تستضيف قمة في يوليو (تموز) لبحث كيفية التوصل للسلام بين أوكرانيا وروسيا، لكن مثل تلك القمة ستحتاج مشاركة من الهند والصين والبرازيل. وأضاف الوزير للصحافيين على هامش اجتماع لمجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي في بروكسل «بداية نحتاج لبذل بعض المجهود للوصول إلى التزام عالمي بتنظيم مثل تلك القمة».

وأشار إلى أن قمة للسلام لا يجب أن تحضرها الدول الحليفة لأوكرانيا فحسب. وقال: «من الضروري بناء اهتمام ومشاركة من دول مثل الهند والبرازيل والصين»، لكنه أضاف أن «من الصعب بالنسبة لي» مشاركة روسيا في مثل تلك القمة. وتابع قائلا: «إذا خلصت أوكرانيا إلى أن الوقت قد حان لمثل هذا الاجتماع فسيكون ذلك رائعا. حينها ستود الدنمارك بالطبع استضافة هذا الاجتماع».


مقالات ذات صلة

13 قتيلاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

أوروبا رجال الإطفاء يعملون في موقع مبنى إداري تضرر جراء الغارات الجوية والصاروخية الروسية في زابوريجيا (رويترز) play-circle 00:36

13 قتيلاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 13 شخصاً اليوم (الأربعاء) في ضربة روسية على مدينة زابوريجيا الأوكرانية، وفق ما أعلن حاكم المنطقة، في حصيلة تعد من الأعلى منذ أسابيع لضربة جوية واحدة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الخليج الأمير محمد بن سلمان والرئيس فولوديمير زيلينسكي (الخارجية السعودية)

محمد بن سلمان وزيلينسكي يبحثان جهود حل الأزمة الأوكرانية - الروسية

بحث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، جهود حل الأزمة الأوكرانية - الروسية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية- رويترز)

ترمب عن الـ«ناتو»: يدفعون أقل مما ينبغي لكي تحميهم الولايات المتحدة

حضّ ترمب أعضاء حلف «الناتو» على زيادة إنفاقهم الدفاعي إلى 5 % من إجمالي ناتجهم المحلي، مقابل «حماية الولايات المتحدة».

«الشرق الأوسط» (مارالاغو (الولايات المتحدة))
أوروبا رجال إنقاذ في موقع مبنى سكني ضربته غارة جوية روسية على أوكرانيا بمنطقة سومي 4 يناير 2025 (رويترز)

روسيا: وجّهنا ضربات مكثفة للقوات الأوكرانية في منطقة كورسك

قالت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها وجّهت ضربات مكثفة لوحدات أوكرانية في منطقة كورسك غرب روسيا، وأفاد الجيش الأوكراني بتصعيد القتال خلال اﻟ24 ساعة الماضية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا دبابة روسية مدمرة في منطقة كورسك (أ.ب)

زيلينسكي: مقتل 15 ألف جندي روسي خلال القتال في كورسك

أكد مسؤول عسكري أوكراني، الاثنين، أن قواته تكبّد قوات موسكو «خسائر» في كورسك بجنوب روسيا، غداة إعلان الأخيرة أن أوكرانيا بدأت هجوماً مضاداً في هذه المنطقة.

«الشرق الأوسط» (كييف)

الإفراج عن الصحافية الإيطالية المعتقلة في إيران

ميلوني مستقبلة الصحافية سالا في روما بعد الإفراج عنها من سجن إيفين بطهران يوم 8 يناير (أ.ف.ب)
ميلوني مستقبلة الصحافية سالا في روما بعد الإفراج عنها من سجن إيفين بطهران يوم 8 يناير (أ.ف.ب)
TT

الإفراج عن الصحافية الإيطالية المعتقلة في إيران

ميلوني مستقبلة الصحافية سالا في روما بعد الإفراج عنها من سجن إيفين بطهران يوم 8 يناير (أ.ف.ب)
ميلوني مستقبلة الصحافية سالا في روما بعد الإفراج عنها من سجن إيفين بطهران يوم 8 يناير (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الإيطالية، الأربعاء، أن الصحافية الإيطالية تشتشيليا سالا التي اعتقلت في 19 ديسمبر (كانون الأول) في إيران بتهمة «انتهاك قوانين» إيران، أُفرج عنها. ونشرت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، صورة لاستقبالها الصحافية، بعد ماراثون دبلوماسي واستخباراتي لتأمين الإفراج عنها.

حراك دبلوماسي

وقبل ساعات من وصول سالا إلى بلادها، أعلن مكتب رئيسة الوزراء الإيطالية في بيان: «أفرجت السلطات الإيرانية عن مواطنتنا، وهي في طريقها إلى إيطاليا. تعرب رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني عن امتنانها لجميع الأشخاص الذين ساعدوا في جعل عودة تشتشيليا أمراً ممكناً، ما يسمح لها بالعودة إلى عائلتها وزملائها»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وجاء في البيان أن «الطائرة التي تقل الصحافية تشتشيليا سالا غادرت طهران قبل دقائق»، بعد «تحرك مكثف عبر القنوات الدبلوماسية والاستخباراتية». وبحثت ميلوني، في زيارة قصيرة ومفاجئة إلى مارالاغو، قضية الصحافية المحتجزة مع الرئيس الأميركي المنتخب وفريقه الانتقالي الأسبوع الماضي.

وكانت ميلوني استقبلت والدة الصحافية في مقر الحكومة في الثاني من يناير (كانون الثاني)، وتحادثت هاتفياً مع والدها. وكتبت على منصة «إكس» إنها «أبلغتهما شخصياً عبر الهاتف» بالإفراج عن ابنتهما.

من جهتها، أعربت منظمة «مراسلون بلا حدود» غير الحكومية عن «ارتياحها الكبير». وأضافت في بيان مقتضب: «الآن يجب أيضاً إطلاق سراح الصحافيين الـ25 الذين ما زالوا محتجزين في السجون الإيرانية». واعتقلت سالا خلال زيارة مهنية لطهران بتأشيرة صحافية، لكن السلطات الإيرانية لم تعلن أبداً عن أسباب الاعتقال. وكانت الصحافية، البالغة من العمر 29 عاماً، محتجزة منذ ذلك الحين في زنزانة بسجن إيفين بطهران. وتكتب سالا لصحيفة «إل فوليو»، وتقدّم مدونة صوتية إخبارية.

وكان وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني، استدعى السفير الإيراني في 2 يناير، مطالباً بـ«الإفراج الفوري» عن الصحافية. وطالبت إيطاليا أيضاً بمعاملة المعتقلة «بطريقة تحترم كرامة الإنسان»، بينما ذكرت الصحافة الإيطالية أنها في الحبس الانفرادي وتنام على الأرض وحُرمت من نظارتها. وفي 3 من الشهر الحالي، استدعت طهران بدورها السفيرة الإيطالية لدى إيران.

ورقة مساومة

أوقفت سالا بعد فترة قصيرة على توقيف الولايات المتحدة وإيطاليا مواطنين إيرانيين اثنين بتهمة انتهاك العقوبات التي تفرضها واشنطن على طهران. واعتُقل محمد عابديني (38 عاماً) في ديسمبر بإيطاليا، بناءً على طلب السلطات الأميركية. أما مهدي محمد صادقي (42 عاماً) الذي يحمل جنسية مزدوجة، فمسجون في الولايات المتحدة.

ترمب وميلوني في صورة جمعتهما مع المرشّحين لمنصبي وزير الخزانة سكوت بيسنت (يسار) والخارجية ماركو روبيو في مارالاغو 4 يناير (إ.ب.أ)

واتهمهما القضاء الأميركي رسمياً في 17 ديسمبر بـ«تصدير مكونات إلكترونية متطورة إلى إيران»، في انتهاك للعقوبات الأميركية المفروضة على إيران. وبحسب وزارة العدل الأميركية، تم استخدام هذه المكونات خلال هجوم بطائرة من دون طيار في الأردن أودى بحياة ثلاثة جنود أميركيين في يناير 2024. ونفت إيران أي تورط لها، وندّدت بادعاءات «لا أساس لها». لكن طهران شددت، الاثنين، على عدم وجود «صلة» بين اعتقال سالا وعابديني. وتُتّهم إيران، التي تحتجز العديد من الرعايا الغربيين أو مزدوجي الجنسية، من قِبَل المنظمات غير الحكومية باستخدامهم ورقة مساومة في المفاوضات بين الدول.

وتتهم السلطات الإيرانية سيسيل كوهلر، وجاك باري، وهما زوجان فرنسيان مسجونان منذ عام 2022 خلال زيارة سياحية بـ«التجسس»، وهو ما «ينفيه أقاربهما بشدة». كما يعتقل فرنسي ثالث يُدعى أوليفييه، ولم يكشف عن اسمه الكامل، في إيران منذ عام 2022. وتصف باريس هؤلاء السجناء بأنهم «رهائن دولة». كما دعا وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، الثلاثاء، الرعايا الفرنسيين إلى عدم السفر إلى إيران حتى «الإفراج كلياً» عن المعتقلين الفرنسيين في هذا البلد.