يبدأ البرلمان الفرنسي اليوم مناقشة ميزانية الدفاع للمرحلة الممتدة من عام 2024 - 2030 التي تندرج في إطار «قانون البرمجة العسكري» الذي تريد الحكومة أن يتم إقراره في مجلس النواب والشيوخ قبل 14 تموز (يوليو) المقبل، بمناسبة العيد الوطني. واللافت في الميزانية الجديدة للسنوات السبع القادمة أنها تمثل ارتفاعاً ملموساً للنفقات الدفاعية الفرنسية، إذ إنها ترصد 413 مليار يورو للسنوات السبع ما يمثل 59 مليار يورو سنويا. وبالمقارنة فإن الميزانية السابقة للسنوات 2019 - 2024 بلغت 295 مليار يورو أي ما يساوي 42.1 في العام. ورغم الارتفاع الملحوظ للميزانية الفرنسية، إلا أنها تبقى ضئيلة في حال مقارنتها مع الميزانية الأميركية «ألف مليار دولار للعام الحالي» أو الصينية 225 مليار دولار. وبالنظر لتشكيل البرلمان حيث لا تتمتع الحكومة بالأكثرية المطلقة، فإن النقاشات ستشهد مساومات مريرة، والدليل على ذلك أنه تم تسجيل 1700 تعديل ستتم مناقشتها. وتراهن الحكومة على اجتذاب نواب حزب الجمهوريين اليميني التقليدي، وربما بعض النواب الاشتراكيين لتوفير الأكثرية المطلوبة.
تريد وزارة الدفاع، من خلال توفير الموارد المالية الإضافية تحقيق مجموعة أهداف تندرج كلها في إطار تحديث القوات الفرنسية المسلحة وزيادة جاهزيتها، وتأقلمها مع الحرب الحديثة. وما تستهدفه الوزارة المعنية، بداية، تحديث قوة الردع النووية الفرنسية وتحديداً الغواصات المجهزة بصواريخ نووية والاستثمار في ثلاثة مجالات إضافية، هي الحرب السيبرانية والفضاء وأعماق البحار. يضاف إلى ما سبق إعادة تجديد الأسلحة والعتاد العسكري التقليدي. وتخطط وزارة الدفاع للحصول على 40 طائرة رافال متعددة الأغراض، حيث تبلغ تكلفة الطائرة الواحدة 142 مليون يورو، بينما الطائرة القتالية السابقة «ميراج 2000» لم يكن يزيد سعرها على 9.5 مليون يورو. وارتفاع الأسعار يمكن ملاحظته بالنسبة للدبابات، حيث إن دبابة «آي إم إكس 30» كانت تكلف مليوني يورو، بينما دبابة لوكلير تكلف 10.2 مليون يورو. ولا تهمل الوزارة الفرنسية أمرين: الأول، الحاجة لسد النقص المترتب على نقل كميات من الأسلحة والذخائر من مستودعات الجيش الفرنسي إلى القوات الأوكرانية. والثاني ضرورة تحسين قدرة القوات المسلحة على اجتذاب الشباب، وذلك من خلال رفع المرتبات التي يحصلون عليها. وهناك حاجة لتحسين مرتبات الضباط والأفراد.
ما يحصل في فرنسا ليس غريبا عن الدول الأوروبية التي ارتقت جميعها بميزانياتها العسكرية. ويرى المحللون أن هناك سببين رئيسيين يبرران هذه النقلة: الأول هو بالطبع الحرب الروسية على أوكرانيا وحاجة الأوروبيين والغربيين بشكل عام لمزيد من الاستثمارات في القطاع الدفاعي للمحافظة على أمنهم بوجه ما يعتبرونه تهديداً روسياً. والثاني الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على شركائها في الحلف الأطلسي من أجل تخصيص ما لا يقل عن 2 في المائة من ناتجهم المحلي للقطاع الدفاعي.
الواضح اليوم أن الصناعات الدفاعية الغربية ستكون المستفيد الأول من حاجة القوات لمزيد من السلاح الحديث والعتاد. وفي الوقت عينه، تستفيد هذه الصناعات من مبيعات السلاح إلى الخارج. ووفق الأرقام الصادرة عن معهد «SIPRI» السويدي المتخصص في رصد النزاعات وكل ما يرتبط بها، فإن مبيعات الولايات المتحدة الخارجية بلغت العام الماضي 14.5 مليار دولار، فيما حلت فرنسا في المرتبة الثانية (30.2 مليار دولار) متقدمة على روسيا (2.82 مليار) وعلى الصين (2.01 مليار) وعلى كافة الدول الأوروبية.