موسكو «تلاحق» الأسلحة الغربية في كييف

أوكرانيا تعلن استعادة 20 كلم حول باخموت... والبرلمان الروسي يصوّت بالإجماع على الانسحاب من معاهدة الأسلحة التقليدية

حرائق في كييف بعد هجمات صاروخية روسية الثلاثاء (إ.ب.أ)
حرائق في كييف بعد هجمات صاروخية روسية الثلاثاء (إ.ب.أ)
TT

موسكو «تلاحق» الأسلحة الغربية في كييف

حرائق في كييف بعد هجمات صاروخية روسية الثلاثاء (إ.ب.أ)
حرائق في كييف بعد هجمات صاروخية روسية الثلاثاء (إ.ب.أ)

بالتزامن مع تلقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مزيداً من الوعود الغربية بتنشيط عمليات تزويد بلاده بأسلحة متطورة لدعم خططه في شنّ هجوم مضاد، وسّعت موسكو تحركاتها العسكرية لاستهداف المنظومات المقدمة إلى كييف. وبعد مرور يوم واحد على إعلانها إسقاط صواريخ بريطانية قرب لوغانسك، أكدت القوات الروسية تدمير منظومة «باتريوت» أميركية في إطار تكثيف الضربات على مخازن الأسلحة الغربية ومواقع انتشارها.

وبدا أن تكثيف التحركات العسكرية هدفه توجيه رسالة إلى الغرب بعد جولة واسعة قام بها زيلينسكي في أوروبا، وأسفرت عن تلقيه تعهدات بمواصلة دعم قواته بأسلحة متطورة.

انفجار في العاصمة الأوكرانية خلال هجمات صاروخية روسية الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية الثلاثاء أن قواتها شنّت هجمات مركّزة بأسلحة دقيقة التوجيه ضد منشآت عسكرية في أوكرانيا. وشكّل الهدف الرئيسي، وفق بيان عسكري، نقاط انتشار وحدات القوات المسلحة الأوكرانية، وأماكن تخزين الذخيرة والأسلحة والمعدات العسكرية، بما في ذلك تلك التي تم تسليمها من الدول الغربية. وتابع البيان «لقد تحقق الهدف من الضربة. تم ضرب جميع الأهداف المحددة».

وشددت وزارة الدفاع بشكل خاص على نجاح ضربة صاروخية وجهت باستخدام نظام «كينغال» الحديث في تدمير منصة إطلاق صواريخ أميركية مضادة للطائرات من طراز «باتريوت». وجاء ذلك بعد مرور يوم واحد على إعلان روسيا إسقاط صاروخ بريطاني الصنع من طراز «ستورم شادو» الذي تم تسليمه حديثاً إلى أوكرانيا.

وأشار البيان العسكري الروسي إلى احتدام جبهات القتال على محاور عدة. وأوضح ناطق عسكري أنه تم توجيه ضربة قوية في اتجاه كوبيانسك، حيث ضربت وحدات مجموعة القوات الغربية «القوى البشرية ومعدات العدو في منطقة خاركيف، وقضت على خمس مجموعات تخريبية واستطلاعية. وبلغت خسائر القوات الأوكرانية هناك نحو 60 شخصاً وأربع مركبات»، بحسب ما قال.

وعلى محور كراسنوليمانسكي، دمرت الصواريخ الروسية مركز عمليات للقوات الأوكرانية وتم «قتل نحو 65 جندياً أوكرانياً وتدمير مركبتي مشاة قتالية وقاعدة مدفعية ذاتية الدفع من طراز (أكاتسيا)».

تدريبات عسكرية أوكرانية في إقليم تشيرنييف يوم الاثنين وسط ترقب لبدء هجوم مضاد على مواقع القوات الروسية (رويترز)

وفي دونيتسك، قالت وزارة الدفاع إن «مفارز الهجوم واصلت عملياتها في الأحياء الغربية من أرتيموفسك (باخموت) وأجبرت القوات المدافعة عن المدينة على التراجع في مناطق عدة».

وبحسب الناطق العسكري، واجهت القوات الروسية هجمات مكثفة في بلدة كراسنوي. ووصفت الهجمات بأنها كانت «بالغة الصعوبة»، حيث صد جنود اللواء الرابع للبنادق الآلية عشر هجمات من القوات المسلحة الأوكرانية خلال نهار الثلاثاء. وقالت موسكو إن خسائر الجانب الأوكراني بلغت في المنطقة أكثر من 70 جندياً وعربة قتال مشاة وناقلتي جند مدرعتين.

جندي أوكراني يتدرب على التحكم بالطائرات المسيّرة في إقليم دنيبروتروفسك يوم الاثنين (رويترز)

في المقابل، أكدت أوكرانيا الثلاثاء أنها استعادت 20 كيلومتراً مربعاً في شمال باخموت وجنوبها من القوات الروسية. وكتبت نائبة وزير الدفاع غانا ماليار على «تلغرام»: «في الأيام الأخيرة، حررت قواتنا نحو 20 كيلومتراً مربعاً في شمال وجنوب ضواحي باخموت. في حين يتقدم العدو في باخموت نفسها ويدمر بالكامل المدينة بسلاح المدفعية».

وتزامنت هذه التطورات مع إعلان رئيس دونيتسك المعين من جانب موسكو دينيس بوشيلين أنه تم نقل احتياطيات إضافية إلى أطراف مدينة باخموت. وأقرّ بوشيلين في مقابلة تلفزيونية بأن «هناك موقفاً صعباً على الأجنحة، وربما يكون هذا المحور أكثر أعمال العدو نشاطاً. بالنسبة لأوكرانيا، بشكل عام، أصبحت باخموت المشكلة الأكبر، وبطبيعة الحال هم ألقوا احتياطات خطيرة للغاية هناك. (...) لقد حققنا بعض النجاح، لكننا لجأنا لنقل قوات إضافية، وتم تعزيز الجبهة على كل محاورها؛ لذلك أعتقد أن الوضع هناك يجب أن يستقر». ووفقاً للقائد الانفصالي، فإن الوضع في المدينة «بشكل عام، لا يزال متوتراً، لكن مقاتلي مجموعة (فاغنر) يواصلون التقدم». وأضاف «هناك عدد أقل وأقل من المجمعات السكنية التي تسيطر عليها التشكيلات المسلحة في أوكرانيا».

صورة رفعتها وزارة الدفاع الروسية في مدينة سانت بطرسبرغ يوم الاثنين للإشادة بالمشاركين في معارك دونباس بأوكرانيا (أ.ب)

في اليوم السابق، قال بوشلين إن وحدات «فاغنر» تمكنت من السيطرة على عدد من المباني في غرب أرتيموفسك (باخموت)، والتي كانت تعدّ أساسية كون القوات الأوكرانية تحصنت فيها.

وبث زعيم «فاغنر» يفغيني بريغوجين شريط فيديو الثلاثاء يظهر فيه مع مقاتليه وسط ركام أبنية في باخموت. ويعرض الشريط جثة يزعم أنها لأميركي قُتل في باخموت مع أوراق ثبوتية تؤكد جنسيته الأميركية.

في غضون ذلك، صوّت مجلس الدوما (النواب) بالإجماع على انسحاب روسيا من معاهدة الأسلحة التقليدية في أوروبا، بعد مرور يومين على صدور مرسوم رئاسي بإنهاء التزام روسيا بهذه الوثيقة التي تنظم الرقابة على التسلح ونشر القوات في القارة الأوروبية.

ومع إعلان نتائج التصويت اتضح أن القرار حاز إجماع النواب وبدأ البرلمانيون في التصفيق ترحيباً بهذه النتيجة.

وقال رئيس لجنة مجلس الدوما للشؤون الدولية وزعيم الحزب الديمقراطي الليبرالي ليونيد سلوتسكي إن القرار «يصبّ في المصلحة الوطنية لضمان أمن روسيا».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد تقدم بالوثيقة إلى مجلس الدوما للتصويت عليها.

ورأى نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف المسؤول عن ملف التسلح والأمن الاستراتيجي، أن القرار «تاريخي» وقال إن موسكو «لن تعود أبداً إلى هذه الاتفاقية». في حين قال نائب رئيس مجلس الأمن دميتري مدفيديف إن روسيا «ستعمل على نشر أسلحة في كل المناطق التي تعزز أمنها، وخصوصاً في مناطق غرب روسيا»، مشدداً على أن «لا أحد سيكون قادراً على منعنا من تعزيز أمن البلاد».

على صعيد آخر، قلل الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف من احتمالات تمديد «صفقة الحبوب» في حال لم يتم التعامل مع «بعض الأسئلة الروسية التي ما زالت عالقة». وقال بيسكوف في إفادة صحافية «الاتصالات بشأن صفقة الحبوب ما زالت جارية، إلا أن هناك عدداً من الأسئلة لا تزال مفتوحة بهذا الصدد».

وأوضح الناطق الرئاسي أن «عدداً كبيراً من الأسئلة العالقة ما زال يتعلق بالجزء الروسي من الصفقة. والآن يتعين اتخاذ قرار بشأن مستقبل هذه الصفقة، وما إذا كان الغرب سيمضي قدماً فيما يخص قضية إمدادات الحبوب والأسمدة».

بواخر تحمل قمحاً في إطار «صفقة الحبوب» بالبحر الأسود قرب إسطنبول يوم الجمعة الماضي (رويترز)

وقال بيسكوف رداً على سؤال حول ما إذا كانت هناك احتمالات لتمديد صفقة الحبوب، وما إذا كان الرئيس الروسي يخطط لمناقشة هذا الأمر «عندما يتم اتخاذ القرار المناسب، سوف نبلغكم».

وتتضمن مبادرة الاتفاق، التي تم التوقيع عليها في 22 يوليو (تموز) العام الماضي من قِبل ممثلي روسيا وتركيا وأوكرانيا والأمم المتحدة آليات لتصدير الحبوب والأغذية والأسمدة الأوكرانية عبر البحر الأسود من 3 موانئ، بما في ذلك أوديسا، على أن يتولى مركز التنسيق المشترك في إسطنبول تنسيق حركة السفن. كما يتضمن الشق الروسي منها تسهيلات لنقل الأسمدة والحبوب من روسيا، ورفع جزء من القيود المفروضة على حركة السفن الناقلة والموانئ الروسية، فضلاً عن تقليص جانب من العقوبات على مصارف روسية. وتقول موسكو إن هذا الشق من الاتفاقية لم يتم الالتزام به وتطالب بتنفيذه للموافقة على تمديد جديد للصفقة.

وكانت موسكو وافقت في مارس (آذار) على تمديد الاتفاق لمدة 60 يوماً حتى 18 مايو (أيار) الحالي، وهددت بأنها لن توافق على تمديد إضافي في حال لم يتم تنفيذ شروطها. في حين تصرّ أوكرانيا على تمديد الصفقة لفترة إضافية لمدة 120 يوماً.


مقالات ذات صلة

السودانيون يعلقون آمالهم على المبادرة التركية لإنهاء الحرب

شمال افريقيا البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية التركي برهان الدين دوران في بورتسودان السبت (مجلس السيادة السوداني - فيسبوك)

السودانيون يعلقون آمالهم على المبادرة التركية لإنهاء الحرب

رغم المواقف المتناقضة التي تصدر من تنظيم الإسلاميين السودانيين المؤيد لاستمرار الحرب، فإن السودانيين يعلقون آمالاً عريضة على المبادرة التركية لإنهاء معاناتهم.

أحمد يونس (كمبالا) محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا شاحنة تحمل مسلحين تابعين للجيش السوداني في أحد شوارع مدينة القضارف (شرق) في نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

توسع أحكام الإعدام في السودان بمزاعم التعاون مع «الدعم السريع»

قالت هيئة حقوقية سودانية إن الأجهزة الأمنية المُوالية للحكومة في العاصمة المؤقتة بورتسودان، تحتجز مئات الأشخاص تعسفياً، بمزاعم التعاون مع قوات «الدعم السريع».

أحمد يونس (السودان)
شمال افريقيا نائب وزير الخارجية التركي، برهان الدين دران (الخارجية التركية / إكس)

نائب وزير الخارجية التركي إلى بورتسودان لبحث الوساطة مع الإمارات

يصل العاصمة السودانية المؤقتة بورتسودان، السبت، نائب وزير الخارجية التركي، برهان الدين دران، لإجراء مباحثات بشأن الوساطة بين السودان ودولة الإمارات

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا لاجئون سودانيون في تشاد يوم 6 أكتوبر 2024 (أ.ب)

الأمم المتحدة تطلب 4.2 مليار دولار لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان

أطلقت الأمم المتحدة خطة لمواجهة الاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحاً في السودان، خلال العام الجديد، تتطلب توفير 4.2 مليار دولار، لتلبية طلبات 21 مليون سوداني.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا البرهان وحميدتي في خطابين بعيد الاستقلال: «النصر اقترب»

البرهان وحميدتي في خطابين بعيد الاستقلال: «النصر اقترب»

تصاعدت النبرة الحادة في خطابات قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وخصمه قائد «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» في مناسبة ذكرى استقلال السودان.


بريطانية تخضع لإزالة 8 أعضاء أثناء علاجها من السرطان

فاي لويز (بي بي سي)
فاي لويز (بي بي سي)
TT

بريطانية تخضع لإزالة 8 أعضاء أثناء علاجها من السرطان

فاي لويز (بي بي سي)
فاي لويز (بي بي سي)

أفاد تقرير إخباري بأن امرأة بريطانية تم استئصال 8 أعضاء منها بعد تشخيص إصابتها بسرطان نادر تستعد للعودة لعملها.

وبدأت فاي لويز، من هورسهام، غرب ساسكس، في التخطيط لجنازتها بعد أن اكتشف الأطباء ورماً في الزائدة الدودية في عام 2023. لكن بعد «أم العمليات الجراحية»، قالت إنها خالية من السرطان وقادرة على العودة إلى العمل مُوَجِّهَةَ رحلات في مطار جاتويك.

وقالت: «أن يُقال لي إنه لا يوجد دليل على المرض، كان أعظم هدية عيد ميلاد يمكنني الحصول عليها». وأضافت لويز أنها غير متأكدة مما إذا كانت ستتمكن من العمل مرة أخرى في هذا الوقت من العام الماضي.

وقالت لراديو «بي بي سي ساسكس»: «الوظيفة جسدية للغاية، لكنني أحب الطيران، وأنا سعيدة بعودتي». وبدأت عارضة الأزياء السابقة تعاني من آلام في ربيع عام 2023، أرجعتها في البداية إلى مشكلات الدورة الشهرية، قبل أن تكشف أشعة الموجات فوق الصوتية عن كيس في المبيض.

ومع ذلك، بعد إجراء عملية جراحية لتصحيح المشكلات، قالت إنها «سمعت كلمة السرطان المزعجة» وتم تشخيصها بورم زائف مخاطي - وهو ورم نادر يسبب تراكم مادة تشبه الهلام في البطن. ونظراً لأن الورم تمزق، وانتشرت الخلايا السرطانية في جميع أنحاء جسدها، احتاجت السيدة لويز إلى عملية جراحية تتضمن إزالة 8 من أعضائها.

وشملت الجراحة إزالة الطحال والمرارة والزائدة الدودية والمبيضين والرحم وقناتي فالوب والسُّرة والشبكة الغشائية الكبرى والصغرى - التي تربط المعدة والاثني عشر بأعضاء البطن الأخرى - وجزء من الكبد، بالإضافة إلى كشط الحجاب الحاجز والحوض.

ومن المرجح أن تستمر في إجراء فحوصات سنوية كل شهر نوفمبر (تشرين الثاني) نتيجة ذلك. وقالت: «إن انتظار النتائج سيحدد نجاحي أو فشلي في كل عيد ميلاد بالنسبة لي. ولكن عليك فقط الاستمرار في المضي قدماً وعدم الاستسلام أبداً». وتابعت: «في بعض الأيام كنت أشعر باليأس الشديد، ولكن في أغلب الأحيان، أصبحت أعيش أياماً أكثر إيجابية».

لقد عادت منذ ذلك الحين إلى العمل، وجمعت الأموال لصالح مؤسسة أبحاث السرطان في المملكة المتحدة - بما في ذلك رشها بـ15 لتراً من المادة البرتقالية في حديقة حانة ريد ليون في سلينفولد. كما أكملت سباق الحياة في ستانمر بارك، برايتون، لجمع الأموال لصالح الجمعية الخيرية.