روسيا تستهدف ثلثي الأراضي الأوكرانية عشية احتفالات الانتصار في الحرب العالمية

فون دير لاين تحيي مع زيلينسكي في كييف «يوم أوروبا»... وبريغوجين يشكك في قدرة الكرملين على الدفاع عن البلاد

رئيسة المفوضية الأوروبية مع الرئيس فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)
رئيسة المفوضية الأوروبية مع الرئيس فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)
TT

روسيا تستهدف ثلثي الأراضي الأوكرانية عشية احتفالات الانتصار في الحرب العالمية

رئيسة المفوضية الأوروبية مع الرئيس فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)
رئيسة المفوضية الأوروبية مع الرئيس فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)

تزامن عرض العضلات العسكرية في «الساحة الحمراء»، مع شن موسكو هجوماً جوياً واسع النطاق لليوم الثاني على التوالي على العاصمة الأوكرانية، وعدد من مناطق أوكرانيا، وأطلقت أجهزة الطوارئ إنذارات جوية في مدينة كييف ومعظم أجزاء وسط وشرق أوكرانيا في ساعة مبكرة من صباح الثلاثاء، من فينيتسيا في الغرب، إلى جميع المناطق الشرقية، وجنوباً حتى خيرسون ومنطقة أوديسا المطلة على البحر الأسود، إذ أطلقت القوات الروسية 25 صاروخاً على أوكرانيا، تم اعتراض 23 منها، وفقاً لسلاح الجو الأوكراني. وتسبب حطام الصواريخ في وقوع أضرار بكييف ومنطقتي دنيبروبتروفسك وتشيركاسي، بحسب ما قاله مسؤولون محليون.

 

القوات الروسية تطلق 25 صاروخاً على أوكرانيا تم اعتراض 23 منها (رويترز)

وفي مقابل احتفالات موسكو، أحيا الاتحاد الأوروبي «يوم أوروبا»، ووصلت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين إلى كييف لإحياء الذكرى التي تصادف يوم التاسع من مايو (أيار). وفي المناسبة قال المستشار الألماني أولاف شولتس إن «استعراض» الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قوته في «الساحة الحمراء» يجب ألا يؤدي إلى «ترهيب» الاتحاد الأوروبي الذي يجب أن يبقى «حازماً» في دعمه لأوكرانيا.

وقال شولتس، أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، «على مسافة 2200 كيلومتر من هنا، في موسكو، بوتين يستعرض جنوده ودباباته وصواريخه. دعونا لا نخاف من استعراض القوة هذا. دعونا نبقى حازمين في دعمنا لأوكرانيا أيضاً. مهما طال الأمر». وفي ضوء ذلك، أشار مستشار المكتب الرئاسي الأوكراني، ميخايلو بودولياك، إلى الاحتفالات المقامة في موسكو، بوصفها «عرضاً للقتلة».

المستشار الألماني أولاف شولتس قال إن استعراض بوتين قوته في الساحة الحمراء يجب ألا يؤدي إلى «ترهيب» الاتحاد الأوروبي (أ.ف.ب)

وتوجّهت رئيسة المفوضية الأوروبية على متن قطار ليلي من بولندا إلى أوكرانيا للقاء الرئيس فولوديمير زيلينسكي، ومتابعة مساعي أوكرانيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وأصدر الرئيس الأوكراني مرسوماً ينص على الاحتفال بـ«يوم أوروبا» تماشياً مع بروكسل، بدلاً من الاحتفال بذكرى الانتصار. وقالت فون دير لاين على متن القطار: «أرحّب كثيراً بقرار الرئيس زيلينسكي جعل التاسع من مايو يوم أوروبا. أوكرانيا جزء من عائلتنا الأوروبية». وأضافت: «حضوري إلى كييف في هذا اليوم رمزي، لكنه أيضاً مؤشر على حقيقة مهمة للغاية وعملية: الاتحاد الأوروبي يعمل يداً بيد مع أوكرانيا في عديد من القضايا».

وأكد المستشار الألماني أهمية «يوم أوروبا»، وذلك في الخطاب الذي ألقاه أمام البرلمان الأوروبي بمدينة ستراسبورغ الفرنسية، الثلاثاء. وقال السياسي الاشتراكي الديمقراطي إن التاسع من مايو هو الرد المناسب الوحيد على الحرب العالمية التي أطلقتها ألمانيا، وعلى النعرة القومية المدمرة وعلى جنون العظمة الإمبريالي. وعاد شولتس وأكد أنه «أصبح من غير الممكن تصور نشوب الحرب بين شعوبنا، والفضل في ذلك للاتحاد الأوروبي، وهو من حسن حظنا جميعاً». وأضاف شولتس أن هذا الحلم لم يصبح حقيقة في جميع دول أوروبا، مشيراً إلى الحرب التي تخوضها أوكرانيا منذ 14 شهراً للدفاع عن نفسها في مواجهة الاجتياح الروسي. ويعود «يوم أوروبا» إلى ما يسمى بـ«إعلان شومان» نسبة إلى وزير الخارجية الفرنسي الراحل روبرت شومان الذي أعلن قبل 73 عاماً في مايو 1950، ما يعرف بـ«إعلان شومان»، الذي يعتبر حجر الأساس لإنشاء الاتحاد الأوروبي، حيث اقترح شومان في خطاب «إنشاء مجموعة أوروبية للفحم والصلب».

 

حقائق

75 مليار دولار

المبلغ الذي قدمته بروكسل لدعم أوكرانيا عسكرياً ومالياً وإنسانياً بقيمة 67 مليار يورو حتى الآن

وقالت فون دير لاين إن تركيز الاتحاد الأوروبي منصب على زيادة الضغط على روسيا وضمان التطبيق الكامل للعقوبات، وسد الفجوات الحالية. وأضافت، كما نقلت عنها وكالات أنباء عدة: «التركيز الآن هو على التطبيق الصارم للعقوبات واتخاذ إجراءات لتجنب التحايل عليها. نحن عازمون على سد الفجوات الحالية. لا يمكن أن يشك أي شخص في ذلك». وتم منح أوكرانيا صفة «مرشح رسمي» لعضوية الاتحاد الأوروبي العام الماضي، وهي تنتظر تقييماً ستجريه المفوضية حول ما إذا كانت جهود الإصلاح في أوكرانيا كافية لبدء محادثات الانضمام الرسمية. ولم تشر فون دير لاين إلى متى سوف تنضم أوكرانيا للاتحاد، ولكنها قالت إن «أوكرانيا جزء من أسرتنا الأوروبية». وأضافت أن المباحثات مع زيلينسكي تهدف أيضاً «للإعداد لبدء مفاوضات الانضمام». وقدمت بروكسل دعماً عسكرياً ومالياً وإنسانياً لأوكرانيا بقيمة 67 مليار يورو (75 مليار دولار) حتى الآن، مع استمرار العمل على فرض مجموعة جديدة من العقوبات الاقتصادية على روسيا.

جندي أوكراني في باخموت يطلق مسيّرة باتجاه القوات الروسية (أ.ف.ب)

ويعتزم التكتل أيضاً تقييد صادرات روسيا، وفقاً لمصادر الاتحاد الأوروبي، في محاولة لمواجهة التحايل على العقوبات الحالية على روسيا من خلال تصدير البضائع عبر دول أخرى لا تفرض تدابير تجارية عقابية على موسكو.

وبينما تشهد موسكو، اليوم، العرض العسكري للاحتفال بالذكرى الـ78 لانتصار الاتحاد السوفياتي على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية، شكا مؤسس مجموعة المرتزقة (فاغنر)، يفغيني بريغوجين، من أنه في المجموع، لم تتم الموافقة إلا على جزء بسيط فقط من كمية الذخيرة المطلوبة. وعلق بريغوجين على الحدث قائلاً إن «يوم النصر هو يوم انتصار أجدادنا. إننا لم نحقق هذا النصر بعد ولا بملليمتر واحد».

واتهم بريغوجين وحدة عسكرية روسية بالفرار من مواقعها قرب باخموت في شرق أوكرانيا، التي أصبحت مركزاً القتال. وقال بريغوجين: «اليوم هربت إحدى وحدات وزارة الدفاع من أحد مواقعنا... ما جعل الجبهة مكشوفة»، مكرراً تعهده بسحب مجموعته من باخموت إذا لم يقدم الجيش الروسي مزيداً من الذخيرة.

إذا تم تضليل فلاديمير بوتين، فإما سيقضي عليكم القائد العام أو الشعب الروسي الذي سيكون غاضباً إذا خسرت (روسيا) الحرب

يفغيني بريغوجين

كذلك، شكّك بريغوجين (الثلاثاء) في قدرة الكرملين على الدفاع عن البلاد في وقت تستعد فيه أوكرانيا لهجوم مضاد. وقال في مقطع فيديو: «لماذا الدولة غير قادرة على الدفاع عن البلد؟»، مضيفاً أن أوكرانيا تضرب المناطق الحدودية الروسية «بنجاح». وأشار إلى أن الجنود الروس «يفرون» من الجيش؛ لأن وزارة الدفاع كانت «بدلاً من القتال تخطط لمكائد طوال الوقت».

 

رئيس مجموعة «فاغنر» يتهم قادة الجيش الروسي بـ«تضليل» بوتين بشأن الهجوم في أوكرانيا (أ.ب)

وتابع، كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية»: «هناك جريمة تسمى تدمير الشعب الروسي (...) وهذا ما تفعله مجموعة صغيرة»، في إشارة إلى هيئة الأركان العامة. والأسبوع الماضي، أعلن رئيس «فاغنر» أنه سيسحب عناصره من باخموت في 10 مايو إذا لم تزوده هيئة الأركان بالذخيرة التي كان يطالب بالحصول عليها. وأعلن مجدداً (الثلاثاء) أنه سينسحب ما لم يتسلّم أسلحة كافية. وأوضح أن المجموعة تلقت (الثلاثاء) «10 في المائة فقط» من الذخيرة التي طلبها. لكنه لمّح إلى أن الانسحاب لن يكون فورياً، قائلاً: «لن نغادر (باخموت) وسنبقى لأيام قليلة أخرى، وسنقاتل رغم كل شيء وسننجح».
واتّهم رئيس مجموعة «فاغنر» قادة الجيش الروسي بالسعي إلى «تضليل» الرئيس فلاديمير بوتين بشأن الهجوم في أوكرانيا، في دليل جديد على خلافه مع هيئة الأركان العامة. وقال في بيان: «إذا تم القيام بكل شيء لتضليل القائد العام للقوات المسلحة (فلاديمير بوتين)، فإما سيقضي عليكم القائد العام أو الشعب الروسي، الذي سيكون غاضباً إذا خسرت (روسيا) الحرب»، متّهماً الجيش مجدداً بعدم تسليم الذخيرة التي تحتاج إليها مجموعته للسيطرة على باخموت.


مقالات ذات صلة

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)

مخاوف ألمانية بعد رصد مسيّرات مجهولة فوق منشآت صناعية وعسكرية

قاعدة رامشتاين الجوية الأميركية (أرشيفية-رويترز)
قاعدة رامشتاين الجوية الأميركية (أرشيفية-رويترز)
TT

مخاوف ألمانية بعد رصد مسيّرات مجهولة فوق منشآت صناعية وعسكرية

قاعدة رامشتاين الجوية الأميركية (أرشيفية-رويترز)
قاعدة رامشتاين الجوية الأميركية (أرشيفية-رويترز)

أعلنت السلطات الألمانية أنها رصدت تحليق طائرات مسيّرة مجهولة فوق منشآت صناعية ومواقع عسكرية حساسة؛ بينها قاعدة رامشتاين الجوية الأميركية، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

تأتي هذه التقارير بعد أن أعرب مسؤولون ألمان، بشكل متكرر، عن خشيتهم من عمليات تجسس روسية، على خلفية التوتر بين موسكو وحلف شمال الأطلسي «ناتو» بسبب الحرب في أوكرانيا. ومع ذلك، لم تذكر الشرطة مَن تعتقد أنه أطلق هذه الطائرات.

وحدة تحقيق خاصة

قال متحدث باسم الشرطة الإقليمية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «في الأيام الأخيرة، جرى رصد عدد من الطائرات المسيّرة فوق بنى تحتية حيوية في ولاية راينلاند بالاتينات».

وأضاف أن الطائرات شُوهدت، للمرة الأولى، فوق مصنع تابع لشركة «بي إيه إس في» الألمانية في لودفيغشافن؛ يُعدّ من أكبر مجمعات الصناعات الكيميائية في العالم.

وتابع: «خلال هذا الأسبوع، تبع ذلك تحليق طائرات مسيّرة فوق القاعدة الجوية الأميركية في رامشتاين».

وأشار المتحدث إلى أنه جرى رصد هذه الطائرات مساء، وكانت «أكبر من طائرات الهواة التجارية المعتادة».

وشكّلت الشرطة في راينلاند بالاتينات وحدة تحقيق خاصة؛ للنظر في هذه الوقائع. وأكد المتحدث باسم الشرطة أنه «لا يوجد خطر ملموس على المنشآت المعنية».

ونقلت مجلة «دير شبيغل» عن أجهزة الأمن أنه جرى رصد طائرات مسيّرة مجهولة فوق منشآت تابعة لشركة «راينميتال» الألمانية لصناعة الأسلحة.

طائرات روسية للاستطلاع

وصرّح مصدر مطّلع، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بأن طائرات مسيّرة مشبوهة رُصدت بالقرب من أكبر موقع لإنتاج الذخيرة، تابع لشركة «راينميتال» في أونترلوس بولاية ساكسونيا السفلى.

كما جرى الإبلاغ عن طائرات مسيّرة مجهولة الهوية، في أغسطس (آب) الماضي، فوق منطقة بروينسبوتيل الصناعية في ولاية شليسفيغ هولشتاين الشمالية.

وقالت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك، في ذلك الوقت، إن هذه الطائرات، بالتأكيد، «ليست هناك لمراقبة المناظر الطبيعية المحلية الجميلة، ولكن لأن هناك حديقة كيميائية ومنشأة تخزين للنفايات النووية في مكان قريب».

وذكرت تقارير إعلامية أن مسؤولين يعتقدون أن هذه الطائرات المسيّرة كانت روسية للاستطلاع.

ومع ذلك، لم تُظهر التحقيقات في حادث بروينسبوتيل حتى الآن أي مؤشرات على عمليات تجسس، وفقاً لتقرير بثّته محطة «إيه آر دي»، الجمعة.

ودقَّ مسؤولون ألمان ناقوس الخطر، في الأشهر الأخيرة، بشأن التجسس الروسي و«الحرب الهجينة»، بما في ذلك إمكان حصول أعمال تخريب وتضليل تطول الحملات الانتخابية قبل الانتخابات العامة في فبراير (شباط) المقبل.