بوتين يتعهد تحقيق النصر وتقويض محاولات «تدمير روسيا»

موسكو تعرض عضلاتها العسكرية في الساحة الحمراء بالتزامن مع شن هجوم على كييف

برزت في العرض مدرعات من طرازي «تيغر» و«تايفون-أو» منظومات صواريخ «إس-400» للدفاع الجوي (إ.ب.أ)
برزت في العرض مدرعات من طرازي «تيغر» و«تايفون-أو» منظومات صواريخ «إس-400» للدفاع الجوي (إ.ب.أ)
TT

بوتين يتعهد تحقيق النصر وتقويض محاولات «تدمير روسيا»

برزت في العرض مدرعات من طرازي «تيغر» و«تايفون-أو» منظومات صواريخ «إس-400» للدفاع الجوي (إ.ب.أ)
برزت في العرض مدرعات من طرازي «تيغر» و«تايفون-أو» منظومات صواريخ «إس-400» للدفاع الجوي (إ.ب.أ)

احتفلت روسيا الثلاثاء بالذكرى الـ 78 للنصر على النازية، بعروض عسكرية ومسيرات نظمت في عشرات المدن الروسية، وكان أكبرها وأهمها كالعادة في هذه المناسبة من كل عام، العرض العسكري الضخم الذي أقيم في الساحة الحمراء. واستغل الرئيس فلاديمير بوتين المناسبة لعقد مقارنات بين «النازيين في الماضي والحاضر»، وقال إن بلاده سوف تنتصر على محاولات تدميرها كما انتصرت في السابق على النازية.

وانطلقت العروض العسكرية ومظاهر الاحتفالات بعيد النصر الذي يعد أبرز الأعياد الروسية، في وقت مبكر من صباح الثلاثاء بمسيرات ومظاهر احتفالية في أقصى شرق البلاد بسبب فرق التوقيت مع العاصمة.

وأقيم عرض عسكري في مدينة فلاديفوستوك، حيث مرت على طول الشارع المركزي للمدينة طواقم للعسكريين وطلاب الكليات العسكرية، إضافة إلى أرتال من المعدات العسكرية الحديثة والمركبات القديمة من عهد الحرب الوطنية العظمى.

وشارك في عرض أقيم بمناسبة عيد النصر في مدينة بيتروبافلوفسك كامتشاتسكي، عاصمة إقليم كامتشاتكا، ممثلو مختلف وحدات القوات المسلحة المتمركزة في المنطقة، بما فيها المشاة البحرية.

وجرت عروض عسكرية مماثلة في عشرات المناطق الروسية من يوجنو-ساخالينسك، وخاباروفسك، ونوفوسيبيرسك وعدد من المدن الأخرى في شرق البلاد إلى يكاترينبورغ في الأورال ومدن مناطق الغرب الروسي.

وكالعادة في مثل هذا اليوم من كل عام، تركزت الأنظار بعد ذلك على العرض العسكري الكبير في الساحة الحمراء في موسكو. ووقف الرئيس الروسي بين عدد من الضيوف الأجانب ومجموعة من المحاربين القدامى وجنرالات الجيش والمسؤولين الروس على منصة أقيمت للإشراف على العرض الذي شاركت فيه وحدات عسكرية ضمت نحو 10 آلاف جندي ومئات المركبات والآليات والأنظمة الصاروخية.

وبرزت في العرض مدرعات من طرازي «تيغر» و«تايفون-أو»، منظومات صواريخ «إس-400» للدفاع الجوي، وناقلات جنود مدرعة «بي تي إر -82 آ»، وصواريخ عملياتية تكتيكية «أسكندر-إم»، ومنظومات صواريخ أرضية متنقلة «يارس»، وكذلك ناقلات جند مدرعة جديدة من طراز «بوميرانغ»، وأغلب هذه التقنيات شاركت في الحرب الأوكرانية، كما كان ملاحظا أنه أثناء مرور أرتال الوحدات العسكرية أمام المنصة الرئيسية كان معلق يعلن عبر مكبرات الصوت عن حجم مشاركات كل منها في العملية العسكرية الخاصة وعدد الأوسمة التي حصل عليها عسكريون في كل قطعة.

وخلافا للاحتفال المماثل في العام الماضي عندما ظهر الرئيس الروسي برفقة حليفه ألكسندر لوكاشينكو فقط، ولم يحضر المناسبة أي زعيم أجنبي، فقد حرصت موسكو في هذا العام على دعوة عدد من الزعماء الأجانب، بينهم بالإضافة إلى لوكاشينكو رؤساء قيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان وأرمينيا وكازاخستان.

وعلق بوتين على هذا الحضور في كلمته الافتتاحية أمام الاحتفال، مؤكدا أن «حضور قادة من بلدان رابطة الدول المستقلة لعرض النصر يظهر امتنانهم لمأثرة الأسلاف الذين قاتلوا معا وهزموا الفاشية».

وزاد أن «كل شعوب الاتحاد السوفياتي ساهمت في تحقيق النصر المشترك، وسنذكر ذلك دائما».

وأشار بوتين في كلمته إلى أن الحضارة الإنسانية تواجه منعطفا خطيرا، وقال: «حرب حقيقية شنت على وطننا مرة أخرى... لكننا، وكما تصدينا للإرهاب الدولي، سنحمي سكان دونباس وسنضمن أمننا».

وزاد أن «هدف خصوم روسيا يتمثل في تفكيك وتدمير بلدنا»، مشددا على أن «مستقبل الدولة الروسية يعتمد على المشاركين في العملية العسكرية الخاصة (..) والبلد كله على استعداد لدعم الأبطال».

وعقد بوتين مقارنات بين الوضع الحالي ومواجهة بلاده للنازية في «الحرب الوطنية العظمى» (الحرب العالمية الثانية)، وقال إن بلاده واجهت «آيديولوجية تفوق مثيرة للاشمئزاز وغير مقبولة»، وزاد أن ما يشهده العالم حاليا هو تجدد مزاعم الهيمنة والتفوق.

واتهم النخب الغربية بمواصلة إثارة نزاعات دامية ونشر المعاداة لروسيا وتأجيج النزعات القومية العدوانية. وقال إن «الغرب يدمر القيم من أجل الاستمرار في فرض قواعده الخاصة التي ليست في حقيقتها إلا نظام سرقة وعنف».

واتهم خصوم روسيا بأن «هدفهم تفكيك وتدمير بلدنا وإلغاء نتائج الحرب العالمية الثانية وتدمير نظام الأمن العالمي والقانون الدولي نهائيا وخنق أي مراكز تنمية ذات سيادة»، وتعهد تحقيق نصر في المواجهة المتفاقمة، منبها إلى أن «النخب الغربية نسيت ما الذي أدت إليه مطامع النازيين بالسيطرة على العالم».

واللافت أن عرض العضلات العسكرية في الساحة الحمراء تزامن مع شن موسكو هجوما جويا واسع النطاق لليوم الثاني على التوالي على العاصمة الأوكرانية كييف وعدد من مناطق أوكرانيا. ونقلت وسائل إعلام أن صافرات الإنذار سمعت في وقت مبكر في كييف ومناطق عدة منذ ساعات الصباح الأولى.

ميدانيا، أفاد مصدر عسكري بأن الوحدات العسكرية الروسية أفشلت إنزال مجموعة اقتحام أوكرانية على الضفة اليسرى لنهر دنيبر في منطقة خيرسون حاولت التسلل إلى المنطقة على متن 7 زوارق سريعة.

ونقلت وكالة «نوفوستي» عن مصدر مطلع قوله: «أفشل العسكريون الروس محاولة إنزال مجموعة تخريب واستطلاع أوكرانية على متن 7 زوارق سريعة في الضفة اليسرى لنهر دنيبر، شمالي مدينة أليوشكي».

وفي باخموت التي تواجه معارك ضارية منذ أشهر، أعلن مؤسس قوات «فاغنر»، يفغيني بريغوجين، أن قواته تواصل تقدمها في المدينة رغم المقاومة الضارية من جانب الوحدات الأوكرانية، وأفاد بأنه «لم يتبقّ سوى 2.36 كيلومتر مربع من المدينة تحت سيطرة قوات كييف».

وقال بريغوجين: «المعارك شرسة وقواتنا مستمرة في التقدم. ووفقا للمعلومات الأولية، فقد بدأت الذخيرة في الوصول إلينا». وأضاف: «تقدمت وحدات (فاغنر) اليوم 130 مترا في اتجاهات مختلفة، ولم يتبق سوى 2.36 كلم مربع تحت سيطرة العدو».

اللافت أن بريغوجين عاد بعد ساعات ليعلن انسحاب قوات تابعة لوزارة الدفاع من أطراف المدينة، واتهمها بأنها «تركت ظهورنا مكشوفة»، وكان مؤسس «فاغنر» انتقد قبل أيام بقوة وزارة الدفاع، واتهمها بالتخاذل في دعم قواته وهدد بالانسحاب من باخموت الأربعاء إذا لم يتم إمداده بالذخيرة والمعدات القتالية المطلوبة.


مقالات ذات صلة

مسيّرات أوكرانية تهاجم منشأة لتخزين الوقود في وسط روسيا

أوروبا جنود أوكرانيون يستعدون لتحميل قذيفة في مدفع هاوتزر ذاتي الحركة عيار 122 ملم في دونيتسك أول من أمس (إ.ب.أ)

مسيّرات أوكرانية تهاجم منشأة لتخزين الوقود في وسط روسيا

هاجمت طائرات مسيرة أوكرانية منشأة للبنية التحتية لتخزين الوقود في منطقة أوريول بوسط روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الغرب إلى التحرك في أعقاب هجوم صاروخي جديد وهجوم بالمسيرات شنتهما روسيا على بلاده

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

ناشطات أوكرانيات يحاولن إحياء مبادرة «دقيقة الصمت» تخليدا لضحايا الحرب

أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
TT

ناشطات أوكرانيات يحاولن إحياء مبادرة «دقيقة الصمت» تخليدا لضحايا الحرب

أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)

تقف خمس شابات في وسط العاصمة الأوكرانية، رغم البرد القارس، دقيقة صمت إحياء لذكرى ضحايا الغزو الروسي، في مبادرة أطلقها الرئيس فولوديمير زيلينسكي في مارس (آذار) 2022 على أن تكون جزءا من الحياة اليومية، لكن بعد حوالى ثلاث سنوات من الحرب أصبحت مشهدا نادر الحدوث.

حملت الفتيات لافتات تدعو المارة إلى التوقف للمشاركة في دقيقة صمت عند التاسعة صباحا، وهو جزء من هذه المبادرة الرسمية التي أطلقها زيلينسكي بعد أسابيع قليلة من بدء الحرب. لكن معظم الحشود الخارجة من محطة مترو غولدن غايت المركزية في كييف، كانت تمر بمحاذاتهن من دون التوقف.

وبعد انتهاء الدقيقة، طوت طالبة الصحافة أوليا كوزيل (17 عاما) اللافتات المصنوعة من ورق الكرتون المقوى في حقيبة.

وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية: «أشعر بالغضب من الأشخاص الذين لا يتوقفون، الذين ينظرون ويقرأون، وأستطيع أن أرى في عيونهم أنهم يقرأون لافتاتنا لكنهم يواصلون طريقهم».

كوزيل هي جزء من مجموعة صغيرة من الأشخاص الذين يحاولون إعادة الزخم لمبادرة زيلينسكي.

عندما لا يكون هناك تحذير من غارات جوية، يجتمع هؤلاء مرة في الأسبوع في مكان مزدحم لتشجيع سكان كييف على التوقف لمدة 60 ثانية.

وتقول كوزيل إن دقيقة الصمت هي وسيلة لمعالجة الحزن الجماعي والفردي الذي يخيم على الأوكرانيين أكانوا يعيشون قرب الجبهة أو بعيدا منها.

ويبدو أن حملة الشابات بدأت تثمر. فقد وافقت بلدية كييف هذا الأسبوع على القراءة الأولى لمشروع قانون يجعل دقيقة الصمت إلزامية في المدارس وبعض وسائل النقل العام. ويشمل المقترح أيضا عدا تنازليا يتردّد صداه عبر مكبرات الصوت في كل أنحاء المدينة من الساعة 9,00 حتى 9,01 صباح كل يوم.

وتعود الفكرة الأصلية لهذه المبادرة إلى إيرينا تسيبوخ، الصحافية التي أصبحت مقدمة رعاية على الجبهة والمعروفة في أوكرانيا باسمها الحركي «تشيكا». وأثار مقتلها قرب الجبهة في مايو (أيار)، قبل ثلاثة أيام من عيد ميلادها السادس والعشرين، موجة من الحزن.

ناشطات من منظمة «الشرف» يحملن صور جنود أوكرانيين سقطوا في المعارك خلال وقفة «دقيقة صمت» في كييف (أ.ف.ب)

وقالت صديقتها كاترينا داتسينكو لوكالة الصحافة الفرنسية في أحد مقاهي كييف «عندما علمنا بمقتل إيرا (إيرينا) قلنا لأنفسنا أمرين: أولا، كيف يمكن أن يحدث ذلك؟ أرادت إيرا أن تعيش كثيرا. وثانيا: يجب أن نكمل معركتها. لا يمكننا أن نستسلم».

وكانت تسيبوخ تريد من الأوكرانيين أن يخصّصوا دقيقة لأحبائهم أو الأشخاص الذين يمثلون لهم شيئا ما، على أساس أن التفكير الجماعي في ضحايا الحرب يمكن أن يوحّد الأمة في مواجهة الصدمة الفردية.

* الأكلاف البشرية

قال زيلينسكي أخيرا إن 43 ألف جندي أوكراني قتلوا في الحرب، رغم أن التقديرات المستقلة تشير إلى أن العدد أعلى من ذلك بكثير.

من جهتها، تفيد الأمم المتحدة بأن العدد المؤكد للقتلى المدنيين البالغ 11743 هو أقل من الواقع إلى حد كبير.

ومع ارتفاع هذه الحصيلة بشكل يومي، يحاول الناشطون غرس معنى جديد لطريقة تخليد ضحايا الحرب.

وقالت الناشطة داتسينكو (26 عاما) التي شاركت في تأسيس المنظمة غير الحكومية «فشانوي» أي «الشرف»، «لا أعرف كيف يمكن لدولة بهذا الحجم أن تخلّد ذكرى كل شخص، لكنّ ذلك ممكن على مستوى المجتمع».

من جهته، رأى أنتون دروبوفيتش، المدير السابق لمعهد الذاكرة الوطنية في أوكرانيا، أن دقيقة الصمت «لا تتعلق بالحرب، بل بالأشخاص. أولئك الذين كانوا معنا بالأمس، والذين شعرنا بدفئهم لكنهم لم يعودوا هنا... الأمر يتعلق بالحب والكلمات التي لم يكن لديك الوقت لتقولها للأشخاص الذين تحبهم».

لكن بعض معارضي الفكرة يقولون إن التذكير اليومي بالخسارة يجعل الناس عالقين في الماضي.