انفجار آخر في موسكو يستهدف كاتباً قومياً روسياً مؤيداً للكرملين

خبراء أميركيون يشيرون إلى احتمال إطلاق المسيرتين على الكرملين من داخل روسيا

سيارة الكاتب التي تم استهدافها في الانفجار (أ.ب)
سيارة الكاتب التي تم استهدافها في الانفجار (أ.ب)
TT

انفجار آخر في موسكو يستهدف كاتباً قومياً روسياً مؤيداً للكرملين

سيارة الكاتب التي تم استهدافها في الانفجار (أ.ب)
سيارة الكاتب التي تم استهدافها في الانفجار (أ.ب)

اتهمت موسكو أوكرانيا والغرب بالوقوف خلف تفجير آخر في موسكو، استهدف الكاتب والسياسي الروسي زاخار بريليبين في مقاطعة نيجني نوفجورود شرق العاصمة السبت، ما أدى إلى إصابته ومقتل سائقه. ووقع الانفجار في وقت تتعرض فيه روسيا لعدد مزداد من الضربات بواسطة طائرات مسيرة وعمليات تخريب واعتداءات من غير أن تتضح الجهة المسؤولة عنها بشكل واضح. ويتهم الكرملين أوكرانيا بالوقوف خلف هذه العمليات، وهو ما تنفيه كييف في وقت تعد فيه قواتها لهجوم واسع النطاق مع اقتراب الاحتفالات في روسيا بذكرى الانتصار على القوات النازية في التاسع من مايو (أيار).

وأعلنت السلطات الروسية أنها فتحت تحقيقاً في «عمل إرهابي» وأوقفت مشتبهاً به بعد انفجار. والأربعاء، استهدف هجوم بواسطة طائرتين مسيرتين بحسب روسيا، مبنى تابعاً للكرملين، ونفت كييف أي ضلوع لها في ذلك.

وفور ورود أول التقارير عن الحادث، اتهمت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا، أوكرانيا والولايات المتحدة وبريطانيا والحلف الأطلسي، بالوقوف خلف هذا العمل «الإرهابي»، وحمّلت على «تلغرام»، «مسؤولية مباشرة للولايات المتحدة وبريطانيا». وكتب حاكم نيجني، جليب نيكيتين، عبر تطبيق «تلغرام»، أن المحققين وصلوا بالفعل إلى موقع الانفجار القريب من بلدة بور.

وأشارت حركة أوكرانية تسمى «أتيش» في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أنها وراء الهجوم على بريليبين. ووصفت المجموعة نفسها بأنها حركة تنتمي إلى عرقية تاتارية. وأعلنت عن كثير من الهجمات في الأراضي الأوكرانية التي تحتلها روسيا في الشهور الأخيرة. وقالت المجموعة في البيان: «كانت حركة أتيش تلاحق بريليبين منذ بداية العام. كان لدينا الشعور عاجلاً أو آجلاً أنه سيتم تفجيره». ويعد بريليبين، المعروف خارج روسيا بروايته «سانكيا»، أشد أنصار الحرب ضد أوكرانيا التي أمر بها الرئيس فلاديمير بوتين قبل أكثر من عام. وبحسب لجنة التحقيق التي تحدثت عن «عمل إرهابي»، كان زخار بريليبين في سيارته «مع عائلته» عندما وقع الانفجار. وأظهرت صورة لموقع الحادث، نشرتها لجنة التحقيق، سيارة بيضاء منقلبة على سطحها، وقد تحطم قسمها الأمامي أمام فجوة على طريق ترابية في منطقة حرجية. وناصر الكاتب، شخصية بارزة على الساحة الأدبية، وترجمت أعماله إلى كثير من اللغات، يعد من الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا وقاتل بجانبهم منذ عام 2014. ومنذ ذلك الحين، يذهب بانتظام إلى شرق أوكرانيا ويدافع عن الرئيس فلاديمير بوتين وهجومه على أوكرانيا. كما يشارك بنشاط في التحركات القومية والتقليدية في روسيا، حيث يبقى حاضراً في وسائل الإعلام الروسية. وشارك الكاتب الخاضع لعقوبات أوروبية منذ نهاية فبراير (شباط) 2022، في مجموعة برلمانية مكلفة بكشف عناصر الأوساط الثقافية في روسيا الذين يبدون «مواقف معادية لروسيا». وقبل تأييده بوتين، نشط هذا المقاتل السابق في حربي الشيشان بتسعينات القرن الماضي، لفترة مع المعارضة في صفوف الحزب القومي البلشفي، بقيادة الكاتب إدوارد ليمونوف (1943 - 2020). وبريليبين ليس أول شخصية مؤيدة للحرب على أوكرانيا يستهدفها اعتداء. وأمرت محكمة روسية الجمعة، باحتجاز المخرجة يفغينيا بيركوفيتش والكاتبة المسرحية سفيتلانا بيتريتشوك بتهمة الترويج للإرهاب في إحدى مسرحياتهما، في ظل حملة قمع للأصوات المعارضة في روسيا منذ الهجوم على أوكرانيا. ونقلت وكالات أنباء روسية عن محكمة زاموسكفوريتسكي في موسكو، أن المخرجة البالغة 38 عاماً والكاتبة البالغة 43 عاماً، اللتين تواجهان عقوبة السجن لمدة تصل إلى 7 سنوات، موقوفتان حتى 4 يوليو (تموز). ويأتي ذلك غداة استدعائهما إلى موسكو والتحقيق معهما.

المخرجة يفغينيا بيركوفيتش (إ.ب.أ)

ويشتبه في أن المرأتين روجتا للإرهاب في مسرحية كتبتها بيتريتشوك وأخرجتها بيركوفيتش في عام 2020. وأثارت الدعاوى المرفوعة ضدهما صدمة في أوساط المسرح الروسي. ووقع أكثر من 3 آلاف شخص عريضة تطالب بالإفراج عنهما وتدفع ببراءتهما بمبادرة من صحيفة «نوفايا غازيتا» المستقلة. وفي العام الماضي، نشرت يفغينيا بيركوفيتش، وهي أم لقاصرين، أبياتاً ضد الهجوم على أوكرانيا لاقت «انتشاراً واسعاً»، بحسب النص المرافق للعريضة. وتحدثت إحدى قصائدها التي نُشرت في مايو 2022 على «فيسبوك»، عن محنة المدنيين في مدن ماريوبول وبوتشا وليسيتشانسك وبوروديانكا الأوكرانية التي دمرها الهجوم الروسي.

يفغينيا بيركوفيتش هي تلميذة سابقة ومتعاونة مع المخرج الروسي الشهير كيريل سيريبرينيكوف، الذي غادر بلاده ويعيش في المنفى بألمانيا، ويشتهر بأعماله التي تنتقد السلطة الروسية وتمزج بين السياسة والدين والجنس. وعلق سيريبرينيكوف على «تلغرام» الجمعة، بالقول: «كان ينقصهم اختلاق حماقة الترويج للإرهاب. إنهم يأخذون ذلك على عملك المسرحي في حين أنه يحارب الإرهاب ويصرخ من الألم ضده». وأضاف: «أنت رائعة والأفضل، أنت فريدة»، متابعاً: «سامحيني لأنني علمتك ألا تكذبي وألا تخافي، لأنني علمتك مسرحاً صادقاً. (...) إن ذلك يعد اليوم بمثابة جريمة».

الكاتبة المسرحية سفيتلانا بيتريتشوك (إ.ب.أ)

وفي سياق متصل، قال خبراء الطائرات المسيرة في الولايات المتحدة، إن الطائرتين المسيرتين اللتين تحطمتا فوق الكرملين في وقت سابق من الأسبوع الحالي، أفلتتا من عدد كبير من أنظمة الدفاع داخل موسكو وحولها، مما يشير إلى احتمال إطلاقهما من داخل روسيا. ودفعت اللقطات المصورة للطائرتين المسيرتين حكومات ومحللي مخابرات أمنية للقيام بعملية بحث دقيق لاكتشاف مصدر الطائرتين اللتين صُممتا للطيران إلى وجهتهما ثم الانفجار. وقال دانا جوارد، رئيس مؤسسة الملاحة والتوقيت غير الهادفة للربح، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية، إن موسكو تولي اهتماماً شديداً لحماية الكرملين من الطائرات المسيرة على الأقل منذ عام 2015، عندما بدأت استخدام إجراءات إلكترونية مضادة لإبعاد الطائرات بشكل تلقائي عن طريق التشويش والتضليل و«خداع» نظام تحديد المواقع العالمي (جي.بي.إس). وقال جوارد إن الأجهزة الدفاعية المتطورة قد تعني أن المسيرتين المُستخدمتين، اللتين يُعتقد أنهما متوسطتان في الحجم، «لم تكونا على الأرجح تستخدمان نظام تحديد المواقع العالمي (جي.بي.إس)، بل تم التحكم فيهما يدوياً، مما يشير إلى أن الطائرتين أطلقتا من مكان قريب، أو تم توجيههما فقط ليسلكا طريقهما على غرار (مسيرات) كاميكازي».

استهداف الكرملين بالمسيرتين (رويترز)

وقال بليك ريسنيك، المؤسس والمدير التنفيذي لشركة الطائرات المسيرة «برينك»: «من المدهش أن تتمكن هذه الطائرة المسيرة من التحليق حول موسكو بالكامل، حتى تصل إلى الكرملين دون أن يتم اكتشافها وإسقاطها». وأضاف: «الحجم الصغير نسبياً والارتفاع المنخفض قد يساعدان. وإذا كانت الطائرة المسيرة لا تستخدم نظام تحديد المواقع العالمي، ولا تتواصل مع محطة تحكم أرضية، فسيؤدي ذلك أيضاً إلى تعزيز مقاومتها لتقنيات التشويش والتضليل». وقال جوارد إن الكرملين لديه عدد كبير من أنظمة الدفاع القريبة التي تستخدم الرادار والتعقب البصري، إذ يمكن أن تستخدم تلك الأنظمة الرصاص والقذائف المتفجرة لحماية الكرملين من الطائرات المسيرة أو الصواريخ. وقال دان جيتينجر خبير الطائرات المسيرة في جمعية الطيران العمودي، إنه في حالة ما إذا كان الإطلاق تم من داخل روسيا، فإن عدد الطائرات القادرة على تنفيذ هذا الهجوم يكون أكبر بالتأكيد.


مقالات ذات صلة

السودانيون يعلقون آمالهم على المبادرة التركية لإنهاء الحرب

شمال افريقيا البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية التركي برهان الدين دوران في بورتسودان السبت (مجلس السيادة السوداني - فيسبوك)

السودانيون يعلقون آمالهم على المبادرة التركية لإنهاء الحرب

رغم المواقف المتناقضة التي تصدر من تنظيم الإسلاميين السودانيين المؤيد لاستمرار الحرب، فإن السودانيين يعلقون آمالاً عريضة على المبادرة التركية لإنهاء معاناتهم.

أحمد يونس (كمبالا) محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا شاحنة تحمل مسلحين تابعين للجيش السوداني في أحد شوارع مدينة القضارف (شرق) في نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

توسع أحكام الإعدام في السودان بمزاعم التعاون مع «الدعم السريع»

قالت هيئة حقوقية سودانية إن الأجهزة الأمنية المُوالية للحكومة في العاصمة المؤقتة بورتسودان، تحتجز مئات الأشخاص تعسفياً، بمزاعم التعاون مع قوات «الدعم السريع».

أحمد يونس (السودان)
شمال افريقيا نائب وزير الخارجية التركي، برهان الدين دران (الخارجية التركية / إكس)

نائب وزير الخارجية التركي إلى بورتسودان لبحث الوساطة مع الإمارات

يصل العاصمة السودانية المؤقتة بورتسودان، السبت، نائب وزير الخارجية التركي، برهان الدين دران، لإجراء مباحثات بشأن الوساطة بين السودان ودولة الإمارات

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا لاجئون سودانيون في تشاد يوم 6 أكتوبر 2024 (أ.ب)

الأمم المتحدة تطلب 4.2 مليار دولار لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان

أطلقت الأمم المتحدة خطة لمواجهة الاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحاً في السودان، خلال العام الجديد، تتطلب توفير 4.2 مليار دولار، لتلبية طلبات 21 مليون سوداني.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا البرهان وحميدتي في خطابين بعيد الاستقلال: «النصر اقترب»

البرهان وحميدتي في خطابين بعيد الاستقلال: «النصر اقترب»

تصاعدت النبرة الحادة في خطابات قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وخصمه قائد «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» في مناسبة ذكرى استقلال السودان.


بريطانية تخضع لإزالة 8 أعضاء أثناء علاجها من السرطان

فاي لويز (بي بي سي)
فاي لويز (بي بي سي)
TT

بريطانية تخضع لإزالة 8 أعضاء أثناء علاجها من السرطان

فاي لويز (بي بي سي)
فاي لويز (بي بي سي)

أفاد تقرير إخباري بأن امرأة بريطانية تم استئصال 8 أعضاء منها بعد تشخيص إصابتها بسرطان نادر تستعد للعودة لعملها.

وبدأت فاي لويز، من هورسهام، غرب ساسكس، في التخطيط لجنازتها بعد أن اكتشف الأطباء ورماً في الزائدة الدودية في عام 2023. لكن بعد «أم العمليات الجراحية»، قالت إنها خالية من السرطان وقادرة على العودة إلى العمل مُوَجِّهَةَ رحلات في مطار جاتويك.

وقالت: «أن يُقال لي إنه لا يوجد دليل على المرض، كان أعظم هدية عيد ميلاد يمكنني الحصول عليها». وأضافت لويز أنها غير متأكدة مما إذا كانت ستتمكن من العمل مرة أخرى في هذا الوقت من العام الماضي.

وقالت لراديو «بي بي سي ساسكس»: «الوظيفة جسدية للغاية، لكنني أحب الطيران، وأنا سعيدة بعودتي». وبدأت عارضة الأزياء السابقة تعاني من آلام في ربيع عام 2023، أرجعتها في البداية إلى مشكلات الدورة الشهرية، قبل أن تكشف أشعة الموجات فوق الصوتية عن كيس في المبيض.

ومع ذلك، بعد إجراء عملية جراحية لتصحيح المشكلات، قالت إنها «سمعت كلمة السرطان المزعجة» وتم تشخيصها بورم زائف مخاطي - وهو ورم نادر يسبب تراكم مادة تشبه الهلام في البطن. ونظراً لأن الورم تمزق، وانتشرت الخلايا السرطانية في جميع أنحاء جسدها، احتاجت السيدة لويز إلى عملية جراحية تتضمن إزالة 8 من أعضائها.

وشملت الجراحة إزالة الطحال والمرارة والزائدة الدودية والمبيضين والرحم وقناتي فالوب والسُّرة والشبكة الغشائية الكبرى والصغرى - التي تربط المعدة والاثني عشر بأعضاء البطن الأخرى - وجزء من الكبد، بالإضافة إلى كشط الحجاب الحاجز والحوض.

ومن المرجح أن تستمر في إجراء فحوصات سنوية كل شهر نوفمبر (تشرين الثاني) نتيجة ذلك. وقالت: «إن انتظار النتائج سيحدد نجاحي أو فشلي في كل عيد ميلاد بالنسبة لي. ولكن عليك فقط الاستمرار في المضي قدماً وعدم الاستسلام أبداً». وتابعت: «في بعض الأيام كنت أشعر باليأس الشديد، ولكن في أغلب الأحيان، أصبحت أعيش أياماً أكثر إيجابية».

لقد عادت منذ ذلك الحين إلى العمل، وجمعت الأموال لصالح مؤسسة أبحاث السرطان في المملكة المتحدة - بما في ذلك رشها بـ15 لتراً من المادة البرتقالية في حديقة حانة ريد ليون في سلينفولد. كما أكملت سباق الحياة في ستانمر بارك، برايتون، لجمع الأموال لصالح الجمعية الخيرية.