متفجّرات فوق الكرملين

TT

متفجّرات فوق الكرملين

لقطة فيديو تظهر انفجاراً قرب الكرملين (رويترز)
لقطة فيديو تظهر انفجاراً قرب الكرملين (رويترز)

أن يُضرب جسر كيرش الذي يصل الأرض الروسيّة بشبه جزيرة القرم شيء، وأن يُهاجم الكرملين بمسيّرات مُفخّخة هو شيء آخر كليّاً. يعتبر الرئيس بوتين أن بناء الجسر هو إنجاز تاريخيّ وشخصيّ. فكم من القياصرة قبله كانوا قد فشلوا في تنفيذ هذا المشروع الضخم. فهو قيصر القرن الـ21 بلباس حديث.

لكن الهجوم على الكرملين يعتبر تهديداً مباشراً للأمن القوميّ الروسيّ. وهو ضرب لصورة روسيا القويّة، التي يريدها بوتين لاعباً كونيّاً. فكلمة الكرملين تعني «القلعة المحصنة داخل المدينة». وأصل الكلمة حسب بعض الخبراء هو من اللغة التتريّة.

في التحليل الميدانيّ

من خطّط ونفّذ هو قادر على المراقبة، والتخطيط، وتأمين اللوجيستيّة اللازمة، خاصة المتفجّرات. فالمسيّرة التي ربما استعملت متوفّرة في الأسواق، ويمكن الحصول عليها بسهولة. وهي عادة تستعمل في تصوير الاحتفالات والأعراس.

فحجم المسيّرة حسب الفيديو الذي نشر هو صغير نسبيّاً. حتى إن الانفجار قد حصل دون اصطدام المسيّرة بصارية العلم أو قبة المبنى. فهل تمّ اعتراضها بالدفاعات الجويّة؟ فحجم الانفجار لا يوحي بذلك. وهل كانت مُفخّخة وفُجّرت عن بُعد؟

إن مدى هذه المسيّرة يتراوح بين 400 متر و4 كيلومترات. الأمر الذي ينفي انطلاق الهجوم من داخل الأراضي الأوكرانيّة. إذ إن أقرب نقطة من الحدود الأوكرانيّة (شمال مدينة سومي) إلى الكرملين هي حوالي 450 كيلومتراً. لكن هذا الأمر لا ينفي إمكانيّة التنفيذ من قبل قوات خاصة تسلّلت إلى الداخل الروسيّ. لكن السؤال يبقى ما الاستفادة من هذه العمليّة لأوكرانيا؟ وهل تجرؤ أوكرانيا على تنفيذها دون استشارة العم سام، وهو الذي وضع الخطوط الحمر الكثيرة تجاه مهاجمة الأراضي الروسيّة؟

هل تُقدم أوكرانيا على هذه العمليّة وهي على شفا تنفيذ العملية الهجوميّة العكسيّة ضد القوات الروسيّة داخل الأراضي الأوكرانيّة؟ لكن لا ينفي هذا الأمر أيضاً إمكانيّة تنفيذ العمليّة من قبل المعارضة الروسيّة لحكم وحرب الرئيس بوتين على أوكرانيا. لكن تُطرح هنا الأسئلة التالية؛ هل أصبحت هذه المعارضة مُنظّمة إلى هذه الدرجة؟ وهل أصبحت لديها هيكليّة قادرة على تنفيذ هذه العمليّة المعقّدة؟ وهل لدى هذه المعارضة راعٍ خارجيّ أو داخليّ؟

البُعد الروسيّ

في هذا البُعد يمكن الذهاب إلى كثير من السيناريوهات. تقول بعض التحليلات بالسيناريوهات التالية:

  • بعد أن خذل العسكر والأمن الروسيّ الرئيس بوتين في الحرب على أوكرانيا. وبعد أن قالوا له ما يُحبّ أن يسمعه وليس ما يجب قوله. وبعد أن أوهموه أن الحرب ستكون قصيرة، وأن جاهزيّة الجيش الروسيّ هي عالية جداً. أتت حسابات البيدر غير مطابقة لحسابات الحقل، فكانت الصدمة الكبرى. وإلا فما معنى تجهيز بعض القطع العسكريّة الروسيّة بالزيّ العسكريّ الخاص بالاحتفالات، لارتدائها بعد النصر السريع (المُتخيّل) في ساحة الميدان في العاصمة كييف؟
  • وعليه، كان لا بد من تحفيز الشارع الروسيّ لإعطاء مزيد من التضحيات، وذلك عبر إظهار الحرب في أوكرانيا أنها حرب حياة أو موت بالنسبة لروسيا. وفي هذا الإطار، قد تُفتح الإمكانات التالية للرئيس بوتين؛ الانتقال من العملية العسكريّة الخاصة، إلى شيء مختلف وبالتدريج، حتى الوصول إلى إعلان الحرب. وبذلك تكون كل الإمكانات الروسيّة متاحة للرئيس بوتين دون عوائق تذكر لحسم الحرب على أوكرانيا.
  • يقول البعض استكمالاً لهذا السيناريو إن تنفيذ العمليّة فوق قبّة الكرملين قد يكون بعلم وقرار من الرئيس بوتين، حتى دون علمه.تغيير الخطاب واسترداد زمام المبادرة!قبل العمليّة على الكرملين، كان الخطاب بمجمله يدور حول باخموت، وشركة فاغنر، والهجوم الأوكراني المًرتقب. أين سيكون هذا الهجوم؟ وهل أتم الجيش الأوكراني الاستعدادات؟ وما التوقيت لهذا الهجوم؟ وهل سيكون على كلّ الجبهات، أو على الجبهة الأضعف؟ فروسيا تخوض اليوم الحرب على 7 جبهات، منها الدفاعيّ ومنها الهجوميّ. تتمثّل الحرب الهجوميّة على 5 جبهات، هي سفاتوف، كريمينا، باخموت، أفديفكا، مارينكا. أما الجبهات الدفاعيّة فهي على جبهتي زاباروجيا وخيرسون. ويبلغ طول هذه الجبهات حوالي 1000 كيلومتر.

تبدّل الخطاب الروسي بعد العملية على الكرملين. وبدل الحديث عن الجبهات العسكريّة والهجوم الأوكرانيّ. أصبح الحديث يدور اليوم عن التصعيد ضد أوكرانيا، وعن درجة هذا التصعيد. فأوكرانيا اليوم مدمّرة. فهل يمكن التصعيد أكثر من ذلك؟ وهل لدى بوتين بنك أهداف مختلف؟بالطبع لدى بوتين بنك أهداف مختلف. فاتهام أوكرانيا بمحاولة اغتياله يتطلّب المعاملة بالمثل. إذ يجب أن يتوازن الإثم مع العقاب.


مقالات ذات صلة

مستشار بوتين: أوكرانيا ومولدوفا قد تفقدان استقلالهما

أوروبا انفجار طائرة مسيّرة في سماء العاصمة الأوكرانية كييف أثناء غارة روسية، وسط هجوم روسيا على أوكرانيا، 14 يناير 2025 (رويترز)

مستشار بوتين: أوكرانيا ومولدوفا قد تفقدان استقلالهما

قال مستشار للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن أوكرانيا ومولدوفا يمكن أن تفقدا وضعهما كدولتين مستقلتين، وذلك في مقابلة مع صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الروسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

خلُص تقرير جديد إلى أن عدد ضحايا الأسلحة المتفجرة من المدنيين وصل إلى أعلى مستوياته عالمياً منذ أكثر من عقد من الزمان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يلتقي وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس في كييف (د.ب.أ)

زيلينسكي يناقش مع وزير الدفاع الألماني بناء درع شاملة للدفاع الجوي

كشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنه ناقش مع وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس بناء درع شاملة للدفاع الجوي، وتعزيز القدرات الدفاعية الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا لقاء سابق بين ماكرون وزيلينسكي في باريس (رويترز)

زيلينسكي يناقش مع ماكرون «نشر وحدات» أجنبية في أوكرانيا

أعلن الرئيس الأوكراني، الاثنين، أنه ناقش مع نظيره الفرنسي دعم أوكرانيا واحتمال «نشر وحدات» من العسكريين الأجانب في البلاد، وهي فكرة طرحها حلفاء كييف مؤخراً.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عمال يقفون بالقرب من أنبوب في موقع بناء لتمديد خط أنابيب الغاز الروسي «ترك ستريم» عام 2022 (أرشيفية - رويترز)

الكرملين: هجوم أوكرانيا على خط أنابيب «ترك ستريم» عمل «إرهابي»

قالت وكالة «تاس» الروسية للأنباء، إن الكرملين اتهم أوكرانيا اليوم (الاثنين)، بمهاجمة خط الأنابيب «ترك ستريم»، واصفاً ذلك بأنه «عمل إرهابي في مجال الطاقة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)

مستشار بوتين: أوكرانيا ومولدوفا قد تفقدان استقلالهما

انفجار طائرة مسيّرة في سماء العاصمة الأوكرانية كييف أثناء غارة روسية، وسط هجوم روسيا على أوكرانيا، 14 يناير 2025 (رويترز)
انفجار طائرة مسيّرة في سماء العاصمة الأوكرانية كييف أثناء غارة روسية، وسط هجوم روسيا على أوكرانيا، 14 يناير 2025 (رويترز)
TT

مستشار بوتين: أوكرانيا ومولدوفا قد تفقدان استقلالهما

انفجار طائرة مسيّرة في سماء العاصمة الأوكرانية كييف أثناء غارة روسية، وسط هجوم روسيا على أوكرانيا، 14 يناير 2025 (رويترز)
انفجار طائرة مسيّرة في سماء العاصمة الأوكرانية كييف أثناء غارة روسية، وسط هجوم روسيا على أوكرانيا، 14 يناير 2025 (رويترز)

قال مستشار للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن أوكرانيا ومولدوفا يمكن أن تفقدا وضعهما كدولتين مستقلتين، وذلك في مقابلة مع صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الروسية نُشرت اليوم الثلاثاء.

وقال نيكولاي باتروشيف، السكرتير السابق لمجلس الأمن القومي الروسي: «لا يمكن استبعاد أن تختفي أوكرانيا من الوجود هذا العام»، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

أما بالنسبة لمولدوفا، فقال إنه من المرجح «أن تنضم إلى دولة أخرى أو تختفي من الوجود تماماً».

يذكر أن باتروشيف مساعد مقرب من بوتين ومدافع عن مزاعم القوة العظمى لروسيا، على الرغم من أنه مسؤول فقط عن سياسة الشحن في الكرملين منذ عام 2024.

صورة تظهر دماراً نتيجة هجوم صاروخي روسي في زابوريجيا، أوكرانيا 10 ديسمبر 2024 (أ.ب)

وأوضح باتروشيف أن موسكو لن تقبل بتسوية سلمية مع أوكرانيا إلا إذا احتفظت بشبه جزيرة القرم التي ضمتها، وكذلك مناطق لوغانسك ودونيتسك وزابوريجيا وخيرسون الأوكرانية.

وفيما يتعلق بخطط الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الحرب، قال باتروشيف: «أفترض أن محادثات بشأن أوكرانيا بين روسيا والولايات المتحدة يجب أن تتم دون مشاركة دول غربية أخرى».

وأضاف أنه لا يوجد ما يمكن مناقشته مع الاتحاد الأوروبي أو مع المملكة المتحدة.