صاحب «المعجزة البوليفية» يتعرض لمحاولة انقلاب... ماذا نعرف عن لويس آرثي؟

الرئيس البوليفي لويس آرثي يتحدث من شرفة قصر الحكومة في لاباز بعد محاولة الانقلاب الفاشلة (أ.ف.ب)
الرئيس البوليفي لويس آرثي يتحدث من شرفة قصر الحكومة في لاباز بعد محاولة الانقلاب الفاشلة (أ.ف.ب)
TT

صاحب «المعجزة البوليفية» يتعرض لمحاولة انقلاب... ماذا نعرف عن لويس آرثي؟

الرئيس البوليفي لويس آرثي يتحدث من شرفة قصر الحكومة في لاباز بعد محاولة الانقلاب الفاشلة (أ.ف.ب)
الرئيس البوليفي لويس آرثي يتحدث من شرفة قصر الحكومة في لاباز بعد محاولة الانقلاب الفاشلة (أ.ف.ب)

شهدت بوليفيا، أمس (الأربعاء)، محاولة انقلاب فاشلة قادها قائد الجيش السابق خوان خوسيه زونيغا ضد الرئيس لويس آرثي وزير الاقتصاد السابق، الذي يتسم بالهدوء ويرتدي نظارة طبية.

وأظهرت مشاهد بثّها التلفزيون الرسمي عناصر من الشرطة وهم يلقون القبض على الجنرال زونيغا، بينما كان يتحدث إلى صحافيين أمام ثكنة عسكرية في العاصمة، ويجبرونه على ركوب سيارة للشرطة، في حين كان وزير الداخلية جوني أغيليرا يخاطبه قائلاً: «أنت رهن التوقيف أيها الجنرال».

وأظهر التلفزيون البوليفي آرثي وهو يواجه الزعيم الواضح للتمرد في ردهة قصر الحكومة ليلة الأربعاء، وقال: «أنا قائدكم، وآمركم بسحب جنودكم، ولن أسمح بهذا العصيان».

قام آرثي بتعيين قائد جديد للجيش، الذي أمر القوات على الفور بالتنحي. وأنهى انسحابهم التمرد بعد 3 ساعات فقط.

الجنرال البوليفي خوان خوسيه زونيغا بعد اعتقاله من قبل السلطات بتهمة محاولة انقلاب (رويترز)

خلفيات الانقلاب

وفاز آرثي (60 عاماً) بانتخابات عام 2020 بعد فترة من الاضطرابات السياسية العميقة. وشابت الانتخابات التي جرت في العام السابق مزاعم بالتزوير، مما أثار احتجاجات واسعة النطاق واستقالة الرئيس آنذاك إيفو موراليس في نهاية المطاف.

ومنذ ذلك الحين، أصبح الحليفان والزميلان السابقان، آرثي وموراليس، منافسَين سياسيَّين. ويتطلع كلاهما إلى خوض انتخابات الرئاسة العام المقبل، ويقود كل منهما فصيلاً من حزب «الحركة من أجل الاشتراكية» المهيمن.

وأدى حكم المحكمة ضد ترشح موراليس مرة أخرى إلى تأجيج الاحتجاجات هذا العام التي أغلقت الطريق السريعة الرئيسية في البلاد وأضرت بالاقتصاد. كما تسبب نقص الدولار والوقود في حدوث أضرار مع انخفاض إنتاج وصادرات الغاز في الدولة غير الساحلية.

لويس آرثي في سطور

يعدّه الكثيرون معارضاً لسياسات السوق الحرة، والليبرالية الجديدة المدعومة من واشنطن. ودرس آرثي الاقتصاد في لندن، وكان وزيراً للاقتصاد في عهد الرئيس إيفو موراليس، الذي جعلته فترة حكمه من 2006 إلى 2019 رمزاً لليسار في أميركا اللاتينية.

وبعد ترك موراليس منصبه، أصبح آرثي رئيساً في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، بعد الفترة القصيرة التي قضتها جانين أنيز في المنصب.

الرئيس البوليفي لويس آرثي ونائبه ديفيد تشوكيهوانكا يُحَيِّيَانِ المواطنين في بلازا موريللو في لاباز (إ.ب.أ)

من الازدهار إلى الكساد

لقد عكست مسيرة آرثي المهنية المسار الاقتصادي لبوليفيا من الازدهار إلى الكساد. وعمل آرثي في البنك المركزي من عام 1987 إلى عام 2006، ثم قام موراليس بتعيينه وزيراً للاقتصاد في عام 2006، وقاد اقتصاد الدولة الواقعة في منطقة الأنديز لأكثر من عقد من الزمن.

ويقول المؤيدون إنه كان مهندس «معجزة النمو» في بوليفيا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، التي انتشلت كثيرين في واحدة من أفقر دول أميركا الجنوبية من الفقر. وازدهرت السلع، بما في ذلك الغاز والمعادن وفول الصويا.

ولكن بحلول الوقت الذي تولى فيه آرثي منصبه، كانت بوليفيا قد تضررت بشدة من جائحة «كوفيد - 19»، والتوترات الاجتماعية الناجمة عن رحيل موراليس عام 2019 بعد احتجاجات في الشوارع وضغوط شديدة من الجيش.

وساعدت الإصلاحات النيوليبرالية في التسعينات بوليفيا على أن تصبح منتِجاً مهماً للطاقة، وانتقلت من دولة منخفضة الدخل إلى دولة متوسطة الدخل، وفقاً للبنك الدولي. وانخفضت نسبة الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع إلى 15 في المائة، وقامت الدولة ببناء الطرق السريعة وعربات التلفريك، ونمت المدن.

لكن الدخل بدأ في الانخفاض في عام 2014. وبعد توليه الرئاسة، وصف آرثي الركود الذي تشهده بلاده بأنه «الأسوأ منذ 40 عاماً».

وقال أخيراً إن إنتاج البنزين والديزل لم يعد يغطي الاستهلاك الوطني، وإن البلاد اضطرت إلى استيراد 86 في المائة من احتياجاتها من الديزل، و56 في المائة من البنزين بسبب نقص الاستكشاف والإنتاج. كما اضطرت الأسر إلى مواجهة ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر الرئيس البوليفي لويس آرثي بزعيم محاولة الانقلاب العسكري في بوليفيا وجها لوجه على أبواب القصر الرئاسي

حلم بانقلابات جديدة

وفي الوقت نفسه، استمرت التوترات بين موراليس وحزبه في التصاعد. وفي نوفمبر، انتقد آرثي معارضيه وقال إنهم «يحلمون بانقلابات جديدة». وقال زونيغا، إن الحكومة تعمل على إفقار البلاد.

وقبل اعتقاله لقيادة محاولة الانقلاب، خاطب زونيغا الصحافيين في الميدان، قائلاً: «نريد استعادة الديمقراطية»، في معرض حديثه عن المشكلات الاقتصادية في البلاد. وكان ذلك آخر تصريح لقائد الجيش البوليفي السابق.


مقالات ذات صلة

وضع القادة الثلاثة المفترضين للانقلاب الفاشل في بوليفيا رهن الحبس الاحتياطي

أميركا اللاتينية الضابط العسكري المحتجز مارسيلو زيغارا، قائد القوات الجوية البوليفية، 28 يونيو 2024 (رويترز)

وضع القادة الثلاثة المفترضين للانقلاب الفاشل في بوليفيا رهن الحبس الاحتياطي

أمر القضاء البوليفي بوضع القادة الثلاثة المفترضين للانقلاب الفاشل رهن الحبس الاحتياطي مدة ستة أشهر، كما أعلنت النيابة العامة الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لاباز)
أميركا اللاتينية قائد الجيش البوليفي المقال خوان خوسيه زونيغا بعد اعتقاله (إ.ب.أ)

فشل محاولة انقلابية في بوليفيا بعد «هجوم عسكري» على القصر الرئاسي

انسحبت عناصر من القوات المسلحة البوليفية بمركبات مدرعة من القصر الرئاسي في لاباز، بعدما انتقد الرئيس لويس آرثيه محاولة «الانقلاب» على الحكومة وطالب بدعم دولي.

«الشرق الأوسط» (لاباز)
أميركا اللاتينية قائد الجيش البوليفي الجنرال خوان خوسيه زونيغا داخل مركبة مدرعة أمام مقر الحكومة في  لاباز (ا.ب)

إقالة قائد الجيش البوليفي وتوقيفه إثر تنفيذه محاولة انقلاب

أوقفت الشرطة البوليفية، اليوم، قائد الجيش الجنرال خوان خوسيه زونيغا، بعدما أقاله الرئيس لويس آرسي، واتهمه بتنفيذ محاولة انقلاب فاشلة، بحسب مشاهد بثّها التلفزيون

«الشرق الأوسط» (لاباز)
أميركا اللاتينية مدرعة للجيش البوليفي وأفراد من الشرطة العسكرية خارج القصر الحكومي (ا.ب)

الاتحاد الأوروبي يدين «محاولة الانقلاب» في بوليفيا... و البيت الأبيض يدعو إلى «الهدوء»

أعلن البيت الأبيض، أنّه يتابع «من كثب» الوضع في بوليفيا ويدعو إلى «الهدوء»، وذلك إثر محاولة عسكريين مدجّجين بالأسلحة تؤازرهم عربات مدرّعة اقتحام القصر الرئاسي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أميركا اللاتينية قائد أفراد من الجيش البوليفي أمام مقر الحكومة في لاباز (إ.ب.أ)

قائد الجيش البوليفي يعزو تحركه لـ«إعادة هيكلة الديموقراطية» في البلاد

أعلن قائد الجيش البوليفي الجنرال خوان خوسيه زونيغا، الذي اتّهمه الرئيس لويس آرسي بتنفيذ محاولة انقلاب، أن الهدف من تحرّكه هو إعادة هيكلة الديموقراطية في البلاد.

«الشرق الأوسط» (لاباز)

وضع القادة الثلاثة المفترضين للانقلاب الفاشل في بوليفيا رهن الحبس الاحتياطي

الضابط العسكري المحتجز مارسيلو زيغارا، قائد القوات الجوية البوليفية، 28 يونيو 2024 (رويترز)
الضابط العسكري المحتجز مارسيلو زيغارا، قائد القوات الجوية البوليفية، 28 يونيو 2024 (رويترز)
TT

وضع القادة الثلاثة المفترضين للانقلاب الفاشل في بوليفيا رهن الحبس الاحتياطي

الضابط العسكري المحتجز مارسيلو زيغارا، قائد القوات الجوية البوليفية، 28 يونيو 2024 (رويترز)
الضابط العسكري المحتجز مارسيلو زيغارا، قائد القوات الجوية البوليفية، 28 يونيو 2024 (رويترز)

أمر القضاء البوليفي بوضع القادة الثلاثة المفترضين للانقلاب الفاشل رهن الحبس الاحتياطي مدة 6 أشهر، كما أعلنت النيابة العامة الجمعة.

وسيُسجن القائد السابق للجيش خوان خوسيه زونيغا، والقائد السابق للقوات البحرية خوان أرنيز، والقائد السابق للواء الميكانيكي في الجيش أليخاندرو إيراهولا، في سجن شديد الحراسة يقع على مشارف مدينة إل آلتو القريبة من لاباز.

خوان ماريو بولسن، المفتش العام السابق للجيش البوليفي 28 يونيو 2024 (د.ب.أ)

وقال المدّعي العام سيسار سيليس: «سيُشكّل بلا شكّ هذا الحبس الاحتياطي الذي أمر به القاضي سابقة وإشارة جيدة لاستمرار التحقيق».

أحد المدبرين المدنيين المزعومين للانقلاب أنيبال أغيلار غوميز مكبل اليدين بمعية معتقلين آخرين في 26 يونيو 2024 (د.ب.أ)

والقادة الثلاثة الذين يُشتبه في أنهم أرادوا الإطاحة بالرئيس لويس آرثي يوم الأربعاء متهمون بتنفيذ انتفاضة مسلحة وبالإرهاب، ويواجهون خطر السجن لمدة تصل إلى 20 عاماً.

في المجموع، أُلقي القبض على 21 عسكرياً عاملاً ومتقاعداً ومدنياً في إطار محاولة الانقلاب التي حاصرت خلالها قوات مجهّزة بدبابات القصر الرئاسي لعدّة ساعات قبل أن تنسحب.

وقال الجنرال زونيغا وقد أحاط به عسكريون وثماني دبّابات إنّ «القوات المسلّحة تحاول إعادة هيكلة الديمقراطية، لجعلها ديمقراطية حقيقية. ليس ديمقراطية بعض الأسياد الذين يديرون البلاد منذ 30 أو 40 عاماً».

وسرعان ما أقال الرئيس آرثي قائد الجيش وعيّن قيادة عسكرية جديدة أدّت اليمين الدستورية أمامه في القصر الرئاسي.

ومن بين الموقوفين الـ21 القائد السابق للقوات الجوية مارسيلو زيغارا الذي يُتوقع أن يمثل أمام القضاء في الساعات المقبلة.

ومع هذا الانقلاب الفاشل، تدخل بوليفيا فترة جديدة من الاضطرابات السياسية على خلفية أزمة اقتصادية حادّة.

ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في عام 2025، يسود قلق داخل المؤسسة العسكرية على خلفية سخط شعبي من ارتفاع الأسعار ونقص النفط في بلد تُعدّ موارده من الغاز والليثيوم عامل جذب في الساحة الدولية.