الصين توسع نفوذها في أميركا الوسطى عبر الهبات والتبادل التجاري

تسعى لعزل تايوان دولياً... وبايدن يحذر من «فخ الديون»

نجل رئيس نيكاراغوا لدى حضوره حفل تسلم 250 حافلة من الصين في 17 نوفمبر (أ.ف.ب)
نجل رئيس نيكاراغوا لدى حضوره حفل تسلم 250 حافلة من الصين في 17 نوفمبر (أ.ف.ب)
TT

الصين توسع نفوذها في أميركا الوسطى عبر الهبات والتبادل التجاري

نجل رئيس نيكاراغوا لدى حضوره حفل تسلم 250 حافلة من الصين في 17 نوفمبر (أ.ف.ب)
نجل رئيس نيكاراغوا لدى حضوره حفل تسلم 250 حافلة من الصين في 17 نوفمبر (أ.ف.ب)

في وسط سان سلفادور التاريخي، تشكّل مكتبة حديثة دشنها الرئيس نجيب بوكيلة رمزا جديدا لوجود الصين المتنامي في أميركا الوسطى، مع استثمارات في قطاعَي الطاقة والبنى التحتية. وزار بوكيلة برفقة السفير الصيني الطوابق الستة للمكتبة التي تمتد على 24 ألف متر مربع، والتي بنيت بفضل هبة مقدارها 54 مليون دولار من الصين، ووفق ما ورد في مقطع مصور رسمي نشر الثلاثاء. وستقدم الصين كذلك هبة لبناء ملعب رياضي على غرار ما فعلت في كوستاريكا، فضلا عن رصيف ميناء على ساحل المحيط الهادي، وفق تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وفي نيكاراغوا، صعد لوريانو نجل الرئيس دانيال أورتيغا، الأربعاء، إلى إحدى الحافلات الصينية الـ250 التي سُلّمت إلى البلاد، وشكر بكين على هذه «العلاقة الخاصة» التي بحسب قوله، ستساعد نيكاراغوا على الخروج من الفقر. وبالإضافة إلى البنى التحتية من طرق ومطارات وطاقة، تحدث أورتيغا عن خطة لتطوير تكنولوجيا الجيل الخامس (5 جي) بعد زيارته أخيرا مقر شركة الاتصالات الصينية العملاقة «هواوي»، التي تتهمها واشنطن بالتجسس.

عزل تايوان دولياً

ومنذ أن قطعت كوستاريكا علاقاتها مع تايوان في عام 2007، وسّعت الصين نفوذها في أميركا الوسطى، بعدما أقامت علاقات دبلوماسية مع كل من بنما في عام 2017، والسلفادور في عام 2018، ونيكاراغوا في عام 2021، وهندوراس في عام 2023. وأوضحت مارغريت مايرز، المتخصصة في شؤون آسيا وأميركا اللاتينية في مركز «إنتر-أميركان ديالوغ»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن «جهود الصين في أميركا الوسطى مدفوعة برغبتها في عزل تايوان سياسيا (...) وستواصل بذلها من أجل الحصول على دعم هذه الحكومات في المنظمات الدولية».

في أميركا الوسطى، وحدهما غواتيمالا وبيليز تقيمان علاقات دبلوماسية مع تايوان التي تعدها الصين جزءا لا يتجزأ من أراضيها وتنوي إعادتها إلى سيادتها، بالقوة إن لزم الأمر. وثمة 13 دولة في العالم فقط تقيم علاقات دبلوماسية مع تايوان. وشدد خبير الاقتصاد السلفادوري سيزار فيالونا: «تندرج أميركا الوسطى في إطار سياسة العزل هذه».

معاهدات تبادل حر

وبالتوازي مع تدشينها المكتبة، صادقت نيكاراغوا الخميس على معاهدة للتبادل الحر تجري السلفادور وهندوراس مفاوضات بشأنها. إلا أن ميزان المبادلات التجارية يميل بشكل كبير لصالح الصين. تبلغ قيمة الواردات الصينية في كوستاريكا 3.34 مليار دولار والصادرات 400 مليون فقط، وفي السلفادور 2.847 مليار في مقابل 48 مليونا بحسب بيانات رسمية. ورأى أنريكي ساينز، خبير الاقتصاد من نيكاراغوا والمقيم في كوستاريكا، أن «الصين بعيدة جدا. قدرتنا على الإنتاج ضعيفة وكلفة الشحن والتأمين عالية. في نيكاراغوا سيتفاقم العجز» جراء هذه المعاهدة.

ومع أن هذه الأسواق صغيرة جدا بالنسبة للصين، فإن أميركا الوسطى توفر نفاذا سهلا إلى المحيطين الهادي والأطلسي. وأشركت بنما التي تتمتع بموقع جيوسياسي مهم بفضل قناتها، شركات صينية في بناء موانئ بحرية على هذه القناة التي تربط بين المحيطين. وتشكل الصين الشريك التجاري الثاني لبنما بعد الولايات المتحدة. وأوضح نائب وزير الخارجية السابق في بنما، لويس ميغيل إنكابييه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن المصارف الصينية الكبرى موجودة في مركز بنما المالي.

«فخ الديون»

أمام قادة عدد من دول أميركا اللاتينية، حذر الرئيس الأميركي جو بايدن من الوقوع في «فخ الديون» الصينية. لكن وزير شؤون الرئاسة في هندوراس رودولفو باستور رأى أن العلاقة مع الولايات المتحدة في السنوات الأربعين الأخيرة لم تساعد المنطقة على «الخروج من الفقر أو سلوك درب التنمية. وعلينا تاليا المراهنة على شيء جديد».

وأكد رئيس غواتيمالا المنتخب برناردو اريفالو، الذي سيتولى مهامه في يناير (كانون الثاني) المقبل أن حكومته «ستواصل علاقاتها مع تايوان»، من دون استبعاد الخوض في علاقات مع الصين. وحذر إنكابييه: «لا أحد يستطيع إنكار أهمية الصين على صعيد التجارة العالمية. لذا فهي مسألة وقت قبل أن تغير الدول التي تبقى مرتبطة بتايوان، موقفها».


مقالات ذات صلة

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

العالم القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

قال مسؤول كبير في مجال الأمن الإلكتروني في الولايات المتحدة إن قراصنة إلكترونيين صينيين يتخذون مواطئ قدم في بنية تحتية خاصة بشبكات حيوية أميركية.

الولايات المتحدة​ حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت يتحدث خلال فعالية (رويترز-أرشيفية)

حاكم تكساس الأميركية يأمر أجهزة الولاية بوقف الاستثمار في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري غريغ أبوت، الأجهزة المعنية بوقف استثمار أموال الولاية في الصين، وبيع هذه الاستثمارات في أقرب فرصة.

«الشرق الأوسط» (أوستن (تكساس))
شؤون إقليمية مدخل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي في 3 مارس 2011 (رويترز)

الصين تدعو «الجنائية الدولية» لاتخاذ موقف «موضوعي» بشأن مذكرة توقيف نتنياهو

دعت الصين، اليوم (الجمعة)، المحكمة الجنائية الدولية إلى الحفاظ على «موقف موضوعي وعادل» بعدما أصدرت مذكرة توقيف في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (بكين)
أوروبا لين جيان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية (موقع الخارجية الصينية)

الصين تدعو إلى «الهدوء» بعد توسيع بوتين إمكانية استخدام الأسلحة النووية

دعت الصين، الأربعاء، إلى «الهدوء» و«ضبط النفس»، غداة إصدار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوماً يوسع إمكانية استخدام الأسلحة النووية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الخليج م. وليد الخريجي ترأس الجانب السعودي في الجولة الثانية من المشاورات السياسية مع «الخارجية الصينية» (واس)

مشاورات سعودية – صينية تعزز التنسيق المشترك

بحثت الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية السعودية والصينية في الرياض، الاثنين، تطوير العلاقات الثنائية، وأهمية تعزيز التنسيق المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«قمة الـ20»... زخم حول المناخ وانقسام بشأن الحروب

 لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)
لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)
TT

«قمة الـ20»... زخم حول المناخ وانقسام بشأن الحروب

 لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)
لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)

شهدت قمة دول «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو، في يومها الأخير أمس، زخماً محدوداً لمفاوضات المناخ المتعثّرة في باكو، وانقساماً في المواقف بشأن الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط، فيما خيّم عليها طيف الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الذي يخطط لدى عودته إلى البيت الأبيض مطلع العام المقبل للتراجع عن السياسة الأميركية فيما يتعلق بظاهرة الاحتباس الحراري.

وتضمّن البيان الختامي للقمة تعهّداً بـ«الحرص على أن يدفع أصحاب الثروات الطائلة ضرائب كما ينبغي» وبوضع آليات لمنعهم من التهرّب من دفع الضرائب.

وأعرب البيان عن «قلق بشأن الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة والتصعيد في لبنان»، مشدداً على أهمية الوقف «الشامل» لإطلاق النار. ولم يتطرق البيان لهجمات «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إسرائيل. ورحّب البيان بـ«كلّ المبادرات التي تدعم سلاماً شاملاً وعادلاً ومستداماً» في أوكرانيا، من دون أن يأتي على ذكر الغزو الروسي.