بكين تخطط لإنشاء قاعدة تدريب عسكرية جديدة في كوبا

بعد قاعدة التنصت على أعتاب أميركا

إشارة تحذر من دخول قاعدة عسكرية في بلدة بيجوكال الجبلية الكوبية، 12 يونيو الحالي (رويترز)
إشارة تحذر من دخول قاعدة عسكرية في بلدة بيجوكال الجبلية الكوبية، 12 يونيو الحالي (رويترز)
TT

بكين تخطط لإنشاء قاعدة تدريب عسكرية جديدة في كوبا

إشارة تحذر من دخول قاعدة عسكرية في بلدة بيجوكال الجبلية الكوبية، 12 يونيو الحالي (رويترز)
إشارة تحذر من دخول قاعدة عسكرية في بلدة بيجوكال الجبلية الكوبية، 12 يونيو الحالي (رويترز)

في كشف جديد لخطط الصين في «التموضع» بالقرب من شواطئ الولايات المتحدة، قال تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال»، إن الصين تتفاوض مع كوبا لإنشاء قاعدة تدريب عسكرية مشتركة جديدة في الجزيرة.

ويأتي التقرير بعد تقرير سابق للصحيفة أشار إلى قيام الصين ببناء محطة تنصت إلكتروني متقدمة في الجزيرة، الأمر الذي كانت إدارة الرئيس بايدن قد نفت «دقته». لكن بعد يومين، رفع البيت الأبيض السرية عن المعلومات الاستخباراتية ليؤكد أن منشآت جمع المعلومات الاستخباراتية الصينية موجودة في كوبا منذ عام 2019 على الأقل.

وقالت الصحيفة إن بناء قاعدة التدريب الجديدة أثار قلق واشنطن من أنها قد تؤدي إلى تمركز قوات صينية وعمليات أمنية واستخباراتية أخرى، على بعد 160 كيلومتراً فقط من ساحل فلوريدا.

وهي المرة الأولى التي يكشف فيها عن جهود بكين العسكرية، بحسب مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين.

وتشير تقارير المخابرات الأميركية إلى أن المناقشات بشأن المنشأة الواقعة على الساحل الشمالي لكوبا، في مرحلة متقدمة، لكنها لم تنتهِ بعد. وقال المسؤولون إن إدارة بايدن اتصلت بالمسؤولين الكوبيين لمحاولة منع الصفقة، في محاولة للاستفادة مما تعتقد أنه قد يكون مخاوف كوبية بشأن التنازل عن السيادة.

إصلاح السور المحيط بالسفارة الكوبية في هافانا، 17 مايو 2023 (رويترز)

ويأتي القلق المتزايد في واشنطن بشأن طموحات الصين في منطقة البحر الكاريبي وأميركا اللاتينية، في الوقت الذي تسعى فيه الإدارة الأميركية إلى تهدئة التوترات الأوسع مع بكين، التي أذكتها مجموعة من القضايا الأخرى، بما في ذلك الدعم الأميركي لتايوان.

والتقى وزير الخارجية أنتوني بلينكن خلال زيارته رفيعة المستوى للصين في الأيام القليلة الماضية، بالزعيم الصيني شي جينبينغ. وفيما بدا أن زيارته قد «أوقفت التدهور» في علاقات البلدين، لكنها فشلت في تأمين موافقة الصين على استئناف الاتصالات العسكرية لتجنب «سوء التقدير».

وذكرت الخارجية الأميركية، في بيان لها عن زيارة بلينكن، أنه أثار مخاوف الولايات المتحدة بشأن أنشطة المخابرات الصينية في كوبا.

وقال مسؤولون أميركيون إن الإشارة إلى منشأة التدريب الجديدة المقترحة في كوبا، وردت في معلومات استخباراتية أميركية جديدة شديدة السرية، وصفوها بأنها مقنعة، لكنها مجزأة. وأضافوا أنها يمكن أن توفر للصين منصة لإيواء القوات بشكل دائم في الجزيرة وتوسيع نطاق جمع المعلومات الاستخبارية، بما في ذلك التنصت الإلكتروني.

والأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة للولايات المتحدة هو أن المنشأة المخطط لها هي جزء من «المشروع 141» الصيني، وهو مبادرة من الجيش الصيني لتوسيع قواعده العسكرية العالمية وشبكة الدعم اللوجستي.

ووفقاً للمسؤولين الأميركيين، فإن الصين وكوبا تديران بالفعل 4 محطات تنصت في الجزيرة، خضعت لتحديث كبير عام 2019، عندما توسعت محطة واحدة إلى شبكة من 4 مواقع يتم تشغيلها بشكل مشترك.

وقال مسؤول أميركي سابق إن مواقع المشروع 141 الأخرى تشمل صفقة لمركز بحري صيني في كمبوديا ومنشأة عسكرية غرضها غير معروف للجمهور في ميناء بالإمارات العربية المتحدة. وتتضمن بعض هذه المرافق قدرات جمع المعلومات الاستخباراتية أيضاً، بما في ذلك قاعدة صينية في جيبوتي في القرن الأفريقي، وهي القاعدة العسكرية الوحيدة لبكين خارج منطقة المحيط الهادئ، حيث تعمل الصين على بناء منشأة لجمع معلومات استخباراتية.

صورة أرشيفية لافتتاح قاعدة عسكرية صينية في جيبوتي عام 2017 (أ.ف.ب)

وفي مؤتمر صحافي دوري في بكين، الثلاثاء، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، عندما سئلت عن المفاوضات مع كوبا: «نأمل أن تركز الأطراف المعنية بشكل أكبر على الأشياء التي تساعد على تعزيز الثقة المتبادلة والسلام الإقليمي وتنمية الاستقرار».

ويقول بعض مسؤولي المخابرات إن بكين ترى أنشطتها في كوبا رداً جغرافياً على علاقة الولايات المتحدة بتايوان، حيث تستثمر الولايات المتحدة بكثافة في تسليح وتدريب الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي، الواقعة على بعد أقل من 160 كيلومتراً، قبالة البر الرئيسي للصين، التي تعتبرها أرضاً لها. وذكرت الصحيفة أن الولايات المتحدة نشرت أكثر من 100 جندي في تايوان لتدريب قواتها الدفاعية.

ويقول مسؤولون أميركيون إن الصين ليست لديها قوات قتالية في أميركا اللاتينية، وفي الوقت نفسه، تمتلك الولايات المتحدة عشرات القواعد العسكرية في جميع أنحاء المحيط الهادئ، حيث يتمركز أكثر من 350 ألف جندي.

وأشار المسؤولون الصينيون إلى ذلك، عندما رفضوا الجهود الأميركية لمواجهة توسعهم العسكري خارج منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وحذّر بعض المسؤولين الأميركيين من أن معايير خطط الصين في كوبا غير معروفة تماماً، وقالوا إن البلدين سيتحركان بـ«حذر وبطء» لتوسيع العلاقات الأمنية.

وقال المسؤولون إن إدارة بايدن اتصلت بالمسؤولين الكوبيين للتعبير عن قلقها بشأن المنشأة المخطط لها. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي، في وقت سابق من هذا الشهر: «لقد أعلنا مخاوفنا» للحكومة الكوبية. ويوم الاثنين، قال مسؤول في البيت الأبيض إن الحكومة الصينية «ستواصل محاولة تعزيز وجودها في كوبا، وسنواصل العمل لتعطيله».


مقالات ذات صلة

محكمة تايلاندية ترفض دعوى ضد شركة إسرائيلية تنتج برنامج «بيغاسوس» لاختراق الهواتف

شؤون إقليمية كلمة «بيغاسوس» تظهر على هاتف ذكي موضوع على لوحة مفاتيح في هذه الصورة التوضيحية الملتقطة في 4 مايو 2022 (رويترز)

محكمة تايلاندية ترفض دعوى ضد شركة إسرائيلية تنتج برنامج «بيغاسوس» لاختراق الهواتف

ألغت محكمة تايلاندية دعوى قضائية رفعها ناشط مؤيد للديمقراطية قال فيها إن برنامج التجسس الذي أنتجته شركة تكنولوجيا إسرائيلية تم استخدامه لاختراق هاتفه.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
أوروبا أحد عناصر جهاز الأمن الأوكراني (قناة المخابرات الأوكرانية عبر «تلغرام»)

أوكرانيا توقف ضابطا كبيرا بتهمة التجسس لصالح روسيا

أعلنت أوكرانيا، الجمعة، توقيف ضابط يقود وحدة قوات خاصة في البلاد بتهمة نقل معلومات إلى روسيا حول عمليات عسكرية سرية تنفذها كييف.

«الشرق الأوسط» (كييف)
شؤون إقليمية البرلمان التركي أقر قانوناً حول التجسس يثير مخاوف من استغلاله لقمع حرية التعبير (موقع البرلمان)

​تركيا: قانون جديد للتجسس يثير مخاوف المعارضة وأوروبا

يثير قانون وافق عليه البرلمان التركي يشدد العقوبات ضد من يثبت تورطه في جمع معلومات لصالح جهات خارجية مخاوف من جانب المعارضة والمنظمات المدنية والاتحاد الأوروبي

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
يوميات الشرق التلفزيون الذكي يراقبك: كيف تنتهك أجهزة المنازل الذكية خصوصيتنا؟

التلفزيون الذكي يراقبك: كيف تنتهك أجهزة المنازل الذكية خصوصيتنا؟

كشف تقرير حديث عن جمع التلفزيونات الذكية البيانات حول ما نشاهده، بل أحياناً حول تفاصيل حياتنا اليومية عبر تقنية «التعرف التلقائي على المحتوى» (ACR).

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا صورة غير مؤرخة لدانيال عابد خليفة قدمتها شرطة لندن (أ.ب)

جندي بريطاني سابق متهم بالتجسس لإيران يقر بذنب الهروب من السجن

اعترف جندي بريطاني متهم بتسريب معلومات حساسة إلى الحرس الثوري الإيراني، اليوم (الاثنين)، بأنه مذنب بالهروب من السجن أثناء انتظار محاكمته.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ريو دي جانيرو تحت تدابير أمنية مشددة بمناسبة «قمة العشرين»

جنود برازيليون يقفون أمام مدرعة قرب مكان انعقاد قمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (رويترز)
جنود برازيليون يقفون أمام مدرعة قرب مكان انعقاد قمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (رويترز)
TT

ريو دي جانيرو تحت تدابير أمنية مشددة بمناسبة «قمة العشرين»

جنود برازيليون يقفون أمام مدرعة قرب مكان انعقاد قمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (رويترز)
جنود برازيليون يقفون أمام مدرعة قرب مكان انعقاد قمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (رويترز)

بمناسبة انعقاد قمّة «مجموعة العشرين»، تحوّلت ريو دي جانيرو القلب النابض بالسياحة وعذوبة الحياة في البرازيل إلى حصن خاضع لحماية مشدّدة في ظلّ انتشار الشرطيين والعسكريين بكثرة وكاميرات المراقبة بالآلاف.

وتستقبل «المدينة الرائعة» قادة العالم الذين يجتمعون الاثنين والثلاثاء في مقرّ متحف الفنون الحديثة في قلب واحة خضراء تطلّ على جبل باو دي أسوكار الشهير. لكن ريو المعروفة بشواطئها ومناظرها الطبيعية الخلّابة بين المحيط والجبل، لم تسلم من شرّ أعمال العنف. وخلال النصف الأوّل من العام، شهدت ثاني المدن البرازيلية الأكثر تعداداً للسكان 1790 جريمة قتل على الأقلّ، أي ما يعادل جريمة واحدة كلّ ساعتين ونصف الساعة، بحسب معطيات مجموعة «مونيتور دا فيولنسيا».

ويعدّ تنظيم حدث من هذا القبيل في قلب ريو «تحدّيا بالفعل»، حسبما أقرّ رئيس اللجنة البلدية المنظمة لقمّة العشرين لوكاس باديليا.

واستند الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا إلى مرسوم حول ضمان إنفاذ القانون والنظام الذي يسمح بحشد الجيش في ظروف أمنية استثنائية. ونشر نحو 25 ألف جندي وشرطي في أنحاء المدينة كافة، بما في ذلك في الموانئ والمطارات. وتمركزت مركبات عسكرية مدرّعة في محيط متحف الفنون الحديثة على مقربة من وسط المدينة. ويقع المتحف بالقرب من مطار سانتوس دومونت المستخدم عادة للرحلات الداخلية الذي أغلق خلال القمّة الممتدّة على يومين.

ونُشر أكثر من 5 آلاف كاميرا لمراقبة الشوارع، فضلاً عن مسيرّات ومروحيات. وتبرز هذه الآلية الأمنية بشدّة بالقرب من الفنادق، حيث تقيم الوفود المقدّر عددها بنحو خمسين، التي تنطلق منها المواكب الرسمية. ويتألّف موكب الوفد الصيني الذي نزل في فندق عند سفح تلّة مطلّة على المحيط من 25 مركبة على الأقلّ. وتتولّى سفن تابعة للقوّات البحرية مراقبة الشاطئين الأكثر شهرة في ريو؛ كوباكابانا وإيبانيما، اللذين قُيّد النفاذ إليهما.

وبغية تيسير حركة السير في المدينة التي تضمّ 6 ملايين نسمة، أعلنت البلدية يومي انعقاد القمّة، الاثنين والثلاثاء، عطلة رسمية.

وبات للسكان ستة أيام عطلة على التوالي، إذ إن الجمعة 15 والأربعاء 20 نوفمبر (تشرين الثاني) هما أصلاً من العطل الرسمية. وأغلقت المؤسسات الإدارية والمصارف والمدارس أبوابها، في حين تبقى الحانات والمطاعم مفتوحة بمناسبة الحدث. وحذّر رئيس البلدية إدواردو باييس من أن «ريو لن تشهد فترة طبيعية»، داعياً السكان إلى «التعاون».