وفاة زعيم محلي في مالي اختطفه تنظيم «القاعدة»

الحادثة أثارت غضباً شعبياً وسط مطالب بالانتقام

تييرنو أمادو تال اختطفه تنظيم «القاعدة» وتوفي في ظروف غامضة (صحافة محلية)
تييرنو أمادو تال اختطفه تنظيم «القاعدة» وتوفي في ظروف غامضة (صحافة محلية)
TT

وفاة زعيم محلي في مالي اختطفه تنظيم «القاعدة»

تييرنو أمادو تال اختطفه تنظيم «القاعدة» وتوفي في ظروف غامضة (صحافة محلية)
تييرنو أمادو تال اختطفه تنظيم «القاعدة» وتوفي في ظروف غامضة (صحافة محلية)

أعلن تنظيم «القاعدة» أن زعيم مجموعة محلية يتمتع بنفوذ واسع في مالي ومنطقة غرب أفريقيا توفي حين كان رهينة بحوزة مجموعة تابعة للتنظيم، في حادثة أثارت ردود فعل غاضبة، ومطالب شعبية في مالي والسنغال بالانتقام من التنظيم الإرهابي.

وكانت «جبهة تحرير ماسينا» التي تتبع تنظيم «القاعدة» وتنشط في وسط دولة مالي قد اختطفت الزعيم تييرنو أمادو تال، قبل أكثر من أسبوع حين كان يتحرك في موكب من أتباعه على متن عدة سيارات، على الحدود مع موريتانيا.

ويعد تال زعيم طريقة صوفية لها امتداد واسع في مالي والسنغال وموريتانيا، وعدة دول أخرى في غرب أفريقيا، ويتحدر من قبائل «الفلاني» ذات الحضور الواسع في الدول الأفريقية.

أمادو كوفا زعيم «جبهة تحرير ماسينا» الذي خطف أمادو تال... وأعلن عن وفاته (متداول- موقع «القاعدة»)

واشتهر تال بمواقفه المعتدلة والرافضة للتطرف العنيف واستخدام القوة لتطبيق الشريعة، كما كان يركز في خطبه وأنشطته على ثني شباب قبائل «الفلاني» عن الانخراط في صفوف تنظيم «القاعدة».

تال يتحدر من عائلة عريقة سبق أن أسست إمارة حكمت مناطق من مالي والسنغال وغينيا، خلال القرن التاسع عشر، وانهارت على يد الفرنسيين، ولكن العائلة ظلت حاضرة بنفوذها التقليدي.

تشير مصادر محلية إلى أن تال ظهر مؤخراً في موقف داعم للمجلس العسكري الحاكم في مالي، وخاصة رئيسه آسيمي غويتا، وكان ذلك السبب الذي دفع تنظيم «القاعدة» إلى استهدافه.

ولكن مصادر أخرى تشير إلى أن التنظيم الإرهابي كان ينوي اختطاف تال واستجوابه من أجل الحصول على معلومات تتعلق بالحرب الدائرة ضد الجيش المالي المدعوم من «فاغنر»، ولكن الأمور سلكت مساراً آخر.

ونشر أمادو كوفا، زعيم «جبهة تحرير ماسينا»، مقطعاً صوتياً جرى تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي، أعلن فيه وفاة تال بعد عملية الاختطاف «أثناء نقله إلى موقع كان من المقرر استجوابه فيه».

وأشار زعيم الجماعة الإرهابية إلى أنهم كانوا ينوون تقديم تال للمثول أمام «محكمة» بخصوص تهمة «العمالة» لصالح السلطات المالية، مؤكداً أنه أثناء نقله نحو مكان المحاكمة «فارق الحياة»، وذلك بعد أن تعرض للإصابة خلال محاولة الاختطاف، وتسببت هذه الإصابة في وفاته بعد ذلك.

وكان التنظيم ينفي بشكل ضمني أن يكون قد «أعدم» زعيم طريقة صوفية لها انتشار واسع في دول غرب أفريقيا، ولكن الظروف التي توفي فيها لا تزالُ غامضة، وتثير غضب كثير من أتباعه الذين يقدرون بالملايين.

وقال أحد أفراد عائلة تال إنهم تأكدوا من صحة خبر وفاته، دون أن يكشف أي تفاصيل بخصوص الظروف التي توفي فيها، وما إن كانوا على تواصل بتنظيم «القاعدة» من أجل الحصول على جثمانه.

وتثير وفاة تال والظروف التي اكتنفتها مخاوف كثير من المراقبين، خاصة أنه أحد أبرز الشخصيات النافذة في قبائل «الفلاني»، وتوفي حين كان بحوزة أمادو كوفا الذي يتحدر من نفس القبائل، ويعد أحد أكبر مكتتبي شباب «الفلاني» في صفوف «جبهة تحرير ماسينا»، مستغلاً إحساس هذه القبائل بالغبن والتهميش.

ويزيد البعد القبلي من تعقيد تداعيات الحادثة، وسط مخاوف من اندلاع اقتتال عرقي في منطقة تنتشر فيها العصبية القبلية.

في هذه الأثناء لم يصدر أي تعليق رسمي من الحكومة المالية حول الحادثة التي أسالت الكثير من الحبر في الصحافة المحلية، كما حظيت باهتمام واسع في السنغال المجاورة.


مقالات ذات صلة

«العمال الكردستاني» يطالب بكسر عزلة أوجلان ويرفض نفي أعضائه  

شؤون إقليمية «حزب العمال الكردستاني» يطالب بكسر عزلة زعيمه السجين عبد الله أوجلان بعد الاستجابة لدعوته لحل الحزب (رويترز)

«العمال الكردستاني» يطالب بكسر عزلة أوجلان ويرفض نفي أعضائه  

بينما دعا «حزب العمال الكردستاني» تركيا إلى تخفيف عزلة زعيمه عبد الله أوجلان لتمكينه من قيادة المفاوضات مع الدولة عقب إعلان الحزب قراره بحل نفسه، وإلقاء أسلحته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا قال متحدث باسم «تيك توك» إنه من الصعب تحديد عدد الحسابات المرتبطة بالتنظيمات الإرهابية (أ.ف.ب)

«بوكو حرام» تستخدم «تيك توك» لنشر دعايتها والترويج لأفكارها

كثف مقاتلو تنظيم «داعش في غرب أفريقيا» وجماعة «بوكو حرام» هجماتهم الإرهابية في ولاية بورنو، شمال شرقي نيجيريا، منذ أبريل (نيسان) الماضي؛ مما أثار مخاوف السكان.

الشيخ محمد (نواكشوط)
آسيا يشارك الناس في مسيرة ثلاثية الألوان لتسليط الضوء على نجاح عملية سيندور التي ضربت بموجبها الهند أهدافاً داخل باكستان قالت إنها مرتبطة بالمسلحين المسؤولين عن مذبحة 26 سائحاً الشهر الماضي في الجزء الخاضع لسيطرة الهند من كشمير في أحمد آباد بالهند يوم الثلاثاء 13 مايو 2025 (أ.ب)

باكستان: تظاهر الآلاف بعد مقتل 4 أطفال في غارة بطائرة مسيرة

قال شيوخ محليون في باكستان، الثلاثاء، إن أربعة أطفال لقوا حتفهم في غارة مشتبه بها بطائرة مسيرة، وأصيب خمسة آخرون في شمال غربي البلاد المضطرب.

«الشرق الأوسط» (بيشاور (باكستان))
أوروبا عناصر من الشرطة البريطانية في موقع الحادث (متداولة)

توقيف رجل ثالث في قضية الحرائق على ممتلكات ستارمر

أعلنت شرطة لندن الاثنين أنها اعتقلت رجلاً ثالثاً في التحقيق في الحرائق المتعمدة التي طالت ممتلكات تعود لرئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي علم الأردن في العاصمة عمان (أ.ف.ب)

أحكام تتراوح بين السجن 3 سنوات والإعدام لـ7 أردنيين دينوا في «أحداث إرهابية»

أصدرت محكمة أمن الدولة الأردنية، اليوم الاثنين، أحكاماً تراوحت بين السجن 3 سنوات والإعدام بحق 7 أردنيين دينوا بالإرهاب على خلفية قتل أربعة رجال أمن عام 2022.

«الشرق الأوسط» (عمان)

«بوكو حرام» تستخدم «تيك توك» لنشر دعايتها والترويج لأفكارها

قال متحدث باسم «تيك توك» إنه من الصعب تحديد عدد الحسابات المرتبطة بالتنظيمات الإرهابية (أ.ف.ب)
قال متحدث باسم «تيك توك» إنه من الصعب تحديد عدد الحسابات المرتبطة بالتنظيمات الإرهابية (أ.ف.ب)
TT

«بوكو حرام» تستخدم «تيك توك» لنشر دعايتها والترويج لأفكارها

قال متحدث باسم «تيك توك» إنه من الصعب تحديد عدد الحسابات المرتبطة بالتنظيمات الإرهابية (أ.ف.ب)
قال متحدث باسم «تيك توك» إنه من الصعب تحديد عدد الحسابات المرتبطة بالتنظيمات الإرهابية (أ.ف.ب)

كثف مقاتلو تنظيم «داعش في غرب أفريقيا» وجماعة «بوكو حرام» هجماتهم الإرهابية في ولاية بورنو، شمال شرقي نيجيريا، منذ أبريل (نيسان) الماضي؛ مما أثار مخاوف السكان وقلق السلطات، ودقّ كثير من الخبراء ناقوس الخطر حيال استخدام هؤلاء المقاتلين تطبيق «تيك توك» من أجل الدعاية والترويج.

موجة جديدة من التطرف الرقمي في طور التشكل (متداولة)

ويقول الخبراء إن التنظيم الإرهابي أصبح يستخدم التطبيق من أجل الوصول إلى قواعد جماهيرية واسعة، مستغلاً الانتشار الواسع للتطبيق داخل أوساط الشباب، في نيجيريا ودول غرب أفريقيا ومنطقة الساحل؛ مما يضمن له نشر دعايته والترويج للعمليات التي ينفذها.

وانتشرت في المدة الأخيرة مقاطع فيديو على التطبيق يظهر فيها مقاتلون يشهرون أسلحتهم، من بنادق وقنابل يدوية، كما يوزعون الأموال، بالإضافة إلى بعض قادة التنظيم الآتين من خارج نيجيريا، خصوصاً من دول الساحل وشمال أفريقيا.

بعض الحسابات التي تنشر مقاطع الفيديو أُغلقت بعد التبليغ عنها، ولكن بقي عدد كبير منها، فيما يواجه التطبيق صعوبة في التعامل مع البث المباشر، الذي يستخدمه المقاتلون بشكل دائم لتجاوز القيود.

حركة العبور عند بوابة الدخول بولاية باوتشي في نيجيريا يوم 8 مايو 2025 (رويترز)

ناقوس الخطر

قبل شهر حذر الخبير الأمني بولاما بوكارتي، وهو نائب رئيس مؤسسة «بريدجواي» ومقرها تكساس في الولايات المتحدة الأميركية، من الصعود القوي لجماعة «بوكو حرام» على وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً على تطبيق «تيك توك»، وقال: «بدأ الأمر بقطّاع الطرق. ويقوم الآن أعضاء (بوكو حرام) بتقديم بث مباشر على (تيك توك) لنشر الدعاية وتبرير عنفهم، ويهددون أي شخص يجرؤ على التحدث ضدهم».

وأعرب بوكارتي عن قلقه إزاء ازدياد حضور جماعة «بوكو حرام» الإرهابية على منصات التواصل الاجتماعي، لا سيما تطبيق «تيك توك» الذي باتت الجماعة تستخدمه بشكل نشط لنشر آيديولوجيتها.

استنفار أمني في نيجيريا (متداولة)

الخبير الأمني، الذي يعمل بالتعاون مع «معهد توني بلير للتغيير العالمي»، قال في مقابلة مع قناة محلية، إن أعضاء «بوكو حرام» يستغلون «تيك توك» لبث مقاطع فيديو وبرامج حية مباشرة بلغة الهوسا، يروجون عبرها أفكارهم المتطرفة.

وأوضح أنهم يطلقون برامج حية مباشرة لتبرير أعمالهم العنيفة، ويردّون على أسئلة الجمهور، ويتفاعلون مع التعليقات.

وجاءت تصريحات بوكارتي بعد تقرير من النائب في البرلمان النيجيري عن ولاية بورنو، علي ندومي، بشأن خسائر فادحة تكبّدها الجيش والمدنيون بالولاية جراء هجمات الجماعة.

الجيش النيجيري يكثف تحركاته ويدعو قواته لرفع مستوى الجاهزية (الجيش)

وأشار بوكارتي إلى أنه هو نفسه كان مستهدفاً بمقطع فيديو مدته 10 دقائق نشره أحد عناصر «بوكو حرام» على «تيك توك»، رداً على انتقاداته المتكررة لتصاعد عنف الجماعة.

كما حذر المحلل الأمني من تطورات أخرى مقلقة، أبرزها استخدام الجماعة طائرات من دون طيار (درون) في عمليات استطلاع مواقع الجيش في شمال شرقي البلاد.

وأضاف أن الأشهر الأخيرة شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في الهجمات على ثكنات عسكرية استراتيجية، وتمكن المتمردون من اقتحام هذه القواعد، وتفريق الجنود، وإيقاع خسائر بشرية، وسرقة الإمدادات والأسلحة.

حذف الحسابات

في غضون ذلك، راجعت «وكالة الصحافة الفرنسية» مقاطع فيديو نشرها مقاتلو «بوكو حرام» على «تيك توك»، مشيرة إلى «حسابات بثت مقاطع مباشرة مشتركة مع حسابات يديرها رجال يروجون لآيديولوجيات معادية للغرب، بأسلوب يذكّر بمقاطع الفيديو التي نشرها في الأيام الأولى للتمرد، الذي استمر 15 عاماً، زعيم (بوكو حرام) أبو بكر الشكوي الذي قتل باشتباكات في 2021».

استنفار أمني في نيجيريا (متداولة)

وكانت العصابات التي تداهم القرى وتنفذ عمليات خطف مقابل طلب فدى في شمال غربي البلاد استخدمت تطبيق «تيك توك» سابقاً.

ويجري الإبلاغ عن كثير من الحسابات على التطبيق وإغلاقها، ولكن خاصية البث المباشر على المنصة تزيد صعوبة مراقبة المحتوى الذي يُنشَر.

وقال متحدث باسم «تيك توك» إنه من الصعب تحديد عدد الحسابات المرتبطة بالمنظمات الإرهابية التي أُغلقت.

ولا يزال كثير من هذه الحسابات نشطاً، وفقاً لحسابات اطلعت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية» وقت النشر.

وقال متحدث باسم الشركة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، في بيان عبر البريد الإلكتروني، إن «الجماعات الإرهابية والمحتوى المرتبط بهذه الجماعات لا مكان لها على (تيك توك)، ونحن نتخذ موقفاً لا هوادة فيه ضد تمكين التطرف العنيف على منصتنا أو خارجها».

حسابات نشطة

وراجعت «وكالة الصحافة الفرنسية» 19 حساباً. وظهر في هذه المقاطع أفراد بزي رجال دين ووجوههم مكشوفة للكاميرا ويدعون إلى العنف ضد الحكومة، ويتعاونون مع حسابات تعرض كميات من الأسلحة.

كما تنشر هذه الحسابات لقطات قديمة لمؤسس «بوكو حرام» محمد يوسف، ولعيسى غارو السلفي الذي مُنع من إلقاء الخطب في الأماكن العامة بولاية النيجر لاستخدامه خطاباً عنيفاً ضد الديمقراطية والحضارة الغربية.

وتنشط هذه الحسابات بشكل متكرر، وتتفاعل مع المتابعين، وتجيب عن الأسئلة، وتتلقى هدايا رقمية يمكن تحويلها إلى نقود.

ويؤكد صديق محمد، وهو متشدد سابق انشق عن التنظيم، في حديث لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن الجماعات المسلحة تتجه إلى «تيك توك» جزئياً بسبب حملة قوات الأمن على تطبيق الرسائل المشفرة «تلغرام». وأشار إلى معرفتهم بشعبية التطبيق في أوساط الشباب.

ويقول: «أدرك المتطرفون أنه لجذب عقول الشباب؛ فإن عليهم مخاطبتهم باللغة التي يفهمونها بدلاً من الأساليب التعليمية والديماغوجية التقليدية المملة وغير الجذابة لهم».

وأضاف: «تظهر المؤشرات أن هذا يؤتي ثماره على ما يبدو. إنهم يتواصلون مع مجندين محتملين من الشبان».