مزارعو النيجر... هدف سهل للإرهاب

القضاء على 68 متطرفاً ضمن عملية عسكرية قبل موسم الحصاد

جندي نيجري يراقب منطقة ريفية في النيجر (أ.ف.ب)
جندي نيجري يراقب منطقة ريفية في النيجر (أ.ف.ب)
TT

مزارعو النيجر... هدف سهل للإرهاب

جندي نيجري يراقب منطقة ريفية في النيجر (أ.ف.ب)
جندي نيجري يراقب منطقة ريفية في النيجر (أ.ف.ب)

أطلق جيش النيجر عملية عسكرية واسعة لتأمين المزارعين على الضفة اليمنى من نهر النيجر، حيث يستعد هؤلاء القرويون لموسم الحصاد، في منطقة تيلابيري المحاذية للحدود مع مالي وبوركينا فاسو، وهي المنطقة التي تنتشر فيها جماعات مسلحة موالية لتنظيم «داعش في الصحراء الكبرى»، وأخرى موالية لتنظيم «القاعدة».

وقال الجيش إنه أطلق على العملية العسكرية اسم «لاكال كاني»، ونفذ في ذلك الإطار طلعات جوية وتحركات ميدانية على الأرض، أسفرت عن القضاء على 68 إرهابياً كانوا يسعون لشن هجمات ضد المزارعين المحليين.

تعبئة مئات الجنود لحماية الحقول الزراعية في النيجر (صحافة محلية)

زراعة الخوف

تعد النيجر من أفقر بلدان العالم، ويعتمد عدد كبير من مواطنيها على الزراعة للحصول على قوتهم اليومي، خصوصاً سكان الريف البعيدين عن المدن الكبيرة، وقد استفاد هؤلاء القرويون من موسم أمطار مهم، أسفر عن فيضانات في نهر النيجر، تشكل فرصة ذهبية للزراعة في السهول القريبة منه.

ولكن الخوف من الجماعات الإرهابية التي تفرض سيطرتها على هذه المناطق، يجعل مهمة المزارعين محفوفة بالمخاطر، خصوصاً في منطقة تيلابيري التي توصف بأنها «بؤرة الإرهاب» بمنطقة الساحل، وتصنف ضمن «مثلث الموت» الواقع على الحدود بين دول الساحل الثلاث؛ النيجر ومالي وبوركينا فاسو.

ولمواجهة هذا الخطر، ولحث المزارعين على التوجه نحو حقولهم، نشر جيش النيجر وحدات عسكرية في إطار عملية «لاكال كاني»، وهي مهمة مخصصة لتأمين الأنشطة الزراعية، وحماية موسم الحصاد الذي يعول عليه البلد لمواجهة انعدام الأمن الغذائي.

وأعلن الجيش أنه «بفضل العملية العسكرية، بدأ الحصاد الأول في عدة مناطق، مما يؤكد نجاح المهمة»، وأكد أن العملية العسكرية «كانت ناجحة بفضل التعاون بين قوات الدفاع والأمن واللجان المحلية للمراقبة التي تلعب دوراً حاسماً في رصد النشاطات المشبوهة، مما يسمح بتدخل سريع للقوات في حال وجود تهديد»، وفق نص بيان صادر عن الجيش.

قصف وملاحقة

بعد أسبوع من إطلاق العملية العسكرية، عرض الجيش حصيلة أولية، قال فيها إن دورياته «اعترضت مسلحين واستعادت 220 رأساً من الماشية المسروقة بمنطقتي تينواشي وإنازي، وأرجعتها إلى ملاكها الشرعيين».

كما قال الجيش إن دورياته ألقت القبض على «جاسوس مزعوم»، اتهمته بالعمل لصالح مجموعة إرهابية في ماكولوندي، كانت بحوزته ذخائر بالقرب من قاعدة عسكرية، وأشار الجيش إلى أنه «يُعتقد أن الجاسوس كان يجمع معلومات حساسة لصالح مشغليه الإرهابيين».

ولكن العملية الأهم، تلك التي قال الجيش إن القوات الجوية النيجيرية نفذتها على الضفة اليمنى من نهر النيجر، بعد أن تمكنت من تحديد مواقع تجمعات إرهابية بين بانزومبو وكوكولوكو، ليتم تنفيذ ضربات جوية عنيفة «أسفرت عن القضاء على أكثر من 50 إرهابياً وتدمير مستودع لوجيستي للعدو».

أما على الضفة اليسرى، فقال الجيش إن المراقبة الجوية قادت إلى «تنفيذ ضربات جوية على مواقع العدو في شمال منطقة أبالا، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 18 إرهابياً وإصابة عدد كبير منهم وتدمير معدات نقل وأسلحة».

وخلص الجيش إلى تأكيد أن «هذه النجاحات، سواء على الأرض أو في الجو، تؤكد فاعلية قوات الدفاع والأمن في حماية السكان والاقتصاد الريفي».


مقالات ذات صلة

الأمن الباكستاني يقضي على 5 إرهابيين

آسيا قوات الأمن في إقليم خيبر بختونخواه شمال غربي باكستان (متداولة)

الأمن الباكستاني يقضي على 5 إرهابيين

قضت قوات الأمن الباكستاني على 5 مسلحين من العناصر الإرهابية خلال عمليتَين أمنيَّتين نفَّذتهما في إقليم خيبر بختونخواه، الثلاثاء، شمال غربي باكستان.

«الشرق الأوسط» ( إسلام آباد )
أوروبا عناصر من وكالة مكافحة الإرهاب الألمانية (أرشيفية - متداولة)

برلين: لا نخطط لاستعادة مقاتلي «داعش» الألمان المعتقلين في سوريا

أعلن ناطق باسم وزارة الخارجية الألمانية، الاثنين، أن برلين «ليست لديها خطط» لاستعادة مواطنيها الذين يقبعون داخل مراكز الاحتجاز في سوريا.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا اقتيد الطبيب السوري المتهم (يمين) إلى قاعة المحكمة برفقة محاميه أسامة العجي للنطق بالحكم يُتهم المتهم بتعذيب وقتل سجناء في مستشفى عسكري وسجن للمخابرات العسكرية في سوريا عامي 2011 و2012 (د.ب.أ)

السجن المؤبد لطبيب سوري في ألمانيا بتهمة التعذيب

قضت محكمة ألمانية بسجن طبيب سوري مدى الحياة بتهمة التعذيب وارتكاب جرائم حرب في وطنه سوريا.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت )
آسيا قُتلت نجمة «تيك توك» الباكستانية سناء يوسف بالرصاص في منزلها (متداولة)

جريمة قتل إحدى نجمات «تيك توك» في باكستان تثير مخاوف مواطناتها

منذ أن اطّلعت سُنينة بخاري على آلاف التعليقات التي تبرر جريمة قتل إحدى نجمات «تيك توك» في بلدها باكستان، بدأت تفكّر في الانسحاب من وسائل التواصل الاجتماعي

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد )
الولايات المتحدة​ تم تنكيس الأعلام بعد أن قتل رجل الديمقراطية ميليسا هورتمان عضوة مجلس النواب بعد إطلاق النار عليها وزوجها مارك خارج مبنى الكابيتول بولاية مينيسوتا في سانت بول مينيسوتا في 14 يونيو 2025 (رويترز)

العنف السياسي بالولايات المتحدة... مشهد يتكرر كحوادث إطلاق النار في المدارس

توالت بيانات الصدمة والتعازي بشكل مخيف السبت الماضي، بعد اغتيال نائبة في ولاية مينيسوتا وزوجها، ومحاولة اغتيال نائب آخر وزوجته في حادثتين منفصلتين.

«الشرق الأوسط» (وشنطن)

تقرير: تمدد المتطرفين يهدد سواحل الأطلسي في ظل تراجع الدعم الغربي

معارض يحتج على السلطة الحاكمة ويطالب بشفافية أكبر في العملية الانتخابية في أبيدجان بساحل العاج في 14 يونيو 2025
معارض يحتج على السلطة الحاكمة ويطالب بشفافية أكبر في العملية الانتخابية في أبيدجان بساحل العاج في 14 يونيو 2025
TT

تقرير: تمدد المتطرفين يهدد سواحل الأطلسي في ظل تراجع الدعم الغربي

معارض يحتج على السلطة الحاكمة ويطالب بشفافية أكبر في العملية الانتخابية في أبيدجان بساحل العاج في 14 يونيو 2025
معارض يحتج على السلطة الحاكمة ويطالب بشفافية أكبر في العملية الانتخابية في أبيدجان بساحل العاج في 14 يونيو 2025

مع انسحاب تدريجي للمساعدات العسكرية الأميركية وتراجع الانخراط الغربي، تمددت الجماعات المتطرفة من عمق منطقة الساحل نحو السواحل الأطلسية، مستهدفة دولاً كانت تُعد حتى وقت قريب نماذج للاستقرار النسبي، مثل ساحل العاج وغانا وتوغو وبنين. وفقاً لتقرير لصحيفة «نيويورك تايمز».

تقدم مقلق وغياب دولي

في عام 2023 وحده، سجّلت منطقة الساحل ما يقرب من نصف الوفيات الناتجة عن هجمات إرهابية حول العالم، وفق تقارير أممية. وبينما تواجه دول مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو تحديات كبرى تحت حكم مجالس عسكرية، باتت دول الساحل المطلّة على المحيط في موقع دفاعي متقدم، دون ضمانات لاستمرار الدعم الغربي.

ويحذر الجنرال مايكل لانغلي، قائد القيادة الأميركية لأفريقيا، من أن وصول الجماعات المتطرفة إلى الساحل سيمكّنها من تمويل عملياتها عبر التهريب والاتجار بالبشر والأسلحة، مؤكداً أن تهديدها قد يمتد إلى السواحل الأميركية نفسها.

قلق متزايد من الداخل

تقف بلدة توغبو على الخط الأمامي لهذا التهديد، حيث تتقاطع الحدود مع بوركينا فاسو، وتنتشر نقاط التفتيش الأمنية. ورغم هذه الإجراءات، تشير شهادات ميدانية إلى أن المتمردين يتحركون بحرية نسبية داخل المجتمعات المحلية، يتخفّون بين المدنيين، ويجنّدون الشباب العاطلين عن العمل عبر الإغراء المالي أو الترهيب.

تقول كاديدجا باري، زعيمة مجتمعية في بلدة دوروبو الحدودية: «أولادنا ينضمون إلى هذه القمامة»، في إشارة إلى التنظيمات المتطرفة، مضيفة: «نحذر الأمهات يومياً: أبعدن أبناءكن عنهم، إنهم عصابات مافيا».

ويُتهم المتطرفون باستهداف قبائل الفولاني لتجنيد عناصر جديدة، ما فاقم التمييز ضدهم في بعض المناطق. وتفيد مصادر طبية بأن عناصر متطرفة تتسلل ليلاً إلى المراكز الصحية لتلقي العلاج، بينما أصبح متنزه كوموي الوطني المجاور بؤرة عنف ومحظوراً الدخول إليه.

تحركات حكومية متسارعة... ولكن

استجابت السلطات العاجية عبر تعزيز انتشار الجيش على الحدود، وتوسيع عمليات الاستخبارات، وبناء قواعد عسكرية جديدة، أبرزها في كافولو التي كانت قد شهدت هجومين داميين، لكن ضباطاً يعترفون بأن المؤسسة العسكرية قللت سابقاً من حجم التهديد، قبل أن تدرك متأخرة أن المتطرفين يكسبون أرضاً ونفوذاً.

وتحاول جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، تقديم نفسها كمدافع عن حقوق المجتمعات المهمشة، غير أن مؤشر الإرهاب العالمي رصد ارتفاعاً في وتيرة العنف المنسوب إليها، خصوصاً في عام 2023 الذي كان الأكثر دموية منذ تأسيسها.

أزمة ثقة وشباب على الهامش

لم تقتصر الاستراتيجية العاجية على المقاربة الأمنية، بل شملت برامج تنموية بتمويل دولي، تضمنت تجديد البنية التحتية وتدريب عشرات الآلاف من الشباب، لكن النتائج على الأرض لم ترقَ إلى مستوى التحدي، بحسب شهادات محلية.

يقول وزير الشباب مامادو توري: «إما أن نوفّر حلولاً مبتكرة لمشكلة البطالة، أو سنواجه قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة».

وفي مدينة كورهوغو، عبّر شابان تلقيا تدريباً مهنياً عن خيبة أملهما، قائلين إنهما لا يحصلان إلا على «صابون مجاني في عطلة نهاية الأسبوع من صاحب الورشة». وفي بلدة أوانغولودوغو، ويعلّق زعيم شبابي قائلاً: «نُدرّبهم، ثم ماذا؟ يأتي الإرهابي ويعرض عليهم دراجة نارية جديدة... فماذا ننتظر؟».

انفجار وشيك؟

المشهد في غرب أفريقيا يبدو أكثر هشاشة من أي وقت مضى، وسط تراجع الثقة بالالتزامات الدولية، واستفادة الجماعات المتشددة من ثغرات التنمية والفقر والبطالة. وبينما تتجه الأنظار إلى المحيط الأطلسي بوصفه مسرحاً محتملاً للمواجهة المقبلة، فإن المجتمعات الحدودية لا تزال وحدها في خط النار، تعيش القلق وتنتظر المجهول.