تجاوب سوداني مع اشتراطات مصرية جديدة لدخول البلاد

تضمنت شهادة بتطعيم جميع الوافدين ضد «شلل الأطفال»

وزير الصحة السوداني يبحث تنفيذ الاشتراطات الصحية لدخول مصر (الصحة السودانية)
وزير الصحة السوداني يبحث تنفيذ الاشتراطات الصحية لدخول مصر (الصحة السودانية)
TT

تجاوب سوداني مع اشتراطات مصرية جديدة لدخول البلاد

وزير الصحة السوداني يبحث تنفيذ الاشتراطات الصحية لدخول مصر (الصحة السودانية)
وزير الصحة السوداني يبحث تنفيذ الاشتراطات الصحية لدخول مصر (الصحة السودانية)

لاقت اشتراطات مصرية جديدة بشأن دخول السودانيين البلاد تجاوباً من قبل السودان. وأعلنت وزارة الصحة السودانية «ترتيبات الخدمات الخاصة بتوفير الاشتراطات الصحية لتصاريح السفر، من بينها توفير لقاحات شلل الأطفال لجميع الأعمار».

وقامت السلطات المصرية أخيراً بتحديث «إجراءات الحجر الصحي بنقاط الدخول الجوية والبرية والبحرية للبلاد، لضمان سلامة جميع المقيمين على أراضيها».

واشترطت القاهرة حسب إفادة رسمية للقنصلية المصرية في بورتسودان، ضرورة تقديم المسافرين السودانيين كافة قبل الحصول على تأشيرة دخول «شهادة صحية معتمدة وموثقة من وزارة الصحة السودانية لتطعيم شلل الأطفال (جرعة سولك)». وطالبت بأن تتم «مراعاة بداية من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل مرور 4 أسابيع على التطعيم قبل تاريخ الوصول لمصر، وبما لا يتجاوز 12 شهراً من التطعيم».

وتستضيف مصر أكثر من نصف مليون سوداني، فروا من الحرب الداخلية بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» التي اندلعت في منتصف أبريل (نيسان) من العام الماضي، فضلاً عن آلاف من السودانيين الذين يعيشون في مصر منذ سنوات. وقال وزير الخارجية والهجرة المصرية، الدكتور بدر عبد العاطي، في يوليو (تموز) الماضي، إن بلاده «تعد أكبر دولة مجاورة للسودان استضافت سودانيين، منذ اندلاع الحرب، وعلى مدار عشرات السنين الماضية».

وبحث وزير الصحة السوداني، هيثم محمد إبراهيم، في اجتماع مع مسؤولين بوزارة الصحة الاتحادية في السودان، الأربعاء، «ترتيبات الاشتراطات الصحية الجديدة لدخول مصر، والمتعلقة بحصول جميع المقدمين لطلب التأشيرة من جميع الأعمار على التطعيم ضد شلل الأطفال»، حسب إفادة لـ«الصحة السودانية».

ولاقت الاشتراطات الجديدة لتأشيرات السفر إلى مصر تجاوباً من السودانيين على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تفاعل البعض على «غروب القنصلية المصرية في بورتسودان» بـ«فيسبوك» بشأن ضرورة الحصول على تطعيم «شلل الأطفال»، وتساءل آخرون عن «أماكن الحصول على التطعيم، وكيفية استخراج الشهادات».

ورجح رئيس لجنة العلاقات الخارجية بـ«جمعية الصداقة السودانية - المصرية»، محمد جبارة، أن «تُشكل الاشتراطات الصحية الجديدة عقبة أمام استخراج تأشيرات نسبة كبيرة من السودانيين الراغبين في السفر لمصر». وأرجع ذلك إلى «صعوبة توافر تطعيمات شلل الأطفال في المنافذ الحدودية في ظل ظروف الحرب»، إلى جانب «إشكالية حصول سودانيين على التطعيم في فترات سابقة، دون أن تكون لديهم أوراق ثبوتية».

وأوضح جبارة لـ«الشرق الأوسط» أنه «من حق السلطات المصرية اتخاذ الإجراءات الوقائية المناسبة لحماية المصريين من أي أمراض معدية، خصوصاً في ظل ظروف الحرب السودانية»، مقترحاً أن يتم «اشتراط المسافرين لمصر الحصول على التطعيم ضد شلل الأطفال في المنافذ البرية والبحرية والجوية، مع توافرها في تلك المنافذ».

في حين لا يرى رئيس «جمعية الصحافيين السودانيين» بمصر، عادل الصول، «وجود ضوابط تعجيزية في اشتراطات سفر السودانيين إلى القاهرة». وقال إن «الإجراءات الاحترازية التي تطالب بها السلطات المصرية طبيعية ولا بد منها، لحماية السودانيين أنفسهم، والبلد المضيف أيضاً».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أنه «مع ظروف الحرب وموجات السيول التي تعرضت لها السودان أخيراً أدت إلى انتشار أمراض وأوبئة داخل البلاد»، مشيراً إلى أن «هناك إشكالية في حمل بعض السودانيين تلك الأمراض دون علم»، لافتاً إلى أن «هناك تجاوباً من السودانيين مع اشتراطات التطعيم، لأنها حماية لهم بالأساس».

جانب من حملات سابقة بالسودان للتطعيم ضد «شلل الأطفال» (الصحة السودانية)

من جهته أعلن وزير الصحة السوداني، الخميس، «اكتمال ترتيبات تطعيم المسافرين لمصر بلقاح شلل الأطفال في عدد من المراكز، اعتباراً من بداية سبتمبر (أيلول) المقبل». وأشار إلى أن «ظهور متحور شلل الأطفال في الفترة الأخيرة بالسودان كان نتيجة لانخفاض معدلات التطعيم في الفترة السابقة، رغم خلو بلاده من المرض منذ 2009».

وأوضح الوزير السوداني أن الاشتراطات الصحية الجديدة المرتبطة بإجراءات السفر إلى مصر «ترتبط باللوائح الدولية الصحية لتطعيم المسافرين ضد شلل الأطفال التي أقرتها اللوائح الدولية لمنظمة الصحة العالمية، ويجري الترتيب للنقاش حولها مع المسؤولين في مصر لاعتماد أنسب الاستراتيجيات التي تتماشى مع الوضع الحالي في البلدين ومما يسهل على المسافرين».


مقالات ذات صلة

السيسي وشولتس يبحثان إنهاء حرب غزة

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح المستشار الألماني أولاف شولتس (أرشيفية - إ.ب.أ)

السيسي وشولتس يبحثان إنهاء حرب غزة

تلقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مساء أمس (الأربعاء)، اتصالاً هاتفياً من المستشار الألماني أولاف شولتس، تم خلاله التأكيد على تطلع البلدين لتعزيز العلاقات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة - برلين)
تحليل إخباري الرئيس المصري ونظيره الصومالي يشهدان مراسم توقيع بروتوكول التعاون العسكري منتصف الشهر الجاري (الرئاسة المصرية)

تحليل إخباري ماذا تستهدف مصر من حضورها العسكري في الصومال؟

أثار حديث صومالي عن بدء وصول معدات ووفود عسكرية مصرية إلى مقديشو، تساؤلات عن أهداف وتداعيات الحضور العسكري المصري المتوقع في الصومال.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

الحكومة المصرية تنفي ظهور إصابات بـ«الكوليرا»

لدى مصر برنامج ترصد وتقصٍّ للأمراض الوبائية يعمل بشكل فعال في الاكتشاف والرصد المبكر لأي أوبئة أو أمراض قد تتسرب داخل البلاد.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا الحجاج المصريون النظاميون يؤدون مناسك الحج (أرشيفية - وزارة التضامن الاجتماعي)

مصر تلغي تراخيص شركات سياحية «متورطة» في تسفير حجاج «غير نظاميين»

ألغت وزارة السياحة والآثار المصرية تراخيص 36 شركة سياحة، على خلفية تورطها في تسفير حجاج «غير نظاميين» إلى السعودية.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب خلال مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد (البرلمان المصري)

البرلمان المصري يناقش تعديل «الإجراءات الجنائية» وسط «اعتراضات»

فجرت مناقشات تجريها لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب (البرلمان) بشأن تعديلات قانون الإجراءات الجنائية اعتراضات وتحفظات واسعة من أطراف عدة.

أحمد عدلي (القاهرة)

200 قتيل في هجوم إرهابي وسط بوركينا فاسو

حالة استنفار في المستشفى بعد استقبال أكثر من 300 جريح (التلفزيون الحكومي)
حالة استنفار في المستشفى بعد استقبال أكثر من 300 جريح (التلفزيون الحكومي)
TT

200 قتيل في هجوم إرهابي وسط بوركينا فاسو

حالة استنفار في المستشفى بعد استقبال أكثر من 300 جريح (التلفزيون الحكومي)
حالة استنفار في المستشفى بعد استقبال أكثر من 300 جريح (التلفزيون الحكومي)

أعلنت حكومة بوركينا فاسو أنها سترد بحزم على هجوم إرهابي أودى بحياة ما لا يقل عن 200 قتيل، أغلبهم مدنيون يقطنون في قرية بارسالوغو الواقعة في المنطقة الوسطى الشمالية من بوركينا فاسو، حيث تنشط مجموعات إرهابية بعضها موالية لتنظيم «داعش»، والأخرى تتبع تنظيم «القاعدة».

مصاب في الهجوم الإرهابي يتلقى العلاج في مستشفى حكومي (التلفزيون الحكومي)

الهجوم الأكثر دموية في بوركينا فاسو خلال العام الحالي، شنه عشرات الإرهابيين المدججين بالأسلحة، حيث دخلوا القرية مع الساعات الأولى من صباح السبت الماضي، واستمر هجومهم أكثر من 7 ساعات متواصلة، وقعت خلالها مواجهات بين الإرهابيين ووحدة من الجيش مدعومة بميليشيا محلية.

وتشير حصيلة غير رسمية إلى أن الهجوم الإرهابي العنيف أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 200 قتيل، وإصابة أكثر من 300 بجراح متفاوتة الخطورة، بينما لا تزالُ الحصيلة مرشحة للارتفاع بسبب وجود مختفين، وقال ناجون من الهجوم إن كل عائلة في القرية فقدت أحد أفرادها على الأقل.

وسقط في الهجوم عدد من أعيان وقادة المجتمع المحلي، كما سُجلت خسائر بشرية في صفوف وحدة الجيش والميليشيا المحلية التي تسانده، وجرت مراسيم دفن الضحايا في مقابر جماعية غير بعيدة عن القرية.

توعد بالرد

وأمام الصدمة الشعبية التي خلَّفها الهجوم الإرهابي في بوركينا فاسو، أوفدت الحكومة، مساء الأحد، بعثة من الوزراء إلى مستشفى مدينة كايا، على مسافة 45 كيلومتراً إلى الجنوب من القرية التي وقع فيها الهجوم، حيث جرى نقل المصابين لتلقي العلاج.

شاب أصيب في الفخذ خلال الهجوم الإرهابي (التلفزيون الحكومي)

وضم الوفد الحكومي وزير الصحة روبرت كارجوجو، ووزير الأمن محمدو سانا، والمتحدث باسم الحكومة جان إيمانويل ويدراوجو، بالإضافة إلى رئيس أركان الجيش الجنرال سيليستين سيمبوري.

وفي تصريح صحافي خلال الزيارة، وصف الوزير المتحدث باسم الحكومة ما حدث بأنه «هجوم جبان وهمجي»، وأضاف في التصريح الذي نقله التلفزيون الحكومي أن «جحافل من المجرمين استهدفت النساء والأطفال والمسنين والرجال، دون أي تمييز».

الوزير الناطق باسم الحكومة يتوعد الإرهابيين (التلفزيون الحكومي)

من جانبه، قال وزير الأمن محمدو سانا إن القوات المسلحة مستعدة «للقيام بالرد المناسب، حتى يعلم العدو أننا لن نقبل أبداً هذه الهمجية على أراضينا مرة أخرى»، قبل أن ينقلَ لأسر الضحايا والمصابين «تعازي الرئيس إبراهيم تراوري وتعازي الأمة».

وطلب الوفد الحكومي من السكان المحليين أن «يكونوا أكثر توحداً من أي وقت مضى حول القوات المسلحة لإحباط مخططات الإرهابيين الذين يسعون إلى تقويض الدولة في بوركينا فاسو».

تنظيم «القاعدة»

ورغم أن جهة لم تعلن -حتى الآن- مسؤوليتها عن الهجوم الدموي، فإن أصابع الاتهام تشير إلى مجموعة مسلحة تتبع جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، الموالية لتنظيم « القاعدة»، والتي تنشط في المنطقة منذ سنوات عدة.

ووقع الهجوم حين كانت مجموعات من السكان المحليين يساعدون وحدة من الجيش في إقامة حزام أمني حول القرية الصغيرة، كان عبارة عن خندق كبير لحمايتها من أي هجوم إرهابي محتمل.

وقال شهود عيان إن الهجوم كان مفاجئاً وعنيفاً، ولكن وجود قوات الجيش والميليشيا المحلية من المتطوعين للدفاع عن الوطن أسهم في تقليص حجم الخسائر، وقال إنه لولا وجود وحدة من الجيش لوقعت «كارثة أكبر بكثير».

وأضاف المصدر نفسه أن عدداً من الإرهابيين قُتلوا خلال الهجوم، دون تحديد عددهم.

عنف إرهابي منذ 2015

وتعاني بوركينا فاسو منذ 2015 من العنف الإرهابي، حيث تُشَنُّ هجمات شبه يومية في مناطق مختلفة من البلاد؛ ما أسفر عن سقوط أكثر من 20 ألف قتيل، بينهم قرابة 4 آلاف قتيل هذا العام (2024)، بحسب منظمة «أكليد» غير الحكومية، كما تسببت بنزوح أكثر من مليوني شخص داخل البلاد.

رؤساء مالي أسيمي غويتا والنيجر الجنرال عبد الرحمن تياني وبوركينا فاسو الكابتن إبراهيم تراوري يلتقطون الصور خلال القمة العادية الأولى لرؤساء دول وحكومات تحالف دول الساحل «AES» في نيامي بالنيجر في 6 يوليو 2024 (رويترز)

عدم استقرار سياسي

ودفعت هذه الوضعية الأمنية الصعبة بوركينا فاسو إلى أتون عدم الاستقرار السياسي، حيث سيطر الجيش على السلطة بانقلابات عسكرية متتالية، كان آخرها ذاك الذي قاده الرئيس الحالي إبراهيم تراوري الذي أعلن أن هدفه الوحيد هو «القضاء على الإرهاب».

ورغم أن تراوري نجح في إعادة هيكلة الجيش وشراء الكثير من الأسلحة، وطور سلاح الجو، واشترى طائرات مسيّرة تركية ومروحيات عسكرية روسية، فإنه لم ينجح حتى الآن في إيقاف الهجمات الإرهابية التي أصبحت تستهدف مناطق مختلفة من البلاد.