200 قتيل في هجوم إرهابي وسط بوركينا فاسو

الحكومة قالت إن المهاجمين لم يستثنوا أحداً وتوعدت بالرد

حالة استنفار في المستشفى بعد استقبال أكثر من 300 جريح (التلفزيون الحكومي)
حالة استنفار في المستشفى بعد استقبال أكثر من 300 جريح (التلفزيون الحكومي)
TT

200 قتيل في هجوم إرهابي وسط بوركينا فاسو

حالة استنفار في المستشفى بعد استقبال أكثر من 300 جريح (التلفزيون الحكومي)
حالة استنفار في المستشفى بعد استقبال أكثر من 300 جريح (التلفزيون الحكومي)

أعلنت حكومة بوركينا فاسو أنها سترد بحزم على هجوم إرهابي أودى بحياة ما لا يقل عن 200 قتيل، أغلبهم مدنيون يقطنون في قرية بارسالوغو الواقعة في المنطقة الوسطى الشمالية من بوركينا فاسو، حيث تنشط مجموعات إرهابية بعضها موالية لتنظيم «داعش»، والأخرى تتبع تنظيم «القاعدة».

مصاب في الهجوم الإرهابي يتلقى العلاج في مستشفى حكومي (التلفزيون الحكومي)

الهجوم الأكثر دموية في بوركينا فاسو خلال العام الحالي، شنه عشرات الإرهابيين المدججين بالأسلحة، حيث دخلوا القرية مع الساعات الأولى من صباح السبت الماضي، واستمر هجومهم أكثر من 7 ساعات متواصلة، وقعت خلالها مواجهات بين الإرهابيين ووحدة من الجيش مدعومة بميليشيا محلية.

وتشير حصيلة غير رسمية إلى أن الهجوم الإرهابي العنيف أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 200 قتيل، وإصابة أكثر من 300 بجراح متفاوتة الخطورة، بينما لا تزالُ الحصيلة مرشحة للارتفاع بسبب وجود مختفين، وقال ناجون من الهجوم إن كل عائلة في القرية فقدت أحد أفرادها على الأقل.

وسقط في الهجوم عدد من أعيان وقادة المجتمع المحلي، كما سُجلت خسائر بشرية في صفوف وحدة الجيش والميليشيا المحلية التي تسانده، وجرت مراسيم دفن الضحايا في مقابر جماعية غير بعيدة عن القرية.

توعد بالرد

وأمام الصدمة الشعبية التي خلَّفها الهجوم الإرهابي في بوركينا فاسو، أوفدت الحكومة، مساء الأحد، بعثة من الوزراء إلى مستشفى مدينة كايا، على مسافة 45 كيلومتراً إلى الجنوب من القرية التي وقع فيها الهجوم، حيث جرى نقل المصابين لتلقي العلاج.

شاب أصيب في الفخذ خلال الهجوم الإرهابي (التلفزيون الحكومي)

وضم الوفد الحكومي وزير الصحة روبرت كارجوجو، ووزير الأمن محمدو سانا، والمتحدث باسم الحكومة جان إيمانويل ويدراوجو، بالإضافة إلى رئيس أركان الجيش الجنرال سيليستين سيمبوري.

وفي تصريح صحافي خلال الزيارة، وصف الوزير المتحدث باسم الحكومة ما حدث بأنه «هجوم جبان وهمجي»، وأضاف في التصريح الذي نقله التلفزيون الحكومي أن «جحافل من المجرمين استهدفت النساء والأطفال والمسنين والرجال، دون أي تمييز».

الوزير الناطق باسم الحكومة يتوعد الإرهابيين (التلفزيون الحكومي)

من جانبه، قال وزير الأمن محمدو سانا إن القوات المسلحة مستعدة «للقيام بالرد المناسب، حتى يعلم العدو أننا لن نقبل أبداً هذه الهمجية على أراضينا مرة أخرى»، قبل أن ينقلَ لأسر الضحايا والمصابين «تعازي الرئيس إبراهيم تراوري وتعازي الأمة».

وطلب الوفد الحكومي من السكان المحليين أن «يكونوا أكثر توحداً من أي وقت مضى حول القوات المسلحة لإحباط مخططات الإرهابيين الذين يسعون إلى تقويض الدولة في بوركينا فاسو».

تنظيم «القاعدة»

ورغم أن جهة لم تعلن -حتى الآن- مسؤوليتها عن الهجوم الدموي، فإن أصابع الاتهام تشير إلى مجموعة مسلحة تتبع جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، الموالية لتنظيم « القاعدة»، والتي تنشط في المنطقة منذ سنوات عدة.

ووقع الهجوم حين كانت مجموعات من السكان المحليين يساعدون وحدة من الجيش في إقامة حزام أمني حول القرية الصغيرة، كان عبارة عن خندق كبير لحمايتها من أي هجوم إرهابي محتمل.

وقال شهود عيان إن الهجوم كان مفاجئاً وعنيفاً، ولكن وجود قوات الجيش والميليشيا المحلية من المتطوعين للدفاع عن الوطن أسهم في تقليص حجم الخسائر، وقال إنه لولا وجود وحدة من الجيش لوقعت «كارثة أكبر بكثير».

وأضاف المصدر نفسه أن عدداً من الإرهابيين قُتلوا خلال الهجوم، دون تحديد عددهم.

عنف إرهابي منذ 2015

وتعاني بوركينا فاسو منذ 2015 من العنف الإرهابي، حيث تُشَنُّ هجمات شبه يومية في مناطق مختلفة من البلاد؛ ما أسفر عن سقوط أكثر من 20 ألف قتيل، بينهم قرابة 4 آلاف قتيل هذا العام (2024)، بحسب منظمة «أكليد» غير الحكومية، كما تسببت بنزوح أكثر من مليوني شخص داخل البلاد.

رؤساء مالي أسيمي غويتا والنيجر الجنرال عبد الرحمن تياني وبوركينا فاسو الكابتن إبراهيم تراوري يلتقطون الصور خلال القمة العادية الأولى لرؤساء دول وحكومات تحالف دول الساحل «AES» في نيامي بالنيجر في 6 يوليو 2024 (رويترز)

عدم استقرار سياسي

ودفعت هذه الوضعية الأمنية الصعبة بوركينا فاسو إلى أتون عدم الاستقرار السياسي، حيث سيطر الجيش على السلطة بانقلابات عسكرية متتالية، كان آخرها ذاك الذي قاده الرئيس الحالي إبراهيم تراوري الذي أعلن أن هدفه الوحيد هو «القضاء على الإرهاب».

ورغم أن تراوري نجح في إعادة هيكلة الجيش وشراء الكثير من الأسلحة، وطور سلاح الجو، واشترى طائرات مسيّرة تركية ومروحيات عسكرية روسية، فإنه لم ينجح حتى الآن في إيقاف الهجمات الإرهابية التي أصبحت تستهدف مناطق مختلفة من البلاد.


مقالات ذات صلة

جماعة موالية لإيران تقتل عنصريْ شرطة في نيجيريا

آسيا ضباط شرطة نيجيريون يقفون حراساً خلال موكب الشموع تكريماً لجميع المتظاهرين الذين قُتلوا في جميع أنحاء البلاد في احتجاجات الصعوبات الاقتصادية الأخيرة في لاغوس بنيجيريا في الجمعة 9 أغسطس 2024 (أ.ب)

جماعة موالية لإيران تقتل عنصريْ شرطة في نيجيريا

أعلنت الشرطة النيجيرية مقتل اثنين من عناصرها على الأقل، والعثور على 3 آخرين فاقدي الوعي في العاصمة أبوجا، الأحد، إثر هجوم شنته جماعة شيعية محظورة موالية لإيران.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
آسيا مسؤولون أمنيون باكستانيون يقومون بدورية في موقع الاشتباكات بين مجموعتين مسلحتين في كراتشي، باكستان، 25 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

مقتل 14 من قوات الأمن الباكستاني خلال اشتباك مع مسلحين في بلوشستان

أعلن الجيش الباكستاني أن قوات الأمن قتلت 21 مسلحاً في بلوشستان بعد هجوم على حافلة، وقال الجيش إن 14 من قوات الأمن الباكستاني قُتلوا خلال اشتباكات مع مسلحين.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتز بمسرح الجريمة في زولينغن بألمانيا يوم 26 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

المستشار الألماني من موقع عملية الطعن يتعهد بالعمل على «عدم تكرار» الحادث

تزداد الضغوط على الحكومة الألمانية لاستنتاج العبر والتصرف بعد الاعتداء الإرهابي بمدينة زولينغن الذي أوقع 3 قتلى بعملية طعن نفذها لاجئ سوري من دير الزور.

راغدة بهنام (برلين)
آسيا سيارة محترقة بعد أن نفَّذ مسلحون انفصاليون هجمات مميتة في إقليم بلوشستان الاثنين (تلفزيون رويترز)

باكستان: صدمة بعد قتل انفصاليين بلوش 51 من أبناء البنجاب

تعمّ مشاعر الصدمة مختلف أرجاء باكستان جراء مقتل 51 عاملاً من عرق البنجاب داخل إقليم بلوشستان، على أيدي جماعة انفصالية مسلحة من البلوش.

عمر فاروق (إسلام آباد)
آسيا تظهر الصورة مركبات متفحمة بعد أن نفّذ مسلحون انفصاليون هجمات مميتة في إقليم بلوشستان، باكستان، 26 أغسطس 2024 (رويترز)

باكستان: 70 قتيلاً في هجمات منسَّقة لـ«جيش تحرير البلوش»

قتل مسلّحون 70 شخصاً على الأقل بجنوب غربي باكستان في هجمات شنها مسلحون انفصاليون على مراكز للشرطة وخطوط سكك حديدية ومركبات على طرق سريعة.

«الشرق الأوسط» (كويتا (باكستان))

مصر تؤكد حرصها على تحقيق الأمن ومحاربة الإرهاب في أفريقيا

وزير الخارجية والهجرة المصري خلال لقاء نظيرته السنغالية (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية والهجرة المصري خلال لقاء نظيرته السنغالية (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد حرصها على تحقيق الأمن ومحاربة الإرهاب في أفريقيا

وزير الخارجية والهجرة المصري خلال لقاء نظيرته السنغالية (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية والهجرة المصري خلال لقاء نظيرته السنغالية (الخارجية المصرية)

أكدت مصر حرصها على «تحقيق الأمن والاستقرار في أفريقيا»، وأبدت استعدادها للمشاركة في مجابهة الإرهاب ببعض دول القارة عبر «مقاربة شاملة»، مشيرة إلى أهمية تنسيق المواقف الأفريقية الموحدة، والحفاظ على وحدة الصف بشأن الموضوعات التي يتم تناولها في المحافل الدولية كافة.

جاءت التأكيدات المصرية خلال لقاءات وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، الدكتور بدر عبد العاطي، بعدد من وزراء خارجية الدول الأفريقية، على هامش مشاركته في الاجتماع الوزاري لمؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في أفريقيا (التيكاد).

والتقى عبد العاطي وزير خارجية بنين أولوشيغون أدجادي باكاري، اليوم (السبت)، في العاصمة اليابانية طوكيو. وذكر المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية والهجرة المصرية، أحمد أبو زيد، أن الوزيرين تناولا عدداً من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، خصوصاً التطورات التي تشهدها منطقة الساحل وغرب أفريقيا، نظراً للتحديات المتصاعدة التي تشهدها المنطقة سواء الأمنية أو التنموية. كما تم استعراض الجهود المصرية اتصالاً بالأوضاع في قطاع غزة، واحتواء اتساع رقعة التصعيد في المنطقة والأزمة في السودان، وكذلك المستجدات على الساحة الليبية.

ومن جهته، أشار وزير خارجية بنين إلى حرص بلاده على تعزيز علاقات التعاون مع مصر في شتى المجالات، والاستفادة من الخبرات المصرية في مجالات تميزها، وأهمية متابعة الموقف من تنفيذ مذكرات التفاهم، وبرامج التعاون الموقعة بين الجانبين.

عبد العاطي خلال مباحثات مع وزير خارجية بنين (الخارجية المصرية)

وأكد عبد العاطي استعداد مصر لمشاركة خبرتها في مجال مكافحة الإرهاب مع بنين بـ«مقاربة شاملة»، تضم الأبعاد الأمنية والتنموية، ومحاربة الفكر المتطرف، مشدداً على دعم مصر، وتضامنها مع بنين في مواجهتها العمليات الإرهابية التي تشهدها، وحرصها على تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الساحل، لما لتلك العمليات من تداعيات سلبية على دول الجوار، ومن بينها بنين، وامتدادها للمحيط الاستراتيجي لمصر ودول جوارها المباشر. كما اتفق الجانبان على «أهمية الحفاظ على وتيرة التشاور والتنسيق إزاء القضايا الإقليمية والدولية، التي تهم دول القارة داخل أروقة المحافل، والمنظمات الدولية والإقليمية».

ومطلع الشهر الحالي، أكد وزير الخارجية والهجرة المصري مُساندة بلاده جهود مكافحة الإرهاب والتطرف بدول الساحل الأفريقي الغربي، وذلك في اتصالات متتالية مع نظرائه في بوركينا فاسو والنيجر ومالي، معرباً عن حرص مصر على الانخراط في تعزيز بنية السلم والأمن في القارة الأفريقية، ومخاطبة القضايا التي تمثل أولوية للدول الأفريقية، مؤكداً أن مصر ستظل دائماً داعمة لأشقائها الأفارقة في المحافل الإقليمية والدولية كافة.

وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج يلتقي مع وزير خارجية توجو (الخارجية المصرية)

وفي لقاء آخر بالعاصمة طوكيو، اليوم (السبت)، أكد وزير الخارجية والهجرة المصري خلال مباحثات مع وزير خارجية توغو، روبرت دوسي، أهمية تعزيز التنسيق المشترك إزاء القضايا الإقليمية والدولية ذات الأولوية للجانبين، وإبداء كامل الدعم للارتقاء بمصالح وأولويات العمل الأفريقي.

ووفق إفادة لمتحدث وزارة الخارجية والهجرة المصرية، فقد حرص وزير خارجية توغو على تبادل وجهات النظر مع نظيره المصري حول مستجدات الأوضاع في منطقة الساحل وغرب أفريقيا، وبحث التهديدات الأمنية والتحديات المشتركة التي تشهدها دول المنطقة، خصوصاً فيما يتعلق بتنامي خطر التنظيمات الإرهابية، كما استعرض «المقاربة الشاملة»، التي تنتهجها بلاده في منطقة الساحل، التي تستهدف تحقيق الاستقرار، وتحسين الأوضاع الأمنية للتصدي للجماعات الإرهابية، معرباً عن تطلع بلاده إلى خلق أطر للتعاون بين «منتدى أسوان للسلام والتنمية»، و«منتدى لومي للتنمية» لمناقشة المخاطر المتنامية، التي تهدد السلم والأمن والاستقرار في القارة.

في سياق ذلك، استعرض عبد العاطي مستجدات الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي، والتطورات في ليبيا، والأزمة في السودان، وجهود مصر للتوصل إلى تهدئة ووقف الحرب على قطاع غزة، واحتواء التصعيد الجاري في المنطقة، مؤكداً «ضرورة إيجاد حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية، من خلال إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».

تعاني بعض دول القارة الأفريقية من انتشار الجماعات الإرهابية (أ.ف.ب)

كما التقى وزير الخارجية والهجرة المصري، اليوم (السبت)، وزيرة خارجية السنغال، ياسين فال. وتم خلال اللقاء تبادل وجهات النظر حول التطورات المتسارعة في منطقة الساحل وغرب أفريقيا، لا سيما التحديات الأمنية والتنموية، وكذا اتساع رقعة أنشطة الجماعات الإرهابية.

وأشار عبد العاطي إلى الجهود التي تقوم بها مصر لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، من خلال الدورات التدريبية التي تقدمها لبناء قدرات الكوادر الوطنية في هذا المجال، التي تنظمها «الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية»، و«مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ السلام»، فضلاً عن جهود بناء السلام ونشر مفاهيم الإسلام الوسطي المُعتدل، ودحض الفكر المتطرف عن طريق البعثات الأزهرية.

وأشاد عبد العاطي ووزيرة خارجية السنغال، خلال اللقاء، بالتنسيق الدائم والمستمر بين البلدَين، وتوافق الرؤى فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والقارية ذات الاهتمام المشترك. وأكدا الحرص على تعزيز التشاور في مختلف قضايا السلم والأمن في القارة، من خلال تدشين آلية للتشاور السياسي بين الجانبين، إيماناً بالدور المهم الذي تضطلع به كل دولة منهما في محيطها الإقليمي وعلى الساحة الأفريقية.