تقرير يحذر من «أفغانستان جديدة» في خليج غينيا

تنظيم «القاعدة» يستهدف غابات على الحدود بين نيجيريا وبنين

متنزه وطني على حدود نيجيريا وبنين مغلق منذ عام بسبب الإرهاب (التقرير)
متنزه وطني على حدود نيجيريا وبنين مغلق منذ عام بسبب الإرهاب (التقرير)
TT

تقرير يحذر من «أفغانستان جديدة» في خليج غينيا

متنزه وطني على حدود نيجيريا وبنين مغلق منذ عام بسبب الإرهاب (التقرير)
متنزه وطني على حدود نيجيريا وبنين مغلق منذ عام بسبب الإرهاب (التقرير)

أصبح تنظيم «القاعدة» قريباً جداً من تحقيق هدفه بالوصول إلى خليج غينيا الحيوي، بعد أن أقام معسكرات في غابات على الحدود بين نيجيريا وبنين، وهي واحدة من أكثر المناطق أهمية من الناحية الاستراتيجية في غرب أفريقيا، بسبب قربها من حقول النفط والغاز وخط ملاحة نشط في المحيط الأطلسي.

وحذّر تقرير جديد صدر مؤخراً عن معهد «كلينجنديل» من خطورة هذا التطور، واصفاً ما يجري بأنه «تحالفات خطيرة» تربط بين مناطق التوتر في منطقة الساحل وغرب أفريقيا، خصوصاً ما بين منطقة الحدود الثلاثية بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، إذ توجد مجموعات مرتبطة بـ«القاعدة» و«داعش»، ومنطقة حوض بحيرة تشاد، إذ تنشط جماعة «بوكو حرام».

خريطة للهجمات الإرهابية في منطقة خليج غينيا (التقرير)

جسر العبور

التقرير الجديد أوضح أن التقارير الأمنية والاستخباراتية قبل 10 سنوات كانت تخشى تحول دولة بنين إلى جسر يعبرُ منه مقاتلو تنظيم «القاعدة» من الساحل نحو خليج غينيا، ولكن ظلّت الأدلة على ذلك غائبة.

وأضاف المعهد أنه توصّل إلى أدلة تثبت وجود معسكرات لـ«القاعدة» على الحدود بين نيجيريا وبنين، ونشرها في تقرير تحت عنوان: «تحالفات خطيرة: استكشاف خطر التطرف العنيف على طول الحدود بين شمال بنين ونيجيريا».

وأشار المعهد إلى أنه «استند -في تقريره- إلى أربعة محاور لجمع بيانات العنف السياسي وحركة الكيانات العنيفة المتطرفة، بالإضافة إلى أكثر من 70 مقابلة مع مصادر رئيسية على طول الحدود بين البلدين».

وقال المعهد، إن الخطر يتمركز في منطقة بورغو الحدودية في دولة بنين، إذ بدأ يتوطد على طول الشريط الحدودي مع نيجيريا التعاون والتنسيق ما بين مسلحي تنظيم «القاعدة» في بلاد المغرب الإسلامي من جهة، والإرهابيين النشطين في دولة نيجيريا من جهة أخرى.

تحالف إرهابي

التقرير الجديد تحدّث عن رغبة «القاعدة» في التحرك نحو «الدول الساحلية الأكثر ثراءً في غرب أفريقيا»، في إشارة إلى نيجيريا وبنين، مشيراً إلى أن مقاتلي «القاعدة» تحرّكوا في البداية من بوركينا فاسو والنيجر، وتوجهوا إلى شمال بنين، ثم تحركوا بعد ذلك العام الماضي نحو الحدود مع نيجيريا، خصوصاً في متنزه «كينجي» الوطني، وهو محمية طبيعية شاسعة ومهجورة.

المتنزه، الذي توجد فيه عائلات نادرة من الأسود المهددة بالانقراض، قال سكان محليون لوكالة «أسوشييتد برس»، إنه مغلق منذ أكثر من عام بسبب تهديدات أمنية من مجموعات مسلحة تهاجم القرى والطرق القريبة منه.

ونقل التقرير عن جون يريما، الذي يعيش بالقرب من المتنزه في مدينة نيو بوسا، قوله، إن المتنزه «كان في السابق مركزاً سياحياً، (ولكن) الآن، الناس يجدون صعوبة في المرور من هناك (...) لم يعد بالإمكان استخدام هذا الطريق (المؤدي إلى المتنزه). إنه خطر جداً».

عسكري في متنزه وطني مغلق بسبب الإرهاب (وكالات)

وفي هذا السياق، قال كارز دي بروين، أحد معدّي التقرير، الباحث الرئيسي في المعهد، إن الوضع الأمني في المتنزه، الذي يمتد على مساحة 5 آلاف و300 كيلومتر مربع على طول الحدود بين نيجيريا وبنين «خارج عن السيطرة»، ويشكل «وضعاً أكثر انفجاراً مما توقعنا»، على حد تعبيره.

وخلص الباحث إلى أن المجموعات المسلحة المدعومة من تنظيم «داعش» في شمال نيجيريا والمسلحين المرتبطين بتنظيم «القاعدة» في منطقة الساحل يشكلون تهديداً أمنياً مشتركاً، مضيفاً أن «وجود رابط بين بحيرة تشاد والساحل يمثّل فرصة كبرى لتنظيمي (القاعدة) و(داعش) للتباهي بقيادتهما لـ(الجهاد) العالمي».

مواجهة الخطر

حذّر التقرير المطوّل، الذي جاء في 81 صفحة، من أن تتحوّل منطقة خليج غينيا على وجه الخصوص، وغرب أفريقيا على العموم، إلى «أفغانستان جديدة»، وبؤرة تتصدّر حركة التطرف العالمي.

وأوضح التقرير أن «هذه الإشارات مقلقة للغاية، وتتطلّب اتخاذ إجراءات»، مؤكداً أنه على دولتي نيجيريا وبنين «تعزيز التعاون وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وتنسيق عمليات عسكرية مشتركة، من أجل المطاردة الحثيثة لهذه المجموعات المسلحة، مع النظر في اتخاذ إجراءات مشتركة».

كما دعا التقرير الشركاء الدوليين، خصوصاً في الغرب، إلى ما سماه «كسر الاستجابات المحدودة لمتطلبات الحرب على الإرهاب في منطقة الساحل وبحيرة تشاد على التوالي»، مضيفاً أنه «فيما يبدو أن الصراعين يندمجان، وهناك حاجة إلى استجابة موحدة وأكثر مرونة»، على حد وصفه


مقالات ذات صلة

تقرير أممي: كابل تواصل تقديم الدعم اللوجيستي والمالي لحركة «طالبان» الباكستانية

آسيا قوات من «طالبان» خلال دورية بالقرب من بوابة الدخول إلى «مطار حميد كرزاي الدولي» في كابل بأفغانستان يوم 31 أغسطس 2021 (رويترز)

تقرير أممي: كابل تواصل تقديم الدعم اللوجيستي والمالي لحركة «طالبان» الباكستانية

كشف تقرير صادر عن فريق الدعم التحليلي للأمم المتحدة عن أن كابل مستمرة بتقديم الدعم اللوجيستي والمالي لـ«طالبان» الباكستانية؛ مما يؤدي لزيادة الهجمات الإرهابية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك - إسلام آباد - كابل)
أوروبا شموع وزهور في مكان الحادث الذي قُتل فيه صبي يبلغ من العمر 14 عاماً وأصيب أشخاص آخرون في هجوم طعن في بلدة فيلاخ بالنمسا... 16 فبراير 2025 (رويترز)

قتيل و4 جرحى طعناً بهجوم «إسلاموي» في النمسا

قُتل فتى في الـ14، وجُرح 4 أشخاص آخرين طعناً، في هجوم في جنوب النمسا، السبت، على ما أفادت الشرطة التي أوقفت طالب لجوء سورياً، يبلغ 23 عاماً.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
آسيا أشخاص أصيبوا في انفجار قنبلة على مركبة تقل عمال مناجم الفحم يتلقون المساعدة الطبية بمستشفى في كويتا بباكستان في 14 فبراير 2025 (رويترز)

مقتل 4 جنود و15 إرهابياً خلال مواجهات مسلحة شمال غربي باكستان

أعلن الجيش الباكستاني عن مقتل 4 من جنوده، و15 مسلحاً من العناصر الإرهابية خلال مواجهات مسلحة دارت بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان. وأوضح بيان صادر عن…

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
أوروبا وُضِعَت الزهور والشموع على الرصيف في ميونيخ بالقرب من الموقع الذي صدمت فيه سيارة مجموعة من المتظاهرين في 13 فبراير 2025 (د.ب.أ)

وفاة أُم وطفلتها متأثرتين بإصاباتهما جرَّاء حادث الدهس في مدينة ميونيخ

أعلن مكتب التحقيقات الجنائية في ولاية بافاريا الألمانية، السبت، وفاة أم (37 عاماً)، وطفلتها الصغيرة (عامان) متأثرتين بإصاباتهما الخطيرة.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ )
شؤون إقليمية أنصار حزب «العمال الكردستاني» تظاهروا في أنحاء أوروبا السبت في الذكرى 26 لاعتقال أوجلان للمطالبة بإطلاق سراحه (أ.ف.ب)

تركيا: احتجاجات واعتقالات بعد عزل رئيس بلدية مؤيد للأكراد

اعتقلت الشرطة التركية عدداً من أنصار رئيس بلدية وان (شرق تركيا) المعارض عبد الله زيدان، الذي عزلته وزارة الداخلية من منصبه، وعيّنت والي المدينة وصياً عليها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

مصرع عشرات النسوة في انهيار منجم للذهب بدولة مالي

لقطات شاشة من مقاطع فيديو للمأساة التي وقعت في قرية صغيرة تدعى بيلالكوتو بمنطقة خاي (صحافة محلية)
لقطات شاشة من مقاطع فيديو للمأساة التي وقعت في قرية صغيرة تدعى بيلالكوتو بمنطقة خاي (صحافة محلية)
TT

مصرع عشرات النسوة في انهيار منجم للذهب بدولة مالي

لقطات شاشة من مقاطع فيديو للمأساة التي وقعت في قرية صغيرة تدعى بيلالكوتو بمنطقة خاي (صحافة محلية)
لقطات شاشة من مقاطع فيديو للمأساة التي وقعت في قرية صغيرة تدعى بيلالكوتو بمنطقة خاي (صحافة محلية)

لقي ما لا يقل عن 48 شخصاً، غالبيتهم من النساء، مصرعهم، السبت، جراء انهيار موقع غير قانوني لاستخراج الذهب في غرب مالي، غير بعيد من الحدود مع دولة السنغال.

وبحسب مصادر محلية عديدة، فإن المأساة وقعت في قرية صغيرة تدعى بيلالكوتو، بمنطقة خاي؛ حيث تنتشر مناجم الذهب التي يستخدمها الأهالي بطريقة غير قانونية، وأغلبها عبارة عن مناجم مهجورة، بعد أن تركتها الشركات الأجنبية.

لقطات شاشة من مقاطع فيديو لآلة عملاقة يستخدمها السكان للحفر ونقل الحجارة انقلبت فوق منجم صغير (صحافة محلية)

نساء وأطفال

قالت مصادر محلية إن آلة عملاقة يستخدمها السكان للحفر ونقل الحجارة انقلبت فوق منجم صغيرة كانت داخله مجموعة من النسوة يبحثن عن الذهب بوسائل تقليدية، تعتمد على تصفية التربة المشبعة بالذهب في مياه بركة ماء عملاقة بالمنجم.

وأضافت المصادر أن المأساة حدثت في موقع مهجور كانت تديره شركة صينية، ولكنها تخلَّت عنه بعد تراجع عائداته، ليستغله السكان المحليون، ولكن بوسائل بدائية، ودون الالتزام بمعايير السلامة المعهودة في المناجم.

وقال مصدر محلي إنه بسبب حادث الانهيار «سقط بعض الضحايا في المياه، ومن بينهم امرأة تحمل طفلها على ظهرها».

وتسبب الحادث في وفاة 48 شخصاً على الفور، كان أغلبهم نسوة حوامل ومرضعات، من سكان القرى المجاورة للمنجم؛ حيث يُعدّ نشاط التنقيب عن الذهب أحد الأنشطة الاقتصادية التي يمارسها الأهالي منذ قرون.

وتسبب الحادث في تعرض 10 أشخاص على الأقل لإصابات خطيرة نقلوا على أثرها إلى المستشفى، وأكدت المصادر المحلية ذاتها أن الحصيلة لا تزال مؤقتة، وقد ترتفع، نظراً لخطورة حالة بعض المصابين.

في غضون ذلك، لا تزال عمليات البحث مستمرة، حيث يتجمهر المئات من سكان القرى بحثاً عن ذويهم المفقودين، وتحاول السلطات المحلية تسريع وتيرة عمليات الإنقاذ لعلها تنقذ أرواح بعض المفقودين.

حوادث مميتة

مالي التي تُعدّ واحدة من أفقر بلدان العالم، وتعاني من حرب أهلية طاحنة منذ نحو عقدين من الزمن، تُعدّ في الوقت ذاته واحدة من أغنى دول أفريقيا بمعدن الذهب، وأغلب إنتاج البلاد من المعدن الثمين يأتي من مناجم غير قانونية تسيطر عليها قبائل أو عصابات أو حتى مجموعات إرهابية مسلحة.

وتشير التقارير إلى أن نسبة كبيرة من ذهب دولة مالي لا يدخل الدورة الاقتصادية للبلاد، وإنما يتم تهريبه نحو الأسواق السوداء، وقبل أشهر أعلنت السلطات العسكرية في مالي عن خطة للسيطرة على مناجم الذهب غير القانونية.

لقطات شاشة من مقاطع فيديو متداولة من موقع المأساة (صحافة محلية)

من جانب آخر، تودي هذه المناجم بحياة المئات سنوياً في دول غرب أفريقيا، عموماً. ولكن، في مالي بشكل خاص، تشهدُ المناجم الأهلية بانتظام حوادث انهيار مميتة، من أخطرها حادث انهيار، العام الماضي، راح ضحيته أكثر من 70 شخصاً كانوا داخل منجم للتنقيب عن الذهب في أقصى جنوب مالي.

ونهاية شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، لقي ما لا يقل عن 10 عمال، معظمهم من النساء، مصرعهم، إثر انهيار منجم ذهب في جنوب البلاد.