الصومال يطلب إبطاء انسحاب قوات «حفظ السلام» خشية صعود متشددين

البعثة ستغادر بحلول 31 ديسمبر... والحكومة تحذر من «فراغ أمني»

قوات حفظ السلام البوروندية التابعة لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال «أميصوم» تقف في تشكيل خلال حفل بينما يستعدون لمغادرة «أكاديمية جالي سياد العسكرية» بعد أن استُبدل الجيش الصومالي بهم في مقديشو يوم 28 فبراير 2019 (رويترز)
قوات حفظ السلام البوروندية التابعة لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال «أميصوم» تقف في تشكيل خلال حفل بينما يستعدون لمغادرة «أكاديمية جالي سياد العسكرية» بعد أن استُبدل الجيش الصومالي بهم في مقديشو يوم 28 فبراير 2019 (رويترز)
TT

الصومال يطلب إبطاء انسحاب قوات «حفظ السلام» خشية صعود متشددين

قوات حفظ السلام البوروندية التابعة لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال «أميصوم» تقف في تشكيل خلال حفل بينما يستعدون لمغادرة «أكاديمية جالي سياد العسكرية» بعد أن استُبدل الجيش الصومالي بهم في مقديشو يوم 28 فبراير 2019 (رويترز)
قوات حفظ السلام البوروندية التابعة لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال «أميصوم» تقف في تشكيل خلال حفل بينما يستعدون لمغادرة «أكاديمية جالي سياد العسكرية» بعد أن استُبدل الجيش الصومالي بهم في مقديشو يوم 28 فبراير 2019 (رويترز)

أظهرت وثائق اطلعت عليها «رويترز» أن الحكومة الصومالية تسعى إلى إبطاء انسحاب قوات حفظ السلام الأفريقية، وسط تحذيرات من فراغ أمني محتمل، ومع قلق يساور دول الجوار من احتمال استيلاء «حركة الشباب» المتشددة على السلطة.

آلية عسكرية لقوات الاتحاد الأفريقي في الصومال (أرشيفية - متداولة)

وتلتزم بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال، وهي قوة لحفظ السلام تعرف اختصارا باسم «أتميس»، بإكمال الانسحاب بحلول 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وهو توقيت من المتوقع أن تحل فيه قوة جديدة أصغر محلها.

لكن الحكومة طلبت؛ في رسالة الشهر الماضي إلى القائم بأعمال رئيس «مجلس السلام والأمن» التابع للاتحاد الأفريقي، تأجيل سحب نصف القوات؛ البالغ قوامها 4 آلاف جندي، المقررة مغادرته بحلول نهاية يونيو (حزيران) الحالي إلى سبتمبر (أيلول) المقبل. ولم تُنشر تلك الرسالة من قبل.

ضابط أمن صومالي يتخذ موقعه بجوار عربته المدرعة بالقرب من فندق «سيل» مسرح هجوم شنته «حركة الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» في مقديشو يوم 15 مارس 2024 (رويترز)

وأوصت الحكومة في السابق، في تقييم مشترك مع الاتحاد الأفريقي في مارس (آذار) الماضي واطلعت عليه «رويترز»، بتعديل الجدول الزمني للانسحاب بشكل عام «بناء على الاستعداد والقدرات الفعلية» للقوات الصومالية.

وحذر التقييم المشترك، الذي أجري بتكليف من «مجلس الأمن» التابع للأمم المتحدة، بأن «السحب المتسرع لقوات (أتميس) سيساهم في فراغ أمني».

وقال مرسل خليف، العضو المستقل في «لجنة الدفاع» بالبرلمان: «أشعر بقلق أكثر من أي وقت مضى بشأن المسار الذي تتجه إليه بلادي».

ضابط أمن صومالي يتخذ موقعه على شاحنته المفتوحة بالقرب من فندق «سيل» مسرح هجوم شنته «حركة الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» في مقديشو (رويترز)

وذكر 4 مصادر دبلوماسية ومسؤول أوغندي بارز أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة؛ وهما أكبر ممولي قوة الاتحاد الأفريقي في الصومال، يسعيان إلى تقليص عملية حفظ السلام بسبب مخاوف بشأن التمويل طويل الأجل واستدامته.

وقال 3 من المصادر الدبلوماسية إن المفاوضات بشأن قوة جديدة أثبتت أنها معقدة؛ «إذ ضغط الاتحاد الأفريقي في البداية من أجل تفويض أقوى مما يريده الصومال. وقد يدفع نزاع سياسي أكثر احتداماً إثيوبيا إلى سحب بعض قواتها الأكثر خبرة في القتال».

ولم ترد الرئاسة الصومالية ومكتب رئيس الوزراء على طلبات للحصول على تعليق.

وذكر محمد الأمين سويف؛ الممثل الخاص للاتحاد الأفريقي لدى الصومال ورئيس «أتميس»، أن اختتام المفاوضات «ليس له جدول زمني محدد؛ لكن جميع الأطراف ملتزمة بالتوصل إلى اتفاق يساعد على تحقيق السلام والأمن بصورة مستدامة».

وقال لـ«رويترز»: «الاتحاد الأفريقي والحكومة الصومالية أكدا أهمية تنفيذ انسحاب وفقاً للظروف للحيلولة دون أي فراغ أمني».

ومن المقرر أن يجتمع «مجلس السلام والأمن» بشأن الصومال في وقت لاحق الخميس لمناقشة سحب القوات والمهمة التالية.

ومع بدء عملية الانسحاب بمغادرة 5 آلاف جندي من نحو 18 ألفاً و500 العام الماضي، أبدت الحكومة ثقتها وقالت إن القوة الجديدة يجب ألا يتجاوز عددها 10 آلاف جندي، وإنه يجب أن تقتصر مهامها على تأمين مراكز تجمعات سكانية كبرى.

وقال رشيد عبدي؛ المحلل في «مركز ساهان للبحوث»، ومقره نيروبي ويركز على شؤون القرن الأفريقي، إن الدعوة إلى تشكيل قوة أصغر تعكس على الأرجح آراء قوميين يعارضون الوجود الأجنبي الكبير في الصومال. ويساور القلق أيضاً أوغندا وكينيا المشاركتين بقوات في البعثة التي ستنسحب.

كما حدث في أفغانستان

وقال هنري أوكيلو أوريم، وزير الشؤون الخارجية الأوغندي، إن القوات الصومالية ليست قادرة بعد على الصمود في مواجهة عسكرية طويلة الأمد رغم جهود التدريب المكثفة.

وقال لـ«رويترز»: «لا نريد أن نصبح في موقف... كالذي حدث في أفغانستان».

وتابع أن كينيا قبلت طلبات الانسحاب من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لكن مخاوف الدول التي لديها قوات في الصومال يجب أن تجد آذاناً صاغية.

وقال ويليام روتو، رئيس كينيا، للصحافيين في واشنطن الشهر الماضي، إن انسحاباً لا يأخذ في الحسبان الأوضاع على الأرض سيعني أن «الإرهابيين سيسيطرون على الصومال».


مقالات ذات صلة

تونس: «عملية بيضاء» حول سجن يضم آلاف السجناء بينهم «إرهابيون»

أفريقيا الرئيس التونسي في زيارة سابقة لزنازين سجن المرناقية (موقع الرئاسة التونسية)

تونس: «عملية بيضاء» حول سجن يضم آلاف السجناء بينهم «إرهابيون»

كشفت مصادر رسمية من وزارة الداخلية التونسية، أن قوات الأمن أوقفت مؤخراً أكثر من 300 من بين «المفتش عنهم» في قضايا أمنية مختلفة، بينها الإرهاب وتهريب البشر.

كمال بن يونس (تونس)
آسيا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يرحب بعضو وفد «طالبان» الحاج محمد سهيل شاينا خلال محادثات سابقة (إعلام أفغاني)

«طالبان» تطمح إلى الحصول على معدات دفاعية روسية

كشف مسؤولون رفيعو المستوى في وزارة الدفاع الأفغانية عن عزم حركة «طالبان» على الحصول في المستقبل «عندما تكون الظروف مواتية» على أنظمة دفاع جوي روسية.

عمر فاروق (آسلام آباد)
شؤون إقليمية موقع سقوط المسيّرة التركية في كركوك (إكس) play-circle 00:24

أنقرة تتحرى مع بغداد عن مسيّرة «أُسقطت» في كركوك

أكدت تركيا أنها والعراق لديهما إرادة قوية ومشتركة بمجال مكافحة الإرهاب كما عدّ البلدان أن تعاونهما بمشروع «طريق التنمية» سيقدم مساهمة كبيرة لجميع الدول المشاركة

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
أفريقيا وزير الخارجية الروسي رفقة وزيرة خارجية السنغال في موسكو (صحافة سنغالية)

على خطى الجيران... هل تتقرب السنغال من روسيا؟

زارت وزيرة خارجية السنغال ياسين فال، الخميس، العاصمة الروسية موسكو؛ حيث عقدت جلسة عمل مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أعقبها مؤتمر صحافي مشترك.

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية تركيا تعدّ وجودها العسكري في سوريا ضماناً لوحدتها (إكس)

تركيا: لا يجب التعامل مع أزمة سوريا على أنها مجمّدة

أكدت تركيا أن الحل الدائم الوحيد للأزمة السورية يكمن في إقامة سوريا تحكمها إرادة جميع السوريين مع الحفاظ على وحدتها وسلامة أراضيها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

على خطى الجيران... هل تتقرب السنغال من روسيا؟

وزير الخارجية الروسي رفقة وزيرة خارجية السنغال في موسكو (صحافة سنغالية)
وزير الخارجية الروسي رفقة وزيرة خارجية السنغال في موسكو (صحافة سنغالية)
TT

على خطى الجيران... هل تتقرب السنغال من روسيا؟

وزير الخارجية الروسي رفقة وزيرة خارجية السنغال في موسكو (صحافة سنغالية)
وزير الخارجية الروسي رفقة وزيرة خارجية السنغال في موسكو (صحافة سنغالية)

زارت وزيرة خارجية السنغال ياسين فال، الخميس، العاصمة الروسية موسكو؛ حيث عقدت جلسة عمل مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أعقبها مؤتمر صحافي مشترك أكدا خلاله رغبة البلدين في تعزيز التعاون الثنائي، خصوصاً في مجالات الأمن والدفاع، والطاقة والتكنولوجيا، والتعليم والزراعة.

وزيرة خارجية السنغال خلال جلسة عمل مع لافروف أمس (صحافة سنغالية)

وتأتي هذه الزيارة في وقت تواصل روسيا التغلغل في منطقة غرب أفريقيا، ومضايقة النفوذ التقليدي لفرنسا، القوة الاستعمارية السابقة في المنطقة، التي فقدت خلال السنوات الأخيرة حضورها لصالح الروس في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، فهل تسلكُ السنغال الطريق نفسه؟

حسب ما أُعلن بشكل رسمي، فإن المباحثات التي عقدت في موسكو ما بين ياسين فال وسيرغي لافروف، خصصت لما أطلق عليه «مراجعة شاملة للتعاون الثنائي»، بالإضافة إلى مناقشة تعزيز «الشراكة» في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والتعليم والزراعة، وذلك في إطار ما أطلق عليه البلدان «بناء علاقات استراتيجية».

التعاون الأمني

هذه العلاقات الاستراتيجية لا يمكنُ أن تقوم دون أن تأخذ في الحسبان الوضع الأمني المضطرب في منطقة الساحل وغرب أفريقيا، وهو ما تطرّق له الوزيران بالفعل، حين ناقشا «التعاون لمواجهة التحديات الأمنية والإنسانية في منطقة الساحل».

وفي هذا السياق قال وزير الخارجية الروسي إن بلاده «مستعدة لدعم الدول الأفريقية في تعزيز قدراتها الدفاعية ومكافحة الإرهاب»، مؤكداً أن روسيا «تسعى لأن تكون شريكاً موثوقاً في جهود الاستقرار الإقليمي»، وفق تعبيره.

من جانبها قالت وزيرة الخارجية السنغالية إن بلادها تدعم اعتماد الحلول السلمية لتجاوز الصراعات المسلحة في منطقة الساحل الأفريقي، وقالت إنها ناقشت مع نظيرها الروسي «تقليص الأنشطة الإرهابية في منطقة الساحل، وضرورة القضاء عليها بشكل عاجل»، وأضافت: «هناك العديد من النزاعات التي تؤثر على العالم، والسنغال تشجع على البحث عن حلول سلمية تفاوضية للأزمات المختلفة، سواء كانت الأزمة الروسية - الأوكرانية، أو تلك التي تقع في قلب قارتنا، كما هو الحال في السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية».

وأكدت الوزيرة السنغالية أن «العلاقات بين العالمين الأفريقي والروسي لها جذور عميقة تعود إلى فترة الاستعمار ونضالنا ضد نظام الفصل العنصري».

الحياد السنغالي

ورغم أن الحكومة السنغالية أبدت رغبتها الصريحة في الاستفادة من روسيا، خصوصاً في مجالات الاستكشاف المعدني والطاقة والزراعة، بالإضافة إلى البحث العلمي وتدريب العاملين في قطاع الهيدروكربونات والصيد، فإنها في الوقت ذاته شددت على موقفها المحايد من الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا.

وقالت ياسين فال إن موقف السنغال «يلتزم الحياد» بين الطرفين الروسي والأوكراني، وذلك تماشياً مع «أهمية الحوار بوصفه وسيلة لتسوية النزاعات»، وشددت في السياق ذاته على أن «موقف السنغال يتماشى مع سياسة الاتحاد الأفريقي الذي يدعو إلى الحلول السلمية عبر المفاوضات»، على حد تعبيرها.

وعلق لافروف على تصريح الوزيرة السنغالية بالقول إن موسكو «تشيد بموقف السنغال المتوازن والموضوعي تجاه الصراع»، واصفاً هذا الموقف بأنه «يعكس شراكة مبنية على الاحترام المتبادل».

التقرب الروسي

لم تكن زيارة وزيرة الخارجية السنغالية إلى موسكو هي أول خطوة للتقارب بين البلدين، بل إن روسيا كثيراً ما أظهرت اهتماماً متزايداً بتعزيز علاقاتها مع السنغال، وهو ما تمثل في زيارة نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، إلى داكار الشهر الماضي، وهي الزيارة التي افتتح خلالها غرفة التجارة والاستثمار أفريقيا - روسيا في داكار، بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.

وقطعت موسكو هذه الخطوة في اتجاه السنغال، حين أعلن الرئيس السنغالي الجديد باسيرو ديوماي فاي، فور تنصيبه شهر أبريل (نيسان) الماضي، رغبته في تنويع شركاء بلاده الدوليين، بشرط الحفاظ على سيادة البلاد.

ويشير الخبراء إلى أن نجاح موسكو في التقارب مع داكار سيشكل خطوة كبيرة نحو تحقيق أهدافها في غرب القارة الأفريقية؛ حيث تعد السنغال واحدة من مراكز النفوذ الفرنسي والغربي التقليدية والعريقة، كما أنها دولة تتمتع بمستوى معقول من الاستقرار السياسي والتقدم الديمقراطي، وتعد شريكاً ذا مزايا تنافسية مهمة لروسيا.

كما أن السنغال خلال السنوات الأخيرة حققت اكتشافات مهمة في مجال الطاقة، وخصوصاً النفط والغاز الطبيعي، ويتوقع لها أن تكون لاعباً مهماً في سوق الطاقة خلال الفترة المقبلة؛ إذ تمتلك حقلاً هائلاً للغاز الطبيعي على الحدود مع موريتانيا، ويشترك البلدان في تسييره، مع شركة بريتش بتروليوم البريطانية. وهذا يضيف بعداً مهماً للتقارب بين موسكو وداكار؛ حيث يعد مجال الطاقة أحد ساحات الصراع المهمة بين روسيا والغرب.