مالي: المجلس العسكري يمهد لتمديد فترة حكمه

بعد «حوار وطني» أوصى بدعم ترشيح غويتا للرئاسة

حشود تهتف أثناء عرض لجنود ماليين في شوارع باماكو عاصمة مالي، في أغسطس 2020 (أ.ف.ب)
حشود تهتف أثناء عرض لجنود ماليين في شوارع باماكو عاصمة مالي، في أغسطس 2020 (أ.ف.ب)
TT

مالي: المجلس العسكري يمهد لتمديد فترة حكمه

حشود تهتف أثناء عرض لجنود ماليين في شوارع باماكو عاصمة مالي، في أغسطس 2020 (أ.ف.ب)
حشود تهتف أثناء عرض لجنود ماليين في شوارع باماكو عاصمة مالي، في أغسطس 2020 (أ.ف.ب)

فتح مؤيدو المجلس العسكري الحاكم في مالي الطريق، الجمعة، أمام سنوات إضافية من حكم النظام العسكري وترشيح رئيس هذا المجلس للرئاسة في المستقبل؛ فقد أوصى مئات المشاركين، بحوار وطني عُقد في باماكو لاقتراح حلول للأزمة الأمنية والسياسية العميقة التي تشهدها مالي منذ سنوات، بأن يحتفظ الحكام العسكريون الذين وصلوا إلى الحكم عام 2020 بالسلطة لسنوات أخرى، كما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية». وقالوا أيضاً إنه عندما تُجرى الانتخابات في نهاية المطاف، يجب أن يكون رئيس المجلس العسكري العقيد آسيمي غويتا مرشحاً للرئاسة، وفقاً لبيان تلاه التلفزيون الرسمي.

حكم عسكري

وعزَّز العسكريون، الذين تولوا السلطة بالقوة في 2020، قبضتهم على البلاد، إثر انقلاب ثانٍ في 2021، في بلد يواجه نشاطاً لجماعات إرهابية ومجموعات مسلحة أخرى. وقال العقيد غويتا في ختام أسبوع من «الحوار بين الماليين»، بثَّه التلفزيون الرسمي: «أدعو الهيئات الانتقالية إلى اتخاذ التدابير اللازمة للتنفيذ الدقيق لهذه التوصيات».

دورية لعناصر من الجيش المالي في العاصمة باماكو في أغسطس 2020 (أ.ب)

وقاطَعَ قسم كبير من المعارضة الحوار، واتهموا ضباط الجيش باستغلاله للبقاء في السلطة. وقال مقرر لجنة الحوار، بوبكر صو، إنهم أوصوا بتمديد الفترة الانتقالية «من سنتين إلى خمس سنوات». وأضاف أنهم أوصوا أيضاً بتعزيز «ترشح العقيد آسيمي غويتا في الانتخابات الرئاسية المقبلة». يمكن لهذه التصريحات المبهمة أن تشير إلى أن الحكام العسكريين سيبقون في السلطة لثلاث سنوات أخرى، من نهاية مارس (آذار) 2024 حتى عام 2027، وتخضع الدولة الواقعة في غرب أفريقيا لحكم العسكر إثر وقوع انقلابات متتالية في عامي 2020 و2021. وقد وعد الجيش بتسليم السلطة عبر انتخابات في فبراير (شباط).

لكنه أجَّل الانتخابات إلى أجل غير مسمى، مبرراً ذلك بالوضع الأمني غير المستقر الذي تفاقم بسبب الهجمات الإرهابية. ولم يأت تأجيل الاستحقاق مفاجأة؛ فقد اعتمد العسكريون عام 2023 دستوراً جديداً، لكنهم لم ينجزوا كثيراً من التقدُّم الملموس على خط الانتخابات.

تقارب مع روسيا

أعلن رئيس الوزراء المعيَّن من قِبَل العسكريين، شوغيل كوكالا مايغا، في أبريل (نيسان)، أن الانتخابات لن تُجرى إلا بعد تحقُّق الاستقرار نهائياً في البلاد. وكثف العسكريون منذ 2020 القطيعة، لا سيما مع القوة الاستعمارية السابقة، فرنسا، واتجهوا نحو روسيا. كما شهدت الدولتان المجاورتان، بوركينا فاسو والنيجر، اللتان تواجهان مشكلات مماثلة لتلك التي تواجهها مالي، إطاحة الجيش للحكومتين القائمتين، ودفع فرنسا إلى الخارج والتوجه نحو روسيا.

مظاهرة في باماكو بمالي تدعم روسيا وتدين فرنسا في ذكرى 60 سنة على استقلال مالي في 22 سبتمبر 2020 (أ.ب)

وأعلنت الدول الثلاث انسحابها من الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) وإنشاء تحالف دول الساحل. يحكم العسكريون الماليون البلاد دون منازع. وقد علقوا أنشطة الأحزاب، في أبريل (نيسان)، بسبب انتقاداتها لعدم احترام الالتزامات وأنها ضد «الحوار».

ويُعتبر دعم ترشيح غويتا للانتخابات الرئاسية المقبلة أمراً مرجَّحاً. وأوصى المشاركون في «الحوار الوطني» بترقية العقيد غويتا وخمسة أعضاء بارزين في المجلس العسكري إلى رتبة جنرال. وأوصوا بتشديد شروط إنشاء الأحزاب وتقليص عددها وقطع التمويل العام عنها بالكامل. ودعوا إلى حل العديد من جماعات الدفاع الذاتي والميليشيات.

من جانب آخر، أعلن صو أن الحوار أوصى أيضاً «بفتح حوار عقائدي مع ما يُعرف بـ(الجماعات الجهادية المسلحة) ودعوة العلماء الماليين إلى تحديد مجموعة المناقشات العقائدية التي سيتم إجراؤها مع هذه الجماعات».

وتشهد مالي اعتداءات دامية بسبب نشاطات جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة وتنظيم «داعش» الإرهابيين، امتدت إلى الدول المجاورة. كما تشهد أعمال عنف طائفية وإجرامية. ويندد المدافعون عن حقوق الإنسان بانتظام بفظاعات تُرتكب بحق المدنيين من قبل القوات النظامية، ومنذ 2022 من قبل حليفتها، «مجموعة فاغنر» الروسية. وتنفي السلطات ذلك.


مقالات ذات صلة

أوكرانيا تحبط مخططاً لانقلاب مزعوم

أوروبا أوكرانيات مدنيات لدى حضورهن تدريباً على استخدام الأسلحة القتالية والمعدات الطبية في كييف (أ.ف.ب)

أوكرانيا تحبط مخططاً لانقلاب مزعوم

أعلنت السلطات الأوكرانية عن إحباط مخطط لانقلاب مزعوم كان يستهدف الاستيلاء على السلطة في العاصمة كييف.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أميركا اللاتينية القائد السابق للجيش البوليفي الجنرال خوان خوسيه زونيغا (إ.ب.أ)

إيداع القادة المشتبه بتنفيذهم الانقلاب الفاشل في بوليفيا الحبس الاحتياطي

أودِع القائد السابق للجيش البوليفي الجنرال خوان خوسيه زونيغا وضابطان آخران رفيعا المستوى، وثلاثتهم متّهمون بأنّهم قادوا محاولة انقلابيّة، الحبس الاحتياطي.

«الشرق الأوسط» (لاباز)
أميركا اللاتينية الضابط العسكري المحتجز مارسيلو زيغارا، قائد القوات الجوية البوليفية، 28 يونيو 2024 (رويترز)

وضع القادة الثلاثة المفترضين للانقلاب الفاشل في بوليفيا رهن الحبس الاحتياطي

أمر القضاء البوليفي بوضع القادة الثلاثة المفترضين للانقلاب الفاشل رهن الحبس الاحتياطي مدة ستة أشهر، كما أعلنت النيابة العامة الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لاباز)
أميركا اللاتينية الرئيس البوليفي لويس آرثي يتحدث من شرفة قصر الحكومة في لاباز بعد محاولة الانقلاب الفاشلة (أ.ف.ب)

صاحب «المعجزة البوليفية» يتعرض لمحاولة انقلاب... ماذا نعرف عن لويس آرثي؟

شهدت بوليفيا، أمس (الأربعاء)، محاولة انقلاب فاشلة قادها قائد الجيش السابق خوان خوسيه زونيغا، ضد الرئيس لويس آرثي.

«الشرق الأوسط» (لاباز)
أميركا اللاتينية قائد الجيش البوليفي المقال خوان خوسيه زونيغا بعد اعتقاله (إ.ب.أ)

فشل محاولة انقلابية في بوليفيا بعد «هجوم عسكري» على القصر الرئاسي

انسحبت عناصر من القوات المسلحة البوليفية بمركبات مدرعة من القصر الرئاسي في لاباز، بعدما انتقد الرئيس لويس آرثيه محاولة «الانقلاب» على الحكومة وطالب بدعم دولي.

«الشرق الأوسط» (لاباز)

«فاغنر» تشارك في معارك على حدود الجزائر

مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)
مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)
TT

«فاغنر» تشارك في معارك على حدود الجزائر

مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)
مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)

اندلعت معارك عنيفة ما بين الجيش المالي المدعوم بمقاتلين من «فاغنر» الروسية، والمتمردين الطوارق المتمركزين في مدينة تينزاواتين، الواقعة في أقصى شمال شرقي البلاد، الخميس، والتي تمثل آخر معاقل المتمردين وأهم مركز للتبادل التجاري على الحدود مع الجزائر.

أعلن متمردو الطوارق في مالي أنهم هزموا القوات الحكومية في قتال عنيف للسيطرة على مدينة كيدال الشمالية الرئيسية (أ.ف.ب)

ولا تزال الأنباء القادمة من منطقة المعارك متضاربة جداً، في حين يؤكد كل طرف تفوقه في الميدان، وانتشار مقاطع على وسائل التواصل الاجتماعي لمعارك عنيفة، دون ما يؤكد صحة نسبتها إلى المواجهات الدائرة منذ أمس على الحدود بين مالي والجزائر.

رواية الطوارق

قالت مصادر قريبة من المتمردين الطوارق إن الجيش المالي ومقاتلي «فاغنر» حاولوا السيطرة على مدينة تينزاواتين، ولكن تم التصدي لهم وإرغامهم على الانسحاب بعد أن تكبّدوا خسائر «فادحة».

وقال مصدر محلي: «وقعت المواجهة عند منطقة آشابريش، غير بعيد من تينزاواتين، وانسحب خلالها الجنود الماليون ومقاتلو (فاغنر)، وتركوا خلفهم ثلاث مركبات عسكرية محترقة، ومركبة أخرى سليمة استحوذ عليها الجيش الأزوادي».

وأضاف المصدر نفسه أن المقاتلين الطوارق «شرعوا في عملية واسعة لتمشيط المنطقة، من أجل الوقوف على عدد القتلى في صفوف الجيش المالي ومرتزقة (فاغنر)، كما تأكد أسر جندي مالي أثناء المعركة، وقُتل جندي واحد من صفوف الطوارق وأُصيب آخر»، على حد تعبير المصدر.

دورية لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في كيدال (مالي) 23 يوليو 2015 (رويترز)

في غضون ذلك، قال محمد مولود رمضان، المتحدث باسم تنسيقية الحركات الأزوادية، وهي تحالف لجماعات متمردة يهيمن عليها الطوارق، إن «(فاغنر) تخطط بمعية الجيش المالي للاستيلاء على تينزاواتين، آخر ملاذ للمدنيين الذين فرّوا من انتهاكاتهم».

وأضاف في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «وحدات من جيش أزواد منتشرة في المنطقة تشتبك حالياً مع العدو لصدّ تقدمه»، قبل أن يؤكد: «نواجه تقدماً ونحمي السكان المدنيين النازحين، وكبّدنا مرتزقة (فاغنر) ومعاوني الجيش المالي خسائر كبيرة».

رواية أخرى

لكن الرواية الصادرة عن المتمردين الطوارق، تختلف تماماً عن رواية الجيش المالي، الذي أصدر فجر الجمعة بياناً قال فيه إن وحدة عسكرية تابعة له في منطقة تينزاواتين تعرّضت أمس لما قال إنه «هجوم إرهابي» من طرف المتمردين الطوارق الذين وصفهم بـ«الإرهابيين».

وأضاف الجيش المالي في بيان صادر عن قيادة أركانه أنه تصدى للهجوم وأطلق عملية عسكرية واسعة لملاحقة المتمردين، مشيراً إلى أن «ردة فعل الجيش القوية لا تزال مستمرة، وقد كبّدت المجموعات الإرهابية خسائر ثقيلة»، وفق نص البيان. وتعهد الجيش نشر حصيلة العملية العسكرية في وقت لاحق.

صور من المعارك متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك)

المعركة الأخيرة

تعدّ مدينة تينزاواتين آخر معقلٍ يتمركز فيه المسلحون الطوارق الساعون إلى إقامة دولة مستقلة في شمال مالي، لتحمل اسم «أزواد»، وهم الذين سيطروا على شمال مالي عام 2012، ولكنهم فقدوا السيطرة عليه منذ أن أطلق الجيش المالي عام 2022، عملية عسكرية واسعة النطاق من أجل ما سماه «توحيد الأرض».

وتأتي هذه العملية العسكرية بأمر من المجلس العسكري الذي يحكم مالي منذ انقلاب 2020، قرّر بعده التخلي عن التحالف مع فرنسا، والتوجه نحو روسيا للحصول على أسلحة جديدة، ودعم في الميدان من مئات المقاتلين التابعين لمجموعة «فاغنر» الخاصة.

وسيطر الجيش المالي مطلع العام على مدينة كيدال، عاصمة شمال مالي والمدينة الأهم بالنسبة للطوارق، وأعلن الاثنين الماضي أنه سيطر على منطقة «إن - أفراك» الاستراتيجية الواقعة على بُعد 120 كلم شمال غرب تيساليت في منطقة كيدال.

حركة مسلحة من الطوارق في شمال مالي (أ.ف.ب)

وأطلق الجيش يوم الأربعاء عملية عسكرية للسيطرة على مدينة تينزاواتين القريبة جداً من الحدود مع الجزائر، فيما يمكن القول إنها آخر المعارك بين الطرفين، حين يحسمها الجيش المالي سيكون قد سيطر على كامل أراضيه.

ومنذ بداية العملية العسكرية الأخيرة فرّ المدنيون نحو الجانب الآخر من الحدود، ودخلوا أراضي الجزائر خوفاً من المعارك، وقال أحد سكان المنطقة: «منذ أول أمس، انتشرت شائعات عن هجمات. لقد لجأنا إلى الجزائر. اليوم سمعنا إطلاق نار. إنها اشتباكات بين الجيش المالي والروس ضد تنسيقية الحركات الأزوادية».