رواندا تحيي الذكرى الثلاثين للإبادة الجماعية للتوتسي

كاغامي: المجتمع الدولي «خذلَنا جميعاً»

رئيس رواندا لدى إلقائه كلمة في مراسم إحياء ذكرى الإبادة بكيغالي الأحد (رويترز)
رئيس رواندا لدى إلقائه كلمة في مراسم إحياء ذكرى الإبادة بكيغالي الأحد (رويترز)
TT

رواندا تحيي الذكرى الثلاثين للإبادة الجماعية للتوتسي

رئيس رواندا لدى إلقائه كلمة في مراسم إحياء ذكرى الإبادة بكيغالي الأحد (رويترز)
رئيس رواندا لدى إلقائه كلمة في مراسم إحياء ذكرى الإبادة بكيغالي الأحد (رويترز)

أطلقت رواندا، الأحد، مراسم إحياء ذكرى مرور 30 عاماً على الإبادة الجماعية التي ارتكبها متطرّفو الهوتو ضد أقلية التوتسي، وراح ضحيّتها 800 ألف شخص في 100 يوم. وقُتل أكثر من 800 ألف رجل وامرأة وطفل، معظمهم من عرقية التوتسي، لكن أيضاً من الهوتو المعتدلين، في المجازر التي انقلب فيها أفراد العائلة الواحدة والأصدقاء واحدهم على الآخر، في أحد فصول التاريخ الأكثر قتامة في أواخر القرن العشرين.

«خذلان» العالم

ومثل كل عام، أشعل الرئيس بول كاغامي، زعيم الجبهة الوطنية الرواندية، الذي أطاح، في يوليو (تموز) 1994، بنظام الهوتو الذي ارتكب الإبادة الجماعية، شعلة في نصب جيسوزي التذكاري في كيغالي، كما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية». وقال، في خطاب، إن المجتمع الدولي «خذلَنا جميعاً» في فترة الإبادة الجماعية للتوتسي، «سواء بسبب الازدراء أو الجبن». وصرّح كاغامي: «كانت رحلتنا طويلة وشاقة، والدروس التي تعلّمناها محفورة بالدم».

كاغامي انتقد تقاعس العالم في وقف الإبادة (إ.ب.أ)

من جهته، قال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فقي محمد، خلال المراسم: «لا يمكن لأحد، ولا حتى للاتحاد الأفريقي، أن يبرر تقاعسه وقت الإبادة الجماعية. لنتحلَّ بالشجاعة للاعتراف بذلك وتحمل المسؤولية». وقبيل الذكرى، اتخذ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي اعترف، عام 2021، بـ«مسؤوليات» فرنسا في الإبادة الجماعية، خطوة إضافية بقوله إن فرنسا «كان بإمكانها وقف الإبادة الجماعية التي وقعت عام 1994 مع حلفائها الغربيين والأفارقة»، لكنها «لم تكن لديها الإرادة». ويُقام هذا الحدث في حضور زعماء ومسؤولين أجانب؛ من أبرزهم بيل كلينتون الذي كان رئيساً للولايات المتحدة أثناء المجازر، ووزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، ووزير الدولة لشؤون البحر هيرفي بيرفيل، المولود في رواندا.

وواجه المجتمع الدولي انتقادات شديدة لفشله في حماية المدنيين، إذ خفّضت الأمم المتحدة عدد قواتها لحفظ السلام بُعَيد اندلاع أعمال العنف. أما باريس، التي حافظت على علاقات وثيقة مع نظام الهوتو عندما بدأت الإبادة الجماعية، فدائماً ما اتهمتها كيغالي بـ«التواطؤ». وبعد عقود من التوترات وصلت إلى حد قطع العلاقات الدبلوماسية بين باريس وكيغالي، بين عاميْ 2006 و2009، عاد التقارب بين البلدين عقب تشكيل ماكرون لجنة خلصت، في عام 2021، إلى أن فرنسا «تتحمل مسؤولية كبيرة» في تلك الأحداث، مع استبعاد «التواطؤ».

أسبوع حداد

تؤذن مراسم الأحد ببدء أسبوع الحداد الوطني، وتنكيس الأعلام في رواندا. وخلال الأيام المقبلة، لن يُسمح بعزف الموسيقى في الأماكن العامة أو على الإذاعة، بينما ستُمنع القنوات التلفزيونية من بث الأحداث الرياضية والأفلام، ما لم تكن على صلة بمراسم إحياء الذكرى.

وأثار اغتيال الرئيس المنتمي إلى الهوتو، جوفينال هابياريمانا، ليل السادس من أبريل (نيسان) 1994، عندما أُسقطت طائرته فوق كيغالي، موجة غضب في أوساط متطرّفي الهوتو وميليشيا «إنترهاموي»، ما أدى إلى اندلاع أعمال القتل.

الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون متوسطاً الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي وغراسا ماشيل أرملة نيلسون مانديلا في كيغالي الأحد (رويترز)

وقُتل الضحايا بإطلاق النار عليهم أو ضربهم أو طعنهم حتى الموت، في عمليات قتل غذّتها الحملة الدعائية المناهضة للتوتسي، التي بُثت على التلفزيون والإذاعة. ويقدّر بأن ما بين 100 ألف إلى 250 ألف امرأة تعرّضن للاغتصاب، وفق أرقام الأمم المتحدة. وفرّ مئات آلاف الأشخاص، معظمهم من عرقية الهوتو الذين شعروا بالخوف من الهجمات الانتقامية عقب الإبادة، إلى بلدان مجاورة؛ بينها جمهورية الكونغو الديموقراطية. وما زالت المقابر الجماعية تُكتشف في رواندا حتى اليوم.

تأخر العدالة

منذ 30 عاماً، تقوم رواندا بمبادرات للمصالحة الوطنية، من بينها إقامة محاكم أهلية في عام 2002 حيث يمكن للضحايا الاستماع إلى «اعترافات» أولئك الذين اضطهدوهم.

جانب من مراسم إحياء ذكرى الإبادة في كيغالي الأحد (أ.ف.ب)

وتفيد السلطات الرواندية بأن مئات المشتبَه بهم في الإبادة ما زالوا فارّين، بما في ذلك في جمهورية الكونغو الديموقراطية وأوغندا المجاورتين. وحتى الآن، جرى تسليم 28 فقط إلى رواندا على مستوى العالم. وحاكمت فرنسا، التي كانت إحدى أبرز الوجهات للروانديين الفارّين من العدالة في بلدهم، وأدانت نحو خمسة أشخاص؛ على خلفية تورطهم في عمليات القتل. ودعت منظمات حقوقية، بما فيها منظمة العفو الدولية و«هيومن رايتس ووتش»، إلى تسريع محاكمة المسؤولين عن الإبادة الجماعية. وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك: «أدعو دول العالم إلى مضاعفة جهودها لمحاسبة جميع الجُناة المشتبَه بهم الذين ما زالوا على قيد الحياة (...) ومكافحة خطاب الكراهية والتحريض على ارتكاب الإبادة الجماعية».



​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
TT

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

استعادت جماعة «بوكو حرام» الموالية لـ«تنظيم داعش» الإرهابي، قدرتها على المبادرة والهجوم في مناطق مختلفة بشمال نيجيريا، وشنّت هجوماً استهدف قاعدة عسكرية تابعة للجيش، قُتل فيه خمسة جنود على الأقل، وأُصيب عشرة جنود، فيما قال الجيش إنه قتل أكثر من خمسين من عناصر الجماعة الإرهابية.

وقالت قيادة الجيش النيجيري في بيان، إن الهجوم الإرهابي الذي شنّه فرع من جماعة «بوكو حرام»، في غرب أفريقيا، استهدف القوات المتمركزة بموقع عمليات التثبيت بقرية «كاريتو»، بولاية بورنو، في أقصى شمال شرقي نيجيريا، على الحدود مع دولة النيجر.

البيان الصادر عن مدير الإعلام العسكري، اللواء إدوارد بوبا، قال إن الهجوم الإرهابي وقع بالتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع، ووصفه بأنه «كان منسقاً»، قبل أن يؤكد «مقتل خمسة جنود وإصابة عشرة آخرين بجروح، بالإضافة إلى فقدان أربعة جنود آخرين».

من عملية ضد جماعة «بوكو حرام» (أرشيفية متداولة)

وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم قيادة الجيش إن «القوات المسلحة نجحت في القضاء على عدد من الإرهابيين، واستعادة أسلحة كانت بحوزتهم»، مشيراً إلى تكبد الجيش خسائر مادية «فادحة»، حيث إن منفذي الهجوم الإرهابي أحرقوا بعض المعدات «بما في ذلك شاحنة محملة بالأسلحة، وثلاث مركبات تكتيكية، وجرافة».

وأطلق الجيش النيجيري عملية تعقب بقيادة وحدة من قوات الدعم مع غطاء جوي، وقال إن الهدف هو «استكشاف المنطقة بشكل عام، ومسارات انسحاب الإرهابيين»، وفق تعبير البيان.

وتسعى القوات النيجيرية إلى قطع الطريق أمام منفذي الهجوم الإرهابي، بهدف استعادة الجنود المفقودين، في ظل توقعات بأن الإرهابيين «اختطفوهم» ليكونوا دروعاً بشرية تحميهم من أي قصف جوي.

صورة أرشيفية لهجوم شنّته جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا (رويترز)

الهجوم الإرهابي استهدف قرية «كاريتو»، التي لا تبعد سوى 153 كيلومتراً عن العاصمة الإقليمية مايدوجوري، وهي المقر الرئيس لـ«الكتيبة 149» التابعة للجيش النيجيري، التي تشارك بنشاط في عمليات محاربة الإرهاب، كما استهدف معاقل فرعي جماعة «بوكو حرام»، الموالية لتنظيمي «داعش» و«القاعدة».

وقالت قيادة الجيش النيجيري إن «هذا الهجوم لن يثني القوات المسلحة النيجيرية عن القضاء على الإرهاب والتمرد والتحديات الأمنية الأخرى التي تواجه البلاد»، وأعربت عن تعويلها على تعاون السكان المحليين في ملاحقة الإرهابيين.

وأعلن حاكم ولاية بورنو، باباغانا زولوم، عن وقوفه إلى جانب القوات المسلحة النيجيرية، وأضاف في بيان صحافي أن الهجوم «يعيد إلى الأذهان مستوى وحشية العناصر الإرهابية لجماعة (بوكو حرام)».

وبينما أعلن عدد من كبار قادة الجيش في نيجيريا عن انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»، والاقتراب من القضاء عليها بشكل نهائي، بدأت الجماعة تعيد ترتيب صفوفها، وإظهار قدرات جديدة على المبادرة والهجوم.

ففي حادث منفصل، نصب مسلحون من «بوكو حرام»، الثلاثاء، كميناً لفريق مراقبة من قوات الأمن والدفاع المدني النيجيرية، كان يتفقد منشآت الشبكة الوطنية للكهرباء والطاقة في إقليم النيجر التابع لنيجيريا.

مسلحو «بوكو حرام» خلَّفوا الخراب والدمار في ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم قوات الأمن والدفاع المدني أفولابي باباوالي، إن خطوط الشبكة الوطنية للطاقة تعرضت مؤخراً لهجمات إرهابية تخريبية، وقد أسفرت عن انقطاع واسع للتيار الكهربائي في أقاليم شمال نيجيريا.

وأوضح المتحدث أنه «حينما كانت فرق الأمن تتفقد خطوط الشبكة الوطنية، تعرضت لهجوم إرهابي نفذه أكثر من 200 مسلح نصَبوا كميناً من قمة أحد التلال»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن المواجهات بين الطرفين «أسفرت عن مقتل أكثر من خمسين إرهابياً، فيما يوجد سبعة جنود في عداد المفقودين».

وتتزامن هذه الهجمات الإرهابية المتفرقة، مع معارك طاحنة تجري منذ أسابيع ما بين جيش تشاد ومقاتلي «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، التي تُوصف بأنها «العمق الاستراتيجي» للتنظيم الإرهابي، حيث توجد قواعده الخلفية وسط الغابات والجزر المترامية في واحدة من أكبر المناطق الرطبة في أفريقيا.