هل ينجحُ الرئيس الموريتاني في نزع فتيل حرب بين الكونغو الديمقراطية ورواندا؟

التقى الطرفين في نواكشوط ضمن مبادرة للبحث عن تسوية سياسية

الرئيس الموريتاني رفقة رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية بنواكشوط الجمعة (الرئاسة الموريتانية)
الرئيس الموريتاني رفقة رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية بنواكشوط الجمعة (الرئاسة الموريتانية)
TT

هل ينجحُ الرئيس الموريتاني في نزع فتيل حرب بين الكونغو الديمقراطية ورواندا؟

الرئيس الموريتاني رفقة رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية بنواكشوط الجمعة (الرئاسة الموريتانية)
الرئيس الموريتاني رفقة رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية بنواكشوط الجمعة (الرئاسة الموريتانية)

تسلم الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي قبل شهر، وسط موجة صراعات مسلحة تجتاح القارة، من أعنفها تمرد في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، تقوده حركة «إم 23» المحسوبة على رواندا، ما ينذرُ بانهيار الوضع الإقليمي واندلاع حرب في منطقة البحيرات الكبرى.

موريتانيا البعيدة جغرافياً عن منطقة البحيرات الكبرى، استقبلت خلال هذا الأسبوع طرفي الصراع، في إطار ما قيل إنها وساطة جديدة يقودها ولد الغزواني بصفته الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي. فهل ينجحُ هدوء ولد الغزواني في نزع فتيل واحدة من أخطر أزمات أفريقيا؟

الدور الموريتاني

منذ عودة الصراع المسلح إلى شرق الكونغو الديمقراطية، وتوتر العلاقة مع رواندا، أُطلقت مبادرات عدة لتسوية الأزمة سلمياً، من أشهرها مبادرة كينيا، تبعتها مبادرة قادها رئيس أنغولا جواو لورينسو. إلا أن ذلك لم يوقف الحرب التي قتلت الآلاف، وشرّدت ملايين المدنيين.

وفي إطار البحث عن مقاربة جديدة، التقى الرئيس الموريتاني طرفي الصراع، كلّ على حدة. كان اللقاء الأول مع وزير خارجية رواندا فنسنت بيروتا الذي زار نواكشوط، يوم الاثنين الماضي، مبعوثاً خاصاً من الرئيس الرواندي بول كاغامي.

كما زار نواكشوط، يوم الأربعاء، رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، وأجرى مباحثات على انفراد مع ولد الغزواني استمرت لأكثر من ساعة. وقالت الرئاسة الكونغولية إن «الرئيس الموريتاني، بصفته الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي، وعد بتوفير دعم دبلوماسي ثابت لمسار السلام».

وفي السياق ذاته، تباحث ولد الغزواني، الجمعة، عبر الهاتف مع رئيس أنغولا جواو لورينسو، الذي يقود هو الآخر مبادرة وساطة لاستعادة الأمن والاستقرار في شرق الكونغو الديمقراطية. وعبّر ولد الغزواني عن دعمه للمبادرة، حسبما أوردت الوكالة الموريتانية للأنباء (رسمية).

وساطة متوقعة

وصف الخبير الموريتاني في الشأن الأفريقي المختار ولد الشين، الوساطة الموريتانية في أزمة شرق الكونغو الديمقراطية بأنها «وساطة متوقعة، بل ومرحب بها»، وأشار إلى أن ولد الغزواني فور تسلمه رئاسة الاتحاد الأفريقي «ركز على أنه يجب حل كل الصراعات».

وقال ولد الشين إن موريتانيا بعيدة عن بؤرة الصراع، وتربطها علاقات جيدة بالبلدين، مشيراً إلى أن «الرئيس الرواندي كان من أوائل الرؤساء الذين هنأوا الرئيس الموريتاني على توليه قيادة الاتحاد الأفريقي، كما أن كاغامي زار نواكشوط مرات عدة في السنوات الأخيرة، كانت آخرها العام الماضي».

وأوضح الخبير في الشأن الأفريقي أن رواندا تبدو مهتمة بالوساطة الموريتانية، دليله على ذلك أنها «أرسلت إلى نواكشوط وفداً رفيع المستوى برئاسة وزير الخارجية الرواندي وكذلك رئيس الاستخبارات، حمل رسالة بقبول وساطة الرئيس الموريتاني، ثم تقديم وجهة نظر رواندا في حيثيات الأزمة».

وأضاف ولد الشين: «لا بد من الإشارة هُنا إلى أن وزير خارجية رواندا الذي زار نواكشوط، يعد شخصية بارزة جداً، وهو من أقرب المستشارين للرئيس بول كاغامي».

من جهة أخرى، قال الخبير في الشأن الأفريقي إن موريتانيا تقيم علاقات جيدة مع الكونغو الديمقراطية، والعلاقة الشخصية بين ولد الغزواني وتشيسكيدي تبدو جيدة، إذ يلتقيان كثيراً على هامش المؤتمرات الدولية والقمم.

وخلص ولد الشين إلى أن «الوساطة الموريتانية مقبولة ومرحب بها، لأن موريتانيا تقع في شمال أفريقيا، أو يمكن عدها حلقة وصل بين شمال القارة وغربها، ورئيسها الحالي يتمتع بعلاقات حسنة مع الجميع».

مهمة معقدة

رغم قبول الوساطة الموريتانية والترحيب بها، فإن المهمة لا تبدو سهلة، لأن الأزمة المحتدمة في شرق الكونغو الديمقراطية «تعد واحدة من أكثر الأزمات تعقيداً في القارة الأفريقية، بسبب وجود الكثير من اللاعبين فيها، بسبب الصراع على الموارد، إذ توجد في المنطقة مقدرات هائلة من المعادن النادرة»، على حد تعبير المختار ولد الشين.

ويؤكد الخبير في الشأن الأفريقي أن «الرئيس الموريتاني لديه بعض نقاط القوة، في مقدمتها أنه الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي، وأنه يقيم علاقات حسنة مع جميع الدول الأفريقية، ويحظى بدعم القوى الدولية؛ فهو حليف استراتيجي للولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي، وعلاقاته جيدة بروسيا الاتحادية والصين».

ويضيف ولد الشين أن «خبرة الرئيس الموريتاني وتجربته بوصفه قائداً عسكرياً سابقاً ورئيساً سابقاً للاستخبارات، كل ذلك يرشحه لفهم تعقيدات الصراعات ذات الطابع الأمني والعسكري في القارة الأفريقية».


مقالات ذات صلة

«كاف» يعلن قوائم المرشحات للفوز بجوائز السيدات 

رياضة عالمية منتخب سيدات المغرب من المرشحات لجائزة الأفضل في القارة الأفريقية (الشرق الأوسط)

«كاف» يعلن قوائم المرشحات للفوز بجوائز السيدات 

أعلن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف)، اليوم (الأربعاء)، القوائم المرشحة للحصول على جوائزه لعام 2024 في فئة السيدات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية كولر مدرب الأهلي المصري ينافس 4 مدربين لمنتخبات على الأفضل في أفريقيا (أ.ف.ب)

«كاف»: 5 مرشحين لجائزة أفضل مدرب في أفريقيا

أعلن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) عن القائمة النهائية للمرشحين لجائزة أفضل مدرب في القارة السمراء في عام 2024.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية أشرف حكيمي (أ.ب)

حكيمي يتصدر قائمة المرشحين لجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

ينافس المغربي الدولي أشرف حكيمي بقوة على جائزة أفضل لاعب في أفريقيا للعام الثاني على التوالي بعد دخوله القائمة المختصرة للمرشحين، التي أعلنها الاتحاد الأفريقي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
حصاد الأسبوع بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها

بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها

خطفت بوتسوانا (بتشوانالاند سابقاً) أنظار العالم منذ أشهر باكتشاف ثاني أكبر ماسة في العالم، بيد أن أنظار المراقبين تخاطفت الإعجاب مبكراً بتلك الدولة الأفريقية

«الشرق الأوسط» ( القاهرة)
أفريقيا وزير الخارجية الروسي وأعضاء الوفود يلتقطون صورة جماعية خلال «منتدى الشراكة الروسية - الأفريقية» في سوتشي الأحد (أ.ف.ب)

روسيا تسعى لطرح نفسها شريكاً لا غنى عنه لأفريقيا

سعت موسكو خلال مؤتمر وزاري روسي أفريقي عقد السبت والأحد في سوتشي (جنوب غرب) إلى فرض نفسها شريكاً لا غنى عنه للدول الأفريقية.

«الشرق الأوسط» (سوتشي - لندن)

إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
TT

إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)

وقع إطلاق نار كثيف، الخميس، في جوبا عاصمة جنوب السودان بمقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، أكول كور، الذي أقيل الشهر الماضي، حسبما أكد مصدر عسكري، فيما تحدّثت الأمم المتحدة عن محاولة لتوقيفه.

وبدأ إطلاق النار نحو الساعة السابعة مساء (17.00 ت.غ) قرب مطار جوبا واستمر زهاء ساعة، بحسب مراسلي «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأبلغت الأمم المتحدة في تنبيه لموظفيها في الموقع، عن إطلاق نار «مرتبط بتوقيف الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات»، ناصحة بالبقاء في أماكن آمنة.

وقال نول رواي كونغ، المتحدث العسكري باسم قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان، لإذاعة بعثة الأمم المتحدة في البلاد (مينوس) إنه «حصل إطلاق نار في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق».

وأضاف: «شمل ذلك قواتنا الأمنية التي تم نشرها هناك لتوفير مزيد من الأمن».

وتابع: «لا نعرف ماذا حدث، وتحول سوء التفاهم هذا إلى إطلاق نار»، و«أصيب جنديان بالرصاص». وأضاف: «بعد ذلك هرعنا إلى مكان الحادث... وتمكنا من احتواء الموقف عبر إصدار أمر لهم بالتوقف».

وقال: «مصدر عسكري مشارك في العملية» لصحيفة «سودانز بوست» اليومية، إن أكول كور أوقف بعد قتال عنيف خلف «عشرات القتلى والجرحى من عناصره»، لكن التوقيف لم يتأكد رسمياً حتى الآن.

وأظهرت صور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وأخرى نشرتها الصحيفة شبه توقف لحركة المرور بالقرب من مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، حيث فر سائقون خائفون بعد سماع إطلاق النار تاركين سياراتهم، وفقاً لصحيفة «سودانز بوست».

وأقال رئيس جنوب السودان سلفاكير في أكتوبر (تشرين الأول) رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية أكول كور الذي تولى منصبه منذ استقلال البلاد عام 2011، وكلّفه تولي منصب حاكم ولاية واراب التي تشهد اضطرابات.

ولم تُحدّد أسباب هذه الخطوة. ويأتي هذا القرار بعد أسابيع من إعلان الحكومة تأجيلاً جديداً لعامين، لأول انتخابات في تاريخ البلاد، كان إجراؤها مقرراً في ديسمبر (كانون الأول).

بعد عامين على استقلاله، انزلق جنوب السودان إلى حرب أهلية دامية عام 2013 بين الخصمين سلفاكير (الرئيس) ورياك مشار (النائب الأول للرئيس)، ما أسفر عن مقتل 400 ألف شخص وتهجير الملايين.