موسكو توسع نفوذها في أفريقيا عبر النيجر... ومحاولات لاستبعاد واشنطن

أعضاء من مجموعة «فاغنر» الروسية في مالي (أرشيفية - أ.ب)
أعضاء من مجموعة «فاغنر» الروسية في مالي (أرشيفية - أ.ب)
TT

موسكو توسع نفوذها في أفريقيا عبر النيجر... ومحاولات لاستبعاد واشنطن

أعضاء من مجموعة «فاغنر» الروسية في مالي (أرشيفية - أ.ب)
أعضاء من مجموعة «فاغنر» الروسية في مالي (أرشيفية - أ.ب)

تسعى موسكو لتعزيز نفوذها في النيجر، حيث يتحرّك المجلس العسكري لإبعاد الولايات المتحدة، في تقدّم روسي جديد بالمنطقة، بينما يتراجع الحضور العسكري الغربي.

وأعلن الجيش النيجري نهاية الأسبوع، تخليه عن اتفاق مع الولايات المتحدة «بأثر فوري»، رغم أن تداعيات الخطوة ما زالت غير واضحة.

ومثّلت النيجر شريكاً مهماً للغرب في المعركة ضد الإرهابيين بمنطقة الساحل. لكن على غرار جارتيها الخاضعتين للحكم العسكري؛ مالي وبوركينا فاسو، سعت للتقارب مع روسيا منذ تولي المجلس العسكري السلطة.

وأجبرت إطاحة الجيش في يوليو (تموز) 2023، الرئيس المنتخب محمد بازوم، القوات الفرنسية على المغادرة، وباريس على إعادة النظر في استراتيجيتها بالمنطقة.

وأفاد الأستاذ في كلية الحرب البحرية الأميركية كريستوفر فولكنر، وكالة «الصحافة الفرنسية»، بأن «روسيا تعمل على تسهيل إقامة علاقة عسكرية أكثر تقارباً مع النيجر منذ الانقلاب».

وأضاف: «أتوقع أن يتم التوصل إلى اتفاق من نوع ما»، موضحاً أن الخطوة الروسية «انعكاس للأهمية التي توليها موسكو لنفوذها في أفريقيا».

إبرام صفقات

أفادت عدة مصادر أجنبية طلبت عدم الكشف عن هوياتها، وكالة «الصحافة الفرنسية»، عن عدم وجود إجماع ضمن صفوف المجلس العسكري على إقامة تحالف مع موسكو.

لكن سياسة النيجر الخارجية تنتقل بعيداً عن الحلفاء الغربيين منذ قرار المجلس العسكري قطع التعاون مع فرنسا.

وغادر آخر الجنود الفرنسيين البلاد في ديسمبر (كانون الأول)، لكن ما زال هناك نحو ألف جندي أميركي يديرون قاعدة مسيّرات صحراوية بقيمة 100 مليون دولار في شمال النيجر.

ومن ثم في فبراير (شباط) 2024، أصدرت نيامي مرسوماً أعلنت فيه أن الإنفاق العسكري لن يعود خاضعاً للإشراف.

وقال فولكنر إن «ذلك يعزز فرصهم في إبرام صفقات مع روسيا يصبح تعقبها أكثر صعوبة وتعزز سلطة المجلس العسكري»، من خلال تخفيف الشفافية فيما يتعلّق بالإنفاق الدفاعي.

وأفاد مصدر عسكري أوروبي طلب عدم الكشف عن هويته، بأن التخلي عن التعاون مع الولايات المتحدة ووضع حد للضوابط المرتبطة بالإنفاق العسكري، كان «شرطاً مسبقاً للاتفاق المقبل» بين النيجر وروسيا.

هنا ليبقوا

يندرج تحوّل النيجر للتقارب مع موسكو في إطار اتجاه لافت في المستعمرات الفرنسية السابقة بأفريقيا للابتعاد عن الغرب والهيئات الدولية.

وبدلاً من نشر جنود نظاميين، اكتسبت موسكو نفوذاً عبر إرسال مرتزقة من مجموعة «فاغنر» التي تخدم أهداف الكرملين في أفريقيا منذ العقد الأول من الألفية.

وباتت المجموعة تحت مظلة الكرملين بعدما أعيد تنظيمها وتسميتها «فيلق أفريقيا» عقب وفاة مؤسسها يفغيني بريغوجين، إثر تحطّم طائرته في ظروف غامضة بأغسطس (آب) 2023، في خطوة تمثّل اعترافاً رسمياً بدور روسيا في منطقة الساحل.

وروسيا موجودة بالفعل في مالي بعد اتفاق بين النظام العسكري في باماكو ومجموعة «فاغنر».

واعترفت بوركينا فاسو المجاورة مؤخراً بالدعم الروسي لها؛ «اللوجيستي وعبر التدريب التكتيكي».

وفي الأثناء، انتشرت صور على وسائل التواصل الاجتماعي لطوابير طويلة من الروس الذين غطوا وجوههم (يعتقد على نطاق واسع بأنهم مرتزقة)، وهم مصطفون خارج مقر السفارة الروسية في بانغي للتصويت في الانتخابات الرئاسية الروسية.

وقالت لو أوزبورن من مجموعة «كل العيون على فاغنر» لوكالة «الصحافة الفرنسية»، إن «المرحلة الأولى من النفوذ الروسي في أفريقيا لم يُعترف بها بشكل علني».

وأضافت: «كانت مخفية، ما جعل فاغنر مفيدة للغاية. لكن الآن، رسّخ الروس وجودهم بشكل رسمي أكثر. في الساحل أو جمهورية أفريقيا الوسطى، تم نشر صور وفود روسية». وأكدت: «الرسالة: إنهم هنا ليبقوا».

وجود من نوع ما

تشعر الولايات المتحدة بالقلق حيال تقارب النيجر مع روسيا، لا سيما لأن سحب قواتها سيعني ترك منشآت عسكرية حيوية للروس.

وأفاد ناطق باسم الخارجية الأميركية بأن واشنطن تتواصل مع نيامي «سعياً للحصول على توضيحات... ومناقشة الخطوات التالية».

وذكرت «واشنطن بوست»، الجمعة، أنه حتى الآن، فإن المسؤولين الأميركيين يسعون في جلساتهم المغلقة لتحديد إن كانت واشنطن «يمكنها المحافظة على نوع من الوجود العسكري في البلاد، أم لا».

وفي فرنسا، يشعر بعض المقرّبين من الرئيس إيمانويل ماكرون، بعدم الرضا لعدم اتباع واشنطن نهج فرنسا في رفض الاعتراف بالمجلس العسكري من الأساس.

ومع زيارة وفود أميركية عالية المستوى النيجر غداة الانقلاب، أبدت فرنسا اهتماماً بالتدخل العسكري لإعادة بازوم إلى السلطة.

وكتب النائب في الحزب الحاكم بفرنسا بنجامان حداد على منصة «إكس»: «لربما يلقّن ذلك درساً للولايات المتحدة التي سارعت للاعتراف بالمجلس العسكري ولم تتضامن معنا».

وتحد الموارد التي تحتاج إليها روسيا من أجل حربها في أوكرانيا من إمكاناتها، بحسب رافايل بارينز من «معهد أبحاث السياسات الخارجية» في الولايات المتحدة.

وأضاف أن موسكو على الأرجح «ترغب في الدخول باتفاق مع النيجر». لكنه أضاف أن «قدرتها على دعم هذه العملية بالقوة العسكرية مسألة مختلفة تماماً».



«الأمم المتحدة»: حلفاء الأطراف المتحاربة بالسودان يسهمون في «المجازر»

مواطنون يتجمعون للحصول على المياه بالعاصمة السودانية الخرطوم (أ.ب)
مواطنون يتجمعون للحصول على المياه بالعاصمة السودانية الخرطوم (أ.ب)
TT

«الأمم المتحدة»: حلفاء الأطراف المتحاربة بالسودان يسهمون في «المجازر»

مواطنون يتجمعون للحصول على المياه بالعاصمة السودانية الخرطوم (أ.ب)
مواطنون يتجمعون للحصول على المياه بالعاصمة السودانية الخرطوم (أ.ب)

اتهمت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، حلفاء القوات العسكرية والقوات شبه العسكرية المتحاربة في السودان، أمس الثلاثاء، بـ«تمكين المجازر» التي أودت بحياة أكثر من 24 ألف شخص، وخلفت أسوأ أزمة نزوح في العالم.

وقالت ديكارلو، لمجلس الأمن الدولي: «هذا أمر لا يمكن تصوره». وأضافت: «إنه غير قانوني، ويجب أن يتوقف»، وفق ما نقلت «وكالة الأنباء الألمانية».

ولم تُسمِّ الدول التي تقول إنها تُموّل وتُزوّد بالأسلحة الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» شبه العسكرية، لكنها قالت إن هذه الدول تتحمل مسؤولية الضغط على الجانبين للعمل نحو تسوية تفاوضية للصراع.

وانزلق السودان في الصراع، منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، عندما اندلعت التوترات المستمرة منذ فترة طويلة بين القادة العسكريين والقادة شبه العسكريين في العاصمة الخرطوم، وانتشرت إلى مناطق أخرى، بما في ذلك غرب دارفور، التي عانت العنف والفظائع في عام 2003. وحذّرت «الأمم المتحدة» مؤخراً من أن البلاد على حافة المجاعة.