حداد وحزن في بوركينا فاسو بعد مقتل 170 مدنياً في هجمات إرهابية

السلطات فتحت تحقيقاً... وقادة الجيش يتجولون في ميدان المعركة

تلقي التعازي بين العسكريين (وكالة أنباء بوركينا فاسو الرسمية)
تلقي التعازي بين العسكريين (وكالة أنباء بوركينا فاسو الرسمية)
TT

حداد وحزن في بوركينا فاسو بعد مقتل 170 مدنياً في هجمات إرهابية

تلقي التعازي بين العسكريين (وكالة أنباء بوركينا فاسو الرسمية)
تلقي التعازي بين العسكريين (وكالة أنباء بوركينا فاسو الرسمية)

عمت أجواء الحداد مناطق بوركينا فاسو، بعد أن أعلنت سلطات البلد الواقع في غرب أفريقيا، أن هجمات إرهابية متزامنة وقعت الأسبوع الماضي، خلفت 170 قتيلاً على الأقل، وهي حصيلة لا تزالُ مرشحة للارتفاع بسبب وجود مصابين وأشخاص مفقودين.

قادة عسكريون مع جنود في قرى محاذية لمالي حيث تدور معارك ضد الإرهابيين (وكالة أنباء بوركينا فاسو الرسمية)

وقالت السلطات إن ضحايا الهجمات الإرهابية تم «إعدامهم» بدم بارد، وكان من بينهم نساء وأطفال، واستهدفت 3 قرى تقع شمال شرقي البلاد، غير بعيد من الحدود مع النيجر ومالي، وهي المنطقة التي تنشط فيها جماعات إرهابية موالية لتنظيم «داعش».

وتزامنت الهجمات الدامية التي استهدفت 3 قرى متفرقة، أيضاً مع هجمات إرهابية استهدفت مسجداً وكنيسة، ليكون بذلك الأسبوع الماضي هو الأكثر دموية في بوركينا فاسو التي تواجه خطر الإرهاب منذ 2015.

ونشرت حصيلة الهجمات الدامية الأخيرة، من طرف المدعي العام لمحكمة مدينة واهيغويا، علي بنيامين كوليبالي، وهو موجود في المنطقة التي تعرضت للهجمات في شمال بوركينا فاسو، وقال إنه أبلغ بوقوع «هجمات دامية هائلة في قرى كومسليغا ونودان وسورو» في محافظة ياتنغا بشمال البلاد.

وأضاف المدعي العام أن «المصادر ذاتها تؤشر إلى أن الحصيلة غير النهائية هي أن نحو 170 شخصاً أعدموا»، إضافة إلى إصابة آخرين بجروح ووقوع أضرار مادية، مؤكداً بذلك الروايات المحلية التي سبق أن وصفت عنف الهجمات.

قادة عسكريون مع جنود في قرى محاذية لمالي حيث تدور معارك ضد الإرهابيين (وكالة أنباء بوركينا فاسو الرسمية)

وقال المدعي العام في بيان صحافي، إنه «بالنظر إلى خطورة الأحداث، أصدرت النيابة العامة توجيهات إلى الشرطة القضائية لفتح تحقيق بغرض توضيح الوقائع»، داعياً كل الأشخاص «الذين يحوزون عناصر أو معلومات بشأن هذه الحوادث» لإبلاغ السلطات المعنية بها.

وأكد المدعي العام في المنطقة أن فريقاً من المحققين زار بعض القرى التي تعرضت للهجمات الإرهابية نهاية فبراير (شباط) الماضي، مشيراً إلى أن الهدف من الزيارة هو «التوصل إلى جميع النتائج وجمع كل الأدلة».

وكانت مصادر عسكرية قد أكدت أن «آلاف المقاتلين الإرهابيين وبتنسيق محكم، هاجموا عدة مواقع للقوات المسلحة في تراب بوركينا فاسو»، مشيرة إلى أن الهجمات طالت أيضاً عشرات القرى ومسجداً وكنيسة.

وفي المقابل، أعلن الجيش أنه تصدى لهذه الهجمات الإرهابية، ونجح في تحييد مئات الإرهابيين الذين كانوا يتحركون على متن دراجات نارية وسيارات رباعية الدفع، وأكد الجيش أنه استخدم سلاح الجو لملاحقة الإرهابيين وقصفهم في الغابات.

وقال وزير الدفاع في بوركينا فاسو محمد سانا، في تصريح بثه التلفزيون الحكومي الأسبوع الماضي، إنه «خلال نهاية الأسبوع الماضي، سجلنا عدة هجمات منسقة ومتزامنة في البلاد»، ثم أضاف في السياق ذاته، أن «هذا التغيير في الناحية التكتيكية للعدو يعود إلى تدمير قواعد الإرهابيين ومعسكرات تدريبهم وتنفيذ عمليات لتجفيف منابع تمويل العدو والسيطرة على خطوط الإمداد».

وتشير تقارير كثيرة إلى أن عدد ضحايا الإرهاب في بوركينا فاسو منذ 2015، تجاوز حاجز 20 ألف قتيل، بينما تسببت الهجمات الإرهابية في نزوح أكثر من مليوني إنسان من قراهم في شمال وشرق البلاد.

ومنذ يناير (كانون الثاني) الماضي، تصاعدت وتيرة الهجمات الإرهابية في بوركينا فاسو، وقدرت منظمة غير حكومية عدد الضحايا منذ ذلك الوقت، بأكثر من 439 شخصاً، وهو ما تفسره الحكومة في البلد بالعملية العسكرية الواسعة التي يشنها الجيش ضد الجماعات الإرهابية لطردها من مناطق نفوذها واستعادة السيطرة على جميع تراب بوركينا فاسو.

وكثف جيش بوركينا فاسو من عملياته العسكرية ضد الإرهابيين منذ أكثر من عام، ضمن خطة أعلن عنها المجلس العسكري الانتقالي الذي يحكم البلد منذ سبتمبر (أيلول) 2022، إثر انقلاب عسكري، كان مبرره الوحيد «القضاء على الإرهاب».

وبالتزامن مع حالة الحزن التي تعيشها بوركينا فاسو، ظهرت مجموعة من القيادات العسكرية في الصفوف الأمامية «لدعم وتشجيع الجنود على القتال»، ويتعلق الأمر بالعقيد سيي أرنولد، والعقيد نيانغاو بابان، من قيادة القوات الخاصة التابعة للدرك الوطني.

وقالت وكالة الأنباء الرسمية التي نشرت صوراً للعقيدين مع الجنود، إن الهدف من الزيارة هو «الوقوف على حقيقة ما يجري على أرض الواقع في هذه القرى، ولكن أيضاً تقييم الوضع الأمني في المنطقة المحاذية لدولة مالي».

وأضاف المصدر نفسه أن العقيدين «توجها بالتهنئة نيابة عن القيادة العليا للقوات المسلحة، خصوصاً رئيس الدولة النقيب إبراهيم تراوري، إلى الجنود على ما يقومون به من تضحيات يومياً على الميدان، لمحاربة الإرهاب والقضاء على الجريمة المنظمة».


مقالات ذات صلة

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

أفريقيا أنصار مرشح المعارضة باسيرو ديوماي فاي يحضرون مسيرة حاشدة في أثناء فرز نتائج الانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

مباحثات جرت، الجمعة، بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل»

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
TT

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان؛ أي ما يناهز 60 في المائة من سكان هذا البلد الذي يعاني من العنف والكوارث المناخية، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

تدهور الوضع الإنساني في جنوب السودان، أفقر دول العالم، بسبب أسوأ فيضانات تشهدها المنطقة منذ عقود، ووصول أعداد كبيرة من اللاجئين من السودان المجاور الذي يعيش حرباً.

وتوقع أحدث تقرير أصدرته الأمم المتحدة ويستند إلى مؤشر «آي بي سي» (الإطار المتكامل لتصنيف الأمن الغذائي) الذي يتضمن خمسة مستويات لعتبة الجوع، زيادة في عدد الأشخاص المعرضين لخطر انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقدّر آخر تقييم للوضع أن 7.69 مليون شخص، من ضمنهم 2.1 مليون طفل، سيواجهون في أبريل (نيسان) خطر «عدم التمكن من استهلاك كمية كافية من الغذاء، يعرض حياتهم أو سبل عيشهم لخطر فوري» (أي في المستوى الثالث أو أكثر)، مقابل 7.1 مليون هذا العام.

وسيجد من بينهم 63 ألفاً أنفسهم في وضع «كارثة» غذائية (المرحلة 5) التي تسبق المجاعة.

وتقول ماري إلين ماكغروارتي، مديرة برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان في بيان: «عاماً بعد عام، نلاحظ أن الجوع يبلغ أعلى مستوياته في جنوب السودان».

وأوضحت: «عندما نعاين المناطق التي تشهد أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي، فمن الواضح أن مزيجاً من اليأس والنزاع والأزمة المناخية هو السبب الرئيسي».

ويواجه جنوب السودان المعرّض للكوارث المناخية، أسوأ فيضانات منذ عشرات السنين أدت إلى نزوح 380 ألف شخص وتضرر 4.1 مليون، بحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا).

كما ينبغي أن يتعامل مع وصول 810 آلاف شخص فروا من الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 في السودان المجاور، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

وعلى الصعيد السياسي، تعاني البلاد من الشلل وينخرها الفساد والخلافات الناجمة عن الحرب الأهلية التي أدت إلى مقتل 400 ألف شخص ونزوح الملايين بين عامَي 2013 و2018.

كما أعلنت الحكومة في سبتمبر (أيلول) إرجاء أول انتخابات في تاريخ البلد كانت مقررة في ديسمبر (كانون الأول) لعامين.

وتعرّض اقتصاد جنوب السودان إلى ضربة كبيرة حرمته من مصدر عائداته الرئيسي عندما انفجر أنبوب رئيسي للنفط في السودان في فبراير (شباط)؛ ما أدى إلى تدهور العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع الأساسية.