الجماعات الإرهابية بالساحل الأفريقي تكثف هجماتها

مقتل جنود ومدنيين في اعتداءات متفرقة بمالي والنيجر وبوركينا فاسو

جنود من جيش بوركينا فاسو بمنطقة سوم على طول الحدود مع مالي نوفمبر 2019 (أ.ف.ب)
جنود من جيش بوركينا فاسو بمنطقة سوم على طول الحدود مع مالي نوفمبر 2019 (أ.ف.ب)
TT

الجماعات الإرهابية بالساحل الأفريقي تكثف هجماتها

جنود من جيش بوركينا فاسو بمنطقة سوم على طول الحدود مع مالي نوفمبر 2019 (أ.ف.ب)
جنود من جيش بوركينا فاسو بمنطقة سوم على طول الحدود مع مالي نوفمبر 2019 (أ.ف.ب)

شنّت الجماعات الإرهابية عدة هجمات شبه متزامنة في كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، خلال الأيام الأخيرة؛ ليكون هذا الأسبوع واحداً من أكثر الأسابيع عنفاً في المنطقة التي يضربها الإرهاب منذ أكثر من عشر سنوات.

جنود من جيش بوركينا فاسو بمنطقة سوم على طول الحدود مع مالي نوفمبر 2019 (أ.ف.ب)

كان النصيب الأكبر من الهجمات في بوركينا فاسو، حيث دخل الجيش في مواجهات مباشرة مع قوافل من مئات الإرهابيين على متن دراجات نارية وسيارات رباعية الدفع، هاجموا بشكل منسق ومنظم عدداً من القرى بالقرب من الحدود مع النيجر ومالي، منذ يوم الجمعة الماضي، واستمرت هجماتهم حتى منتصف الأسبوع.

جنود بوركينا فاسو يحرسون مدخل محطة التلفزيون الوطنية في العاصمة واغادوغو (أ.ب)

وأصدر جيش بوركينا فاسو بياناً قال فيه إنه نجح في القضاء على عدد من الإرهابيين كانوا يحاولون العودة إلى النيجر على متن شاحنة صغيرة، بعد أن شاركوا في سلسلة هجمات داخل البلاد، فيما سبق أن أعلن الجيش أنه قتل عشرات الإرهابيين في قصف جوي يومي السبت والأحد الماضيين.

مركبة عسكرية تابعة للجيش الفرنسي تعبر منطقة لازاريت في نيامي بالنيجر 10 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

وفي أول تعليق من حكومة بوركينا فاسو، على الهجمات الإرهابية المتزامنة التي وقعت في مناطق مختلفة من البلاد، قال الوزير المكلف بالأمن محمدو سانا، إنها مؤشر على «إضعاف الجماعات الإرهابية»، التي تسعى لتغيير استراتيجيتها، وأضاف الوزير في حديث مع التلفزيون الحكومي أن العمليات العسكرية التي نفذتها قوات الدفاع والأمن على مدى عدة أشهر «مكنت من إضعاف الإرهابيين بشكل كبير، حيث لم يعد بوسعهم سوى القيام بأعمال جبانة، وهو ما يعد دليلاً على إضعاف العدو».

الوزير وصف تحرك الإرهابيين في قوافل من المقاتلين قدرت بالمئات، بأنه «انسحاب تكتيكي»، مشيراً إلى أن العمليات التي نفذها الجيش خلال الأشهر الأخيرة «مكنت من تدمير قواعد ومعسكرات تدريب الإرهابيين».

جنود من جيش النيجر يركبون شاحنة صغيرة أثناء مرافقتهم نيجريين متجهين شمالاً (أرشيفية - رويترز)

وكان الاتحاد الأوروبي قد أعرب عن تضامنه مع بوركينا فاسو، بعد تكثيف الإرهابيين لهجماتهم خلال هذا الأسبوع، خصوصاً تلك التي استهدفت مسجداً وكنيسة، وقتل فيها عشرات المدنيين، وأكد الاتحاد الأوروبي في بيان أنه يجب «الوقوف إلى جانب الشعب البوركينابي لرفع التحديات المتعددة التي يواجهها، لا سيما من خلال التعامل مع الأسباب العميقة للتطرف العنيف، وتقديم المساعدة الإنسانية لجميع الأسر المتضررة».

وفي مالي المجاورة، قتل عدة جنود من الجيش في هجوم إرهابي استهدف قاعدة عسكرية في قرية (موردياه) الواقعة على بُعد 300 كيلومتر إلى الغرب من العاصمة باماكو، وهي قرية غير بعيدة من الحدود مع موريتانيا، وهي المنطقة التي ينشط فيها «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، خصوصاً كتيبة ماسينا.

وكان الهجوم شبيهاً إلى حد كبير بتلك الهجمات التي وقعت بشكل متزامن في بوركينا فاسو، التي نفذها أعداد كبيرة من الإرهابيين الذين يتحركون على متن دراجات نارية.

جنود ماليون يستقلون شاحنة صغيرة تحمل مدفعاً رشاشاً بعد هجوم انتحاري بسيارة مفخخة خلال الليل أدى إلى مقتل 3 أشخاص (أ.ف.ب)

وقالت مصادر محلية إن «أكثر من مائة مقاتل هاجموا يوم الأربعاء موقعاً للجيش المالي بالقرب من موردياه، وقتل عدة جنود خلال الهجوم، قبل أن يحتل المهاجمون الموقع العسكري لبعض الوقت، وقد انسحبوا منه بهدوء».

وقال مصدر سياسي محلي في حديث مع وسائل إعلام محلية إن «الموقع العسكري استهدفته في البداية سيارة مفخخة، قبل أن يقتحمه الإرهابيون الذين دمروا كثيراً من الآليات العسكرية، وانسحبوا منه بمعدات وأسلحة».

من جانبه، أصدر الجيش المالي بياناً أكد فيه وقوع الهجوم على أحد مواقعه، دون أن يتحدث عن أي خسائر أو حصيلة، وقال: «تعرضت وحدات من الجيش مكلفة بتأمين أشغال تشييد طريق معبدة في منطقة موردياه لهجوم معقّد».

وأضاف الجيش أن الجنود صدوا الهجوم، مشيراً إلى أنه «أمام عنف المعارك، انسحب الإرهابيون الذين كانت أعدادهم كبيرة، نحو منطقة فالو، حيث تم تحديد موقعهم، وتم تدمير عدد من قواعدهم».

وخلص الجيش إلى تأكيد أن «الوضع تحت السيطرة، وأن المنطقة تحت رقابة مشددة».

عناصر أمن خلال مظاهرة خارج القاعدة الجوية النيجرية الفرنسية في نيامي (أ.ف.ب)

أما النيجر التي تواجه خطر «داعش» في الغرب على الحدود مع مالي وبوركينا فاسو، فتواجه أيضاً خطر «بوكو حرام» في الجنوب على الحدود مع نيجيريا، وهي المنطقة التي وقع فيها هجوم إرهابي نهاية الأسبوع الماضي، قتل فيه أربعة جنود.

ويبدو أن الهجوم الذي وقع في النيجر شبيه بتلك الهجمات التي وقعت في مالي وبوركينا فاسو، حيث نقلت وسائل إعلام محلية في النيجر عن مصادر محلية أن أعداداً كبيرة من المسلحين على متن دراجات نارية هاجموا مواقع لجيش النيجر في منطقة مارادي (جنوب وسط) بالقرب من نيجيريا.

وأكدت هذه المصادر نفسها أن «مسلحين قدموا بأعداد كبيرة على متن حوالي مائة دراجة نارية، وهاجموا في حوالي الساعة 6 صباحاً بالتوقيت المحلي، مواقع جنود مكافحة الإرهاب بقرية بصيرا القريبة من نيجيريا».

وأكدت أن الهجوم أدى إلى مقتل أربعة أشخاص، وإصابة عنصرين من قوات الدفاع والأمن، إلى جانب إصابة سيدة برصاصة طائشة.

وأضافت أنه بعد ساعة من تبادل إطلاق النار، تصدت قوات الدفاع والأمن للمهاجمين الذين تمكنوا من سحب جثث القتلى والجرحى في صفوفهم، تاركين وراءهم ثلاث دراجات نارية وأجهزة اتصال وذخائر.

يُذكر أن منطقة مارادي تضم، حسب معطيات رسمية، حوالي 46 ألف لاجئ نيجيري.


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
TT

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان؛ أي ما يناهز 60 في المائة من سكان هذا البلد الذي يعاني من العنف والكوارث المناخية، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

تدهور الوضع الإنساني في جنوب السودان، أفقر دول العالم، بسبب أسوأ فيضانات تشهدها المنطقة منذ عقود، ووصول أعداد كبيرة من اللاجئين من السودان المجاور الذي يعيش حرباً.

وتوقع أحدث تقرير أصدرته الأمم المتحدة ويستند إلى مؤشر «آي بي سي» (الإطار المتكامل لتصنيف الأمن الغذائي) الذي يتضمن خمسة مستويات لعتبة الجوع، زيادة في عدد الأشخاص المعرضين لخطر انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقدّر آخر تقييم للوضع أن 7.69 مليون شخص، من ضمنهم 2.1 مليون طفل، سيواجهون في أبريل (نيسان) خطر «عدم التمكن من استهلاك كمية كافية من الغذاء، يعرض حياتهم أو سبل عيشهم لخطر فوري» (أي في المستوى الثالث أو أكثر)، مقابل 7.1 مليون هذا العام.

وسيجد من بينهم 63 ألفاً أنفسهم في وضع «كارثة» غذائية (المرحلة 5) التي تسبق المجاعة.

وتقول ماري إلين ماكغروارتي، مديرة برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان في بيان: «عاماً بعد عام، نلاحظ أن الجوع يبلغ أعلى مستوياته في جنوب السودان».

وأوضحت: «عندما نعاين المناطق التي تشهد أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي، فمن الواضح أن مزيجاً من اليأس والنزاع والأزمة المناخية هو السبب الرئيسي».

ويواجه جنوب السودان المعرّض للكوارث المناخية، أسوأ فيضانات منذ عشرات السنين أدت إلى نزوح 380 ألف شخص وتضرر 4.1 مليون، بحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا).

كما ينبغي أن يتعامل مع وصول 810 آلاف شخص فروا من الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 في السودان المجاور، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

وعلى الصعيد السياسي، تعاني البلاد من الشلل وينخرها الفساد والخلافات الناجمة عن الحرب الأهلية التي أدت إلى مقتل 400 ألف شخص ونزوح الملايين بين عامَي 2013 و2018.

كما أعلنت الحكومة في سبتمبر (أيلول) إرجاء أول انتخابات في تاريخ البلد كانت مقررة في ديسمبر (كانون الأول) لعامين.

وتعرّض اقتصاد جنوب السودان إلى ضربة كبيرة حرمته من مصدر عائداته الرئيسي عندما انفجر أنبوب رئيسي للنفط في السودان في فبراير (شباط)؛ ما أدى إلى تدهور العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع الأساسية.