خلال أسبوع... عشرات القتلى جراء هجمات في بوركينا فاسو

مقتل عدد من الإرهابيين في ضربات للجيش المالي

جنود بوركينا فاسو يحرسون مدخل محطة التلفزيون الوطنية في العاصمة واغادوغو الاثنين 24 يناير 2022 (أ.ب)
جنود بوركينا فاسو يحرسون مدخل محطة التلفزيون الوطنية في العاصمة واغادوغو الاثنين 24 يناير 2022 (أ.ب)
TT

خلال أسبوع... عشرات القتلى جراء هجمات في بوركينا فاسو

جنود بوركينا فاسو يحرسون مدخل محطة التلفزيون الوطنية في العاصمة واغادوغو الاثنين 24 يناير 2022 (أ.ب)
جنود بوركينا فاسو يحرسون مدخل محطة التلفزيون الوطنية في العاصمة واغادوغو الاثنين 24 يناير 2022 (أ.ب)

قُتل «عشرات» الجنود والمدنيين في هجمات شنّها متشددون خلال الأسبوع الماضي في بوركينا فاسو وخاصة في الشمال، على ما أفادت مصادر أمنية ومحلية «وكالة الصحافة الفرنسية» الأحد.

واستهدفت أربع هجمات على الأقل تجمعات عسكرية منذ الأحد الماضي موقعة «عشرات القتلى» بحسب المصادر.

وقال مصدر محلي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «مجموعة كبيرة من الإرهابيين المدججين بالسلاح هاجمت السبت ثكنة نونا (شمال غربي). وسقط عدد من الضحايا» في صفوف العسكريين والمدنيين.

وأكد مصدر أمني اتصلت به «وكالة الصحافة الفرنسية» أن «الهجوم على الثكنة تم صده».

وأضاف المصدر أن «هجوماً آخر استهدف في الوقت نفسه مفرزة أخرى شمالاً»، مؤكداً «السيطرة على هذا الهجوم أيضاً».

وأفادت مصادر محلية وأمنية الأحد أن هجومين آخرين استهدفا ثكنتين عسكريتين في 24 ديسمبر (كانون الأول). وقال أحد المصادر الأمنية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «هجوماً كبيراً استهدف مفرزة سوليه. وتم تسجيل العديد من الضحايا في الجانب الصديق، لكن شجاعة العناصر وردها سمحا بصد المهاجمين»، مضيفاً أنه «تم تعقب المتطرفين خلال انسحابهم وضربهم عن طريق الوسائل الجوية».

وأعلنت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، وهو تحالف جهادي مرتبط بتنظيم «القاعدة»، مسؤوليتها عن الهجوم في وقت سابق من هذا الأسبوع، مؤكدة قتل «نحو 60 جندياً».

جنود خارج البرلمان في واغادوغو أكتوبر الماضي (أ.ب)

وكانت الحكومة قد أعلنت في فبراير (شباط) الماضي، عن خطة لتجنيد 5 آلاف جندي إضافي، كما أعلنت الشهر الماضي عن فرض حالة الطوارئ في 21 مقاطعة موزعة على 8 من أقاليم البلاد. وذكرت أن «حالة الطوارئ دخلت حيز التطبيق في 30 مارس (آذار) الماضي».

وكانت السلطة العسكرية الحاكمة قد أطلقت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حملة لتجنيد 50 ألف متطوع للقتال ضد «الجماعات الإرهابية»، ونجحت الحملة في «تجنيد 90 ألف مواطن». وفي فبراير الماضي، أعلنت هيئة أركان الجيش انتهاء عمليات القوة الفرنسية العسكرية (سابر) على الأراضي البوركينابية، كما ألغت الحكومة الانتقالية اتفاقيات الدفاع بين باريس وواغادوغو. ويرى مراقبون أنه على الرغم من «إعلان الجيش تحقيق انتصارات يومية على الأرض، خاصة مع التقارب المعلن مع مجموعة (فاغنر) العسكرية الروسية»، فإن بوركينا فاسو تواجه تصاعداً لـ«الإرهاب» منذ 2015؛ إذ سيطرت جماعات مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش» على ما يقارب 40 في المائة من مساحة البلد الأفريقي الصغير، وأسفرت أعمال العنف عن مقتل أكثر من 10 آلاف شخص وتشريد مليوني شخص حتى الآن.

جنود بوركينا فاسو يحرسون مدخل محطة التلفزيون الوطنية في العاصمة واغادوغو الاثنين 24 يناير 2022 (أ.ب)

وفي 24 ديسمبر تم استهداف مفرزة درك غورغادجي في منطقة الساحل (شمال) من قبل «إرهابيين قدموا بأعداد كبيرة على متن عدة آليات ودراجات نارية» بحسب مصدر أمني آخر.

وأشار هذا المصدر إلى أن «عمليات مضادة في المناطق المعرضة لهذه الهجمات سمحت بتحييد عشرات الإرهابيين في الأيام الأخيرة والاستيلاء على وسائل النقل والقتال».

ونادراً ما ينشر النظام العسكري الذي يتولى السلطة في بوركينا فاسو منذ الانقلاب في سبتمبر (أيلول) 2022 حصيلة رسمية لهجمات المتطرفين المفترضين.

وبحسب التلفزيون الرسمي، شنت وحدة من القوات الخاصة هجوماً السبت على جهاديين كانوا يستعدون لمهاجمة بلدة بولسا في مقاطعة نامنتينغا (شمال وسط).

وقال التلفزيون إن «أكثر من ثلاثين إرهابياً قُتلوا وأُحرقت وسائلهم اللوجستية»، موضحاً أن القوات المسلحة دمرت ثلاث قواعد إرهابية اكتُشفت شمال غربي البلاد.

وتشهد بوركينا فاسو منذ 2015 دوامة من أعمال العنف التي ترتكبها جماعات جهادية مرتبطة بتنظيمي «داعش» و«القاعدة».

دورية لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في كيدال (مالي) 23 يوليو 2015 (رويترز)

في غضون ذلك، قُتل ستة إرهابيين على الأقل في غارات جوية على منطقة كيدال شمال شرقي مالي. وأفاد الجيش المالي بأن «الطائرات الجوية نفذت عدة ضربات مكّنت الأولى من تحييد 6 إرهابيين في قطاع كيدال، بالإضافة إلى ضربة ثانية استهدفت تحديداً جنوب شرقي أبيبارا».

وأوضح أن هذه الضربات تأتي بعد اكتشاف «قواعد مخفية للجماعات الإرهابية في عدة مناطق بمنطقة كيدال».


مقالات ذات صلة

القضاء الأميركي يُوجّه لأفغاني تهمة التخطيط لهجوم إرهابي

الولايات المتحدة​ مبنى وزارة العدل الأميركية في واشنطن (أرشيفية - رويترز)

القضاء الأميركي يُوجّه لأفغاني تهمة التخطيط لهجوم إرهابي

عناصر من مكتب التحقيقات الفيدرالي الذين تخفّوا وأوهموا المتهم وشقيق زوجته بأنهم سيبيعونهما رشاشات وذخيرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ أرشيفية لوزير العدل الأميركي ميريك غارلاند

أميركا تعتقل أفغانيا بتهمة التخطيط لشن هجوم يوم الانتخابات

قالت وزارة العدل الأميركية اليوم الثلاثاء إن رجلا أفغانيا اعتُقل في ولاية أوكلاهوما بتهمة التخطيط لشن "هجوم إرهابي" في يوم الانتخابات الرئاسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الخليج نائب وزير الخارجية السعودي يتحدث في مؤتمر الأمم المتحدة حول ضحايا الإرهاب بمدريد (واس)

السعودية تؤكد أهمية تضافر الجهود الدولية لمواجهة التطرف

أكدت السعودية أهمية تضافر الجهود الدولية على المستويات كافة للحد من الفكر والخطاب المتطرفين، واجتثاث الإرهاب من جذوره.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
شؤون إقليمية ألمانيا وافقت على تصدير أسلحة لتركيا بعد حظر 5 سنوات (موقع الصناعات الدفاعية التركي)

بعد حظر 5 سنوات... ألمانيا توافق على صفقة أسلحة لتركيا

وافقت الحكومة الألمانية على تصدير أسلحة لتركيا بعد حظر طبقته ودول غربية أخرى؛ بسبب التدخل العسكري التركي ضد القوات الكردية في شمال شرقي سوريا في 2019.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا جانب من الدمار في لبنان نتيجة القصف الإسرائيلي المستمر على الضاحية الجنوبية لبيروت (إ.ب.أ)

مع التصعيد في الشرق الأوسط... النرويج تعدّل مستوى التهديد الإرهابي إلى «مرتفع»

رفع جهاز الأمن الداخلي النرويجي، الثلاثاء، مستوى التهديد الإرهابي في الدولة الإسكندنافية من «معتدل» إلى «مرتفع» خشية تداعيات التصعيد في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)

صراع «القرن الأفريقي»… نذر مواجهة تتصاعد بلا أفق للتهدئة

وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا يلتقون على هامش اجتماعات الأمم المتحدة بنيويورك (وزارة الخارجية المصرية)
وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا يلتقون على هامش اجتماعات الأمم المتحدة بنيويورك (وزارة الخارجية المصرية)
TT

صراع «القرن الأفريقي»… نذر مواجهة تتصاعد بلا أفق للتهدئة

وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا يلتقون على هامش اجتماعات الأمم المتحدة بنيويورك (وزارة الخارجية المصرية)
وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا يلتقون على هامش اجتماعات الأمم المتحدة بنيويورك (وزارة الخارجية المصرية)

تصاعدت نذر الصراع في منطقة القرن الأفريقي على مدار الأشهر الماضية، وسط تزايد المخاوف من اندلاع حرب «لا يتحدث عنها أحد»، في ظل عدم وجود «أفق للتهدئة» بين طرفي الأزمة الرئيسيين: الصومال وإثيوبيا، ما قد يجر دول المنطقة، التي تعاني نزاعات داخلية متجذرة إلى منعطف خطير، لا يؤثر عليها فحسب، بل يضر بحركة التجارة العالمية أيضاً.

* بداية الصراع

الشرارة الأولى للصراع الحالي كانت في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي، عقب توقيع إثيوبيا، الدولة الحبيسة، «مذكرة تفاهم» مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، تعترف بموجبه أديس باستقلال الإقليم، مقابل حصولها على ميناء وقاعدة عسكرية على البحر الأحمر.

لم تمر المذكرة بهدوء، لا سيما أن إقليم «أرض الصومال» مارس بتوقيعه عليها عملاً من أعمال السيادة، رغم أنه لم يحظ باعتراف دولي، منذ أن أعلن استقلاله بشكل أحادي عام 1991. وقد عارضت مقديشو الاتفاق، ووقع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، بعد أسبوع قانوناً يلغي «مذكرة التفاهم». كما أعلنت جامعة الدول العربية، ومؤسسات دولية أخرى، دعمها لسيادة الصومال.

مصر أيضاً دخلت على خط الأزمة، حيث حذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عقب لقائه نظيره الصومالي في القاهرة في يناير الماضي، من «المساس بأمن الصومال وسيادته»، وقال: «لا أحد يجرب مصر».

* تحركات صومالية

بدأ الصومال في حشد الدعم الدولي لموقفه ضد إثيوبيا، حيث وقع في 21 فبراير (شباط) الماضي اتفاقية تعاون دفاعي واقتصادي مع تركيا، و«مذكرة تفاهم» مع الولايات المتحدة لبناء ما يصل إلى خمس قواعد عسكرية لأحد ألوية الجيش. كما هدد بطرد القوات الإثيوبية من بلاده، علماً بأنها تشارك ضمن قوة أفريقية في جهود «مكافحة الإرهاب».

وفي محاولة لحل الأزمة المتصاعدة، أطلقت تركيا، التي تمتلك قاعدة عسكرية في الصومال منذ عام 2017، في 2 يوليو (تموز) الماضي مبادرة للوساطة بين إثيوبيا والصومال، عقدت من خلالها جولتي مباحثات، بينما ألغيت الثالثة التي كانت مقررة الشهر الجاري.

ومع تصاعد الأزمة وقع الصومال ومصر بروتوكول تعاون عسكري في أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة شحنتي أسلحة لدعم مقديشو، كما تعتزم إرسال قوات عسكرية بداية العام المقبل كجزء من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي.

وزير الدفاع الصومالي عبد القادر محمد نور يشهد عملية تفريغ شحنة مساعدات عسكرية مصرية (مديرة مكتب رئيس الوزراء الصومالي - إكس)

التحركات المصرية أثارت غضب أديس أبابا، التي اتهمت مقديشو بـ«التواطؤ مع جهات خارجية لزعزعة الاستقرار». وفي المقابل اتهم الصومال إثيوبيا بإدخال شحنة أسلحة إلى إقليم «بونتلاند».

ونقلت وكالة الأنباء الإثيوبية عن وزير خارجية أديس أبابا، تايي أتسكي سيلاسي، قوله إنه يشعر بالقلق من أن الأسلحة القادمة من قوى خارجية من شأنها أن تزيد من تدهور الوضع الأمني الهش، وأن تصل إلى أيدي الإرهابيين في الصومال.

ورد وزير خارجية الصومال، أحمد معلم فقي، بقوله إن «الدافع وراء هذه التصريحات المسيئة هو محاولتها (إثيوبيا) إخفاء التهريب غير القانوني للأسلحة عبر الحدود الصومالية، التي تقع في أيدي المدنيين والإرهابيين».

* أسباب قديمة

الصراع الحالي ليس سوى «نتيجة ثانوية لمذكرة التفاهم بين إثيوبيا و(أرض الصومال)»، بحسب حديث الباحث المتخصص في شؤون شرق أفريقيا في «مجموعة الأزمات الدولية»، عمر محمود، لـ«الشرق الأوسط». لكنه «ليس صراعاً وليد اللحظة»، وفق محمود، حيث «يعكس التصعيد الأخير أيضاً قضايا قديمة في منطقة القرن الأفريقي لم تتم معالجتها». وهو ما يؤكده عضو البرلمان الإثيوبي، الباحث السياسي أسامة محمد، مشيراً في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى ما وصفه بـ«المظالم التاريخية والنزاعات الحدودية التي تؤجج التوترات في القرن الأفريقي»، ضارباً المثل بالنزاع المائي بين مصر وإثيوبيا.

وتعد مكافحة «الإرهاب» وتحديداً «حركة الشباب» أحد التحديات الرئيسية التي تواجه الصومال، جنباً إلى جنب مع المشكلات الداخلية المتعلقة بالعشائر القبلية، وهي تحديات ليست بعيدة عن إثيوبيا التي تواجه أيضاً نزاعات داخلية في بعض الأقاليم، والتي يرى مراقبون أنه «يمكن استغلالها في الصراع الحالي».

ويدافع عضو البرلمان الإثيوبي عن «دور بلاده التاريخيّ في استقرار الصومال»، وإن «أدت التحديات الداخلية، بما في ذلك صراع (تيغراي) إلى عرقلة جهود أديس أبابا في دعم الدول المجاورة»، على حد قوله.

* «الحرب المقبلة»

تحت عنوان «الحرب المقبلة التي لا يتحدث عنها أحد»، قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إنه «بفضل طموحات آبي أحمد التوسعية ومخططاته المتهورة، أصبح القرن الأفريقي على أعتاب حرب من شأنها أن تعرض المنطقة للخطر وترتد ضد بقية العالم».

ويرتبط النزاع الحالي بـ«مشاريع آبي أحمد التوسعية»، حسب الباحث الإريتري - الأميركي المتخصص في قضايا القرن الأفريقي، إبراهيم إدريس، الذي يشير في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن أديس أبابا «تحاول تحقيق التنمية على حساب الدول الأخرى».

طموح آبي أحمد في الوصول إلى البحر الأحمر ليس وليد اللحظة، حيث يسعى لتحقيق ذلك منذ توليه مهام منصبه في أبريل (نيسان) 2018، عبر ما تسمى بـ«دبلوماسية الموانئ». وقد تحدث آبي أحمد في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أمام برلمان بلاده عن «ضرورة إيجاد منفذ لبلاده على البحر».

وفقدت إثيوبيا إمكانية الوصول إلى البحر الأحمر، عندما حصلت إريتريا على استقلالها في عام 1993، ومنذ ذلك العام تعتمد أديس أبابا على ميناء جيبوتي.

ورغم أن منبع الصراع الحالي هو «مذكرة التفاهم»، فإن «إثيوبيا ترى أن مصر تسعى لفتح جبهة نزاع جديدة مع إثيوبيا في الصومال»، بحسب مدير معهد هيرال للشؤون الأمن في القرن الأفريقي، الباحث الصومالي محمد مبارك في حواره لـ«الشرق الأوسط».

وبين مصر وإثيوبيا نزاع ممتد لأكثر من عشر سنوات، بسبب سد النهضة، الذي تبنيه إثيوبيا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، وتوقفت المفاوضات بين البلدين إثر «رفض أديس أبابا الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد، ما دفع القاهرة إلى اللجوء لمجلس الأمن».

التدخل المصري في الأزمة الصومالية، يأتي في سياق تعزيز وجودها في القرن الأفريقي، مع أهمية المنطقة المطلة على البحر الأحمر، وهو «ليس أمراً جديداً»، بحسب الخبير الأمني المصري، اللواء محمد عبد الواحد، الذي كان متواجداً في الصومال في التسعينات من القرن الماضي، في ظل وجود قوات مصرية «ساهمت في إعادة الاستقرار لمقديشو، وكذلك تقريب وجهات النظر بين العشائر المتحاربة».

لكن عضو البرلمان الإثيوبي يرى أن «تدخل مصر أدى إلى تعقيد الجهود الدبلوماسية في المنطقة». بينما يرى إدريس أن دخول مصر وإريتريا على خط الأزمة «أمر طبيعي مرتبط بعلاقات البلدين التاريخية مع الصومال»، مؤكداً أن «القاهرة وأسمرة تهدفان إلى تعزيز سيادة الجيش الصومالي، وفرض الاستقرار والأمن في البحر الأحمر».

وعلى هامش اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك، عقد وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا اجتماعاً قبل أيام لتنسيق المواقف وحماية استقرار المنطقة.

وبينما لا يرجح الباحث في مجموعة الأزمات الدولية «اندلاع صراع مباشر بين إثيوبيا والصومال، بسبب تكلفته الباهظة». لا يستطيع في الوقت نفسه استبعاد هذا السيناريو، «إذا لم يتم حل المشكلة واستمرت التوترات في التصاعد».

ويستبعد الباحث الإريتري أيضاً «نشوب حرب عسكرية في المنطقة»، وإن أشار إلى «استمرار صراع النفوذ بين القوى الغربية المختلفة على منطقة القرن الأفريقي، لا سيما روسيا والصين، وفي ظل وجود قواعد عسكرية أجنبية عدة في دول المنطقة».

احتمالات التصعيد، وفق الباحث الصومالي، «متوسطة إلى عالية». ويشير مبارك إلى «توترات عدة في المنطقة لم تتطور إلى نزاع مسلح»، لكنه يرى أن «الصراع المسلح قد يصبح حقيقة إذا اعترفت إثيوبيا فعلياً بأرض الصومال».

ويعتقد عضو البرلمان الإثيوبي بإمكانية «كبيرة» للتصعيد، لا سيما أن «تقاطع المصالح الوطنية والعابرة للحدود الوطنية، والتنافس على الموارد، مثل المياه والأراضي والنفوذ السياسي قد تؤدي إلى إشعال المزيد من الصراعات». ويقول بهذا الخصوص: «أي سوء فهم أو سوء تواصل، وخاصة فيما يتعلق بمياه النيل، من شأنه أن يؤدي إلى المزيد من المواجهات بين إثيوبيا ومصر».

في المقابل، يخشى الخبير الأمني المصري من «تحركات عدائية إثيوبية ضد القوات المصرية، قد تشعل الوضع في ظل عدم وجود أطر للتسوية أو حل الأزمة»، مشيراً إلى أن أديس أبابا «لديها تأثير في الصومال، وعلاقات بأمراء الحرب الذين أشعلوا الصومال في التسعينات، الأمر الذي يثير القلق من استخدامهم في النزاع الحالي».

ومع تصاعد الصراع الصومالي - الإثيوبي، اقترحت جيبوتي تأمين وصول أديس أبابا لمنفذ على البحر. وحتى الآن لم تتمكن جهود الوساطة من «سد الفجوات بين الجانبين».

يتطلب حل الأزمة جهداً دولياً منسقاً «تصطف فيه الوساطات في مسار واحد»، حيث يرى الباحث في مجموعة الأزمات الدولية أنه «لا يمكن لجهة فاعلة واحدة حل الصراع بمفردها».

مثله، يقترح عضو البرلمان الإِثيوبي «مزيجاً من التعاون الإقليمي والوساطة الدولية والإصلاحات الداخلية لحل الأزمة».

ويبدو أن الصراع الحالي ينذر بمخاطر عدة، ويثير مخاوف «حرب بالوكالة»، وفق الباحث في مجموعة الأزمات الدولية «فقد يدعم كل طرف القوات المناهضة للحكومة في أراضي الآخر» على حد قوله.

وبالفعل، حذر تقرير مشروع «كريتكال ثريتس» التابع لمعهد إنتربرايز الأميركي للأبحاث السياسية العامة، قبل أيام، من «زيادة خطر اندلاع صراع إقليمي أوسع نطاقاً، وإطالة أمد الأزمة في القرن الأفريقي».