استفتاء دستوري في تشاد بعد عامين من الحكم العسكري

يمهّد لعودة المدنيين إلى السلطة... والمعارضة تقاطع

سيدات ينتظرن دورهن للتصويت في نجامينا الأحد (أ.ف.ب)
سيدات ينتظرن دورهن للتصويت في نجامينا الأحد (أ.ف.ب)
TT

استفتاء دستوري في تشاد بعد عامين من الحكم العسكري

سيدات ينتظرن دورهن للتصويت في نجامينا الأحد (أ.ف.ب)
سيدات ينتظرن دورهن للتصويت في نجامينا الأحد (أ.ف.ب)

أدلى التشاديون، الأحد، بأصواتهم في استفتاء على دستور جديد من المفترض أن يمهّد الطريق أمام إجراء انتخابات وعودة المدنيين إلى السلطة، وهو ما كان وعد به المجلس العسكري قبل عامين ونصف العام، لكن جرى تأجيله حتى نهاية 2024.

ودعا جزء كبير من المعارضة ومنظمات المجتمع المدني إلى مقاطعة الاستفتاء، عادّاً أنه يهدف إلى التحضير لانتخاب الرئيس الانتقالي الحالي الجنرال محمد إدريس ديبي إتنو، وإدامة «سلالة» والده في السلطة، بعدما كان قد وصل إلى الحكم قبل 33 عاماً عبر انقلاب، كما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية». مع ذلك؛ تبدو الموافقة على الدستور الجديد الأكثر ترجيحاً، بعدما قادت السلطات العسكرية حملة استخدمت فيها كثيراً من الأموال وتمكّنت عبرها من إضعاف المقاطعة. كذلك؛ نال الدستور الجديد دعم أحد المعارضين الرئيسيين، هو سوكسيه ماسرا الذي دعا إلى التصويت بـ«نعم»، في مواجهة معارضة منقسمة تعاني قمعاً منذ أكثر من عام. ويتوقع أن تعلن النتائج الرسمية المؤقتة في 24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، على أن تصادق عليها المحكمة العليا في 28 منه.

إقبال محدود

وقال الرئيس محمد إدريس ديبي، الذي كان أول من أدلى بصوته داخل مركز اقتراع في نجامينا قرب القصر الرئاسي: «كل بطاقة توضع في الصندوق تشكل خطوة إضافية نحو الاستقرار والازدهار في بلدنا». وفي العاصمة كان الإقبال على التصويت حتى الظهر محدوداً، على ما أفادت به «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال ليمان محمد، رئيس الهيئة المكلفة تنظيم الاستفتاء الدستوري: «الأحد هو يوم صلاة (...) سيزيد عدد الأشخاص في مراكز الاقتراع بعد تأديتهم واجبهم الديني». وأورد الموظف محمد عيسى، وهو من المعارضين للاقتراع، أن «التصويت من عدمه لا يغير في شيء. النتيجة معروفة مسبقاً». وفي أحياء جنوب العاصمة، معقل المعارضة المفترض، بدا الإقبال محدوداً كذلك. وقال جيلبير ألان، وهو جالس قبالة مركز اقتراع: «سأصوت بـ(لا) احتراماً لتعليمات حزبي، فأنا مع الفيدرالية»، في حين أن الاستفتاء ينص على دولة موحدة. وفي أحياء الشمال، كان عدد قليل جداً من الناخبين في مراكز الاقتراع ظهراً. وبين هؤلاء زينانا محمد، التي قالت إنها صوتت بـ«نعم» «من أجل السلام».

وفي نجامينا، انتشرت القوى الأمنية لضمان «الأمن العام خلال سير الاستفتاء» على ما أكد وزير الأمن العام التشادي في بيان. وتغطّي جدران نجامينا ملصقات تحمل عبارة «نعم» للدستور بهدف «دولة موحدة ولا مركزية». ويعدّ البعض أنّ هذه الدولة لن تختلف كثيراً عن تلك التي ألغتها المؤسسة العسكرية في عام 2021، بعدما كرّست نظاماً يكون فيه رئيس الدولة مركز السلطة.

من جهة أخرى، يميل جزء من المعارضة الذي ينادي برفض الدستور، إلى الفيدرالية. غير أنّ المعسكر المؤيد للدستور الجديد يؤكد أنّ مركزية الدولة هي السبيل الوحيد للحفاظ على الوحدة، في حين تعمّق الفيدرالية النزعة «الانفصالية» و«الفوضى».

حكم ديبي

من جهتها، دعت أحزاب ومنظمات المجتمع المدني الرئيسية والمناهضة للمجلس العسكري إلى المقاطعة، آملة أن تؤدي نسبة المشاركة المنخفضة إلى نزع الشرعية عن الجنرال محمد إدريس إتنو الذي تتهمه بإدامة «سلالة ديبي».

وقال ماكس لوالنغار، منسق إحدى منصّات المعارضة «واكيت تاما»، إنّ هذا الاستفتاء «يهدف بكل بساطة إلى إضفاء الشرعية على السلالة التي يرغبون في فرضها علينا». وفي 20 أبريل (نيسان) 2021، عيّن الجيش محمد ديبي إتنو (37 عاماً) على رأس مجلس عسكري يضم 15 ضابطاً، بعد وفاة والده إدريس ديبي إتنو الذي قُتل على يد متمرّدين وهو في طريقه إلى الجبهة. وحكم الأخير الدولة الواقعة في وسط أفريقيا، والتي تعد ثاني أقل البلدان نمواً في العالم وفقاً للأمم المتحدة، بقبضة من حديد لأكثر من 30 عاماً. ووعد الجنرال الشاب بإجراء انتخابات بعد فترة انتقالية مدتها 18 شهراً، كما تعهّد أمام الاتحاد الأفريقي عدم الترشّح. لكن مع انقضاء هذه الفترة، مدّد نظامه المرحلة الانتقالية لمدة عامين، وأَذن له بالترشح في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها أواخر 2024.

وفي 20 أكتوبر (تشرين الأول) 2022، الذي صادف ذكرى مرور 18 شهراً على بدء الفترة الانتقالية، قتل شبان ومراهقون برصاص الشرطة والجيش في نجامينا، وفقاً للمعارضة ومنظمات غير حكومية محلية ودولية. وتراوحت تقديرات عدد القتلى بين مائة شخص في حدها الأدنى، وزهاء 300 بحدها الأقصى. وكان هؤلاء يتظاهرون سلمياً ضدّ التمديد لمدة عامين لحكم ديبي إتنو. كذلك؛ سُجن أكثر من ألف شخص؛ قبل العفو عنهم، لكنّ عشرات تعرّضوا للتعذيب أو فُقدوا، وفقاً للمنظمات غير الحكومية والمعارضة.



7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
TT

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان؛ أي ما يناهز 60 في المائة من سكان هذا البلد الذي يعاني من العنف والكوارث المناخية، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

تدهور الوضع الإنساني في جنوب السودان، أفقر دول العالم، بسبب أسوأ فيضانات تشهدها المنطقة منذ عقود، ووصول أعداد كبيرة من اللاجئين من السودان المجاور الذي يعيش حرباً.

وتوقع أحدث تقرير أصدرته الأمم المتحدة ويستند إلى مؤشر «آي بي سي» (الإطار المتكامل لتصنيف الأمن الغذائي) الذي يتضمن خمسة مستويات لعتبة الجوع، زيادة في عدد الأشخاص المعرضين لخطر انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقدّر آخر تقييم للوضع أن 7.69 مليون شخص، من ضمنهم 2.1 مليون طفل، سيواجهون في أبريل (نيسان) خطر «عدم التمكن من استهلاك كمية كافية من الغذاء، يعرض حياتهم أو سبل عيشهم لخطر فوري» (أي في المستوى الثالث أو أكثر)، مقابل 7.1 مليون هذا العام.

وسيجد من بينهم 63 ألفاً أنفسهم في وضع «كارثة» غذائية (المرحلة 5) التي تسبق المجاعة.

وتقول ماري إلين ماكغروارتي، مديرة برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان في بيان: «عاماً بعد عام، نلاحظ أن الجوع يبلغ أعلى مستوياته في جنوب السودان».

وأوضحت: «عندما نعاين المناطق التي تشهد أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي، فمن الواضح أن مزيجاً من اليأس والنزاع والأزمة المناخية هو السبب الرئيسي».

ويواجه جنوب السودان المعرّض للكوارث المناخية، أسوأ فيضانات منذ عشرات السنين أدت إلى نزوح 380 ألف شخص وتضرر 4.1 مليون، بحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا).

كما ينبغي أن يتعامل مع وصول 810 آلاف شخص فروا من الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 في السودان المجاور، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

وعلى الصعيد السياسي، تعاني البلاد من الشلل وينخرها الفساد والخلافات الناجمة عن الحرب الأهلية التي أدت إلى مقتل 400 ألف شخص ونزوح الملايين بين عامَي 2013 و2018.

كما أعلنت الحكومة في سبتمبر (أيلول) إرجاء أول انتخابات في تاريخ البلد كانت مقررة في ديسمبر (كانون الأول) لعامين.

وتعرّض اقتصاد جنوب السودان إلى ضربة كبيرة حرمته من مصدر عائداته الرئيسي عندما انفجر أنبوب رئيسي للنفط في السودان في فبراير (شباط)؛ ما أدى إلى تدهور العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع الأساسية.