أول قافلة عسكرية فرنسية غادرت النيجر تصل إلى تشاد «بلا حوادث»

تتمركز في نجامينا قيادة العمليات في منطقة الساحل

أنصار المجلس العسكري في النيجر يشاركون في مظاهرة أمام قاعدة للجيش الفرنسي في نيامي (رويترز)
أنصار المجلس العسكري في النيجر يشاركون في مظاهرة أمام قاعدة للجيش الفرنسي في نيامي (رويترز)
TT

أول قافلة عسكرية فرنسية غادرت النيجر تصل إلى تشاد «بلا حوادث»

أنصار المجلس العسكري في النيجر يشاركون في مظاهرة أمام قاعدة للجيش الفرنسي في نيامي (رويترز)
أنصار المجلس العسكري في النيجر يشاركون في مظاهرة أمام قاعدة للجيش الفرنسي في نيامي (رويترز)

وصلت طلائع الجنود الفرنسيين الذين غادروا قواعدهم في النيجر في قافلة برية متوجهين إلى تشاد، «بلا أي حادث» إلى نجامينا، في بداية عملية معقدة يتوقع أن تُستكمل بحلول نهاية ديسمبر (كانون الأول)، وفق ما أعلنت باريس الخميس.

وأوضح المتحدث باسم الأركان العامة الفرنسية الكولونيل بيار جودييير لوكالة الصحافة الفرنسية أن هذه القافلة غادرت النيجر «بأمان وبالتنسيق مع القوات النيجيرية».

وقد «وصلت دون أي حادث يذكر» إلى نجامينا، عاصمة تشاد المجاورة، بعد عشرة أيام من السفر.

وأضاف أنه سيتم تنظيم رحلات جوية من تشاد إلى فرنسا «في الأيام المقبلة».

وبعد طرده من النيجر، اضطر الجيش الفرنسي إلى نقل معداته براً إلى تشاد ثم الكاميرون، قبل إعادتها إلى فرنسا، في رحلة تمتد ثلاثة آلاف كيلومتر يمر خلالها بمناطق معادية تضم جماعات «إرهابية».

وتتمركز في نجامينا قيادة العمليات الفرنسية في منطقة الساحل ونحو ألف جندي فرنسي.

وأفاد العقيد جوديير بأنه تم إفراغ نصف مواقع القواعد الأمامية في ولام وأيورو (شمال غربي النيجر)، فيما تسمى منطقة «الحدود الثلاثة» مع بوركينا فاسو ومالي.

وبعد وصولها إلى نيامي، غادرت القافلة باتجاه الحدود التشادية.

وأكدت نجامينا في بيان «الموافقة على تأمين ممر من أراضيها لعودة القوات الفرنسية إلى فرنسا».

القوات الفرنسية تغادر أراضي مالي (أ.ف.ب)

وقال بيان لرئيس الأركان التشادي الجنرال أبكر عبد الكريم داود إن «القوات التشادية ستؤمن الحراسة لهذه القوافل من الحدود النيجرية إلى نجامينا وصولا إلى المطار (...) وإلى الحدود الكاميرونية وصولا إلى ميناء دوالا».

وقال مصدر عسكري فرنسي لوكالة الصحافة الفرنسية إن الجماعات «الإرهابية» موجودة بشكل كبير في منطقة «الحدود الثلاثة»، لكن «مستوى التهديد الأمني منخفض على الطريق» من نيامي إلى نجامينا.

وبدأ الوجود الفرنسي في منطقة الساحل يتراجع منذ 2020، وأنهت انقلابات في مالي وبوركينا فاسو وأخيراً في النيجر قوة برخان المناهضة لـ«الإرهابيين» المنتشرة منذ 2014 في مالي، وبلغ عددها 5500 جندي منتشرين في منطقة الساحل.

وتؤجج برخان مشاعر معادية لفرنسا لدى جزء من الرأي العام الأفريقي، ما يزيد من خطر حصول مظاهرات على طول مسار القوافل. لكن العلاقات بين فرنسا وتشاد ما زالت تتسم بالهدوء.

والتقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء، في قصر الإليزيه، الرئيس الانتقالي في تشاد محمد إدريس ديبي، وناقشا «كل القضايا الإقليمية فضلا عن إعادة مواردنا العسكرية إلى فرنسا»، وفق الرئاسة الفرنسية.

ولم يرد وزير الاتصال والمتحدث باسم الحكومة الانتقالية التشادية على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية حول وصول القوات الفرنسية.

ولم يتمكن مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية من الاقتراب من القاعدة الفرنسية في نجامينا، بسبب حواجز أقامها الجيش التشادي منذ فترة طويلة.

وستشهد الأسابيع المقبلة استكمال انسحاب جميع القوات الفرنسية من النيجر، ويشمل الانسحاب النقل البري ثم البحري لعدد معين من المعدات الثقيلة عبر دولة ثالثة.

وينطوي كل خيار على مناقشات مع السلطات المعنية. وقال المتحدث باسم الجيوش الفرنسية «عندما نتحدث عن انسحاب بتنظيم وأمن وتعاون، فإن كل هذه الكلمات مهمة».

ويُعد ميناء كوتونو مثالياً لاستخدامه في هذا الإطار، لكن الحدود بين النيجر وبنين المعارضة للانقلابيين في النيجر، ما زالت مغلقة.


مقالات ذات صلة

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

شؤون إقليمية مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

أعلنت تركيا تطهير مناطق في شمال العراق من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» المحظور، وأكدت أن علاقاتها بالعراق تحسنت في الآونة الأخيرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)

حليف إردوغان يؤكد دعوة أوجلان للبرلمان ويتخلى عن إطلاق سراحه

زاد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الجدل المثار حول دعوته زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان للحديث بالبرلمان وإعلان حل الحزب وانتهاء الإرهاب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا جهاز مكافحة الإرهاب في ألمانيا (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: حملة تفتيشات جديدة بحثاً عن إرهابيين سابقين في «الجيش الأحمر»

تُعد جماعة «الجيش الأحمر»، التي تأسست في عام 1970، إحدى أبرز الجماعات اليسارية بألمانيا الغربية السابقة في فترة ما بعد الحرب حيث تم تصنيفها هناك جماعة إرهابية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شمال افريقيا عناصر الشرطة الألمانية في حملة مداهمات سابقة (غيتي)

ألمانيا تحيل 4 يُشتبه بانتمائهم لـ«حماس» للمحاكمة بتهمة جمع أسلحة

مكتب المدعي العام الاتحادي في ألمانيا: «(حماس) نظمت عمليات تخبئة أسلحة في دول أوروبية مختلفة لتنفيذ هجمات محتملة ضد مؤسسات يهودية وغربية في أوروبا».

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان خلال استقباله الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته بالقصر الرئاسي في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته عدداً من الملفات الأمنية والقضايا التي تهم الحلف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
TT

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مباحثات هاتفية مع الرئيس السنغالي بشيرو ديوماي فاي، ناقشا خلالها الوضع الأمني في منطقة الساحل والصحراء، حيث يتصاعد خطر الجماعات الإرهابية، حسب ما أعلن الكرملين. وقال الكرملين في بيان صحافي، إن المباحثات جرت، الجمعة، بمبادرة من الرئيس السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل».

الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي (أ.ب)

الأمن والإرهاب

وتعاني دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو، المحاذية للسنغال، من تصاعد خطر الجماعات الإرهابية منذ أكثر من عشر سنوات، ما أدخلها في دوامة من عدم الاستقرار السياسي والانقلابات العسكرية المتتالية.

وتوجهت الأنظمة العسكرية الحاكمة في كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، نحو التحالف مع روسيا التي أصبحت الشريك الأول لدول الساحل في مجال الحرب على الإرهاب، بدلاً من الحلفاء التقليديين؛ فرنسا والاتحاد الأوروبي.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (أ.ف.ب)

وبموجب ذلك، نشرت روسيا المئات من مقاتلي مجموعة (فاغنر) في دول الساحل لمساعدتها في مواجهة تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما عقدت صفقات سلاح كبيرة مع هذه الدول، حصلت الأخيرة بموجبها على طائرات حربية ومعدات عسكرية متطورة ومسيرات.

ومع ذلك لا تزالُ الجماعات الإرهابية قادرة على شن هجمات عنيفة ودامية في منطقة الساحل، بل إنها في بعض الأحيان نجحت في إلحاق هزائم مدوية بمقاتلي «فاغنر»، وقتلت العشرات منهم في شمال مالي.

في هذا السياق، جاءت المكالمة الهاتفية بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، حيث قال الكرملين إن المباحثات كانت فرصة لنقاش «الوضع في منطقة الصحراء والساحل وغرب أفريقيا، على خلفية عدم الاستقرار المستمر هناك، الناجم عن أعمال الجماعات الإرهابية».

وتخشى السنغال توسع دائرة الأعمال الإرهابية من دولة مالي المجاورة لها لتطول أراضيها، كما سبق أن عبرت في كثير من المرات عن قلقها حيال وجود مقاتلي «فاغنر» بالقرب من حدودها مع دولة مالي.

الرئيس إيمانويل ماكرون مودعاً رئيس السنغال بشير ديوماي فاي على باب قصر الإليزيه (رويترز)

وفي تعليق على المباحثات، قال الرئيس السنغالي في تغريدة على منصة «إكس» إنها كانت «ثرية وودية للغاية»، مشيراً إلى أنه اتفق مع بوتين على «العمل معاً لتعزيز الشراكة الثنائية والسلام والاستقرار في منطقة الساحل، بما في ذلك الحفاظ على فضاء الإيكواس»، وذلك في إشارة إلى (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا)، وهي منظمة إقليمية تواجه أزمات داخلية بسبب تزايد النفوذ الروسي في غرب أفريقيا.

وكانت الدول المتحالفة مع روسيا (مالي والنيجر وبوركينا فاسو) قد جمدت عضويتها في المنظمة الإقليمية، واتهمتها بأنها لعبة في يد الفرنسيين يتحكمون فيها، وبدأت هذه الدول الثلاث، بدعم من موسكو، تشكيل منظمة إقليمية جديدة تحت اسم (تحالف دول الساحل)، هدفها الوقوف في وجه منظمة «إيكواس».

صورة جماعية لقادة دول مجموعة «إكواس» في أبوجا السبت (رويترز)

علاقات ودية

وفيما يزيد النفوذ الروسي من التوتر في غرب أفريقيا، لا تتوقف موسكو عن محاولة كسب حلفاء جدد، خاصة من بين الدول المحسوبة تقليدياً على فرنسا، والسنغال تعد واحدة من مراكز النفوذ الفرنسي التقليدي في غرب أفريقيا، حيث يعود تاريخ الوجود الفرنسي في السنغال إلى القرن السابع عشر الميلادي.

ولكن السنغال شهدت تغيرات جذرية خلال العام الحالي، حيث وصل إلى الحكم حزب «باستيف» المعارض، والذي يوصف بأنه شديد الراديكالية، ولديه مواقف غير ودية تجاه فرنسا، وعزز هذا الحزب من نفوذه بعد فوزه بأغلبية ساحقة في البرلمان هذا الأسبوع.

وفيما وصف بأنه رسالة ودية، قال الكرملين إن بوتين وديوماي فاي «تحدثا عن ضرورة تعزيز العلاقات الروسية السنغالية، وهي علاقات تقليدية تطبعها الودية، خاصة في المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية».

ميليشيا «فاغنر» تتحرك على أرض مالي ومنطقة الساحل (رويترز)

وأضاف بيان الكرملين أن الاتفاق تم على أهمية «تنفيذ مشاريع مشتركة واعدة في مجال الطاقة والنقل والزراعة، خاصة من خلال زيادة مشاركة الشركات الروسية في العمل مع الشركاء السنغاليين».

وفي ختام المباحثات، وجّه بوتين دعوة إلى ديوماي فاي لزيارة موسكو، وهو ما تمت الموافقة عليه، على أن تتم الزيارة مطلع العام المقبل، حسب ما أوردت وسائل إعلام محلية في السنغال.

وسبق أن زارت وزيرة الخارجية السنغالية ياسين فال، قبل عدة أشهر العاصمة الروسية موسكو، وأجرت مباحثات مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف، حول قضايا تتعلق بمجالات بينها الطاقة والتكنولوجيا والتدريب والزراعة.

آثار الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين بدكار في 9 فبراير (رويترز)

حياد سنغالي

رغم العلاقة التقليدية القوية التي تربط السنغال بالغرب عموماً، وفرنسا على وجه الخصوص، فإن السنغال أعلنت اتخاذ موقف محايد من الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وطلبت قبل أشهر من السفير الأوكراني مغادرة أراضيها، بعد أن أدلى بتصريحات اعترف فيها بدعم متمردين في شمال مالي، حين كانوا يخوضون معارك ضد الجيش المالي وقوات «فاغنر».

من جانب آخر، لا تزالُ فرنسا الشريك الاقتصادي الأول للسنغال، رغم تصاعد الخطاب الشعبي المعادي لفرنسا في الشارع السنغالي، ورفع العلم الروسي أكثر من مرة خلال المظاهرات السياسية الغاضبة في السنغال.

ومع ذلك، لا يزالُ حجم التبادل التجاري بين روسيا والسنغال ضعيفاً، حيث بلغت صادرات روسيا نحو السنغال 1.2 مليار دولار العام الماضي، وهو ما يمثل 8 في المائة من إجمالي صادرات روسيا نحو القارة الأفريقية، في المرتبة الثالثة بعد مصر (28 في المائة) والجزائر (20 في المائة). ولا يخفي المسؤولون الروس رغبتهم في تعزيز التبادل التجاري مع السنغال، بوصفه بوابة مهمة لدخول أسواق غرب أفريقيا.