لماذا تصاعدت العمليات «الإرهابية» في مالي؟

عقب إعلان الحكومة مقتل 60 شخصاً بهجومين

دورية لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في كيدال (مالي) 23 يوليو 2015 (رويترز)
دورية لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في كيدال (مالي) 23 يوليو 2015 (رويترز)
TT

لماذا تصاعدت العمليات «الإرهابية» في مالي؟

دورية لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في كيدال (مالي) 23 يوليو 2015 (رويترز)
دورية لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في كيدال (مالي) 23 يوليو 2015 (رويترز)

دفع إعلان الحكومة المؤقتة في مالي عن «مقتل 60 شخصاً في هجومين (إرهابيين)»، إلى تساؤلات بشأن تصاعد العمليات «الإرهابية» في مالي. ويرى باحثون ومحللون أن «الإرهابيين يسعون إلى تكريس سيطرتهم على بعض المناطق». وأكدوا أن «الموجة الأخيرة من الهجمات (الإرهابية) هي الأكثر عنفاً وتنظيماً».

وأكدت الحكومة المالية، الخميس، أن «أكثر من 60 شخصاً قتلوا، وأن من بين الضحايا مدنيين وجنوداً». وأُعلن على إثر ذلك الحداد لمدة 3 أيام.

واستهدف الهجوم الأول زورقاً للركاب يُعرف بـ«زورق تمبكتو» في نهر النيجر، بينما استهدف الهجوم الثاني قاعدة للجيش في منطقة بامبا بمنطقة غاو في شمال مالي. وتعرّض الزورق التابع لشركة الملاحة المالية (كوماناف) لهجوم في منطقة تقع بين تمبكتو وغاو، حسب بيان للجيش المالي. وذكرت «كوماناف» لوكالة «الصحافة الفرنسية» أن الزورق استُهدف بـ«ثلاثة صواريخ على الأقل أطلقت على المحرّك». ووفقاً لما جاء في بيان الحكومة، الخميس، فقد تبنت الهجومين (جماعة نصرة الإسلام والمسلمين) الموالية لتنظيم «القاعدة».

في غضون ذلك، ما زالت مدينة تمبكتو التاريخية تخضع لحصار من قبل تنظيم «نصرة الإسلام والمسلمين»، الذي أغلق كل الطرق المؤدية إلى المدينة منذ 13 أغسطس (آب) الماضي، ما أدى لقطع إمدادات الغذاء والمساعدات الإنسانية للمدينة. وكانت الحكومة العسكرية في مالي قد طردت قوات فرنسية عملت لسنوات للمساعدة في مكافحة «الإرهاب»، كما تستعد البعثة الأممية (مينوسما) لمغادرة البلاد.

ويرى أحمد سلطان، الباحث المصري في شؤون الجماعات «المتطرفة»، أن «جماعة (نصرة الإسلام والمسلمين) تُصعد من هجماتها بوتيرة ملحوظة في الآونة الأخيرة، وتزيد من نطاق عملياتها لتشمل مناطق جديدة، كما أنها توسع حصارها مدينة تمبكتو ليشمل مناطق جديدة في الشمال». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الموجة الأخيرة من الهجمات هي «الأكثر عنفاً وتنظيماً، وتتبع استراتيجية تهدف إلى إمساك الأراضي وإسقاط المدن وتكريس السيطرة»، مضيفاً أن حملات الجيش المضادة المعتمدة على القصف الجوي «لم تثبت نجاحها على الأرض، واتسمت بالعشوائية، حيث استهدفت مناطق تابعة للمتمردين الأزواديين، وهو الأمر الذي أجج التوتر القائم معهم».

وكان المجلس العسكري في مالي أعلن، الأربعاء، تنفيذ ضربات جوية ضد «مجموعات إرهابية» كانت تخطط لشن هجمات في شمال البلاد. وأفاد الجيش، في بيان على منصة «إكس» (تويتر سابقاً)، بأن هذه الجماعات مارست «ضغوطاً على السكان المسالمين في مناطق على بعد 35 كلم شمال تمبكتو».

المحلل السياسي التشادي، إسماعيل محمد طاهر، يرى أن الموجة الأخيرة من الهجمات الإرهابية في مالي «تثبت حصول التنظيمات الإرهابية على أسلحة (نوعية) في ظل الفوضى الأمنية التي تعيشها دول الساحل، والإمكانات المادية الكبيرة لهذه التنظيمات، بالإضافة إلى تنامي قدراتهم التنظيمية وقدرتهم على استهداف مناطق أكثر حيوية بسبب معرفتهم الكبيرة بجغرافيا المنطقة، ووجود حاضنة شعبية لهم في ظل غياب الدولة».

وأضاف طاهر لـ«الشرق الأوسط» أن «خبرات وقدرات الجيش المالي - رغم الاستعانة بمجموعة (فاغنر) الروسية المسلحة - لا تؤهله لمواجهة هذا (المد الإرهابي) المتنامي وحده، وأن على الحكومة في مالي التنسيق مع دول الجوار والقوى الدولية للاستعانة بخبراتها». طاهر أشار كذلك إلى أن حصار تمبكتو «يمثل انتصاراً استراتيجياً كبيراً لتنظيم (القاعدة)، كما أنه يفاقم سقوط هيبة الدولة معنوياً لدى الشعب المالي، ويصعب من حياة السكان في الشمال، حيث تقطع عنهم الإمدادات والأغذية».


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
TT

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

استعادت جماعة «بوكو حرام» الموالية لـ«تنظيم داعش» الإرهابي، قدرتها على المبادرة والهجوم في مناطق مختلفة بشمال نيجيريا، وشنّت هجوماً استهدف قاعدة عسكرية تابعة للجيش، قُتل فيه خمسة جنود على الأقل، وأُصيب عشرة جنود، فيما قال الجيش إنه قتل أكثر من خمسين من عناصر الجماعة الإرهابية.

وقالت قيادة الجيش النيجيري في بيان، إن الهجوم الإرهابي الذي شنّه فرع من جماعة «بوكو حرام»، في غرب أفريقيا، استهدف القوات المتمركزة بموقع عمليات التثبيت بقرية «كاريتو»، بولاية بورنو، في أقصى شمال شرقي نيجيريا، على الحدود مع دولة النيجر.

البيان الصادر عن مدير الإعلام العسكري، اللواء إدوارد بوبا، قال إن الهجوم الإرهابي وقع بالتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع، ووصفه بأنه «كان منسقاً»، قبل أن يؤكد «مقتل خمسة جنود وإصابة عشرة آخرين بجروح، بالإضافة إلى فقدان أربعة جنود آخرين».

من عملية ضد جماعة «بوكو حرام» (أرشيفية متداولة)

وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم قيادة الجيش إن «القوات المسلحة نجحت في القضاء على عدد من الإرهابيين، واستعادة أسلحة كانت بحوزتهم»، مشيراً إلى تكبد الجيش خسائر مادية «فادحة»، حيث إن منفذي الهجوم الإرهابي أحرقوا بعض المعدات «بما في ذلك شاحنة محملة بالأسلحة، وثلاث مركبات تكتيكية، وجرافة».

وأطلق الجيش النيجيري عملية تعقب بقيادة وحدة من قوات الدعم مع غطاء جوي، وقال إن الهدف هو «استكشاف المنطقة بشكل عام، ومسارات انسحاب الإرهابيين»، وفق تعبير البيان.

وتسعى القوات النيجيرية إلى قطع الطريق أمام منفذي الهجوم الإرهابي، بهدف استعادة الجنود المفقودين، في ظل توقعات بأن الإرهابيين «اختطفوهم» ليكونوا دروعاً بشرية تحميهم من أي قصف جوي.

صورة أرشيفية لهجوم شنّته جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا (رويترز)

الهجوم الإرهابي استهدف قرية «كاريتو»، التي لا تبعد سوى 153 كيلومتراً عن العاصمة الإقليمية مايدوجوري، وهي المقر الرئيس لـ«الكتيبة 149» التابعة للجيش النيجيري، التي تشارك بنشاط في عمليات محاربة الإرهاب، كما استهدف معاقل فرعي جماعة «بوكو حرام»، الموالية لتنظيمي «داعش» و«القاعدة».

وقالت قيادة الجيش النيجيري إن «هذا الهجوم لن يثني القوات المسلحة النيجيرية عن القضاء على الإرهاب والتمرد والتحديات الأمنية الأخرى التي تواجه البلاد»، وأعربت عن تعويلها على تعاون السكان المحليين في ملاحقة الإرهابيين.

وأعلن حاكم ولاية بورنو، باباغانا زولوم، عن وقوفه إلى جانب القوات المسلحة النيجيرية، وأضاف في بيان صحافي أن الهجوم «يعيد إلى الأذهان مستوى وحشية العناصر الإرهابية لجماعة (بوكو حرام)».

وبينما أعلن عدد من كبار قادة الجيش في نيجيريا عن انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»، والاقتراب من القضاء عليها بشكل نهائي، بدأت الجماعة تعيد ترتيب صفوفها، وإظهار قدرات جديدة على المبادرة والهجوم.

ففي حادث منفصل، نصب مسلحون من «بوكو حرام»، الثلاثاء، كميناً لفريق مراقبة من قوات الأمن والدفاع المدني النيجيرية، كان يتفقد منشآت الشبكة الوطنية للكهرباء والطاقة في إقليم النيجر التابع لنيجيريا.

مسلحو «بوكو حرام» خلَّفوا الخراب والدمار في ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم قوات الأمن والدفاع المدني أفولابي باباوالي، إن خطوط الشبكة الوطنية للطاقة تعرضت مؤخراً لهجمات إرهابية تخريبية، وقد أسفرت عن انقطاع واسع للتيار الكهربائي في أقاليم شمال نيجيريا.

وأوضح المتحدث أنه «حينما كانت فرق الأمن تتفقد خطوط الشبكة الوطنية، تعرضت لهجوم إرهابي نفذه أكثر من 200 مسلح نصَبوا كميناً من قمة أحد التلال»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن المواجهات بين الطرفين «أسفرت عن مقتل أكثر من خمسين إرهابياً، فيما يوجد سبعة جنود في عداد المفقودين».

وتتزامن هذه الهجمات الإرهابية المتفرقة، مع معارك طاحنة تجري منذ أسابيع ما بين جيش تشاد ومقاتلي «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، التي تُوصف بأنها «العمق الاستراتيجي» للتنظيم الإرهابي، حيث توجد قواعده الخلفية وسط الغابات والجزر المترامية في واحدة من أكبر المناطق الرطبة في أفريقيا.