دفع إعلان الحكومة المؤقتة في مالي عن «مقتل 60 شخصاً في هجومين (إرهابيين)»، إلى تساؤلات بشأن تصاعد العمليات «الإرهابية» في مالي. ويرى باحثون ومحللون أن «الإرهابيين يسعون إلى تكريس سيطرتهم على بعض المناطق». وأكدوا أن «الموجة الأخيرة من الهجمات (الإرهابية) هي الأكثر عنفاً وتنظيماً».
وأكدت الحكومة المالية، الخميس، أن «أكثر من 60 شخصاً قتلوا، وأن من بين الضحايا مدنيين وجنوداً». وأُعلن على إثر ذلك الحداد لمدة 3 أيام.
واستهدف الهجوم الأول زورقاً للركاب يُعرف بـ«زورق تمبكتو» في نهر النيجر، بينما استهدف الهجوم الثاني قاعدة للجيش في منطقة بامبا بمنطقة غاو في شمال مالي. وتعرّض الزورق التابع لشركة الملاحة المالية (كوماناف) لهجوم في منطقة تقع بين تمبكتو وغاو، حسب بيان للجيش المالي. وذكرت «كوماناف» لوكالة «الصحافة الفرنسية» أن الزورق استُهدف بـ«ثلاثة صواريخ على الأقل أطلقت على المحرّك». ووفقاً لما جاء في بيان الحكومة، الخميس، فقد تبنت الهجومين (جماعة نصرة الإسلام والمسلمين) الموالية لتنظيم «القاعدة».
في غضون ذلك، ما زالت مدينة تمبكتو التاريخية تخضع لحصار من قبل تنظيم «نصرة الإسلام والمسلمين»، الذي أغلق كل الطرق المؤدية إلى المدينة منذ 13 أغسطس (آب) الماضي، ما أدى لقطع إمدادات الغذاء والمساعدات الإنسانية للمدينة. وكانت الحكومة العسكرية في مالي قد طردت قوات فرنسية عملت لسنوات للمساعدة في مكافحة «الإرهاب»، كما تستعد البعثة الأممية (مينوسما) لمغادرة البلاد.
ويرى أحمد سلطان، الباحث المصري في شؤون الجماعات «المتطرفة»، أن «جماعة (نصرة الإسلام والمسلمين) تُصعد من هجماتها بوتيرة ملحوظة في الآونة الأخيرة، وتزيد من نطاق عملياتها لتشمل مناطق جديدة، كما أنها توسع حصارها مدينة تمبكتو ليشمل مناطق جديدة في الشمال». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الموجة الأخيرة من الهجمات هي «الأكثر عنفاً وتنظيماً، وتتبع استراتيجية تهدف إلى إمساك الأراضي وإسقاط المدن وتكريس السيطرة»، مضيفاً أن حملات الجيش المضادة المعتمدة على القصف الجوي «لم تثبت نجاحها على الأرض، واتسمت بالعشوائية، حيث استهدفت مناطق تابعة للمتمردين الأزواديين، وهو الأمر الذي أجج التوتر القائم معهم».
وكان المجلس العسكري في مالي أعلن، الأربعاء، تنفيذ ضربات جوية ضد «مجموعات إرهابية» كانت تخطط لشن هجمات في شمال البلاد. وأفاد الجيش، في بيان على منصة «إكس» (تويتر سابقاً)، بأن هذه الجماعات مارست «ضغوطاً على السكان المسالمين في مناطق على بعد 35 كلم شمال تمبكتو».
المحلل السياسي التشادي، إسماعيل محمد طاهر، يرى أن الموجة الأخيرة من الهجمات الإرهابية في مالي «تثبت حصول التنظيمات الإرهابية على أسلحة (نوعية) في ظل الفوضى الأمنية التي تعيشها دول الساحل، والإمكانات المادية الكبيرة لهذه التنظيمات، بالإضافة إلى تنامي قدراتهم التنظيمية وقدرتهم على استهداف مناطق أكثر حيوية بسبب معرفتهم الكبيرة بجغرافيا المنطقة، ووجود حاضنة شعبية لهم في ظل غياب الدولة».
وأضاف طاهر لـ«الشرق الأوسط» أن «خبرات وقدرات الجيش المالي - رغم الاستعانة بمجموعة (فاغنر) الروسية المسلحة - لا تؤهله لمواجهة هذا (المد الإرهابي) المتنامي وحده، وأن على الحكومة في مالي التنسيق مع دول الجوار والقوى الدولية للاستعانة بخبراتها». طاهر أشار كذلك إلى أن حصار تمبكتو «يمثل انتصاراً استراتيجياً كبيراً لتنظيم (القاعدة)، كما أنه يفاقم سقوط هيبة الدولة معنوياً لدى الشعب المالي، ويصعب من حياة السكان في الشمال، حيث تقطع عنهم الإمدادات والأغذية».