الغابون... سقوط أسرة بونغو رمز «أفريقيا الفرنسية»

اعتمدت العائلة سياسة تقوم على محسوبية شاملة

رئيس الغابون علي بونغو يعقد مؤتمراً صحافياً على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في 26 سبتمبر 2014 (د.ب.أ)
رئيس الغابون علي بونغو يعقد مؤتمراً صحافياً على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في 26 سبتمبر 2014 (د.ب.أ)
TT

الغابون... سقوط أسرة بونغو رمز «أفريقيا الفرنسية»

رئيس الغابون علي بونغو يعقد مؤتمراً صحافياً على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في 26 سبتمبر 2014 (د.ب.أ)
رئيس الغابون علي بونغو يعقد مؤتمراً صحافياً على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في 26 سبتمبر 2014 (د.ب.أ)

يأخذ الانقلاب العسكري الأخير في الغابون بُعداً رمزياً أقوى من الانقلابات الأخيرة في البلدان الأفريقية المجاورة، حيث ظهر النظام الغابوني، «جمهورية وراثية» فُرضت لمدة ستة وخمسين عاماً، كتركة لسياسة فرنسا في أفريقيا (سياسة «فرنسا الأفريقية») ما بعد مرحلة الاستعمار، حسب تقرير نشرته، الأربعاء، صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

ألبرت بونغو - سيصبح اسمه عمر بونغو بعد اعتناقه الإسلام - هذا الضابط السابق، الذي عمل مع الفرنسيين في أثناء مرحلة الاستعمار الفرنسي في أفريقيا، عملت على إعداده بتأنٍ لسنوات شبكات «فرنسا الأفريقية». وفي عام 1967 أصبح رئيساً جديداً لدولة الغابون. وقد فتح أبواب البلاد أمام الشركات والوكلاء والجنود الفرنسيين. كما أنه «وفر قاعدة خلفية لتحركات باريس، في بيافرا النيجيرية في خضم الحرب الأهلية، ثم في وقت لاحق في محاولة غير ناجحة لزعزعة استقرار بنين. وفي المقابل، غض الإليزيه الطرف عن فساد النظام الجديد»، وفق تقرير «لوفيغارو».

أثبت بونغو أنه دبلوماسي جيد وماهر سياسياً للغاية، لكن إدارته الاقتصادية كانت عشوائية. وأدار الموارد المالية المهمة (من عائدات النفط) كالعادة بتقاسم بينه وبين باريس.

تصاعدت قوة شركة «إلف» للنفط، واستخدمت هذه الأموال أيضاً لتمويل رؤساء أصدقاء أو معارضين، أو حتى إبعاد رئيس دولة مثير للمشاكل، وفقاً لاحتياجات الإليزيه.

وعلى مر السنوات، تحول بونغو إلى ما يشبه الركيزة الأساسية للنظام الفرنسي في أفريقيا، لكن مواطنيه لم يستفيدوا منه إلا قليلاً. فـ«المعجزة الغابونية» (الاقتصادية) المتوقعة لم تحدث، بل على العكس ستظل الدول الغنية فقيرة. وبين الفساد المستشري وشراء المعارضين، كان النظام السياسي في البلاد مكلفاً للغاية. ومن خلف التهليل الظاهر الذي لاقاه في الواجهة، تعرض «بابا بونغو» لانتقادات شديدة. وفي عام 1990، انقلبت محاولة التحول الديمقراطي إلى كارثة وأعمال شغب. فتدخلت فرنسا تحت غطاء عملية إجلاء، وأنقذت حليفها.

المحسوبية الشاملة

غرقت سلطة بونغو في محسوبية شاملة. تنازع الأصدقاء والعائلة وأطفاله سواء كانوا شرعيين أو لا - من المفترض أن يكون لديه 43 طفلاً وفق التقرير - كل قطعة من البلاد. كشفت فضيحة شركة «إلف» وفضيحة المكاسب غير المشروعة، أعماق السلطة، حيث قدرت أصول الرئيس بونغو بـ150 مليون يورو. ورداً على هذه الفضائح، ابتعدت فرنسا عن عمر بونغو.

توفي عمر بونغو عام 2009 ليخلفه ابنه علي. حاول الرئيس الجديد أن يُنسي الناس إرث أبيه الثقيل، فتخلص من الحرس الأبوي القديم وفرض رجاله. ادعى أنه يريد إطلاق إصلاح كبير، ولكن لم يحدث شيء. قامت «العائلة»، أكثر من أي وقت مضى، بتوزيع الموارد والمناصب. وفي عام 2016، فاز علي بونغو رسمياً في صناديق الاقتراع مرة أخرى، ضد جان بينغ الذي ليس هو سوى صهره السابق.

كان التزوير واضحاً جداً في تلك الانتخابات لدرجة أن الحشود خرجت إلى الشوارع معترضة. فتح بونغو النار، ممزقاً في هذه العملية النقطة الإيجابية الوحيدة لنظامه القائم على الفساد، وهي أنه قبل الحادثة كان حكمه يعتبر أنه قليل العنف نسبياً.


مقالات ذات صلة

محاولة انقلابية فاشلة في دولة بنين

أفريقيا صورة أرشيفية لمتظاهرة تحمل علم بنين خارج البرلمان في العاصمة بورتو نوفو أبريل 2017 (أ.ف.ب)

محاولة انقلابية فاشلة في دولة بنين

أعلنت السلطات في دولة بنين اعتقال قائد الحرس الجمهوري ورجل أعمال مُقرّب من رئيس البلاد ووزير سابق في الحكومة، إثر تورّطهم في مخطط لقلب نظام الحكم بالقوة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا المواطن الأميركي بنجامين ريوبين زالمان بولن خلال محاكمته في قضية «محاولة الانقلاب» بالكونغو (إ.ب.أ)

حكم بإعدام 37 شخصاً بينهم 3 أميركيين في «محاولة الانقلاب» بالكونغو الديمقراطية

أصدرت محكمة عسكرية بكينشاسا حكماً بإعدام 37 متهماً، بينهم 3 أميركيين، في قضية «محاولة الانقلاب» التي شهدتها جمهورية الكونغو الديمقراطية.

«الشرق الأوسط» (كينشاسا)
آسيا الشيخة حسينة (رويترز)

بنغلاديش تلغي حظراً مفروضاً على حزب إسلامي بعد رحيل الشيخة حسينة

ألغت الحكومة المؤقتة في بنغلاديش حظراً على أكبر حزب إسلامي في البلاد، وهو حزب الجماعة الإسلامية، ملغية بذلك قراراً اتخذه نظام رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة

«الشرق الأوسط» (دكا)
آسيا متظاهرون يحتفلون بالقرب من صورة مشوهة لرئيسة وزراء بنغلاديش السابقة الشيخة حسينة بعد أنباء استقالتها في دكا يوم 5 أغسطس 2024 (أسوشييتد برس)

قضاء بنغلاديش يفتح تحقيقاً بتهمة القتل في حق الشيخة حسينة

فتحت محكمة في بنغلاديش تحقيقاً في جريمة قتل، يطول رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة و6 شخصيات بارزة في إدارتها، على خلفية قتل الشرطة رجلاً خلال الاضطرابات.

«الشرق الأوسط» (دكا)
أوروبا أوكرانيات مدنيات لدى حضورهن تدريباً على استخدام الأسلحة القتالية والمعدات الطبية في كييف (أ.ف.ب)

أوكرانيا تحبط مخططاً لانقلاب مزعوم

أعلنت السلطات الأوكرانية عن إحباط مخطط لانقلاب مزعوم كان يستهدف الاستيلاء على السلطة في العاصمة كييف.

«الشرق الأوسط» (كييف)

هيئة طبية: جدري القردة خارج نطاق السيطرة في أفريقيا

مريض يعاني من الجدري داخل مستشفى في جمهورية الكونغو الديمقراطية (أ.ف.ب)
مريض يعاني من الجدري داخل مستشفى في جمهورية الكونغو الديمقراطية (أ.ف.ب)
TT

هيئة طبية: جدري القردة خارج نطاق السيطرة في أفريقيا

مريض يعاني من الجدري داخل مستشفى في جمهورية الكونغو الديمقراطية (أ.ف.ب)
مريض يعاني من الجدري داخل مستشفى في جمهورية الكونغو الديمقراطية (أ.ف.ب)

حذرت المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، اليوم الخميس، من أن تفشي جدري القردة في أفريقيا لا يزال خارج نطاق السيطرة، مضيفة أن الحالات لا تزال تتزايد في عدد من البلدان.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية تفشي المرض في الآونة الأخيرة حالة طوارئ صحية عامة مثيرة للقلق على المستوى الدولي بعد رصد المتحور الجديد.

وتواجه بلدان القارة صعوبة في الاستجابة لتفش جديد كبير في أعقاب جائحة «كوفيد - 19» التي كشفت عن ضعف أنظمة الرعاية الصحية التي لم تكن مستعدة للتعامل مع أزمة صحية عامة كبيرة، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وأظهرت بيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في أفريقيا أن عدد حالات الإصابة بجدري القردة في أفريقيا ارتفع 177 في المائة، كما زادت الوفيات 38.5 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وقال جان كاسيا المدير العام للمراكز في إفادة أسبوعية عن تفشي المرض: «يمكننا القول اليوم إن جدري القردة ليس تحت السيطرة في أفريقيا. لا يزال لدينا هذا الارتفاع في الحالات الذي يثير قلقنا جميعاً».

وفي أسبوع واحد، وردت بلاغات عن 2912 حالة جديدة مقارنة بالأسبوع السابق، بما في ذلك دولة جديدة هي المغرب، التي أبلغت عن تسجيل إصابة واحدة، مما يؤكد انتشار المرض في جميع المناطق الأربع في القارة.

وذكرت مراكز مكافحة الأمراض أن 15 من أصل 55 دولة بالاتحاد الأفريقي أبلغت حتى الآن عن اكتشاف إصابات بالمرض.

وقال كاسيا إن رواندا بدأت حملة تطعيم، في حين من المقرر أن تبدأ جمهورية الكونغو الديمقراطية، مركز تفشي المرض، عمليات التطعيم في أوائل أكتوبر (تشرين الأول).