الجنرال نغيما يقود الغابون بعد «تقاعد» بونغو

اعتقال نجل الرئيس المعزول ومقربين منه بتهمة «الخيانة العظمى»

TT

الجنرال نغيما يقود الغابون بعد «تقاعد» بونغو

العسكريون في النيجر لدى إعلانهم إنهاء «النظام القائم» في بيان على التلفزيون اليوم (أ.ف.ب)
العسكريون في النيجر لدى إعلانهم إنهاء «النظام القائم» في بيان على التلفزيون اليوم (أ.ف.ب)

أعلن المجلس العسكري في الغابون، اليوم (الأربعاء)، تعيين قائد الحرس الجمهوري الجنرال برايس أوليغي نغيما زعيماً للمرحلة الانتقالية.

وقال نغيما الذي شارك في الانقلاب لصحيفة «لوموند» الفرنسية، في وقت سابق اليوم، إن الرئيس المعزول علي بونغو أونديمبا «أحيل إلى التقاعد ولديه كل حقوقه. هو مواطن غابوني عادي مثل أي شخص آخر». وأضاف: «لم يكن لديه الحق في تولي فترة ولاية ثالثة، وانتُهك الدستور (...) لذلك قرر الجيش تولي مسؤولياته».

وأعلن عسكريون، اليوم، عن «إنهاء النظام القائم» في الغابون ووضع الرئيس المنتهية ولايته علي بونغو أونديمبا قيد الإقامة الجبرية بعيد إعلان النتائج الرسمية للانتخابات الرئاسية التي كرّست فوز بونغو بولاية ثالثة.

سياسياً، قال رئيس مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي ويلي نياميتوي، اليوم، إنه عقد اجتماعاً طارئاً مع بوروندي والسنغال والكاميرون لتحليل الوضع في الغابون.

وحتى هذا الانقلاب، بقيت عائلة بونغو تحكم الدولة الغنية بالنفط والواقعة في وسط أفريقيا منذ أكثر من 55 عاماً. وأعلن، اليوم، العسكريون الذين نفّذوا الانقلاب أن بونغو الذي خلف والده في عام 2009 وضع قيد الإقامة الجبرية «وهو محاط بعائلته وأطبائه»، بينما أوقف أحد أبنائه بتهمة «الخيانة العظمى». وأضاف الكولونيل الذي تلا، ليل الثلاثاء الأربعاء، البيان الذي أعلن فيه الجيش «إنهاء النظام القائم»، أنه «تم توقيف» نور الدين بونغو فالنتان ابن الرئيس ومستشاره المقرب، وإيان غيزلان نغولو رئيس مكتب بونغو، ومحمد علي ساليو نائب رئيس مكتبه، وعبد الحسيني وهو مستشار آخر للرئاسة، وجيسيي إيلا إيكوغا وهو مستشار خاص وناطق رسمي باسم الرئاسة، بالإضافة إلى أهم رجلين في الحزب الديمقراطي الغابوني القوي الذي يتزعمه بونغو.

وأوضح أنهم أوقفوا خصوصاً بتهم «الخيانة العظمى لمؤسسات الدولة واختلاس أموال عامة على نطاق واسع واختلاس مالي دولي ضمن عصابة منظمة وتزوير توقيع رئيس الجمهورية والفساد والاتجار بالمخدرات». وفي وقت لاحق، أظهرت صور بثها التلفزيون الحكومي مئات الجنود يحملون قائد الحرس الرئاسي على الأكتاف احتفالاً بالنصر. وأعلن العسكريون الذين أكدوا أنهم يتحدثون باسم «لجنة المرحلة الانتقالية وإعادة المؤسسات»، أنهم «بسبب حوكمة غير مسؤولة تتمثل بتدهور متواصل للحمة الاجتماعية ما قد يدفع بالبلاد إلى الفوضى (...) قررنا الدفاع عن السلام من خلال إنهاء النظام القائم». وأضافوا في وقت لاحق أن الرئيس علي بونغو أونديمبا بات قيد الإقامة الجبرية.

وأوضح هؤلاء: «لهذه الغاية، ألغيت الانتخابات العامة التي جرت في 26 أغسطس (آب) 2023 فضلاً عن نتائجها».

سكان يرحبون بأفراد قوات الأمن في ليبريفيل في أعقاب إعلان عسكريين الاستيلاء على السلطة (أ.ف.ب)

وأضاف البيان: «حُلت كل المؤسسات؛ الحكومة ومجلس الشيوخ والجمعية الوطنية والمحكمة الدستورية. ندعو المواطنين إلى الهدوء ونجدد تمسكنا باحترام التزامات الغابون حيال الأسرة الدولية»، مؤكداً إغلاق حدود البلاد «حتى إشعار آخر».

ومن بين هؤلاء العسكريين عناصر من الحرس الجمهوري المنوط به حماية الرئاسة، فضلاً عن جنود من الجيش وعناصر من الشرطة. وتُلي البيان عبر تلفزيون الغابون الرسمي أيضاً.

وجاء الإعلان بعيد نشر النتائج الرسمية للانتخابات الرئاسية التي جرت السبت وأظهرت إعادة انتخاب الرئيس بونغو الذي يحكم البلاد منذ 14 عاماً، لولاية ثالثة بحصوله على 64.27 في المائة من الأصوات.

ودعا بونغو، اليوم، «جميع الأصدقاء» إلى «رفع أصواتهم»، وذلك في مقطع فيديو انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وقال بونغو، في الفيديو الذي ظهر فيه جالساً على كرسي وتبدو عليه ملامح القلق: «أنا علي بونغو أونديمبا، رئيس الغابون، أوجّه رسالة إلى جميع أصدقائنا في كل أنحاء العالم لأطلب منهم أن يرفعوا أصواتهم بشأن الأشخاص الذين اعتقلوني وعائلتي»، مؤكّداً أنه في «منزله».

رئيس الغابون علي بونغو (أرشيفية - أ.ف.ب)

وتفوق بونغو في انتخابات جرت بدورة واحدة على منافسه الرئيسي ألبير أوندو أوسا الذي حصل على 30,77 في المائة، بينما حصل 12 مرشحاً آخرين على ما تبقى من أصوات، على ما أوضح ستيفان بوندا رئيس المركز الغابوني للانتخابات عبر التلفزيون الرسمي. وبلغت نسبة المشاركة 56,65 في المائة.

وكان أوسا تحدث عن «عمليات تزوير أدارها معسكر بونغو» قبل ساعتين من إغلاق مراكز الاقتراع السبت، وأكد فوزه بالانتخابات. وناشد معسكره بونغو، الاثنين، «لتنظيم تسليم السلطة من دون إراقة دماء»، استناداً إلى فرز للأصوات أجراه مدققوه ومن دون أن ينشر أي وثيقة تثبت ذلك.

وأثار غياب المراقبين الدوليين وتعليق بث بعض وسائل الإعلام الأجنبية وقرار السلطات قطع خدمة الإنترنت وفرض حظر ليلي للتجوال في جميع أنحاء البلاد بعد الانتخابات، مخاوف بشأن شفافية العملية الانتخابية.

وسعى بونغو من خلال هذه الانتخابات إلى تمديد هيمنة عائلته المستمرة منذ 56 عاماً على السلطة، بينما دفعت المعارضة باتجاه التغيير في الدولة الغنية بالنفط في وسط أفريقيا، والفقيرة رغم ذلك.

وبعد ساعات من إعلان العسكريين الاستيلاء على السلطة، نزل المئات من المواطنين إلى شوارع عاصمة الغابون للاحتفال بالإطاحة ببونغو.

ولم يصدر حتى الآن تعليق من حكومة الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).

وإذا نجح هذا الانقلاب فإنه سيكون الثامن في غرب ووسط أفريقيا منذ 2020. وأدت انقلابات في مالي وغينيا وبوركينا فاسو وتشاد والنيجر إلى تقويض التقدم الديمقراطي في المنطقة في السنوات القليلة الماضية.

وفي الشهر الماضي، استولى الجيش على السلطة في النيجر، ما أثار موجات من الصدمة في أنحاء منطقة الساحل واجتذب قوى عالمية صارت مصالحها الاستراتيجية على المحك.

وأحبطت الغابون انقلاباً عسكرياً في يناير (كانون الثاني) 2019، بعد أن استولى جنود لفترة وجيزة على محطة إذاعية وبثوا رسالة مفادها أن بونغو الذي عانى من جلطة قبلها بأشهر لم يعد صالحاً للمنصب. لكن تم تدارك الموقف بعد ساعات بعد مقتل اثنين ممن يشتبه في تدبيرهم الانقلاب واعتقال آخرين.

وتولى علي بونغو (64 عاماً) الرئاسة خلفاً لوالده عمر بونغو في 2009. وخاض السباق الرئاسي الأحدث ضد 18 مرشحاً، دعم ستة منهم أوندو أوسا في محاولة لتقليص الفارق.

الرئيس الغابوني علي بونغو يؤدي اليمين الدستورية بعد انتخابه رئيساً عام 2009 (أ.ف.ب)

وقالت الحكومة من قبل إن قطع خدمة الإنترنت وفرض حظر التجول ضروريان لمنع انتشار الأخبار الزائفة وحماية الأمن العام.

وفي 2016، تم إضرام النيران في مبنى البرلمان عندما نشبت احتجاجات عنيفة في الشوارع على إعادة انتخاب بونغو لولاية ثانية، في خطوة أثارت الجدل والنزاع وقتها أيضاً وقطعت الحكومة حينئذ خدمات الإنترنت لأيام عدة.


مقالات ذات صلة

ضغوط على رئيس كوريا الجنوبية للتنحي

آسيا أحزاب المعارضة تتقدم بطلب لعزل الرئيس (رويترز)

ضغوط على رئيس كوريا الجنوبية للتنحي

واجه رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول، أمس، ضغوطاً تطالبه بالتنحي من منصبه، وذلك بعد ساعات من إلغائه الأحكام العرفية التي فرضها لفترة وجيزة، ودفعت قوات الجيش.

«الشرق الأوسط» (سيول)
آسيا متظاهرون يطالبون باستقالة الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول أمام الجمعية العامة في سيول (أ.ف.ب)

مطالب بعزل رئيس كوريا الجنوبية رغم تراجعه عن الأحكام العرفية

واصل المسؤولون في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مراقبة التطورات الدراماتيكية عن كثب في كوريا الجنوبية، حيث تتواصل الضغوط لعزل الرئيس يون سوك يول.

علي بردى (واشنطن) «الشرق الأوسط» (سيول)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو (أ.ف.ب)

الشرطة البرازيلية: بولسونارو شارك في محاولة انقلاب 2022

خلص تقرير للشرطة البرازيلية نشر الثلاثاء إلى أن الرئيس السابق جايير بولسونارو "شارك بشكل فاعل" في محاولة انقلاب في العام 2022.

«الشرق الأوسط» (برازيليا)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو (وسط) يحضر حفل تخرج للطلاب في أكاديمية عسكرية في ولاية ريو دي جانيرو بالبرازيل 26 نوفمبر 2022 (أ.ف.ب)

الشرطة البرازيلية تتهم الرئيس السابق بولسونارو بمحاولة الانقلاب عام 2022

قالت الشرطة الفيدرالية البرازيلية، اليوم الخميس، إنها وجهت الاتهامات للرئيس السابق جايير بولسونارو و36 شخصاً آخرين بتهمة محاولة الانقلاب عام 2022.

«الشرق الأوسط» (ساو باولو)
أميركا اللاتينية وفقاً للتحقيق خطط الانقلابيون لقتل رئيس البلاد لولا دا سيلفا ونائبه جيرالدو ألكمين وقاضي المحكمة العليا ألكسندر دي مورايس (رويترز)

البرازيل: اعتقال 5 ضباط بتهمة التخطيط للانقلاب على الرئيس لولا دا سيلفا

قالت السلطات البرازيلية، الثلاثاء، إن شرطة البلاد اعتقلت 5 ضباط متهمين بالتخطيط لانقلاب تضمن خططاً للإطاحة بالحكومة بعد انتخابات 2022 وقتل الرئيس.

«الشرق الأوسط» (ساو باولو)

أفريقيا ترد على ماكرون: لولانا «لكانت فرنسا اليوم لا تزال ألمانية»

ماليون يحتفلون بخروج القوات الفرنسية من البلاد ويرفعون لافتة تدعو إلى «تحرير أفريقيا» (أرشيفية - أ.ف.ب)
ماليون يحتفلون بخروج القوات الفرنسية من البلاد ويرفعون لافتة تدعو إلى «تحرير أفريقيا» (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

أفريقيا ترد على ماكرون: لولانا «لكانت فرنسا اليوم لا تزال ألمانية»

ماليون يحتفلون بخروج القوات الفرنسية من البلاد ويرفعون لافتة تدعو إلى «تحرير أفريقيا» (أرشيفية - أ.ف.ب)
ماليون يحتفلون بخروج القوات الفرنسية من البلاد ويرفعون لافتة تدعو إلى «تحرير أفريقيا» (أرشيفية - أ.ف.ب)

ندّدت تشاد والسنغال بشدّة بتصريحات أدلى بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإثنين واتّهم فيها دول الساحل بأنها «لم تشكر» بلاده على الدعم الذي قدّمته للقارة في مكافحة التمرد الإرهابي.

وقال ماكرون الإثنين إنّ بلاده كانت «محقّة» في تدخّلها عسكريا في منطقة الساحل «ضدّ الإرهاب منذ عام 2013»، لكنّ القادة الأفارقة «نسوا أن يقولوا شكرا» لفرنسا على هذا الدعم. وأضاف أنّه لولا هذا التدخّل العسكري الفرنسي «لما كان لأيّ من» هؤلاء القادة الأفارقة أن يحكم اليوم دولة ذات سيادة. وأدلى ماكرون بكلامه هذا خلال الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا في العالم. وأضاف الرئيس الفرنسي بنبرة ملؤها السخرية «لا يهمّ، سيأتي هذا (الشكر) مع الوقت».

وأثارت هذه التصريحات استنكارا شديدا في كلّ من نجامينا ودكار. وفي بيان أصدره وزير الخارجية التشادي عبد الرحمن كلام الله أعربت نجامينا عن «قلقها العميق عقب تصريحات (...) ماكرون التي تعكس موقف ازدراء تجاه أفريقيا والأفارقة». وفي بيانه الذي تلاه التلفزيون الرسمي أكّد الوزير التشادي أنّه «ليست لديه أيّ مشكلة مع فرنسا»، لكن بالمقابل «يجب على القادة الفرنسيين أن يتعلموا احترام الشعب الأفريقي».

وفي نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، ألغت تشاد الاتفاقيات العسكرية التي كانت تربطها بالقوة الاستعمارية السابقة. وشدّد الوزير التشادي على أنّ «الشعب التشادي يتطلّع إلى السيادة الكاملة والاستقلال الحقيقي وبناء دولة قوية ومستقلة».

بدوره، ندّد بتصريح ماكرون رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو، مؤكّدا في بيان أنّه لولا مساهمة الجنود الأفارقة في الحرب العالمية الثانية في تحرير فرنسا من الاحتلال النازي «لربّما كانت فرنسا اليوم لا تزال ألمانية».

وفي كلمته أمام السفراء الفرنسيين في العالم قال ماكرون إنّ قرار سحب القوات الفرنسية من أفريقيا اتّخذته باريس بالتشاور والتنسيق مع هذه الدول. وقال الرئيس الفرنسي «لقد اقترحنا على رؤساء دول أفريقية إعادة تنظيم وجودنا، وبما أنّنا مهذّبون للغاية، فقد تركنا لهم أسبقية الإعلان» عن هذه الانسحابات. واضطرت فرنسا رغما عنها لسحب قواتها من دول أفريقية عديدة في السنوات الأخيرة.

وبالنسبة لسونكو الذي أعلنت بلاده في الأسابيع الأخيرة إنهاء أيّ وجود عسكري فرنسي على أراضيها خلال العام الجاري فإنّ ما أدلى به ماكرون «خاطئ بالكامل» إذ «لم يتمّ إجراء أيّ نقاش أو مفاوضات حتى الآن، والقرار الذي اتّخذته السنغال نابع من إرادتها الوحيدة، كدولة حرة ومستقلة وذات سيادة».

كما هاجم رئيس الوزراء السنغالي الرئيس الفرنسي بسبب تهمة «الجحود» التي وجّهها سيّد الإليزيه لقادة هذه الدول الأفريقية. وقال سونكو إنّ «فرنسا لا تمتلك لا القدرة ولا الشرعية لضمان أمن أفريقيا وسيادتها. بل على العكس من ذلك، فقد ساهمت في كثير من الأحيان في زعزعة استقرار بعض الدول الأفريقية مثل ليبيا، ممّا أدّى إلى عواقب وخيمة لوحظت على استقرار وأمن منطقة الساحل».

بدوره، شدّد وزير الخارجية التشادي على «الدور الحاسم» لأفريقيا وتشاد في تحرير فرنسا خلال الحربين العالميتين وهو دور «لم تعترف به فرنسا أبدا»، فضلا عن «التضحيات التي قدّمها الجنود الأفارقة». وأضاف كلام الله «خلال 60 عاما من الوجود الفرنسي (...) كانت مساهمة فرنسا في كثير من الأحيان مقتصرة على مصالحها الاستراتيجية الخاصة، من دون أيّ تأثير حقيقي دائم على تنمية الشعب التشادي».