هل اقترب التدخل العسكري في النيجر؟

بعد السماح لقوات من مالي وبوركينا فاسو بالوجود على أراضيها

أنصار للمجلس العسكري يحتجون على تدخل عسكري محتمل في النيجر (إ.ب.أ)
أنصار للمجلس العسكري يحتجون على تدخل عسكري محتمل في النيجر (إ.ب.أ)
TT

هل اقترب التدخل العسكري في النيجر؟

أنصار للمجلس العسكري يحتجون على تدخل عسكري محتمل في النيجر (إ.ب.أ)
أنصار للمجلس العسكري يحتجون على تدخل عسكري محتمل في النيجر (إ.ب.أ)

في ظل «عدم تحقيق اختراق في حل أزمة النيجر»، أثيرت تساؤلات حول هل اقترب الخيار العسكري الذي تلوح به «إيكواس» لمواجهة الانقلاب في النيجر، وبينما يرى بعض الخبراء أن «التدخل العسكري المحتمل قد اقترب»، استبعد آخرون ذلك.

وأعلن المجلس العسكري في النيجر الجمعة، الذي أزاح الرئيس محمد بازوم عن السلطة الشهر الماضي، «منح مالي وبوركينا فاسو، (الضوء الأخضر) للتدخل عسكرياً في حال تعرض النيجر لأي عدوان خارجي». وذكرت وسائل إعلام في النيجر نقلاً عن «خارجية النيجر» في ختام لقاء رئيس المجلس العسكري في النيجر، عبد الرحمن تشياني، بوزيري خارجية مالي وبوركينا فاسو، أن وزراء الخارجية «رحبوا بتوقيع مرسوم يسمح لقوات الدفاع والأمن في بوركينا فاسو ومالي بالعمل على أراضي النيجر، في حال وقوع أي عدوان».

وكانت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، وصفت الاقتراح الذي قدمه قادة الانقلاب في النيجر بفترة انتقالية مدتها 3 سنوات، بأنه «استفزاز». وجاء موقف «إيكواس» الرافض لخطة الفترة الانتقالية بعد مغادرة وفد المجموعة نيامي، حيث عقدت لقاءات وصفت بـ«المهمة»، شملت الرئيس المحتجز بازوم، وقائد الانقلاب تشياني.

وتؤكد «إيكواس» تفضيلها الحل الدبلوماسي؛ لكنها تلوح باستمرار بـ«احتمال اللجوء إلى القوة، رغم انقسام في صفوف أعضائها بهذا الشأن». وتطالب المجموعة قادة الانقلاب بـ«إطلاق سراح بازوم، وإعادته إلى منصبه وإعادة النظام الدستوري»، وهو ما قوبل بالرفض حتى الآن.

وقال مفوض الشؤون السياسية والسلم والأمن في المنظمة، عبد الفتاح موسى، خلال مقابلة مع وكالة «أسوشييتد برس» الأربعاء، إن «الباب للدبلوماسية مع المجلس العسكري في النيجر لا يزال مفتوحاً»، لكنه «ليس مفتوحاً إلى أجل غير مسمى». وكان موسى أعلن سابقاً بعد اجتماع لرؤساء أركان المجموعة في العاصمة الغانية أكرا، أنه تم تحديد «يوم التدخل» العسكري، وكذلك «الأهداف الاستراتيجية والمعدات اللازمة ومشاركة الدول الأعضاء». ورد تشياني حينها أن أي هجوم «لن يكون نزهة كما يظن البعض».

الخبيرة المصرية في الشؤون الأفريقية، أماني الطويل، ترى أنه «رغم المؤشرات التي ترجح اقتراب التدخل العسكري، فإن الحل العسكري رغم إتاحته نظرياً؛ لكنه يواجه كثيراً من العقبات من ناحية الآليات».

أبرز تلك العقبات وفق الطويل، «عدم جاهزية قوة احتياط (إيكواس) والانقسام داخل المجموعة حيال التدخل وعدم توافر التمويل، علاوة على معارضة دول الجوار وعلى رأسها الجزائر وتشاد، وتضامن بوركينا فاسو ومالي». وأشارت الطويل لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الحشد من جانب (إيكواس) والحشد المضاد في النيجر، قد يمهدان للتفاوض وليس للحل العسكري، الذي لن يحسم الأمور، وستكون له تداعيات (خطيرة) على منطقة الساحل الأفريقي بالكامل».

في السياق، يرى المحلل السياسي النيجري، عمر الأنصاري، أن «التدخل العسكري بالنسبة لدول (إيكواس) أصبح (مجازفة لا بد منها)، إذا لم يعد بازوم إلى السلطة، وهو الطلب المرفوض قطعاً لدى المجلس العسكري». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن تدخل الجزائر وجهوداً أخرى للوساطة يأتيان «لكسر (ساعة الصفر) للهجوم المحتمل لمنح فرص أخرى للتفاوض».

أما الخبير الأمني الجزائري، أحمد ميزاب، فأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخيار العسكري (الكارثي) صار أقرب في ظل (فشل) جميع الجهود والمقاربات الدبلوماسية والتفاوضية»، موضحاً أن «الحرب تقترب وسط عدم وجود مؤشرات للتنازل من جانب الأطراف محل النزاع».

في حين استبعد الخبير الموريتاني في الشؤون الأفريقية، سيدي المختار ولد سيدي، أي «تدخل عسكري»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «(إيكواس) منقسمة داخلها بشأن التدخل العسكري، ودول جوار النيجر ترفضه». وأضاف أن «أي تدخل عسكري يحمل مخاطرة كبيرة على حياة بازوم، ويحمل مخاطر على أمن المنطقة». ويرى ولد سيدي أن مالي وبوركينا فاسو «من الناحية العسكرية يصعب عليهما إسناد النيجر بالعتاد والمقاتلين».


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

الولايات المتحدة​ قاعدة أغاديز (أرشيفية - أ.ب)

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

أعلن الجيش الأميركي، الاثنين، إنهاء سحب كل قواته من قاعدته الأخيرة في النيجر؛ تلبية لمطلب قادة الانقلاب العسكري في الدولة الأفريقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أفريقيا متظاهرون يهتفون تأييداً للقوات النيجرية أثناء تجمعهم أمام السفارة الفرنسية في نيامي (أ.ف.ب)

مقتل 15 جندياً في النيجر قرب الحدود مع بوركينا فاسو

قتل 15 جنديا في النيجر على الأقل أمس (الاثنين) خلال معارك في منطقة تير (جنوب غرب) قرب بوركينا فاسو.

«الشرق الأوسط» (نيامي)
أفريقيا مجموعة أفراد يحملون شبكة صيد في طريقهم لبحيرة الثعبان لجمع الأسماك بمالي (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تدعو إلى «تحرك دولي فوري» لحل أزمة منطقة الساحل الأفريقي

دعت الأمم المتحدة، الجمعة، إلى تحرك دولي فوري لوضع حد للنزوح القسري للمدنيين في منطقة الساحل الأفريقي التي تشهد أزمة إنسانية تزداد سوءا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
أفريقيا جنود فرنسيون يتأهبون لركوب طائرة عسكرية بعد انسحابهم من النيجر في 22 ديسمبر 2023 (رويترز)

السماح للجيش الألماني بالاحتفاظ بقاعدة جوية في النيجر

أعلنت وزارة الدفاع الألمانية أن الجيش الألماني سيتمكن من الاحتفاظ بقاعدته للنقل الجوي في النيجر في إطار «اتفاق مؤقت» أبرم مع الدولة الواقعة في منطقة الساحل.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ صورة عامة للعاصمة نيامي (أرشيفية - رويترز)

أميركا تستكمل سحب قواتها من النيجر بحلول 15 سبتمبر

قالت النيجر والولايات المتحدة في بيان مشترك إنهما توصلتا إلى اتفاق بشأن انسحاب القوات الأميركية من الدولة الواقعة في غرب أفريقيا.

«الشرق الأوسط» (نيامي )

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
TT

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

استعادت جماعة «بوكو حرام» الموالية لـ«تنظيم داعش» الإرهابي، قدرتها على المبادرة والهجوم في مناطق مختلفة بشمال نيجيريا، وشنّت هجوماً استهدف قاعدة عسكرية تابعة للجيش، قُتل فيه خمسة جنود على الأقل، وأُصيب عشرة جنود، فيما قال الجيش إنه قتل أكثر من خمسين من عناصر الجماعة الإرهابية.

وقالت قيادة الجيش النيجيري في بيان، إن الهجوم الإرهابي الذي شنّه فرع من جماعة «بوكو حرام»، في غرب أفريقيا، استهدف القوات المتمركزة بموقع عمليات التثبيت بقرية «كاريتو»، بولاية بورنو، في أقصى شمال شرقي نيجيريا، على الحدود مع دولة النيجر.

البيان الصادر عن مدير الإعلام العسكري، اللواء إدوارد بوبا، قال إن الهجوم الإرهابي وقع بالتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع، ووصفه بأنه «كان منسقاً»، قبل أن يؤكد «مقتل خمسة جنود وإصابة عشرة آخرين بجروح، بالإضافة إلى فقدان أربعة جنود آخرين».

من عملية ضد جماعة «بوكو حرام» (أرشيفية متداولة)

وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم قيادة الجيش إن «القوات المسلحة نجحت في القضاء على عدد من الإرهابيين، واستعادة أسلحة كانت بحوزتهم»، مشيراً إلى تكبد الجيش خسائر مادية «فادحة»، حيث إن منفذي الهجوم الإرهابي أحرقوا بعض المعدات «بما في ذلك شاحنة محملة بالأسلحة، وثلاث مركبات تكتيكية، وجرافة».

وأطلق الجيش النيجيري عملية تعقب بقيادة وحدة من قوات الدعم مع غطاء جوي، وقال إن الهدف هو «استكشاف المنطقة بشكل عام، ومسارات انسحاب الإرهابيين»، وفق تعبير البيان.

وتسعى القوات النيجيرية إلى قطع الطريق أمام منفذي الهجوم الإرهابي، بهدف استعادة الجنود المفقودين، في ظل توقعات بأن الإرهابيين «اختطفوهم» ليكونوا دروعاً بشرية تحميهم من أي قصف جوي.

صورة أرشيفية لهجوم شنّته جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا (رويترز)

الهجوم الإرهابي استهدف قرية «كاريتو»، التي لا تبعد سوى 153 كيلومتراً عن العاصمة الإقليمية مايدوجوري، وهي المقر الرئيس لـ«الكتيبة 149» التابعة للجيش النيجيري، التي تشارك بنشاط في عمليات محاربة الإرهاب، كما استهدف معاقل فرعي جماعة «بوكو حرام»، الموالية لتنظيمي «داعش» و«القاعدة».

وقالت قيادة الجيش النيجيري إن «هذا الهجوم لن يثني القوات المسلحة النيجيرية عن القضاء على الإرهاب والتمرد والتحديات الأمنية الأخرى التي تواجه البلاد»، وأعربت عن تعويلها على تعاون السكان المحليين في ملاحقة الإرهابيين.

وأعلن حاكم ولاية بورنو، باباغانا زولوم، عن وقوفه إلى جانب القوات المسلحة النيجيرية، وأضاف في بيان صحافي أن الهجوم «يعيد إلى الأذهان مستوى وحشية العناصر الإرهابية لجماعة (بوكو حرام)».

وبينما أعلن عدد من كبار قادة الجيش في نيجيريا عن انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»، والاقتراب من القضاء عليها بشكل نهائي، بدأت الجماعة تعيد ترتيب صفوفها، وإظهار قدرات جديدة على المبادرة والهجوم.

ففي حادث منفصل، نصب مسلحون من «بوكو حرام»، الثلاثاء، كميناً لفريق مراقبة من قوات الأمن والدفاع المدني النيجيرية، كان يتفقد منشآت الشبكة الوطنية للكهرباء والطاقة في إقليم النيجر التابع لنيجيريا.

مسلحو «بوكو حرام» خلَّفوا الخراب والدمار في ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم قوات الأمن والدفاع المدني أفولابي باباوالي، إن خطوط الشبكة الوطنية للطاقة تعرضت مؤخراً لهجمات إرهابية تخريبية، وقد أسفرت عن انقطاع واسع للتيار الكهربائي في أقاليم شمال نيجيريا.

وأوضح المتحدث أنه «حينما كانت فرق الأمن تتفقد خطوط الشبكة الوطنية، تعرضت لهجوم إرهابي نفذه أكثر من 200 مسلح نصَبوا كميناً من قمة أحد التلال»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن المواجهات بين الطرفين «أسفرت عن مقتل أكثر من خمسين إرهابياً، فيما يوجد سبعة جنود في عداد المفقودين».

وتتزامن هذه الهجمات الإرهابية المتفرقة، مع معارك طاحنة تجري منذ أسابيع ما بين جيش تشاد ومقاتلي «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، التي تُوصف بأنها «العمق الاستراتيجي» للتنظيم الإرهابي، حيث توجد قواعده الخلفية وسط الغابات والجزر المترامية في واحدة من أكبر المناطق الرطبة في أفريقيا.