النيجر: الجزائر تنفرد بنشاط دبلوماسي لتغليب الحل السياسي

ماكرون يؤكد نجاح التدخل العسكري الفرنسي في «منطقة الساحل»

نشطاء من النيجر يتظاهرون بالقرب من مكان انعقاد قمة «بريكس» في جوهانسبرغ، الأربعاء (إ.ب.أ)
نشطاء من النيجر يتظاهرون بالقرب من مكان انعقاد قمة «بريكس» في جوهانسبرغ، الأربعاء (إ.ب.أ)
TT

النيجر: الجزائر تنفرد بنشاط دبلوماسي لتغليب الحل السياسي

نشطاء من النيجر يتظاهرون بالقرب من مكان انعقاد قمة «بريكس» في جوهانسبرغ، الأربعاء (إ.ب.أ)
نشطاء من النيجر يتظاهرون بالقرب من مكان انعقاد قمة «بريكس» في جوهانسبرغ، الأربعاء (إ.ب.أ)

في الاجتماع الطارئ لمجلس الدفاع الذي التأم في قصر الإليزيه، برئاسة إيمانويل ماكرون، لم يتردد الرئيس الفرنسي في الإعراب عن دهشته من «الأداء غير المنتج» لجهاز المخابرات الخارجية الفرنسي، الذي لم يكتشف التحضيرات للانقلاب في النيجر، الذي أطاح بـ«صديق فرنسا» الرئيس محمد بازوم.

والجهل الذي أحاط الأجهزة الفرنسية في يوليو (تموز) الماضي بما كان يحوكه العسكريون في نيامي، سبق لهم أن وقعوا به مرتين؛ الأولى في صيف عام 2021 عندما حصل انقلاب عسكري في مالي، حيث قوة «برخان» الفرنسية وقوة الكوماندوز «تاكوبا» (الفرنسية ــ الأوروبية) لمؤازرة الجيش المالي في محاربة التنظيمات الإرهابية. ثم تكرر الأمر ربيع العام الذي تلاه، حيث انقلب عسكر بوركينا فاسو على الحكومة وأخرجوها من السلطة، ليحل محلها مجلس عسكري. وفي الحالتين، اضطرت باريس لسحب قواتها من هذين البلدين، ووجهت جزءاً كبيراً منها إلى النيجر، حيث ترابط اليوم قوة تناهز 1500 رجل بكامل تجهيزاتهم الأرضية والجوية.

ماكرون خلال عرضه الاستراتيجية الدفاعية الجديدة لبلاده في طولون في نوفمبر 2022 (أ.ف.ب)

وبسبب ذلك، أخذت النيجر تحتل مرتبة استراتيجية بالنسبة لفرنسا لأنها تحولت إلى نقطة انطلاق «وحيدة» للقوة الفرنسية لمواصلة مواجهة التنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل، ولأن انهيارها يعني تداعي بلد يعيش في ظل حكم ديموقراطي مع انتخابات وانتقال سلمي للسلطة، وهو النموذج الذي تقول باريس إنها تروج له في أفريقيا.

لذا، فإن انقلاب عسكر النيجر يهدد المصالح الفرنسية السياسية (تراجع نفوذ باريس في المنطقة)، والاستراتيجية (مطالبة المجلس العسكري بانسحاب القوة الفرنسية بعد نقض الاتفاقيات الثنائية الأمنية والدفاعية) واقتصادياً، فضلاً عن تهديد اعتماد فرنسا على يورانيوم النيجر الذي تستغله بشكل رئيسي شركة «أورانو» (سابقاً شركة أريفا) منذ 60 عاماً. ووفق الأرقام الرسمية، فإن فرنسا استوردت من النيجر 20 بالمائة من حاجتها من اليورانيوم عام 2022.

على الرغم من هذه المعطيات الموضوعية الواضحة، فإن الرئيس الفرنسي يرى العكس تماماً، الأمر الذي برز من خلال المقابلة المطولة التي نشرتها له مجلة «لو بوان» في عددها الصادر الخميس، التي دافع فيها عن الأداء الفرنسي وعن النتائج التي أفضى إليها.

رأى ماكرون، بالنسبة لما حصل في النيجر، أن الانقلاب يعد «ضربة للديموقراطية في النيجر ولشعب النيجر وللحرب ضدّ الإرهاب»، مشدداً على أن تدخل فرنسا جاء بناء على طلب الدول المعنية. وقال ما حرفيته: «إذا نظرنا من زاوية أخرى فقد كانت فرنسا على حقّ في التزامها إلى جانب الدول الأفريقية بمحاربة الإرهاب. هذا شرف لها ومن مسؤوليتها. لو لم نلتزم مع عمليتي سيرفال ثم برخان، على الأرجح لن تكون هناك مالي ولا بوركينا فاسو، ولست متأكّداً من أنّ النيجر كانت ستظلّ موجودة». وخلاصته أن «هذه التدخّلات الفرنسية بناء على طلب الدول الأفريقية تكلّلت بالنجاح. فقد حالت دون إنشاء دول الخلافة (الإسلامية) على بُعد بضعة آلاف من الكيلومترات من حدودنا. هناك بالطبع أزمة سياسية في كثير من دول غرب أفريقيا. عندما يحصل انقلاب، ولا تكون أولوية الأنظمة الجديدة مكافحة الإرهاب، فليس لفرنسا رغبة في مواصلة التزامها. وهذا في الواقع أمر مأساوي بالنسبة للدول المعنية».

مظاهرة ضد فرنسا في عاصمة بوركينا فاسو واغادوغو في 4 أكتوبر 2022 (أ.ب)

وبالطبع، دعا ماكرون إلى الإفراج سريعاً عن الرئيس بازوم والعودة إلى النظام الدستوري، إلا أنه بالمقابل لم يتوقف عند مصير القوة الفرنسية الموجودة في النيجر، التي طلب المجلس العسكري النيجري في 3 أغسطس (آب) الحالي رحيلها عن البلاد خلال شهر واحد. وقد رفضت باريس الطلب بحجة أنها «لا تعترف بشرعية» المجلس العسكري، وأن الشرعية الوحيدة التي تعترف بها هي حكومة الرئيس المعزول بازوم.

ورداً على الانتقادات الموجهة لسياسة باريس في أفريقيا، قال ماكرون: «إن سياسة فرنسا التي أمارسها منذ 2017 هي الخروج عن المنطق الأمني. أنا أؤمن بسياسة الشراكة التي تدافع فيها فرنسا عن مصالحها وتدعم أفريقيا لتحقيق النجاح. إنها شراكة حقيقية وليست شراكة أمنية».

حقيقة الأمر أن شكوكاً كبيرة تتناول مستقبل القوة الفرنسية في النيجر، إن نجح الانقلابيون في تثبيت أقدامهم في السلطة، أم تمت إزاحتهم عنها دبلوماسياً أو بالقوة العسكرية. ذلك أن الشعور المعادي لفرنسا يتعزز لدى النيجريين الذين نزل كثير منهم إلى الشوارع للمطالبة برحيل القوة الفرنسية.

وقال عبدولاي سيدو، منسق حركة «إم 62» الداعمة للانقلاب، التي تضم مجموعة من منظمات المجتمع المدني، إن الحركة «لن تمنح القوات الفرنسية لحظة إضافية واحدة للبقاء على أراضي النيجر بعد انقضاء المهلة المحددة... إن كل القرى وكل البلدات المحيطة ستنزل للتظاهر في العاصمة، وسنعمل على إخراج هذه القوات من بلدنا».

أكثر من مرة نددت فرنسا بالدعاية المناهضة لها في بلدان الساحل، التي تغذيها الأوساط الموالية لروسيا في المنطقة، والتي جعلت هدفها إخراج فرنسا منها، أو على الأقل الحد من قوة تأثيرها.

وحتى اليوم، تعتبر باريس رسمياً أن «المسألة غير مطروحة»، وأن القوات الفرنسية «لا تواجه حتى اليوم صعوبات خاصة»، إذ القسم الأكبر منها يرابط في الجانب العسكري من مطار نيامي. وسريعاً، انسحبت إلى نجامينا (تشاد) الوحدة العسكرية التي كانت منتشرة في قاعدة «ألغلال» (شمال البلاد) لحماية الفرنسيين العاملين لدى شركة «أورانو» في موقع أرليت. وبالمقابل، فإن الوحدات الفرنسية التي كانت توفر الدعم للجيش النيجري أوقفت أنشطتها منذ الانقلاب.

سوق شعبية في نيامي، الأربعاء (أ.ف.ب)

أما على الصعيد الدبلوماسي - السياسي، فلا تطورات كافية حتى اليوم من شأنها تغليب الحل السلمي على التدخل العسكري. وكان لافتاً غياب أنشطة مبعوث الأمم المتحدة إلى أفريقيا الذي كلف مهمة التوسط في النيجر. كذلك لم يصدر أي شيء إضافي من بعثة المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (إيكواس) التي كانت موجودة في نيامي حتى يوم الأربعاء لإجراء محادثات مع الانقلابيين حول المخرج الممكن من الأزمة، كما أنه لا معلومات متوافرة عما تقوم به السفيرة الأميركية الجديدة في نيامي التي حملت «خريطة طريق» للخروج السلمي من الأزمة.

بالمقابل، فإن الطرف الناشط راهناً هو الجزائر التي أرسل رئيسها وزير خارجيته أحمد عطاف في جولة على 3 بلدان أفريقية، بدأها الأربعاء في أبوجا (نيجيريا)، ويزور بعدها بنين وغانا.

كذلك، أرسل الرئيس عبد المجيد تبون، الأمين العام لوزارة الخارجية، لوناس مقرمان، إلى النيجر للقاء عدد من المسؤولين، في إطار الجهود التي تقوم بها الجزائر من أجل تغليب الحل السلمي على التدخل العسكري، الذي ترفضه وتعدّه تهديداً لأمنها.

متظاهرون مؤيدون للانقلابيين في نيامي في 20 أغسطس الحالي (رويترز)

جاء في بيان للخارجية الجزائرية أن المحادثات بين عطاف ونظيره النيجيري يوسف مايتما توجار تمحورت حول «الأزمة في جمهورية النيجر وتطوراتها وآفاق تعزيز الجهود الرامية إلى بلورة حل سلمي لها بالشكل الذي يضمن العودة إلى النظام الدستوري في البلاد ويجنبها مخاطر التدخل العسكري، التي لا يمكن التنبؤ بها». وأضاف أن الطرفين تبادلا «المعلومات والتحاليل حول الجهود الدبلوماسية التي يبذلها الطرفان للمساهمة في إنهاء هذه الأزمة في جوارهما المشترك (النيجر)». وأبرزت الخارجية الجزائرية أن عطاف وتوجار اتفقا على «مواصلة وتعزيز التنسيق بين البلدين في قابل الأيام بغية استغلال الفرص المتاحة كافة لتفعيل الحل السياسي وعدم تفويت أي منها لضمان استعادة الأمن والاستقرار في النيجر بطريقة مستدامة».

وتبدو الجزائر، التي لها حدود مشتركة مع النيجر تزيد على 1000 كيلومتر، الأكثر تخوفاً من تبعات عملية عسكرية تقوم بها قوات من «إيكواس» لإزاحة الانقلابيين في نيامي. وقد حذّر الرئيس تبون أكثر من مرة من أن تفضيل الحل العسكري سيفضي إلى مواجهة بين مجموعتين؛ «إيكواس» من جهة، وجبهة تنضم إلى النيجر؛ مالي وبروكينا فاسو. ما سيعني، وفق تبون، «اشتعال منطقة الساحل». وتخوف الجزائر عنوانه استغلال التنظيمات الإرهابية للوضع الأمني المتدهور لتوسيع حضورها وتكثيف انتقال الهجرات غير الشرعية عبر النيجر إلى الأراضي الجزائرية وضرب الاستقرار (النسبي) وزيادة مآسي بلدان هي بالأساس بلدان فقيرة.


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

الولايات المتحدة​ قاعدة أغاديز (أرشيفية - أ.ب)

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

أعلن الجيش الأميركي، الاثنين، إنهاء سحب كل قواته من قاعدته الأخيرة في النيجر؛ تلبية لمطلب قادة الانقلاب العسكري في الدولة الأفريقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أفريقيا متظاهرون يهتفون تأييداً للقوات النيجرية أثناء تجمعهم أمام السفارة الفرنسية في نيامي (أ.ف.ب)

مقتل 15 جندياً في النيجر قرب الحدود مع بوركينا فاسو

قتل 15 جنديا في النيجر على الأقل أمس (الاثنين) خلال معارك في منطقة تير (جنوب غرب) قرب بوركينا فاسو.

«الشرق الأوسط» (نيامي)
أفريقيا مجموعة أفراد يحملون شبكة صيد في طريقهم لبحيرة الثعبان لجمع الأسماك بمالي (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تدعو إلى «تحرك دولي فوري» لحل أزمة منطقة الساحل الأفريقي

دعت الأمم المتحدة، الجمعة، إلى تحرك دولي فوري لوضع حد للنزوح القسري للمدنيين في منطقة الساحل الأفريقي التي تشهد أزمة إنسانية تزداد سوءا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
أفريقيا جنود فرنسيون يتأهبون لركوب طائرة عسكرية بعد انسحابهم من النيجر في 22 ديسمبر 2023 (رويترز)

السماح للجيش الألماني بالاحتفاظ بقاعدة جوية في النيجر

أعلنت وزارة الدفاع الألمانية أن الجيش الألماني سيتمكن من الاحتفاظ بقاعدته للنقل الجوي في النيجر في إطار «اتفاق مؤقت» أبرم مع الدولة الواقعة في منطقة الساحل.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ صورة عامة للعاصمة نيامي (أرشيفية - رويترز)

أميركا تستكمل سحب قواتها من النيجر بحلول 15 سبتمبر

قالت النيجر والولايات المتحدة في بيان مشترك إنهما توصلتا إلى اتفاق بشأن انسحاب القوات الأميركية من الدولة الواقعة في غرب أفريقيا.

«الشرق الأوسط» (نيامي )

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
TT

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

استعادت جماعة «بوكو حرام» الموالية لـ«تنظيم داعش» الإرهابي، قدرتها على المبادرة والهجوم في مناطق مختلفة بشمال نيجيريا، وشنّت هجوماً استهدف قاعدة عسكرية تابعة للجيش، قُتل فيه خمسة جنود على الأقل، وأُصيب عشرة جنود، فيما قال الجيش إنه قتل أكثر من خمسين من عناصر الجماعة الإرهابية.

وقالت قيادة الجيش النيجيري في بيان، إن الهجوم الإرهابي الذي شنّه فرع من جماعة «بوكو حرام»، في غرب أفريقيا، استهدف القوات المتمركزة بموقع عمليات التثبيت بقرية «كاريتو»، بولاية بورنو، في أقصى شمال شرقي نيجيريا، على الحدود مع دولة النيجر.

البيان الصادر عن مدير الإعلام العسكري، اللواء إدوارد بوبا، قال إن الهجوم الإرهابي وقع بالتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع، ووصفه بأنه «كان منسقاً»، قبل أن يؤكد «مقتل خمسة جنود وإصابة عشرة آخرين بجروح، بالإضافة إلى فقدان أربعة جنود آخرين».

من عملية ضد جماعة «بوكو حرام» (أرشيفية متداولة)

وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم قيادة الجيش إن «القوات المسلحة نجحت في القضاء على عدد من الإرهابيين، واستعادة أسلحة كانت بحوزتهم»، مشيراً إلى تكبد الجيش خسائر مادية «فادحة»، حيث إن منفذي الهجوم الإرهابي أحرقوا بعض المعدات «بما في ذلك شاحنة محملة بالأسلحة، وثلاث مركبات تكتيكية، وجرافة».

وأطلق الجيش النيجيري عملية تعقب بقيادة وحدة من قوات الدعم مع غطاء جوي، وقال إن الهدف هو «استكشاف المنطقة بشكل عام، ومسارات انسحاب الإرهابيين»، وفق تعبير البيان.

وتسعى القوات النيجيرية إلى قطع الطريق أمام منفذي الهجوم الإرهابي، بهدف استعادة الجنود المفقودين، في ظل توقعات بأن الإرهابيين «اختطفوهم» ليكونوا دروعاً بشرية تحميهم من أي قصف جوي.

صورة أرشيفية لهجوم شنّته جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا (رويترز)

الهجوم الإرهابي استهدف قرية «كاريتو»، التي لا تبعد سوى 153 كيلومتراً عن العاصمة الإقليمية مايدوجوري، وهي المقر الرئيس لـ«الكتيبة 149» التابعة للجيش النيجيري، التي تشارك بنشاط في عمليات محاربة الإرهاب، كما استهدف معاقل فرعي جماعة «بوكو حرام»، الموالية لتنظيمي «داعش» و«القاعدة».

وقالت قيادة الجيش النيجيري إن «هذا الهجوم لن يثني القوات المسلحة النيجيرية عن القضاء على الإرهاب والتمرد والتحديات الأمنية الأخرى التي تواجه البلاد»، وأعربت عن تعويلها على تعاون السكان المحليين في ملاحقة الإرهابيين.

وأعلن حاكم ولاية بورنو، باباغانا زولوم، عن وقوفه إلى جانب القوات المسلحة النيجيرية، وأضاف في بيان صحافي أن الهجوم «يعيد إلى الأذهان مستوى وحشية العناصر الإرهابية لجماعة (بوكو حرام)».

وبينما أعلن عدد من كبار قادة الجيش في نيجيريا عن انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»، والاقتراب من القضاء عليها بشكل نهائي، بدأت الجماعة تعيد ترتيب صفوفها، وإظهار قدرات جديدة على المبادرة والهجوم.

ففي حادث منفصل، نصب مسلحون من «بوكو حرام»، الثلاثاء، كميناً لفريق مراقبة من قوات الأمن والدفاع المدني النيجيرية، كان يتفقد منشآت الشبكة الوطنية للكهرباء والطاقة في إقليم النيجر التابع لنيجيريا.

مسلحو «بوكو حرام» خلَّفوا الخراب والدمار في ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم قوات الأمن والدفاع المدني أفولابي باباوالي، إن خطوط الشبكة الوطنية للطاقة تعرضت مؤخراً لهجمات إرهابية تخريبية، وقد أسفرت عن انقطاع واسع للتيار الكهربائي في أقاليم شمال نيجيريا.

وأوضح المتحدث أنه «حينما كانت فرق الأمن تتفقد خطوط الشبكة الوطنية، تعرضت لهجوم إرهابي نفذه أكثر من 200 مسلح نصَبوا كميناً من قمة أحد التلال»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن المواجهات بين الطرفين «أسفرت عن مقتل أكثر من خمسين إرهابياً، فيما يوجد سبعة جنود في عداد المفقودين».

وتتزامن هذه الهجمات الإرهابية المتفرقة، مع معارك طاحنة تجري منذ أسابيع ما بين جيش تشاد ومقاتلي «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، التي تُوصف بأنها «العمق الاستراتيجي» للتنظيم الإرهابي، حيث توجد قواعده الخلفية وسط الغابات والجزر المترامية في واحدة من أكبر المناطق الرطبة في أفريقيا.