ما تبعات حصار «القاعدة» لمدينة «تمبكتو» التاريخية بمالي؟

مع بدء خروج القوات الأممية

عناصر من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في مالي (رويترز)
عناصر من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في مالي (رويترز)
TT

ما تبعات حصار «القاعدة» لمدينة «تمبكتو» التاريخية بمالي؟

عناصر من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في مالي (رويترز)
عناصر من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في مالي (رويترز)

طرح الإعلان عن حصار مدينة «تمبكتو» التاريخية في مالي من قبل مسلحين متطرفين ينتمون لتنظيم «القاعدة»، تساؤلات حول تبعات هذا التطور على المشهد الأمني المضطرب في البلاد. ورأى باحثون أن الحصار الذي «يدل على قوة وحضور التنظيم»، يشير أيضا إلى «احتمالية اتساع المواجهة بينه وبين الجيش في المرحلة المقبلة».

وقال مسؤولون ماليون، الاثنين، إن «مقاتلين إسلاميين» يحاصرون تمبكتو منذ عدة أيام، وأغلقوا كل طرق الدخول والخروج من المدينة. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤولين ماليين لم تسمهم أن «كل خطوط التواصل انقطعت بين تمبكتو والجنوب ولا شيء يعبر من هناك».

وكان قائد «نصرة الإسلام والمسلمين»، التابعة لتنظيم «القاعدة»، نشر سابقاً، الشهر الحالي، فيديو يعلن فيه «الحرب على منطقة تمبكتو». وبعد هذا الخطاب حذرت الجماعة الشاحنات القادمة من الجزائر وموريتانيا وأماكن أخرى في المنطقة من دخول المدينة.

صورة لجنود ماليين خلال دورية بالقرب من حدود النيجر في دانسونغو بمالي في 23 أغسطس 2021 (رويترز)

وقال الباحث المالي محمد أغ إسماعيل إن الحصار في تمبكتو «تسبب في موجة نزوح سكاني إلى موريتانيا والجزائر بسبب الوضع الأمني الدقيق والمخيف وبسبب تضاعف أسعار المواد الغذائية على خلفية قطع المواصلات»، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن التنظيم «يفرض حصاراً مشابهاً على عدد من المناطق في وسط البلاد».

ويعتقد أغ إسماعيل أن «تنظيم القاعدة سيسعى في الفترة المقبلة للسيطرة على أكبر قدر ممكن من المناطق»، لا سيما في شمال البلاد وإقامة ما يسمونه «إمارة إسلامية هناك».

والأحد الماضي، أعلنت بعثة الأمم المتحدة في مالي التي تعمل هناك منذ عام 2013، أنها بكّرت الانسحاب من بلدة بير شمال شرقي مدينة تمبكتو بسبب تدهور الوضع الأمني فيها، واحتمال تأثر قواتها بالاضطرابات الأمنية في المنطقة.

ويأتي الإعلان الأممي في وقت تستعد المنظمة الدولية فيه لسحب قواتها البالغ عددها 13 ألفا بحلول نهاية العام الحالي، في خطوة فرضها عليها المجلس العسكري الحاكم في مالي، كما يأتي وسط اشتباكات بين الجيش المالي وحركات مسلحة أعلنت سابقاً الانسحاب من اتفاق سلام مع المجلس العسكري وقع عام 2015.

من جانبه، رأى أحمد سلطان الباحث المصري في شؤون الجماعات المتطرفة، أن «المعارك بين المتطرفين والسلطات المالية متجهة إلى التوسع وأن تحركات جماعة نصرة الإسلام والمسلمين كانت متوقعة في ظل الفراغ الذي يخلقه بدء انسحاب مينوسما وقبله انسحاب القوات الفرنسية وفي ظل النزاع بين الأزواديين والمجلس العسكري».

دورية للشرطة النيجرية في نيامي بالنيجر في 21 أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

ويعتقد سلطان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الحصار «يبرز قوة الجماعة وقدرتها على حسم المعارك الاستراتيجية في مواجهة الجيش المالي وعناصر مجموعة فاغنر المتعاونة معه والذين شنوا حملة غير ناجحة على التنظيم خلال الأسابيع الماضية»، كما تهدف الجماعة من استراتيجية الحصار إلى «قطع طرق الإمداد التي يستخدمها الجيش من وإلى تمبكتو وامتلاك أوراق تفاوضية قوية»، وفقاً له.

ويذكر أن تمبكتو مدينة تاريخية أثرية لها رمزية خاصة حيث تعد واحدة من مدن شمالية كبرى عدة سيطر عليها في بادئ الأمر متمردون طوارق، ليعود ويسيطر عليها مقاتلون ينتمون لجماعات إرهابية في أعقاب تمرد 2012. وفي العام التالي سيطرت قوات فرنسية ومالية على المدينة.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة

صحتك طفل مصاب بجدري القردة يتلقى الرعاية الصحية (أ.ب)

«الصحة العالمية»: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم الجمعة، إن تفشي جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
رياضة عالمية منتخب سيدات المغرب من المرشحات لجائزة الأفضل في القارة الأفريقية (الشرق الأوسط)

«كاف» يعلن قوائم المرشحات للفوز بجوائز السيدات 

أعلن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف)، اليوم (الأربعاء)، القوائم المرشحة للحصول على جوائزه لعام 2024 في فئة السيدات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية كولر مدرب الأهلي المصري ينافس 4 مدربين لمنتخبات على الأفضل في أفريقيا (أ.ف.ب)

«كاف»: 5 مرشحين لجائزة أفضل مدرب في أفريقيا

أعلن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) عن القائمة النهائية للمرشحين لجائزة أفضل مدرب في القارة السمراء في عام 2024.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية أشرف حكيمي (أ.ب)

حكيمي يتصدر قائمة المرشحين لجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

ينافس المغربي الدولي أشرف حكيمي بقوة على جائزة أفضل لاعب في أفريقيا للعام الثاني على التوالي بعد دخوله القائمة المختصرة للمرشحين، التي أعلنها الاتحاد الأفريقي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
حصاد الأسبوع بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها

بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها

خطفت بوتسوانا (بتشوانالاند سابقاً) أنظار العالم منذ أشهر باكتشاف ثاني أكبر ماسة في العالم، بيد أن أنظار المراقبين تخاطفت الإعجاب مبكراً بتلك الدولة الأفريقية

«الشرق الأوسط» ( القاهرة)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
TT

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

استعادت جماعة «بوكو حرام» الموالية لـ«تنظيم داعش» الإرهابي، قدرتها على المبادرة والهجوم في مناطق مختلفة بشمال نيجيريا، وشنّت هجوماً استهدف قاعدة عسكرية تابعة للجيش، قُتل فيه خمسة جنود على الأقل، وأُصيب عشرة جنود، فيما قال الجيش إنه قتل أكثر من خمسين من عناصر الجماعة الإرهابية.

وقالت قيادة الجيش النيجيري في بيان، إن الهجوم الإرهابي الذي شنّه فرع من جماعة «بوكو حرام»، في غرب أفريقيا، استهدف القوات المتمركزة بموقع عمليات التثبيت بقرية «كاريتو»، بولاية بورنو، في أقصى شمال شرقي نيجيريا، على الحدود مع دولة النيجر.

البيان الصادر عن مدير الإعلام العسكري، اللواء إدوارد بوبا، قال إن الهجوم الإرهابي وقع بالتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع، ووصفه بأنه «كان منسقاً»، قبل أن يؤكد «مقتل خمسة جنود وإصابة عشرة آخرين بجروح، بالإضافة إلى فقدان أربعة جنود آخرين».

من عملية ضد جماعة «بوكو حرام» (أرشيفية متداولة)

وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم قيادة الجيش إن «القوات المسلحة نجحت في القضاء على عدد من الإرهابيين، واستعادة أسلحة كانت بحوزتهم»، مشيراً إلى تكبد الجيش خسائر مادية «فادحة»، حيث إن منفذي الهجوم الإرهابي أحرقوا بعض المعدات «بما في ذلك شاحنة محملة بالأسلحة، وثلاث مركبات تكتيكية، وجرافة».

وأطلق الجيش النيجيري عملية تعقب بقيادة وحدة من قوات الدعم مع غطاء جوي، وقال إن الهدف هو «استكشاف المنطقة بشكل عام، ومسارات انسحاب الإرهابيين»، وفق تعبير البيان.

وتسعى القوات النيجيرية إلى قطع الطريق أمام منفذي الهجوم الإرهابي، بهدف استعادة الجنود المفقودين، في ظل توقعات بأن الإرهابيين «اختطفوهم» ليكونوا دروعاً بشرية تحميهم من أي قصف جوي.

صورة أرشيفية لهجوم شنّته جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا (رويترز)

الهجوم الإرهابي استهدف قرية «كاريتو»، التي لا تبعد سوى 153 كيلومتراً عن العاصمة الإقليمية مايدوجوري، وهي المقر الرئيس لـ«الكتيبة 149» التابعة للجيش النيجيري، التي تشارك بنشاط في عمليات محاربة الإرهاب، كما استهدف معاقل فرعي جماعة «بوكو حرام»، الموالية لتنظيمي «داعش» و«القاعدة».

وقالت قيادة الجيش النيجيري إن «هذا الهجوم لن يثني القوات المسلحة النيجيرية عن القضاء على الإرهاب والتمرد والتحديات الأمنية الأخرى التي تواجه البلاد»، وأعربت عن تعويلها على تعاون السكان المحليين في ملاحقة الإرهابيين.

وأعلن حاكم ولاية بورنو، باباغانا زولوم، عن وقوفه إلى جانب القوات المسلحة النيجيرية، وأضاف في بيان صحافي أن الهجوم «يعيد إلى الأذهان مستوى وحشية العناصر الإرهابية لجماعة (بوكو حرام)».

وبينما أعلن عدد من كبار قادة الجيش في نيجيريا عن انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»، والاقتراب من القضاء عليها بشكل نهائي، بدأت الجماعة تعيد ترتيب صفوفها، وإظهار قدرات جديدة على المبادرة والهجوم.

ففي حادث منفصل، نصب مسلحون من «بوكو حرام»، الثلاثاء، كميناً لفريق مراقبة من قوات الأمن والدفاع المدني النيجيرية، كان يتفقد منشآت الشبكة الوطنية للكهرباء والطاقة في إقليم النيجر التابع لنيجيريا.

مسلحو «بوكو حرام» خلَّفوا الخراب والدمار في ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم قوات الأمن والدفاع المدني أفولابي باباوالي، إن خطوط الشبكة الوطنية للطاقة تعرضت مؤخراً لهجمات إرهابية تخريبية، وقد أسفرت عن انقطاع واسع للتيار الكهربائي في أقاليم شمال نيجيريا.

وأوضح المتحدث أنه «حينما كانت فرق الأمن تتفقد خطوط الشبكة الوطنية، تعرضت لهجوم إرهابي نفذه أكثر من 200 مسلح نصَبوا كميناً من قمة أحد التلال»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن المواجهات بين الطرفين «أسفرت عن مقتل أكثر من خمسين إرهابياً، فيما يوجد سبعة جنود في عداد المفقودين».

وتتزامن هذه الهجمات الإرهابية المتفرقة، مع معارك طاحنة تجري منذ أسابيع ما بين جيش تشاد ومقاتلي «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، التي تُوصف بأنها «العمق الاستراتيجي» للتنظيم الإرهابي، حيث توجد قواعده الخلفية وسط الغابات والجزر المترامية في واحدة من أكبر المناطق الرطبة في أفريقيا.