هل تتفق دول «بريكس» على آلية واضحة لـ«إزاحة الدولار»؟

استعدادات في جوهانسبرغ عشية بدء قمة «بريكس» (أ.ف.ب)
استعدادات في جوهانسبرغ عشية بدء قمة «بريكس» (أ.ف.ب)
TT

هل تتفق دول «بريكس» على آلية واضحة لـ«إزاحة الدولار»؟

استعدادات في جوهانسبرغ عشية بدء قمة «بريكس» (أ.ف.ب)
استعدادات في جوهانسبرغ عشية بدء قمة «بريكس» (أ.ف.ب)

تعقد مجموعة «بريكس» للاقتصادات الناشئة الرئيسية، التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، قمتها الـ15 لرؤساء الدول والحكومات في جوهانسبرغ اعتباراً من (الثلاثاء).

وتكتسب «بريكس» أهمية في التعاملات التجارية العالمية، على اعتبار أن أعضاءها يمثّلون أكثر من 42 في المائة من سكان العالم و23 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و18 في المائة من التجارة الدولية.

لا شك أن أبرز موضوعين على جدول أعمال القمة التي تعقد حتى الرابع والعشرين من الشهر الجاري، هما: أولاً البحث في توسيع المجموعة، مما يحوّلها إلى أوسع تكتل للأسواق الناشئة. وثانياً تعميق استخدام العملات المحلية في التجارة بين الدول الأعضاء في المجموعة واحتمال إنشاء عملة مشتركة، وذلك في محاولة منها للحد من هيمنة الدولار من ضمن ما باتت تُعرف بحملة «إلغاء الدولرة De - Dollarization». من جهتها تضغط الصين التي تمتلك أكبر ناتج محلي إجمالي بين دول «بريكس» (بلغ 16.86 تريليون دولار في عام 2021) من أجل أن تصبح مجموعة «بريكس» منافساً سياسياً أقوى لكتلة مجموعة الـ7 للاقتصادات المتقدمة من خلال عضوية موسَّعة يمكن أن تشمل الأرجنتين وإيران وإندونيسيا و20 حكومة أخرى تقدمت بطلب رسمي، وفقاً لما نقلته صحيفة «فاينانشيال تايمز» عن أشخاص مطّلعين على موقف بكين. لكنَّ رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا أعلن أن بلاده «لن تنجرّ إلى منافسة بين القوى العالمية».

نظام المدفوعات

تعيد المجموعة إحياء فكرة تقليص هيمنة الدولار على نظام المدفوعات الدولية، وهي فكرة كانت قد طرحت للمناقشة في القمم السابقة. إلا أن النقاش عاد ليبرز من جديد بعد رفع أسعار الفائدة الأميركية وفرض عقوبات على روسيا نتيجة حربها على أوكرانيا.

 

كانت الولايات المتحدة وأوروبا قد جمّدتا ما قيمته 300 مليار دولار من العملات الأجنبية واحتياطيات الذهب الروسية، ما عزز احتمال مصادرة الأصول الخارجية للدول التي تتعارض تصرفاتها مع المصالح الغربية.

رئيس البرازيل لولا دي سيلفا لدى وصوله إلى جنوب أفريقيا للمشاركة في قمة «بريكس» (أ.ف.ب)

وعلى الرغم من الحديث المستمر عن «إلغاء الدولرة»، وفي ظل الانقسام الحاد الذي يُظهره الخبراء في هذا الشأن، يبدو أن «وول ستريت» غير قلقة بشأن وجود منافس جاد للدولار في وقت تُظهر أرقام صندوق النقد الدولي أن نحو 60 في المائة من الاحتياطيات العالمية بالعملات يُحتفظ بها بعملة الدولار الأميركي، في حين استخدمت 88 في المائة من المعاملات الدولية الدولار.

كما تقدّر جمعية الاتصالات المالية العالمية بين المصارف (سويفت)، أن الدولار مستخدَم في 42 في المائة من معاملات العملات، وحصة اليورو تبلغ 32 في المائة، لكن لا يقترب من نفس تأثير العملة الخضراء خارج أوروبا وأجزاء من شمال أفريقيا. أما اليوان الصيني، فيسهم بنحو 2 في المائة، إذ لا يمتد استخدامه خارج السوق المحلية امتداداً واسعاً حتى داخل آسيا، أو خارج التمويل المرتبط بالتجارة.

كانت روسيا قد اقترحت في وقت سابق جعل العملة المشتركة مدعومة جزئياً بالذهب، لكن نقل سبائك الذهب ليس بالأمر السهل. ونقلت «بلومبرغ» عن محافظ بنك الاحتياطي في جنوب أفريقيا، ليسيتجا كغانياغو، قوله إن أي عملة قانونية مدعومة من «بريكس» تتطلب «مصرفاً مركزياً واحداً. كما هو الحال مع مبادرة الحزام والطريق الممتدة من آسيا إلى أوروبا، من المستحيل تخيُّل أن الصين لن تهيمن على أي منتدى أوسع لمجموعة (بريكس)، ما يجعل شنغهاي المكان الأكثر احتمالاً لمصرف (بريكس) المركزي. ولا يُرجح أن يمر هذا الأمر مرور الكرام على الهند، التي كثيراً ما تشهد مناوشات حدودية مع الصين. وبالتالي، لن يكون مستساغاً استبدال عملة ليبرالية مدعومة من دولة ديمقراطية بفكرة تهيمن عليها دولة شمولية ذات ضوابط رأسمالية».

ويرفض جيم أونيل، وهو كبير الاقتصاديين السابق لدى مصرف «غولدمان ساكس» الذي صاغ اسم «بريكس» المختصر في عام 2001 قبل انضمام جنوب أفريقيا إلى المجموعة، فكرة أن المجموعة قد تطور عملتها الخاصة، واصفاً هذا الاقتراح بأنه «سخيف». وقال أونيل، في مقابلة مع «فاينانشيال تايمز» قبل أيام، إن «إنشاء عملة مشتركة للاقتصادات الخمسة شديدة التباين سيكون أمراً غير مجدٍ»، مضيفاً: «إنه أمر سخيف، سوف يقومون بإنشاء مصرف مركزي لـ(بريكس)؟ كيف يمكنك أن تفعل ذلك؟ إنه أمر محرج تقريباً». بالنسبة لأونيل، فإن العلاقة غير الصحية بين الصين والهند هي أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل العملة الموحدة لـ«بريكس» غير مرجحة.

وأمس، قال أونيل لتلفزيون «بلومبرغ»، إن انضمام دول إلى مجموعة «بريكس» سيكون مهماً اقتصادياً خصوصاً إذا كانت المملكة العربية السعودية واحدة منها، وبخلاف ذلك، من الصعب رؤية أهمية التكتل. وأضاف: «أعتقد أن انضمامها -والذي أتخيله أن أي إضافة ستشملها- هو صفقة كبيرة جداً». وقال أونيل إن علاقات السعودية الوثيقة تقليدياً مع الولايات المتحدة ودورها كأكبر منتج للنفط في العالم يعني أن إضافتها للنادي ستضيف وزناً حقيقياً للمجموعة. وأضاف: «ما سيُنظر إليه بعد ذلك هو إمكانية تسعير النفط فعلياً بعملات دول المجموعة المحلية وليس بالدولار».

وقال ديلان كريمر، الرئيس المشارك للاستثمار في «سيرتويتي»، التي تدير ما يقرب من 4 مليارات دولار من الأصول، إن تطوير عملة مشتركة لـ«بريكس» هو مجرد «مسار حديث»، معتبراً أنه «لا يوجد تهديد مباشر للدولار خلال السنوات الـ10 المقبلة».


مقالات ذات صلة

دول «بريكس» تدعم مبادرة لتأسيس بورصة للحبوب

الاقتصاد ماكينات تحصد القمح في منطقة أومسك الروسية (رويترز)

دول «بريكس» تدعم مبادرة لتأسيس بورصة للحبوب

قالت وزيرة الزراعة الروسية أوكسانا لوت يوم الجمعة إن دول مجموعة «بريكس» دعمت مبادرة لتأسيس بورصة للحبوب.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يزوران مقبرة الجيش الهندي في الحرب العالمية الأولى لتكريم الجنود الهنود الذين سقطوا في مدينة حيفا - 6 يوليو 2017 (رويترز)

الهند وإسرائيل... شراكة قوية ودعم بالأسلحة خلال الحرب

في مايو الماضي، منعت السلطات الإسبانية سفينة شحن كانت في طريقها إلى إسرائيل من الرسو في ميناء قرطاجنة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الاقتصاد رئيس الوزراء الماليزي أثناء مشاركته في اجتماع المنتدى الاقتصادي العالمي الذي انعقد في الرياض في أبريل (موقع المنتدى الاقتصادي)

ماليزيا تستعد للانضمام إلى «بريكس» وتنتظر «النتائج النهائية» من جنوب أفريقيا

قال رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم في مقابلة مع وسيلة الإعلام الصينية «جوانشا» إن ماليزيا تستعد للانضمام إلى مجموعة «بريكس» للاقتصادات الناشئة.

«الشرق الأوسط» (كوالالمبور)
آسيا رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم (أرشيفية - رويترز)

ماليزيا تستعد للانضمام لمجموعة «بريكس»

قال رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، اليوم (الثلاثاء)، إن ماليزيا تستعد للانضمام لمجموعة «بريكس» للاقتصادات الناشئة.

«الشرق الأوسط» (كوالالمبور )
الخليج الأمير فيصل بن فرحان لدى لقائه الوزير سيرغي لافروف على هامش الاجتماع (الخارجية السعودية)

السعودية تشارك في الاجتماع الوزاري لـ«بريكس» الثلاثاء

يشارك الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي، الثلاثاء، في الاجتماع الوزاري لمجموعة «بريكس» بمدينة نينجني نوفغورد الروسية.

«الشرق الأوسط» (نينجني نوفغورد)

حصيلة انزلاق التربة في جنوب إثيوبيا ترتفع إلى 157 قتيلاً

مئات الأشخاص يتجمعون في موقع انهيار طيني في منطقة جوفا بجنوب إثيوبيا (أ.ب)
مئات الأشخاص يتجمعون في موقع انهيار طيني في منطقة جوفا بجنوب إثيوبيا (أ.ب)
TT

حصيلة انزلاق التربة في جنوب إثيوبيا ترتفع إلى 157 قتيلاً

مئات الأشخاص يتجمعون في موقع انهيار طيني في منطقة جوفا بجنوب إثيوبيا (أ.ب)
مئات الأشخاص يتجمعون في موقع انهيار طيني في منطقة جوفا بجنوب إثيوبيا (أ.ب)

قال مسؤول بحكومة إثيوبيا، الثلاثاء، إن عدد قتلى الانهيارين الأرضيين في جنوب البلاد ارتفع إلى 157 شخصاً، ولم يستبعد احتمالية ارتفاع العدد، وفق ما نقلته وكالة «رويترز».

وذكر مسؤولون أن انهياراً أرضياً دفن أشخاصاً في منطقة غوفا بولاية جنوب إثيوبيا، ثم وقع انهيار أرضي ثان ودفن آخرين كانوا يحاولون إنقاذ ناجين صباح أمس الاثنين.

أظهرت لقطات مصورة مئات الأشخاص يتجمعون في مكان الحادث (أ.ب)

ونقلت «رويترز» عن ماركوس ميليسي رئيس الوكالة الوطنية لمواجهة الكوارث في منطقة غوفا قوله: «لا يزال البحث مستمراً وهناك جثث لم يتم انتشالها بعد. المنطقة صعبة للغاية».

وأضاف «انتشلنا حتى الآن 157 جثة من بلدتين... ونعتقد أن العدد سيرتفع».

رجل يبحث عن ناجين وسط الانهيارت الطينية (أ.ب)

وتقع منطقة غوفا الإدارية على بعد نحو 450 كيلومتراً عن العاصمة الإثيوبية أديس أبابا وتبعد عنها فترة 10 ساعات بالسيارة.

وأظهرت صور نشرتها السلطات في منطقة غوفا سكاناً تجمعوا عند سفح جبل يضم أشجاراً وأعشاباً انفصل منه جزء كبير.

وبدا أيضاً أحد السكان يحفر طبقة سميكة من الطين الأحمر باستخدام أداة يدوية. ولم تظهر الصور وجود أي خدمة للطوارئ.