نيجيريا المشتتة بين الإرهاب والجريمة... تخسر 26 جندياً ومروحية عسكرية

كانوا يطاردون عصابة «إجرامية» قبل أن يقعوا في كمين «إرهابي»

مروحية تابعة لسلاح الجو النيجيري (صحافة محلية)
مروحية تابعة لسلاح الجو النيجيري (صحافة محلية)
TT

نيجيريا المشتتة بين الإرهاب والجريمة... تخسر 26 جندياً ومروحية عسكرية

مروحية تابعة لسلاح الجو النيجيري (صحافة محلية)
مروحية تابعة لسلاح الجو النيجيري (صحافة محلية)

أعلنت السلطات في نيجيريا أن 26 جندياً على الأقل قتلوا، وتحطمت مروحية عسكرية، خلال عملية عسكرية جرت يومي الأحد والاثنين، في مناطق من وسط وغرب البلاد، ضد جماعات تصفها الحكومة بأنها «إرهابية»، لأنها تستهدف السكان المحليين وتخطف الرهائن بحثاً عن فدية.

وبحسب الرواية الصادرة عن الجيش، فإن مسلحين مجهولين نصبوا مساء الأحد، كميناً محكماً لموكب من القوات النيجيرية، كان يتحرك في المنطقة رفقة مقاتلين ينتمون إلى ميليشيات محلية تساعد الجيش في ضبط الأمن، وقد أسفر الكمين عن مقتل 26 جندياً على الأقل، وإصابة 8 جنود آخرين.

وأكد هذه الرواية مسؤول عسكري تحدث لوكالة الصحافة الفرنسية، حين قال إن الكمين وقع في إقليم النيجر، وهو إقليم يقع غرب نيجيريا على الحدود مع دولة بنين، ويمتد الإقليم الشاسع نحو وسط نيجيريا، ومنه ينبعُ «نهر النيجر» الذي أخذ الإقليم اسمه، ومنه أيضاً أخذت جمهورية النيجر المجاورة اسمها، وهي التي يعبرها النهر.

ولكن الإقليم الذي تقطنه أغلبية مسلمة، يعاني منذ سنوات من انتشار أعمال العنف والجريمة، التي ترتكبها عصابات تقتحم القرى المعزولة وتقتل سكانها أو تخطفهم طلباً لفديات، أو حتى إحراق منازل هؤلاء بعد نهبها، وفق ما تؤكده الرواية الرسمية الصادرة عن الحكومة، التي يخوض جيشها بالتعاون مع ميليشيات محلية حرباً شرسة ضد هذه العصابات المدججة بالسلاح.

وقال المسؤول العسكري الذي فضَّل حجب هويته، إنَّ موكب الجيش كان «عائداً من عملية حين كمن له الإرهابيون على طريق زونغيرو - تيغينا السريعة»، مشيراً إلى أن معركة شرسة اندلعت و«خسرنا 23 جندياً بينهم 3 ضباط، إضافة إلى 3 عناصر في الميليشيا» المحلية، لافتاً أيضاً إلى «إصابة 8 جنود».

من جانبه، قال مصدر عسكري آخر إن المسلحين الذين نصبوا الكمين تكبدوا «خسائر جسيمة»، لكنه لم يكشف أي تفاصيل إضافية حول طبيعة وحجم هذه الخسائر.

لكن خسائر الجيش تضاعفت أكثر، حين طلب الجنود الدعم من القوات الجوية التي أرسلت مروحية عسكرية لإجلاء المصابين من موقع المعركة، ولكن «التواصل معها انقطع» زوال أمس (الاثنين)، ليعلن فيما بعد أنها تحطمت حين كان على متنها 11 من قتلى الكمين و7 من الجرحى.

ولاحقاً، قال مسؤول العلاقات العامة في القوات الجوية النيجيرية والناطق باسمها إيدوارد غابكوي، إنَّ مروحية من طراز «إم آي - 171» تحطمت بعد إقلاعها من زونغيرو، فيما كانت تنفذ «مهمة إجلاء جرحى»، وأضاف غابكوي في بيان صحافي، أن «المروحية غادرت المدرسة الابتدائية في زونغيرو متجهة إلى كادونا (عند نحو الساعة الواحدة زوالاً بالتوقيت المحلي)، ولكن تبين لنا أنها تحطمت قرب قرية شوكوبا».

وقال الناطق باسم القوات الجوية النيجيرية: «تُبذل الآن جهود لإنقاذ طاقم المروحية وركابها»، لافتاً إلى أن تحقيقات أولية فتحت لتحديد الأسباب المحتملة للحادث، مع حضور فرضية أن تكون المروحية قد سقطت بفعل عمل إرهابي، خصوصاً أن الجماعات التي تنشط في المنطقة مدججة بالسلاح وتمتلك قدرة إسقاط مروحية عسكرية.

في غضون ذلك، أثار تحطم المروحية العسكرية الرعب في أوساط السكان المحليين، حيث قال الحاكم المحلي في الإقليم الحاج أكيلو إسحاق، إن السكان فروا من قراهم لأنهم كانوا خائفين من وقوع معارك، وأضاف في تصريح صحافي: «السكان شاهدوا النيران من بعيد، قبل أن يكتشفوا أنها مروحية كانت مشتعلة».

وأضاف الحاكم المحلي أن الحادث دفع السكان إلى الفرار بشكل جماعي من مساكنهم، خوفاً على حياتهم، وهم الآن أصبحوا لاجئين في الأقاليم القريبة.

نيجيريا البلد الأكثرُ كثافة سكانية في أفريقيا، والقوة الاقتصادية الأكبر في غرب أفريقيا، تواجه تحديات أمنية متصاعدة منذ أكثر من 10 سنوات، فبالإضافة إلى جماعات إرهابية مسلحة موالية لتنظيم «داعش» في شمال شرقي البلاد، تنتشر عصابات إجرامية منظمة في غرب البلاد، وحركات انفصالية في الجنوب، ما يشتت جهود الجيش لفرض الأمن في مختلف أرجاء البلاد.


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)

إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
TT

إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)

وقع إطلاق نار كثيف، الخميس، في جوبا عاصمة جنوب السودان بمقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، أكول كور، الذي أقيل الشهر الماضي، حسبما أكد مصدر عسكري، فيما تحدّثت الأمم المتحدة عن محاولة لتوقيفه.

وبدأ إطلاق النار نحو الساعة السابعة مساء (17.00 ت.غ) قرب مطار جوبا واستمر زهاء ساعة، بحسب مراسلي «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأبلغت الأمم المتحدة في تنبيه لموظفيها في الموقع، عن إطلاق نار «مرتبط بتوقيف الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات»، ناصحة بالبقاء في أماكن آمنة.

وقال نول رواي كونغ، المتحدث العسكري باسم قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان، لإذاعة بعثة الأمم المتحدة في البلاد (مينوس) إنه «حصل إطلاق نار في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق».

وأضاف: «شمل ذلك قواتنا الأمنية التي تم نشرها هناك لتوفير مزيد من الأمن».

وتابع: «لا نعرف ماذا حدث، وتحول سوء التفاهم هذا إلى إطلاق نار»، و«أصيب جنديان بالرصاص». وأضاف: «بعد ذلك هرعنا إلى مكان الحادث... وتمكنا من احتواء الموقف عبر إصدار أمر لهم بالتوقف».

وقال: «مصدر عسكري مشارك في العملية» لصحيفة «سودانز بوست» اليومية، إن أكول كور أوقف بعد قتال عنيف خلف «عشرات القتلى والجرحى من عناصره»، لكن التوقيف لم يتأكد رسمياً حتى الآن.

وأظهرت صور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وأخرى نشرتها الصحيفة شبه توقف لحركة المرور بالقرب من مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، حيث فر سائقون خائفون بعد سماع إطلاق النار تاركين سياراتهم، وفقاً لصحيفة «سودانز بوست».

وأقال رئيس جنوب السودان سلفاكير في أكتوبر (تشرين الأول) رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية أكول كور الذي تولى منصبه منذ استقلال البلاد عام 2011، وكلّفه تولي منصب حاكم ولاية واراب التي تشهد اضطرابات.

ولم تُحدّد أسباب هذه الخطوة. ويأتي هذا القرار بعد أسابيع من إعلان الحكومة تأجيلاً جديداً لعامين، لأول انتخابات في تاريخ البلاد، كان إجراؤها مقرراً في ديسمبر (كانون الأول).

بعد عامين على استقلاله، انزلق جنوب السودان إلى حرب أهلية دامية عام 2013 بين الخصمين سلفاكير (الرئيس) ورياك مشار (النائب الأول للرئيس)، ما أسفر عن مقتل 400 ألف شخص وتهجير الملايين.