محاولة انقلاب في النيجر... واحتجاز الرئيس بازوم

TT

محاولة انقلاب في النيجر... واحتجاز الرئيس بازوم

دورية لقوات مكافحة الشغب خلال مواجهات مع متظاهرين بعد إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية في فبراير (أ.ف.ب)
دورية لقوات مكافحة الشغب خلال مواجهات مع متظاهرين بعد إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية في فبراير (أ.ف.ب)

تشهد النيجر اليوم الأربعاء، محاولة انقلاب احتجز خلالها عناصر من الحرس الرئاسي الرئيس محمد بازوم فيما منحهم الجيش «مهلة» لإطلاق سراحه، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر عدة.

وقالت رئاسة النيجر في بيان، إن بعض عناصر الحرس الرئاسي بدأوا حركة «مناهضة للجمهورية» و«فاشلة»، وإن الجيش الوطني مستعد لمهاجمتهم إذا لم يعودوا لرشدهم. ونقلت وكالة «رويترز» عن الرئاسة أن الرئيس محمد بازوم وأسرته بخير، بعد أن قالت مصادر أمنية إن الحرس الجمهوري يحتجزه داخل القصر الجمهوري.

وقوبلت محاولة الانقلاب الجارية بتنديد العديد من الأطراف الدولية. وعبر رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد عن تنديده الشديد بما قال إنها محاولة انقلاب فيما يبدو في النيجر ودعا الجنود «الخونة» المشاركين فيها للتوقف فورا، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

كذلك، نددت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا في بيان بـ«محاولة الانقلاب في النيجر» داعية إلى الإفراج «فورا» عن الرئيس المنتخب.

وأورد البيان الذي نقلته وكالة الصحافة الفرنسية أن «المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا تدين بأشد العبارات محاولة الاستيلاء على السلطة بالقوة، وتدعو الانقلابيين إلى الإفراج فورا ومن دون شروط عن رئيس الجمهورية المنتخب ديموقراطيا».

وأضاف البيان أن «المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا والمجتمع الدولي سيحملان جميع الافراد الضالعين في هذا العمل مسؤولية أمن وسلامة الرئيس وعائلته وأعضاء الحكومة والناس عموما».

رئيس النيجر محمد بازوم (أ.ف.ب)

من جانبه، أكد جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي عن أن الاتحاد «قلق للغاية» إزاء الأحداث الجارية في النيجر. وقال «يندد الاتحاد الأوروبي بأي محاولة لزعزعة الديمقراطية وتهديد الاستقرار في النيجر».

كما أبدت فرنسا «إدانتها الشديدة لأي محاولة لتولي الحكم بالقوة» في النيجر، حليفتها الرئيسية في منطقة الساحل. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية في بيان إن «فرنسا قلقة للأحداث الراهنة في النيجر وتتابع بانتباه تطور الوضع».وأضافت أن فرنسا تضم صوتها إلى «الاتحاد الافريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا في دعوتهما لاستعادة وحدة المؤسسات الديموقراطية النيجرية».

وكانت مصادر أمنية عدة قالت اليوم الأربعاء إن بعض جنود الحرس الرئاسي في النيجر يحاصرون القصر الرئاسي. وشاهد مراسل من «رويترز» عربات عسكرية تغلق مدخل القصر الرئاسي.

وذكرت المصادر الأمنية أنه مُنع الوصول إلى مقار الوزارات الواقعة بجوار القصر.

وقال مسؤول في الرئاسة إن العاملين داخل القصر لم يتمكنوا من الوصول إلى مكاتبهم. ولم يتضح حتى الآن ما إذا كان الرئيس محمد بازوم بالداخل.

شهدت الدولة الواقعة في منطقة الساحل أربع عمليات انقلاب منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960وعدة محاولات أخرى للاستيلاء على السلطة، وقعت إحداها في عهد بازوم أيضا، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.



انتخابات غانا: المعارضة تقلب الطاولة في وجه الحزب الحاكم

أنصار مرشح المعارضة جون دراماني ماهاما يحتفلون بانتصاره في انتخابات الرئاسة في أكرا (أ.ب)
أنصار مرشح المعارضة جون دراماني ماهاما يحتفلون بانتصاره في انتخابات الرئاسة في أكرا (أ.ب)
TT

انتخابات غانا: المعارضة تقلب الطاولة في وجه الحزب الحاكم

أنصار مرشح المعارضة جون دراماني ماهاما يحتفلون بانتصاره في انتخابات الرئاسة في أكرا (أ.ب)
أنصار مرشح المعارضة جون دراماني ماهاما يحتفلون بانتصاره في انتخابات الرئاسة في أكرا (أ.ب)

قلب حزب المعارضة الأول في غانا الطاولة على الحزب الحاكم، وفاز بالانتخابات الرئاسية التي نظمت، السبت، لتؤكد غانا أنها استثناء ديمقراطي في منطقة غرب أفريقيا؛ حيث تنتشر في محيطها القريب الانقلابات العسكرية، ولا تكاد تمر انتخابات دون أزمة أمنية وأعمال عنف.

لكن البلد الأفريقي الغني بالذهب والكاكاو، ظل وفياً لتقاليد ديمقراطية بدأت مع التعددية الحزبية مطلع تسعينيات القرن الماضي، ومكنته من تحقيق التغيير بشكل متكرر، وبشكل هادئ وسلمي، وتنظيم انتخابات تنافسية وشفافة بالمقارنة مع ما هو معهود في أفريقيا.

المرشح الرئاسي لحزب «المؤتمر الوطني الديمقراطي» جون دراماني ماهاما خلال اقتراعه في مدينة بولي السبت (رويترز)

العودة للقصر

وتشير النتائج الأولية غير الرسمية إلى تقدم زعيم المعارضة ورئيس حزب «المؤتمر الوطني الديمقراطي»، جون دراماني ماهاما، بنسبة وصلت إلى أكثر من 56 في المائة من أصوات الناخبين، وهو ما يضمن له العودة إلى القصر الرئاسي، بعد 8 سنوات من العمل المعارض.

وكان ماهاما قد حكم غانا لولاية رئاسية واحدة امتدت من 2012 حتى 2016، حين خسر الانتخابات الرئاسية أمام الرئيس الحالي نانا أكوفو-أدو، الذي استمر في الحكم ولايتين متتاليتين، مدة كل واحدة منهما 4 سنوات.

وبما أن الدستور يمنع حكم البلاد لأكثر من ولايتين، قرر الرئيس المنتهية ولايته ترشيح ودعم نائبه محمود باوميا، ليخوض السباق مع 11 مرشحاً آخر، ولكنه في الحقيقة كان عليه أن يواجه ماهاما، الخصم القوي وزعيم المعارضة والعارف بدهاليز الحكم.

واستطاع ماهاما أن يستغل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، وارتفاع الأسعار والتضخم والبطالة، ليقنع فئة الشباب والناخبين الجدد بالتصويت له وقلب الطاولة على الحزب الحاكم.

المرشح الرئاسي الجديد للحزب الوطني محمودو بوميا رفقة الرئيس نانا أكوفو أدو خلال تجمع انتخابي في غانا الثلاثاء الماضي (رويترز)

المرشح المسلم

محمودو باوميا خاض الانتخابات من موقعه كنائب لرئيس البلاد، وعينُه على منصب الرئيس، وهو خبير اقتصادي يبلغ من العمر 61 عاماً، خريج جامعة أوكسفورد.

باوميا الذي ينحدرُ من الأقلية المسلمة، كان قريباً من أن يصبح أول رئيس مسلم لدولة غانا، وهي نقطة كانت حاضرة في النقاش الانتخابي داخل البلاد، ولكنها لم تكن حاسمة في النتيجة النهائية.

ويشير الخبراء إلى أن باوميا تضرر كثيراً من الأزمة الاقتصادية الحادة التي تضرب غانا، وكان يراه الناخبون ذلك الخبير الاقتصادي الذي عجز كنائب للرئيس عن إيجاد حلول للأزمة.

رغم كل الانتقادات التي واجهها باوميا خلال الحملة الانتخابية، فإنه دافع بشراسة عن سياسات حزبه، وقال إنه رغم الأزمة الاقتصادية الخانقة، فإن البلاد أصبحت على «أعتاب تحول اقتصادي عميق».

ومع ظهور النتائج الأولية للانتخابات، لم يتأخر باوميا في الاعتراف بالهزيمة، والاتصال هاتفياً بخصمه وتهنئته بالفوز، وعقد مؤتمراً صحافياً بعد ساعات من إغلاق مكاتب التصويت، قال فيه: «لقد اتصلت للتو بفخامة جون ماهاما لتهنئته كرئيس منتخب لجمهورية غانا».

تحديات كبيرة

ورغم أجواء الاحتفالات التي عمت غانا، وخروج أنصار ماهاما للشوارع، فإن حالة من الترقب الحذر تسود البلاد، فالرئيس الجديد «القديم» وإن كان يعود إلى القصر الرئاسي وهو يعرفه، فإن الغانيين يتذكرون الأزمات التي عاشتها البلاد خلال 4 سنوات من حكمه.

يتذكرون أزمة التيار الكهربائي الخانقة التي ضربت البلاد خلال حكم ماهاما، حتى إن الشارع والصحافة المحلية أطلقت عليه لقب «رجل انقطاع الكهرباء».

حاول ماهاما أن يصرف النقاش عن ماضيه في الحكم، وركز على انتقاد السياسات الاقتصادية «الفاشلة» للحزب الحاكم، مع وعود بحل قضايا جوهرية مثل قضية التنقيب الأهلي عن الذهب بطريقة غير قانونية، وهو ملف شائك ومعقد في بلد يصنف كأكبر منتج للذهب في أفريقيا.

يحتدم النقاش في غانا حول قطاع التنقيب الأهلي عن الذهب، وأضراره على الاقتصاد والبيئة والأمن، في الوقت الذي كان الحزب الحاكم يقترح «دعم» المنقبين الأهليين لتحويل أنشطتهم إلى «مناجم صغيرة»، مع إلزامهم باحترام البيئة وعدم استخدام مواد كيماوية سامة.

أما ماهاما، فتعهد خلال الحملة الانتخابية بتنظيم صارم للتنقيب الأهلي عن الذهب، والتوقف الفوري عن منح أي تراخيص جديدة للمنقبين، وهي وعود يتوقع المراقبون أن تفتح عليه أبواباً هو في غنى عنها؛ بسبب اعتماد قطاعات واسعة من السكان على نشاط التنقيب عن الذهب.

وبذلك يخاطر ماهاما بالدخول في مواجهة مع أصحاب المناجم الصغيرة، الذين كثيراً ما يتهمون الحكومات المتعاقبة بالانشغال بالتضييق عليهم، في حين تكون عاجزة عن مواجهة الشركات العالمية التي تستغل مناجم الذهب الكبيرة في البلاد.

معركة البرلمان

ومن أجل الوفاء بالكثير من وعوده، خاصة لتنظيم قطاع التنقيب الأهلي عن الذهب، يحتاج ماهاما إلى أغلبية مريحة في البرلمان، الذي جرى التصويت عليه، يوم السبت، بالتزامن مع انتخابات الرئاسة.

وتشير أغلب التوقعات إلى أن المعارضة في طريقها لتحقيق أغلبية «مريحة ومفاجئة»، خاصة بعد أن تراجعت نسبة الحزب الحاكم في انتخابات الرئاسة إلى أقل من 41 في المائة.

وخلال السنوات الأربع الأخيرة، كان الحزب الحاكم يتمتع بأغلبية بسيطة جداً، من أعضاء البرلمان البالغ عددهم 275 نائباً، ما أدخله في أزمات سياسية عاصفة، خاصة حين فتح النقاش حول قوانين مثيرة كقانون الحرية المثلية.