أعلن الرئيس النيجيري بولا تينوبو «حالة طوارئ» بشأن الأمن الغذائي في البلاد، تشمل اتّخاذ «تدابير حاسمة ذات أثر فوري، تهدف إلى جعل نيجيريا آمنة أكثر على الصعيد الغذائي»، فيما رآه خبراء «محاولة لتخفيف آثار رفع الدعم عن الوقود» الذي أثقل كاهل النيجيريين.
وفي تصريحات تناقلتها وسائل إعلام نيجيرية، الجمعة، أدلى بها ديلي ألاكي، المتحدث باسم الرئيس النيجيري، أمر تينوبو بإدراج جميع القضايا المتعلقة بتوفر الأغذية والماء ضمن إطار صلاحيات مجلس الأمن الوطني. وشملت توجيهات الرئيس «خطة استجابة متكاملة بخصوص الأمن الغذائي، ومساعدة الأسر الفقيرة أيضاً بمبلغ 10 دولارات شهرياً لمدة 6 أشهر». وقال ألاكي إن المبادرات الجديدة «سوف تمكن من الحد من ارتفاع أسعار الأغذية، وتعزيز الزراعة وحماية المزارعين، وتحفيز خلق فرص الشغل». كما شملت الإجراءات كذلك توجيهات من الرئيس بـ«الإفراج الفوري عن الأسمدة والحبوب للمزارعين والأسر».
ووفقاً للمتحدث الرئاسي، وجّه الرئيس كذلك بـ«وجوب التعاون العاجل بين وزارة الزراعة ووزارة الموارد المائية لضمان إنتاج الغذاء على مدار العام». وأضاف أنه سيتمّ إنشاء «مجلس وطني للسلع الأساسية، يقوم بمراجعة وتقييم أسعار المواد الغذائية بشكل مستمر، بالإضافة إلى الحفاظ على احتياطي غذائي استراتيجي سيتم استخدامه كآلية لتثبيت أسعار الحبوب الأساسية والمواد الغذائية الأخرى».
ويرى الصحافي النيجيري بكاري مجيد، أن الإجراءات المعلن عنها «تأتي في سياق تهدئة وطمأنة النيجيريين عن طريق تخفيف الآثار الضخمة التي أنتجها رفع الدعم عن المحروقات، والذي أدّى إلى تضاعف أسعار كل السلع، لا سيما السلع الغذائية في بلاد يعاني أغلب سكانها من الفقر». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الإجراءات تسعى إلى «دعم المزارعين مادياً وأمنياً بهدف تعظيم الإنتاج الزراعي المهدر بسبب غياب الأمن، على أمل ضخّ الغلال والمحاصيل في السوق بأسعار مناسبة للمواطن العادي، لتقليل التضخم الغذائي».
وكان تينوبو قد أعلن فور تنصيبه رئيساً وضع حد لدعم الوقود، وتعهد بأنّه عوضاً عن الدعم ستقوم إدارته بـ«توجيه الأموال نحو استثماراتٍ أفضل في البنية التحتية والتعليم والرعاية الصحية والوظائف». وإثر الإعلان، ارتفعت أسعار المحروقات بنسبة ثلاثة أضعاف تقريباً، ما أدى إلى زيادة كبيرة في أسعار المواد الغذائية.
من جانبه، رأى رامي زهدي، الخبير المصري في الشؤون الأفريقية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن أزمة نيجيريا هي أزمة كثير من الدول الأفريقية المثقلة بالديون وبعجز موازناتها، نتيجة للحرب الروسية- الأوكرانية، وقبلها جائحة «كوفيد-19». واعتقد زهدي أن تينوبو الذي تولى في ظل هذا الظرف الدولي الحرج: «مضطرّ إلى اتخاذ إجراءات جذرية إصلاحية لدعم ميزانية الدولة». ونوّه إلى أنه «على الدول الكبرى مساندة الدول الأفريقية لعبور أزمتها التي يتحمل الفقراء تبعاتها في الأساس».
ويواجه تينوبو تحدّيات كبرى، في مقدمتها الأوضاع الاقتصادية المتردية؛ حيث يصل معدل التضخم إلى 21.3 في المائة، كما أنه -حسب تقديرات البنك الدولي- يعيش 4 من أصل كل 10 نيجيريين تحت خط الفقر.
وتوقع تقرير للأمم المتحدة صدر في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن 25 مليون نيجيري معرّضون لخطر كبير بسبب انعدام الأمن الغذائي هذا العام، وهو ما يعني أنهم لن يكونوا قادرين على تحمل تكاليف ما يكفي من الغذاء كل يوم. وتزداد المخاوف بشأن انعدام الأمن الغذائي منذ عدة سنوات، في البلاد التي تعاني أيضاً من انعدام الأمن بصورة كبيرة، بما يشمل اختطاف وقتل المزارعين ونهب ثرواتهم وأراضيهم، من قبل عصابات مسلحة وجماعات إرهابية.