هل تنجح إدارة تينوبو في مواجهة التحديات الأمنية بنيجيريا؟

بعد قرارات رئاسية باستبدال قيادات من الجيش والشرطة

الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو (أ.ب)
الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو (أ.ب)
TT

هل تنجح إدارة تينوبو في مواجهة التحديات الأمنية بنيجيريا؟

الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو (أ.ب)
الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو (أ.ب)

في وقت يرى خبراء أنه على «الرئيس بولا تينوبو تبني مقاربات مختلفة و(فعالة) بما تشمل تنمية شاملة وتطويراً اقتصادياً وسياسياً وأمنياً يجابه الفقر وغياب العدالة الاجتماعية ويفرض سلطة الدولة والقانون».

وقالت الرئاسة النيجيرية (الاثنين): إن «الرئيس تينوبو استبدل رؤساء جميع الأجهزة الأمنية النيجيرية في تغيير كبير يدخل حيز التنفيذ على الفور». وذكر بيان صادر عن سكرتير مكتب حكومة الاتحاد أنه «تم تعيين بدلاء لقيادة الجيش والشرطة، وتم تغيير قادة القوات الجوية والبحرية والشرطة والاستخبارات الدفاعية».

وتولى تينوبو منصبه رئيساً في مايو (أيار) الماضي. وقال عقب تنصيبه «سوف نستثمر أكثر في أفراد الأمن لدينا». كما حل تينوبو أيضاً مجالس الإدارة لجميع الوكالات الحكومية، مع توقع تشكيل مجالس جديدة والموافقة عليها من قِبل الهيئة التشريعية في الأسابيع المقبلة.

وتواجه نيجيريا مجموعة متنوعة من المشاكل الأمنية، بما في ذلك تمرد متطرفين موالين لتنظيم «داعش»، ومتمردين في الشمال الغربي، وانفصاليين في الجنوب الشرقي.

ورغم تعهدات الإدارات المتعاقبة بالقضاء على الإرهاب والعنف، خلفت أنشطة الجماعات الإرهابية والتي بدأت منذ 2009 ممثلة في عناصر جماعة «بوكو حرام» في شمال شرقي البلاد، أكثر من 40 ألف قتيل وأكثر من مليوني نازح. علاوة على ذلك، تستمر حالات العنف القبلي وانعدام الأمن في أغلب الولايات النيجيرية، ويرتبط انعدام الأمن أيضاً في الشمال الشرقي بجماعة «أنصار الشرعية» التابعة لتنظيم «القاعدة»، وميليشيات قبلية وقطّاع الطرق الذين يرهبون المجتمعات ويهاجمون باستمرار الرعاة والمزارعين في المناطق الريفية، ويقومون كذلك بعمليات الخطف من أجل الحصول على فدية.

وأجبرت حالات انعدام الأمن وعمليات الخطف الجماعي السلطات على إغلاق أكثر من 11 ألف مدرسة منذ نهاية 2020؛ مما تزايدت معه نسبة الأطفال غير الملتحقين بالمدارس «18.5 مليون في 2022... 60 في المائة منهم فتيات»، حسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة.

وقال أحمد سلطان، الباحث المتخصص في الحركات المتطرفة بمصر، لـ«الشرق الأوسط»: إن «تكتيكات المتطرفين المسلحين تتطور باستمرار في نيجيريا، في وقت ما زالت المعالجة الأمنية (تقليدية) حتى الآن، ولا تستخدم قوات الأمن النيجيرية منذ تولي تينوبو ما يعكس تغيراً في الاستراتيجية الأمنية والعسكرية»؛ لكنه يرى أنه «من المبكر جداً الحكم على تجربة تينوبو ومصادرة حقه في عنصر الوقت».

وأضاف سلطان أنه «طوال سنوات، تبنى حكام نيجيريا المعالجات التقليدية نفسها، وعلى تينوبو أن يستفيد من خبرات سابقيه، ويقوم ببناء جيش حديث ومتطور في تكتيكاته وأدواته وأساليب تدريبه». من جانبه، يرى محمد الأمين ولد الداه، الخبير الموريتاني في الشؤون الأفريقية، أن «تينوبو لديه حنكة سياسية واقتصادية كبيرة، وعليه أن يستغل تجربته في تحقيق اختراقات اقتصادية وتنموية متواكبة مع سياسات لتحقيق السلم الاجتماعي وتقليل الاستقطاب السياسي الذي ينجم عن الصراعات بين الولاءات الإثنية والعقدية المختلفة».

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، نشر المكتب الوطني للإحصاء في نيجيريا تقريراً يُشير فيه إلى «معدل الفقر في نيجيريا الذي وصل إلى 63 في المائة من السكان، أي نحو 133 مليون نسمة يعيشون في فقر متعدد الأبعاد، أغلبهم من الأطفال، وارتفع معدل التضخم بنسبة 24.13 في المائة». كما أدت النزاعات والصراعات المرتبطة بالعنف العرقي والديني في نيجيريا إلى «نزوح أكثر من 4 ملايين شخص داخلياً».

وهنا يشير سلطان إلى أن «العامل الحاسم في مواجهة انتشار التطرف في نيجيريا، هو أن تتواكب الجهود الأمنية والمقاربات العسكرية الحديثة مع عمليات تنموية شاملة تستهدف كل مناطق البلاد، بما يشمل مناطق نفوذ الإرهابيين؛ لأن استمرار الفقر والتهميش، هو العامل الأساسي في ازدهار عمليات التجنيد بواسطة الجماعات المسلحة»، في حين اعتقد ولد الداه أن «المعالجة الأمنية والعسكرية دون مقاربة سياسية شاملة تعزز الانتماء الوطني بدلاً من الانتماءات الأخرى، لن تسفر سوى عن النتائج المخيبة التي خلص إليها سابقوه».


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
TT

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

استعادت جماعة «بوكو حرام» الموالية لـ«تنظيم داعش» الإرهابي، قدرتها على المبادرة والهجوم في مناطق مختلفة بشمال نيجيريا، وشنّت هجوماً استهدف قاعدة عسكرية تابعة للجيش، قُتل فيه خمسة جنود على الأقل، وأُصيب عشرة جنود، فيما قال الجيش إنه قتل أكثر من خمسين من عناصر الجماعة الإرهابية.

وقالت قيادة الجيش النيجيري في بيان، إن الهجوم الإرهابي الذي شنّه فرع من جماعة «بوكو حرام»، في غرب أفريقيا، استهدف القوات المتمركزة بموقع عمليات التثبيت بقرية «كاريتو»، بولاية بورنو، في أقصى شمال شرقي نيجيريا، على الحدود مع دولة النيجر.

البيان الصادر عن مدير الإعلام العسكري، اللواء إدوارد بوبا، قال إن الهجوم الإرهابي وقع بالتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع، ووصفه بأنه «كان منسقاً»، قبل أن يؤكد «مقتل خمسة جنود وإصابة عشرة آخرين بجروح، بالإضافة إلى فقدان أربعة جنود آخرين».

من عملية ضد جماعة «بوكو حرام» (أرشيفية متداولة)

وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم قيادة الجيش إن «القوات المسلحة نجحت في القضاء على عدد من الإرهابيين، واستعادة أسلحة كانت بحوزتهم»، مشيراً إلى تكبد الجيش خسائر مادية «فادحة»، حيث إن منفذي الهجوم الإرهابي أحرقوا بعض المعدات «بما في ذلك شاحنة محملة بالأسلحة، وثلاث مركبات تكتيكية، وجرافة».

وأطلق الجيش النيجيري عملية تعقب بقيادة وحدة من قوات الدعم مع غطاء جوي، وقال إن الهدف هو «استكشاف المنطقة بشكل عام، ومسارات انسحاب الإرهابيين»، وفق تعبير البيان.

وتسعى القوات النيجيرية إلى قطع الطريق أمام منفذي الهجوم الإرهابي، بهدف استعادة الجنود المفقودين، في ظل توقعات بأن الإرهابيين «اختطفوهم» ليكونوا دروعاً بشرية تحميهم من أي قصف جوي.

صورة أرشيفية لهجوم شنّته جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا (رويترز)

الهجوم الإرهابي استهدف قرية «كاريتو»، التي لا تبعد سوى 153 كيلومتراً عن العاصمة الإقليمية مايدوجوري، وهي المقر الرئيس لـ«الكتيبة 149» التابعة للجيش النيجيري، التي تشارك بنشاط في عمليات محاربة الإرهاب، كما استهدف معاقل فرعي جماعة «بوكو حرام»، الموالية لتنظيمي «داعش» و«القاعدة».

وقالت قيادة الجيش النيجيري إن «هذا الهجوم لن يثني القوات المسلحة النيجيرية عن القضاء على الإرهاب والتمرد والتحديات الأمنية الأخرى التي تواجه البلاد»، وأعربت عن تعويلها على تعاون السكان المحليين في ملاحقة الإرهابيين.

وأعلن حاكم ولاية بورنو، باباغانا زولوم، عن وقوفه إلى جانب القوات المسلحة النيجيرية، وأضاف في بيان صحافي أن الهجوم «يعيد إلى الأذهان مستوى وحشية العناصر الإرهابية لجماعة (بوكو حرام)».

وبينما أعلن عدد من كبار قادة الجيش في نيجيريا عن انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»، والاقتراب من القضاء عليها بشكل نهائي، بدأت الجماعة تعيد ترتيب صفوفها، وإظهار قدرات جديدة على المبادرة والهجوم.

ففي حادث منفصل، نصب مسلحون من «بوكو حرام»، الثلاثاء، كميناً لفريق مراقبة من قوات الأمن والدفاع المدني النيجيرية، كان يتفقد منشآت الشبكة الوطنية للكهرباء والطاقة في إقليم النيجر التابع لنيجيريا.

مسلحو «بوكو حرام» خلَّفوا الخراب والدمار في ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم قوات الأمن والدفاع المدني أفولابي باباوالي، إن خطوط الشبكة الوطنية للطاقة تعرضت مؤخراً لهجمات إرهابية تخريبية، وقد أسفرت عن انقطاع واسع للتيار الكهربائي في أقاليم شمال نيجيريا.

وأوضح المتحدث أنه «حينما كانت فرق الأمن تتفقد خطوط الشبكة الوطنية، تعرضت لهجوم إرهابي نفذه أكثر من 200 مسلح نصَبوا كميناً من قمة أحد التلال»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن المواجهات بين الطرفين «أسفرت عن مقتل أكثر من خمسين إرهابياً، فيما يوجد سبعة جنود في عداد المفقودين».

وتتزامن هذه الهجمات الإرهابية المتفرقة، مع معارك طاحنة تجري منذ أسابيع ما بين جيش تشاد ومقاتلي «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، التي تُوصف بأنها «العمق الاستراتيجي» للتنظيم الإرهابي، حيث توجد قواعده الخلفية وسط الغابات والجزر المترامية في واحدة من أكبر المناطق الرطبة في أفريقيا.