الماليون يتطلعون لعودة الحكم المدني عبر تغيير الدستور

مالية تدلي بصوتها في باماكو الأحد (إ.ب.أ)
مالية تدلي بصوتها في باماكو الأحد (إ.ب.أ)
TT

الماليون يتطلعون لعودة الحكم المدني عبر تغيير الدستور

مالية تدلي بصوتها في باماكو الأحد (إ.ب.أ)
مالية تدلي بصوتها في باماكو الأحد (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في مالي، الأحد، بأصواتهم في استفتاء على تغيير الدستور، في أول اقتراع حول مستقبل بلادهم منذ وصول المجلس العسكري إلى السلطة قبل ثلاث سنوات، بالبلد الواقع غرب أفريقيا والذي يواجه وضعاً أمنياً وسياسياً مضطرباً.

ويحق لأكثر من 8 ملايين ناخب في مالي الاقتراع في الاستفتاء، الذي من المفترض أن يمهد إلى عودة المدنيين إلى السلطة، خلال انتخابات تجري مطلع عام 2024، وفق تعهدات المجلس العسكري الحاكم. ومن المقرر أن تعلن النتائج النهائية للاستفتاء على دستور جديد في مالي خلال 72 ساعة. ويحل مشروع الدستور الجديد، في حال إقراره، محل دستور 1992، ويؤكد «التشبث بالطابع الجمهوري وعلمانية الدولة»، كما يعزز صلاحيات رئيس الجمهورية، الذي حدد ولايته في 5 سنوات، ولا يحق له وفقه الترشح لأكثر من ولايتين.

وكان أفراد القوات المسلحة والأمنية صوّتوا مقدماً على مشروع الدستور في 11 يونيو (حزيران) الجاري. وأبقى مشروع الدستور، الذي تأخر طرحه 3 أشهر، مادة تؤكد «الارتباط بالصيغة الجمهورية وعلمانية الدولة»، ما أثار جدلاً واسعاً؛ إذ أعلن نحو 20 جمعية في مالي توحيد جهودها لحثّ المجلس العسكري الحاكم على سحب مبدأ «علمانية الدولة» من مشروع الدستور، محذرة من أنه في حال عدم تحقّق ذلك، ستطلق حملة للتصويت على رفض المشروع.

مركز اقتراع في باماكو الأحد (إ.ب.أ)

لكن حمدي جوارا، الخبير السياسي المالي، المقيم في باريس، يتوقع نجاح المجلس العسكري في مسعاه لتمرير مشروع الدستور، على الرغم من «الصعوبة الكبيرة» على حد قوله، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أنه على الرغم من «التحالف بين التجمعات الإسلامية الرافضة للعلمانية، وبين السياسيين المناوئين للحكومة»، فإن «التصويت بـ(لا) سيعيد البلاد للدستور القديم واستمرار الوضع الراهن، في حين سيدخل التصويت بـ(نعم) البلاد في علمانية بشكل أكثر تفصيلاً وحماية، وبالتالي اختيار أخف الضررين يقتضي التصويت بـ(نعم)»، وفقاً لكثيرين.

ويأتي التصويت غداة طلب مالي انسحاب بعثة الأمم المتحدة المنتشرة في البلاد منذ عشر سنوات «فوراً»؛ إذ ترى السلطات أن البعثة فشلت، وأن مالي قادرة على ضمان أمنها «بوسائلها الخاصة». ويقول جوارا، إن مطالبة الرئيس المؤقت أسيمي غويتا بخروج القوات الأممية من مالي، والتي بقيت سنوات دون نتيجة تذكر، ستعزز من شعبيته وتصب في صالح التصويت بـ«نعم».

تجمع لرافضي الدستور في باماكو الجمعة (أ.ف.ب)

وترى هيئات إقليمية والأمم المتحدة في الاستفتاء اختباراً مهماً لاستعداد المجلس العسكري للالتزام بالمسار الانتقالي وإجراء عملية ديمقراطية على مستوى البلاد، لا سيما في وقت يكثف فيه الإسلاميون المتشددون هجماتهم، لكن معارضين يرون أن المشروع مفصل بهدف إبقاء العسكريين في الحكم بعد موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في فبراير (شباط) 2024 على الرغم من التعهد بإعادة الحكم إلى المدنيين بعد هذه الانتخابات.

ويصب جزء كبير من التعديل الدستوري في مصلحة القوات المسلحة؛ فهو يشدد على «السيادة» شعار المجلس العسكري منذ توليه السلطة، ثم الانفصال عن فرنسا القوة المهيمنة سابقاً، فضلاً عن محاربة الفساد المرتبط بالنظام القديم. وقال غويتا في خطاب (الجمعة): «حان الوقت كي نؤكد التزامنا تجاه مالي الجديدة». ويشكل انعدام الأمن تحدياً أمام إدلاء السكان بأصواتهم. وتشهد مالي منذ 2012 انتشاراً للجماعات المتشددة وللعنف بشتى أنواعه. وطرد العسكريون الماليون الجنود الفرنسيين في 2022 في أجواء من التوتر الشديد، وطلبوا مساعدة روسيا عسكرياً وسياسياً.


مقالات ذات صلة

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (رويترز)

هل يمكن أن يصبح إيلون ماسك رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل؟

مع دخوله عالم السياسة، تساءل كثيرون عن طموح الملياردير إيلون ماسك وما إذا كان باستطاعته أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الداخلية جيرالد دارمانان (اليمين) متحدثاً إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (رويترز)

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي، إلا أن البديل جاهز بشخص رئيس «حزب التجمع الوطني» جوردان بارديلا.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا جلسة برلمانية في «البوندستاغ»... (إ.ب.أ)

أكثر من 100 برلماني يتقدمون باقتراح لحظر حزب «البديل من أجل ألمانيا»

تقدم أكثر من 100 نائب ألماني باقتراح لرئيسة البرلمان لمناقشة حظر حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف.

راغدة بهنام (برلين)

إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
TT

إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)

وقع إطلاق نار كثيف، الخميس، في جوبا عاصمة جنوب السودان بمقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، أكول كور، الذي أقيل الشهر الماضي، حسبما أكد مصدر عسكري، فيما تحدّثت الأمم المتحدة عن محاولة لتوقيفه.

وبدأ إطلاق النار نحو الساعة السابعة مساء (17.00 ت.غ) قرب مطار جوبا واستمر زهاء ساعة، بحسب مراسلي «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأبلغت الأمم المتحدة في تنبيه لموظفيها في الموقع، عن إطلاق نار «مرتبط بتوقيف الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات»، ناصحة بالبقاء في أماكن آمنة.

وقال نول رواي كونغ، المتحدث العسكري باسم قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان، لإذاعة بعثة الأمم المتحدة في البلاد (مينوس) إنه «حصل إطلاق نار في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق».

وأضاف: «شمل ذلك قواتنا الأمنية التي تم نشرها هناك لتوفير مزيد من الأمن».

وتابع: «لا نعرف ماذا حدث، وتحول سوء التفاهم هذا إلى إطلاق نار»، و«أصيب جنديان بالرصاص». وأضاف: «بعد ذلك هرعنا إلى مكان الحادث... وتمكنا من احتواء الموقف عبر إصدار أمر لهم بالتوقف».

وقال: «مصدر عسكري مشارك في العملية» لصحيفة «سودانز بوست» اليومية، إن أكول كور أوقف بعد قتال عنيف خلف «عشرات القتلى والجرحى من عناصره»، لكن التوقيف لم يتأكد رسمياً حتى الآن.

وأظهرت صور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وأخرى نشرتها الصحيفة شبه توقف لحركة المرور بالقرب من مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، حيث فر سائقون خائفون بعد سماع إطلاق النار تاركين سياراتهم، وفقاً لصحيفة «سودانز بوست».

وأقال رئيس جنوب السودان سلفاكير في أكتوبر (تشرين الأول) رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية أكول كور الذي تولى منصبه منذ استقلال البلاد عام 2011، وكلّفه تولي منصب حاكم ولاية واراب التي تشهد اضطرابات.

ولم تُحدّد أسباب هذه الخطوة. ويأتي هذا القرار بعد أسابيع من إعلان الحكومة تأجيلاً جديداً لعامين، لأول انتخابات في تاريخ البلاد، كان إجراؤها مقرراً في ديسمبر (كانون الأول).

بعد عامين على استقلاله، انزلق جنوب السودان إلى حرب أهلية دامية عام 2013 بين الخصمين سلفاكير (الرئيس) ورياك مشار (النائب الأول للرئيس)، ما أسفر عن مقتل 400 ألف شخص وتهجير الملايين.