كيف يُفاقم «الفارون» من مناطق الصراع في بوركينا فاسو أزماتها؟

تقديرات حكومية تشير إلى أن أعدادهم بلغت مليوني شخص

نازحون فارون من القتال في بوركينا فاسو (الأمم المتحدة)
نازحون فارون من القتال في بوركينا فاسو (الأمم المتحدة)
TT

كيف يُفاقم «الفارون» من مناطق الصراع في بوركينا فاسو أزماتها؟

نازحون فارون من القتال في بوركينا فاسو (الأمم المتحدة)
نازحون فارون من القتال في بوركينا فاسو (الأمم المتحدة)

بينما تتمدد الجماعات «الإرهابية» في بوركينا فاسو، خصوصاً في ظل «تدهور الأوضاع الأمنية»، تتعمق الكوارث الإنسانية هناك، حيث يفرّ آلاف الأشخاص من مناطق الصراع في بوكينا فاسو، وهو ما يراه خبراء «يخلق حلقة (مفرغة)، حيث وجهات الفرار التي غالباً ما تكون مناطق تفتقر إلى الاحتياجات الأساسية، ما يؤدي إلى صراعات على الموارد الشحيحة، وخلق بيئة مواتية للجماعات (الإرهابية) للتجنيد، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية لمَن يحتاجونها».

وأدى العنف المرتبط بإرهاب تنظيمي «القاعدة» و«داعش» في بوركينا فاسو إلى تزايد عدد النازحين داخلياً بأكثر من 2000 في المائة منذ عام 2019، وفقاً لما أوردته وكالة «أسوشييتد برس» في تقرير لها (الاثنين) نقلاً عن بيانات حكومية.

وقالت الحكومة إن «أكثر من مليوني شخص نازحون داخلياً، معظمهم من النساء والأطفال، حيث دفع الصراع الناس من منازلهم، وخارج مزارعهم، إلى مناطق حضرية مزدحمة، أو مخيمات مؤقتة». ونقل التقرير عن خبراء في شؤون الإغاثة الإنسانية قولهم، إن «استراتيجية (الإرهابيين)، المتمثلة في إغلاق المدن ومنع الناس من حرية الحركة ومنع تدفق البضائع، تفاقم الأزمة، حيث تصعّب تلك الاستراتيجية من عمل المنظمات الإغاثية».

ويأتي ذلك وسط نقص الأموال والاحتياجات المتزايدة، حيث يحتاج 1 من كل 4 أشخاص إلى المساعدة، ويواجه عشرات الآلاف مستويات كارثية من الجوع. ومع ذلك، لم يتم تمويل حتى نصف ميزانية الاستجابة الإنسانية، البالغة 800 مليون دولار، التي طلبتها منظمات الإغاثة العام الماضي، وفقاً للأمم المتحدة.

وتشن الحكومة هجوماً تقول إنه يهدف إلى استعادة مساحات شاسعة من الأراضي التي تسيطر عليها الجماعات «المتطرفة». وتسبّب العنف في المستعمرة الفرنسية السابقة، في مقتل أكثر من 10 آلاف شخص خلال السنوات السبع الماضية، وسيطرت المنظمات «الإرهابية» على ما يقرب من نصف مساحة البلاد. وكانت قوة فرنسية غادرت البلاد العام الماضي بعد مطالبات من السلطة العسكرية، التي تقر بالتعاون مع موسكو في مجال مكافحة «الإرهاب».

وتتزايد الهجمات «الإرهابية» في البلاد بوتيرة كبيرة في الأسابيع الأخيرة، حيث قُتل أكثر من 100 شخص في هجمات مختلفة في مايو (أيار) الماضي. والشهر الماضي، أعلن رئيس الوزراء أبولينير كيليم دي تامبيلا، أنه لا يمكن إجراء انتخابات في البلاد في «غياب الأمن». ويقود بوركينا فاسو، التي شهدت انقلابين عسكريين في 2022، الكابتن إبراهيم تراوري منذ سبتمبر (أيلول) الماضي. ويتعين على الجيش إعادة السلطة للمدنيين في يوليو (تموز) 2024، بعد إجراء انتخابات رئاسية.

ويرى أحمد سلطان، الخبير المصري في شؤون الجماعات المتطرفة، أن «ازدياد فرار الفئات (الهشة) من النزاعات المسلحة يؤدي إلى ازدياد صعوبة وصول أجهزة الأمن وأجهزة الدولة إليهم، ما يسهّل مهمة (الإرهابيين) في منع وصول المساعدات الإنسانية إلى مَن يحتاجونها، في تكتيك متعمد يهدف إلى زيادة عدم الثقة في الحكومات، والمجتمع الدولي كذلك».

واعتقد سلطان بأن «تفشي الفقر والجوع والفوضى يسهم في تسهيل عملية التجنيد، حيث يرى مَن يستطيعون القتال في الانضمام لتلك الجماعات (الإرهابية) مصدراً لتوفير القوت والأمن لأنفسهم وعائلاتهم». وأكد سلطان لـ«الشرق الأوسط» أن تلكؤ الحكومة في الانتقال السياسي يؤدي إلى «زيادة الهشاشة الأمنية، وانعدام ثقة المواطنين في قدرة الدولة على فرض القانون والأمن».

والشهر الماضي، حذرت «الجمعية المناهضة للإفلات من العقاب» (جماعة حقوقية محلية) من اشتعال حرب عرقية، بسبب استهداف متطوعين مدنيين يقاتلون مع الجيش، ومدنيين من قبائل الفلاني. وأدانت ما تعرض له نازحون (ينحدرون جميعهم من هذه القبائل) من الشمال؛ بسبب تهديدات إرهابية، لهجمات من أطراف عرقية أخرى. وأطلقت السلطة الناجمة عن الانقلاب العسكري الأخير، حملة في نهاية عام 2022 لتجنيد متعاونين لمؤازرة الجيش في قتاله ضد الإرهابيين. ووصل عدد المتطوعين إلى 90 ألف شخص.

ويرى محمد الأمين ولد الداه، الخبير في شؤون الساحل الأفريقي، أن «النزوح الداخلي في بلد فقير جداً مثل بوركينا فاسو يخلق صراعات بين الفارين والمستضيفين على الموارد الشحيحة، ويفاقم الصراعات القبلية والعرقية على الماء والغذاء والأرض». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن الوضع في بوركينا فاسو «يهدد دول الجوار التي تعاني بدورها من أوضاع اقتصادية وأمنية (هشة)، الأمر الذي يؤدي إلى تمدد نفوذ (الإرهاب) في مساحات شاسعة في عدد من البلدان، وهو ما يمنحهم مساحة أكبر في المناورة، ووصولاً أكبر إلى الموارد البشرية والاقتصادية».

والعام الماضي، قالت مفوضية شؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة، إنه في عام 2021 وحده، فرّ نحو 19200 شخص من بوركينا فاسو إلى كوت ديفوار ومالي والنيجر وبنين، وهي زيادة بنسبة 50 في المائة عن العام الذي سبقه. وقالت المنظمة الدولية إن «هذا الاتجاه المتزايد من النزوح من بوركينا فاسو يزيد الضغط على منطقة الساحل (الهشة)».


مقالات ذات صلة

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

شؤون إقليمية إردوغان خلال استقباله الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته بالقصر الرئاسي في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته عدداً من الملفات الأمنية والقضايا التي تهم الحلف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أنصار مرشح المعارضة باسيرو ديوماي فاي يحضرون مسيرة حاشدة في أثناء فرز نتائج الانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

مباحثات جرت، الجمعة، بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل»

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

وفاة 13 على الأقل جراء انهيار مبنى في تنزانيا

فرق الإغاثة تعمل على إنقاذ الضحايا أسفل عقار انهار في دار السلام بتنزانيا (أ.ف.ب)
فرق الإغاثة تعمل على إنقاذ الضحايا أسفل عقار انهار في دار السلام بتنزانيا (أ.ف.ب)
TT

وفاة 13 على الأقل جراء انهيار مبنى في تنزانيا

فرق الإغاثة تعمل على إنقاذ الضحايا أسفل عقار انهار في دار السلام بتنزانيا (أ.ف.ب)
فرق الإغاثة تعمل على إنقاذ الضحايا أسفل عقار انهار في دار السلام بتنزانيا (أ.ف.ب)

قالت رئيسة تنزانيا سامية صولوحو حسن، الأحد، إن 13 شخصاً على الأقل لقوا حتفهم عندما انهار مبنى في العاصمة التجارية دار السلام فيما جرى إنقاذ أكثر من 80 شخصاً.

وانهار المبنى المكون من 4 طوابق في سوق كارياكو شرق دار السلام، السبت، نحو الساعة التاسعة صباحاً بالتوقيت المحلي (06:00 بتوقيت غرينتش).

وفي كلمة لها، قالت رئيسة البلاد إن أكثر من 80 شخصاً جرى إنقاذهم ونُقلوا إلى المستشفيات. وأضافت أن 26 منهم ما زالوا في المستشفى. وتابعت أن الحكومة ستتحمل تكاليف العلاج وتساعد في ترتيبات الدفن.