9 قتلى خلال احتجاجات شعبية في السنغال

الجيش ينزل للشوارع والسلطات تقيد الوصول إلى منصات التواصل الاجتماعي

جندي سنغالي يقف أمام سيارة محترقة بدكار (أ.ف.ب)
جندي سنغالي يقف أمام سيارة محترقة بدكار (أ.ف.ب)
TT

9 قتلى خلال احتجاجات شعبية في السنغال

جندي سنغالي يقف أمام سيارة محترقة بدكار (أ.ف.ب)
جندي سنغالي يقف أمام سيارة محترقة بدكار (أ.ف.ب)

أعلنت السلطات السنغالية أن 9 أشخاص قتلوا في الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ أسابيع، ولكنها تصاعدت أكثر الخميس، بعد صدور حكم بالسجن في حق المعارض عثمان سونكو، وهو مرشح للانتخابات الرئاسية المرتقبة مطلع العام المقبل (2024)، ولكن هذا الحكم سيمنعه من خوض الانتخابات.

وكان عثمان سونكو (48 عاماً) موضع شكوى تقدمت بها شابة تعملُ في صالون تجميل تدعى آدي سار، اتهمته بأنه اغتصبها وهددها بالقتل، حين كان يرتاد الصالون عام 2020، وهي القضية التي وصلت إلى القضاء عام 2021. وحين استدعت المحكمة سونكو خرج أنصاره في مظاهرات أودت بحياة أكثر من 20 شخصاً.

ولكن الغرفة الجنائية أصدرت، الخميس الماضي، حكمها في القضية، حين برأت سونكو من تهمتي «الاغتصاب» و«التهديد بالقتل»، ولكنها أدانته بتهمة «إفساد الشباب»، وهي جنحة تتعلق بتشجيع شخص تحت سن الحادية والعشرين على «الفجور»، لتحكم عليه بالسجن عامين نافذين مع غرامة 600 ألف فرنك غرب أفريقي (يعادل ألف دولار).

احتجاجات دامية

أشخاص يطفئون حريقاً في أحد شوارع العاصمة السنغالية (رويترز)

وفرضت المحكمة على سونكو، الذي رفض حضور الجلسات، البقاء في بيته تحت «إقامة جبرية»، لتندلع موجة مظاهرات في عدد من المدن السنغالية، يقودها في الأغلب شباب غاضبون من سجن زعيمهم، ولكنهم غاضبون أكثر من الأوضاع الاقتصادية والسياسية بشكل عام.

وانخرط المحتجون في موجة تخريب واسعة، فنهب كثير من المحلات التجارية والمنشآت العامة والخاصة، كما أغلقت الطرق وأضرمت النار في السيارات، وسقط عدد من الجرحى في صفوف عناصر الشرطة. وتركزت أعمال التخريب بشكل أكبر في مدينتي دكار العاصمة، وزيغنشور في الجنوب، التي ينحدر منها سونكو.

وفي أول حصيلة رسمية، أعلن وزير الداخلية السنغالي أنطوان ديومي، في رسالة مقتضبة بثها التلفزيون الوطني، ليل الخميس إلى الجمعة، أن 9 أشخاص على الأقل قتلوا في «أعمال عنف مؤسفة أدت إلى تدمير ممتلكات عامة وخاصة».

تعليق منصات التواصل الاجتماعي

جانب من الدمار الذي سببته المواجهات في العاصمة السنغالية (رويترز)

ونشرت السلطات السنغالية وحدات من القوات المسلحة في شوارع العاصمة دكار، كما قيّدت الوصول إلى بعض تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً موقعي «فيسبوك» و«تويتر» وتطبيق التراسل الفوري «واتساب»، فيما بدت شوارع دكار الجمعة، شبه خالية من أي حركة، مع بقاء آثار العنف بادية للعيان.

وقال وزير الداخلية إنهم بالفعل فرضوا قيوداً على الوصول إلى شبكات التواصل الاجتماعي، وأضاف: «بعدما لاحظنا انتشار رسائل كراهية وتخريب، قررت دولة السنغال بكامل سيادتها تعليق استخدام بعض التطبيقات الرقمية مؤقتاً».

وتعدّ السنغال واحدة من الدول القليلة في أفريقيا المعروفة بالاستقرار السياسي، إذ ظلت نموذجاً للتبادل السلمي على السلطة. فلم يسبق أن عاش هذا البلد أي انقلاب عسكري منذ استقلاله عام 1960 عن فرنسا، ولكنه رغم ذلك مرّ بكثير من الأزمات السياسية في تاريخه.

الحوار الوطني

الرئيس السنغالي شارك في الحوار الوطني بدكار في 31 مايو (رويترز)

ماكي صال الذي يحكم السنغال منذ 2012، ويقود نهضة اقتصادية كبيرة تحت شعار «السنغال الناهض»، علق على الأحداث الأخيرة بالقول إنه «سيحمي البلاد مهما كلف الثمن». وأضاف أن «هناك من اختاروا النيل من الجمهورية، ذلك خيارهم، ولكن أنا ملزم بمواجهتهم لحماية هذه البلاد».

وجاءت تصريحات ماكي صال، خلال افتتاح حوار وطني تشارك فيه أحزاب سياسية، وهو الحوار الذي يأتي تمهيداً للانتخابات الرئاسية التي ستنظم في شهر فبراير (شباط) من العام المقبل. ولكن صال استغل الفرصة ليرفض ما قال إنها «تهديدات يومية توجه إلى القضاة عبر الهاتف، وإحراق منازلهم»، مشيراً إلى أنه «لا بد من تطبيق القانون إذا كنا نريد لبلدنا أن يتقدم نحو الأمام».

ويشير الرئيس السنغالي إلى أنصار عثمان سونكو، الذين خرجوا إلى الشوارع بعد خطاب ألقاه الرجل من منزله، حيث يخضع للإقامة الجبرية، طلب منهم فيه الخروج إلى الشارع والتضامن معه.

ويعدّ أغلب أنصار سونكو، الذي حل في المرتبة الثالثة خلال الانتخابات الرئاسية الماضية (2019)، من فئة الشباب الذين يمرون بأوضاع اقتصادية صعبة، وذلك لأنهم يرون فيه شاباً مثلهم، ولأنه يحمل خطاباً يتحدث فيه دوماً عن السيادة الأفريقية، ومخاطر الاستعمار الفرنسي، وعما يسميه «مافيا الدولة» والشركات متعددة الجنسيات.

ويأتي هذا الصراع في وقت تستعد فيه السنغال لتصدير أول شحنة من الغاز الطبيعي، خلال الفصل الأخير من العام الحالي، من حقل مشترك مع جارتها الشمالية موريتانيا، وهو حقل «السلحفاة الكبير - آحميم» الذي تستغله شركة «بريتش بيتروليوم» البريطانية، ومن شأنه أن يعود على كل من البلدين بمليار دولار أميركي سنوياً.


مقالات ذات صلة

أقارب الرهائن الإسرائيليين يتظاهرون أمام منزل نتنياهو

شؤون إقليمية عائلات ومتضامنون مع الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة يحملون صور أحبائهم خلال احتجاج يطالب بالإفراج عنهم أمام منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس الاثنين 18 نوفمبر 2024 (أ.ب)

أقارب الرهائن الإسرائيليين يتظاهرون أمام منزل نتنياهو

تظاهر أقارب رهائن محتجزين في قطاع غزة أمام منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس، الاثنين، مطالبين بالتوصل إلى اتفاق مع «حماس» للإفراج عنهم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
أوروبا أشخاص يرفعون صور عبد الله أوجلان أثناء المسيرة في كولونيا (د.ب.أ)

آلاف يتظاهرون في ألمانيا للمطالبة بالإفراج عن زعيم «العمال الكردستاني» أوجلان

تظاهر آلاف الأشخاص في مدينة كولونيا بغرب ألمانيا، السبت، للمطالبة بالإفراج عن زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان الذي اعتُقل قبل 25 عاماً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا متظاهرون يقتحمون مبنى البرلمان في جمهورية أبخازيا 15 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

زعيم أبخازيا يعلن استعداده للتنحي إذا أخلى متظاهرون مبنى البرلمان

قال رئيس جمهورية أبخازيا التي أعلنت انفصالها عن جورجيا والمدعومة من موسكو، السبت، إنه مستعد للاستقالة بعد اقتحام متظاهرين مبنى البرلمان.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا خلال مواجهات بين محتجّين والشرطة الهولندية في أمستردام يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

الائتلاف الحاكم في هولندا يتجنب الانهيار وسط صراع بشأن «تعليقات عنصرية»

عقد مجلس الوزراء الهولندي جلسة طارئة، اليوم الجمعة، وسط تقارير عن احتمال انهيار الائتلاف الحاكم بسبب طريقة تعامل الحكومة مع أحداث العنف الأخيرة في أمستردام.

«الشرق الأوسط» (أمستردام)
أوروبا متظاهرون يتجمعون خارج مبنى البرلمان في منطقة أبخازيا الانفصالية الجورجية (أ.ب)

اقتحام برلمان إقليم أبخازيا المنشق عن جورجيا بسبب اتفاق استثمار مع روسيا

اقتحم محتجون برلمان إقليم أبخازيا المنشق عن جورجيا والمدعوم من روسيا، اليوم (الجمعة)، وطالب سياسيون من المعارضة باستقالة رئيس الإقليم بسبب اتفاق مع موسكو.

«الشرق الأوسط» (تبيليسي)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
TT

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

استعادت جماعة «بوكو حرام» الموالية لـ«تنظيم داعش» الإرهابي، قدرتها على المبادرة والهجوم في مناطق مختلفة بشمال نيجيريا، وشنّت هجوماً استهدف قاعدة عسكرية تابعة للجيش، قُتل فيه خمسة جنود على الأقل، وأُصيب عشرة جنود، فيما قال الجيش إنه قتل أكثر من خمسين من عناصر الجماعة الإرهابية.

وقالت قيادة الجيش النيجيري في بيان، إن الهجوم الإرهابي الذي شنّه فرع من جماعة «بوكو حرام»، في غرب أفريقيا، استهدف القوات المتمركزة بموقع عمليات التثبيت بقرية «كاريتو»، بولاية بورنو، في أقصى شمال شرقي نيجيريا، على الحدود مع دولة النيجر.

البيان الصادر عن مدير الإعلام العسكري، اللواء إدوارد بوبا، قال إن الهجوم الإرهابي وقع بالتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع، ووصفه بأنه «كان منسقاً»، قبل أن يؤكد «مقتل خمسة جنود وإصابة عشرة آخرين بجروح، بالإضافة إلى فقدان أربعة جنود آخرين».

من عملية ضد جماعة «بوكو حرام» (أرشيفية متداولة)

وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم قيادة الجيش إن «القوات المسلحة نجحت في القضاء على عدد من الإرهابيين، واستعادة أسلحة كانت بحوزتهم»، مشيراً إلى تكبد الجيش خسائر مادية «فادحة»، حيث إن منفذي الهجوم الإرهابي أحرقوا بعض المعدات «بما في ذلك شاحنة محملة بالأسلحة، وثلاث مركبات تكتيكية، وجرافة».

وأطلق الجيش النيجيري عملية تعقب بقيادة وحدة من قوات الدعم مع غطاء جوي، وقال إن الهدف هو «استكشاف المنطقة بشكل عام، ومسارات انسحاب الإرهابيين»، وفق تعبير البيان.

وتسعى القوات النيجيرية إلى قطع الطريق أمام منفذي الهجوم الإرهابي، بهدف استعادة الجنود المفقودين، في ظل توقعات بأن الإرهابيين «اختطفوهم» ليكونوا دروعاً بشرية تحميهم من أي قصف جوي.

صورة أرشيفية لهجوم شنّته جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا (رويترز)

الهجوم الإرهابي استهدف قرية «كاريتو»، التي لا تبعد سوى 153 كيلومتراً عن العاصمة الإقليمية مايدوجوري، وهي المقر الرئيس لـ«الكتيبة 149» التابعة للجيش النيجيري، التي تشارك بنشاط في عمليات محاربة الإرهاب، كما استهدف معاقل فرعي جماعة «بوكو حرام»، الموالية لتنظيمي «داعش» و«القاعدة».

وقالت قيادة الجيش النيجيري إن «هذا الهجوم لن يثني القوات المسلحة النيجيرية عن القضاء على الإرهاب والتمرد والتحديات الأمنية الأخرى التي تواجه البلاد»، وأعربت عن تعويلها على تعاون السكان المحليين في ملاحقة الإرهابيين.

وأعلن حاكم ولاية بورنو، باباغانا زولوم، عن وقوفه إلى جانب القوات المسلحة النيجيرية، وأضاف في بيان صحافي أن الهجوم «يعيد إلى الأذهان مستوى وحشية العناصر الإرهابية لجماعة (بوكو حرام)».

وبينما أعلن عدد من كبار قادة الجيش في نيجيريا عن انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»، والاقتراب من القضاء عليها بشكل نهائي، بدأت الجماعة تعيد ترتيب صفوفها، وإظهار قدرات جديدة على المبادرة والهجوم.

ففي حادث منفصل، نصب مسلحون من «بوكو حرام»، الثلاثاء، كميناً لفريق مراقبة من قوات الأمن والدفاع المدني النيجيرية، كان يتفقد منشآت الشبكة الوطنية للكهرباء والطاقة في إقليم النيجر التابع لنيجيريا.

مسلحو «بوكو حرام» خلَّفوا الخراب والدمار في ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم قوات الأمن والدفاع المدني أفولابي باباوالي، إن خطوط الشبكة الوطنية للطاقة تعرضت مؤخراً لهجمات إرهابية تخريبية، وقد أسفرت عن انقطاع واسع للتيار الكهربائي في أقاليم شمال نيجيريا.

وأوضح المتحدث أنه «حينما كانت فرق الأمن تتفقد خطوط الشبكة الوطنية، تعرضت لهجوم إرهابي نفذه أكثر من 200 مسلح نصَبوا كميناً من قمة أحد التلال»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن المواجهات بين الطرفين «أسفرت عن مقتل أكثر من خمسين إرهابياً، فيما يوجد سبعة جنود في عداد المفقودين».

وتتزامن هذه الهجمات الإرهابية المتفرقة، مع معارك طاحنة تجري منذ أسابيع ما بين جيش تشاد ومقاتلي «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، التي تُوصف بأنها «العمق الاستراتيجي» للتنظيم الإرهابي، حيث توجد قواعده الخلفية وسط الغابات والجزر المترامية في واحدة من أكبر المناطق الرطبة في أفريقيا.