إلى أين تتجه المواجهة بين السلطة العسكرية والمعارضة في غينيا؟

بعد استدعاء الجيش والتلويح بتفعيل قوانين «مكافحة الإرهاب»

محتجّون يشتبكون مع الأمن في مظاهرات في غينيا كوناكري العام الماضي (أ.ف.ب)
محتجّون يشتبكون مع الأمن في مظاهرات في غينيا كوناكري العام الماضي (أ.ف.ب)
TT

إلى أين تتجه المواجهة بين السلطة العسكرية والمعارضة في غينيا؟

محتجّون يشتبكون مع الأمن في مظاهرات في غينيا كوناكري العام الماضي (أ.ف.ب)
محتجّون يشتبكون مع الأمن في مظاهرات في غينيا كوناكري العام الماضي (أ.ف.ب)

أثيرت تساؤلات بشأن مصير المواجهة بين السلطة العسكرية والمعارضة في غينيا، في وقت فيه تُصعِّد السلطة العسكرية الحاكمة في غينيا، المواجهة ضد المعارضة؛ في محاولة لـ«مواجهة الاحتجاجات».

وقاد المجلس العسكري الحاكم في غينيا، وحدات عسكرية من الجيش استدعاها في مواجهة احتجاجات المعارضة، وهدَّد بتطبيق قوانين «مكافحة الإرهاب»، التي تنص على «عقوبة السجن المؤبد» ضد المسؤولين عن هذا «الوضع المتأزم»، وفق تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس. وأفاد مراسل الوكالة بـ«انتشار عربات الجيش والمدرَّعات في ضواحي العاصمة كوناكري»، وذلك عقب دعوة المعارضة للتظاهر، يومي الأربعاء والخميس، والتي لم تشهد سوى أعداد قليلة من المحتجّين.

وكان وزير الإدارة الإقليمية، موري كوندي، قد قال، في بيان، هذا الأسبوع، إن مظاهرات المعارضة قد تتسبب في «(حرب عصابات) حقيقية»، واتهم المتظاهرين بممارسة «الإرهاب» والعنف ضد قوات الأمن. وكانت البلاد قد شهدت، الأسبوع الماضي، مظاهرات خلفت قتلى وجرحى، واشتباكات «دامية» بين أنصار المعارضة وقوات الأمن؛ احتجاجاً على «عدم وضوح خطة تسليم المجلس العسكري الحاكم السلطةَ للمدنيين».

ودعت المعارضة إلى تنظيم مظاهرات، الأربعاء والخميس، للمطالبة بـ«إنهاء الإجراءات القضائية (الغريبة)، واستعادة حق التظاهر، وفتح حوار حقيقي، برئاسة مجموعة دول غرب أفريقيا».

وفي الشهر الماضي، أعلنت المعارضة في غينيا «فشل المشاورات مع المجلس العسكري الحاكم»، وقرر تحالف «القوى الحية في غينيا»، في بيان، استئناف المظاهرات في الشوارع والساحات العامة؛ بسبب «غياب الإرادة السياسية لدى السلطات».

وكان التحالف - الذي يضم الأحزاب الكبرى ونقابات ومنظمات غير حكومية - قد استأنف الاتصال مع العسكريين، وتخلّى عن المظاهرات؛ لمنح فرصة لنجاح وساطة تقوم بها سلطات دينية. ومنع العسكريون جميع المظاهرات في البلاد. وتطالب المعارضة بـ«عودة سريعة للمدنيين إلى السلطة، والإفراج عن جميع المعتقلين».

أما «الاتحاد الأفريقي» و«منظمة إيكواس» فقد علَّقا عضوية غينيا، بعد استيلاء الجيش على السلطة. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أمهل قادة الدول الأعضاء في «إيكواس»، خلال قمة في نيويورك لم تشارك فيها غينيا، السلطات شهراً، لتقديم جدول زمني «معقول ومقبول»، تحت طائلة فرض «عقوبات أكثر شدة» من تلك المفروضة على البلاد.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قالت المجموعة العسكرية الحاكمة في غينيا، إنها «وافقت على إعادة السلطة للمدنيين في غضون عامين»، إثر تهديد بعقوبات وشيكة على قيادة البلاد، لمدة 3 أعوام، وفق ما جاء في وثيقة صادرة عن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «إيكواس». ولم تحدد الوثيقة موعد بدء فترة الأشهر الـ24.

وتولَّى الكولونيل مامادي دومبويا السلطة في عام 2021، وتعهّد بتسليم السلطة إلى المدنيين، بعد إجراء انتخابات. وأكدت المجموعة العسكرية عزمها الحكم لمدة 3 سنوات، وهو الوقت الذي تحتاج إليه لتنظيم «انتخابات ذات مصداقية، وإجراء إصلاحات مهمة وضرورية لتحقيق ما تسميه (إعادة تأسيس) الدولة الغينية». في حين عَدّت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا هذه المهلة «غير مقبولة».

وقال محمد الأمين ولد الداه، المحلل الموريتاني المتخصص في شؤون الساحل الأفريقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «التصعيد الأمني في مواجهة الاحتجاجات دليل جديد على عدم إيمان السلطة الحاكمة بالانتقال السياسي لسلطة مدنية، وتبنِّي تحول ديمقراطي حقيقي». ويرى الأمين ولد الداه أن «المقاربات الأمنية والعسكرية لمواجهة المعارضة تزيد من عزلة سلطات البلاد على المستويين الإقليمي والدولي»، متوقعاً أن «تستمر العقوبات الأفريقية على الدولة الفقيرة، بسبب عدم اتخاذ إجراءات في مسار التحول إلى حكومة مدنية منتخَبة».


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
TT

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

استعادت جماعة «بوكو حرام» الموالية لـ«تنظيم داعش» الإرهابي، قدرتها على المبادرة والهجوم في مناطق مختلفة بشمال نيجيريا، وشنّت هجوماً استهدف قاعدة عسكرية تابعة للجيش، قُتل فيه خمسة جنود على الأقل، وأُصيب عشرة جنود، فيما قال الجيش إنه قتل أكثر من خمسين من عناصر الجماعة الإرهابية.

وقالت قيادة الجيش النيجيري في بيان، إن الهجوم الإرهابي الذي شنّه فرع من جماعة «بوكو حرام»، في غرب أفريقيا، استهدف القوات المتمركزة بموقع عمليات التثبيت بقرية «كاريتو»، بولاية بورنو، في أقصى شمال شرقي نيجيريا، على الحدود مع دولة النيجر.

البيان الصادر عن مدير الإعلام العسكري، اللواء إدوارد بوبا، قال إن الهجوم الإرهابي وقع بالتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع، ووصفه بأنه «كان منسقاً»، قبل أن يؤكد «مقتل خمسة جنود وإصابة عشرة آخرين بجروح، بالإضافة إلى فقدان أربعة جنود آخرين».

من عملية ضد جماعة «بوكو حرام» (أرشيفية متداولة)

وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم قيادة الجيش إن «القوات المسلحة نجحت في القضاء على عدد من الإرهابيين، واستعادة أسلحة كانت بحوزتهم»، مشيراً إلى تكبد الجيش خسائر مادية «فادحة»، حيث إن منفذي الهجوم الإرهابي أحرقوا بعض المعدات «بما في ذلك شاحنة محملة بالأسلحة، وثلاث مركبات تكتيكية، وجرافة».

وأطلق الجيش النيجيري عملية تعقب بقيادة وحدة من قوات الدعم مع غطاء جوي، وقال إن الهدف هو «استكشاف المنطقة بشكل عام، ومسارات انسحاب الإرهابيين»، وفق تعبير البيان.

وتسعى القوات النيجيرية إلى قطع الطريق أمام منفذي الهجوم الإرهابي، بهدف استعادة الجنود المفقودين، في ظل توقعات بأن الإرهابيين «اختطفوهم» ليكونوا دروعاً بشرية تحميهم من أي قصف جوي.

صورة أرشيفية لهجوم شنّته جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا (رويترز)

الهجوم الإرهابي استهدف قرية «كاريتو»، التي لا تبعد سوى 153 كيلومتراً عن العاصمة الإقليمية مايدوجوري، وهي المقر الرئيس لـ«الكتيبة 149» التابعة للجيش النيجيري، التي تشارك بنشاط في عمليات محاربة الإرهاب، كما استهدف معاقل فرعي جماعة «بوكو حرام»، الموالية لتنظيمي «داعش» و«القاعدة».

وقالت قيادة الجيش النيجيري إن «هذا الهجوم لن يثني القوات المسلحة النيجيرية عن القضاء على الإرهاب والتمرد والتحديات الأمنية الأخرى التي تواجه البلاد»، وأعربت عن تعويلها على تعاون السكان المحليين في ملاحقة الإرهابيين.

وأعلن حاكم ولاية بورنو، باباغانا زولوم، عن وقوفه إلى جانب القوات المسلحة النيجيرية، وأضاف في بيان صحافي أن الهجوم «يعيد إلى الأذهان مستوى وحشية العناصر الإرهابية لجماعة (بوكو حرام)».

وبينما أعلن عدد من كبار قادة الجيش في نيجيريا عن انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»، والاقتراب من القضاء عليها بشكل نهائي، بدأت الجماعة تعيد ترتيب صفوفها، وإظهار قدرات جديدة على المبادرة والهجوم.

ففي حادث منفصل، نصب مسلحون من «بوكو حرام»، الثلاثاء، كميناً لفريق مراقبة من قوات الأمن والدفاع المدني النيجيرية، كان يتفقد منشآت الشبكة الوطنية للكهرباء والطاقة في إقليم النيجر التابع لنيجيريا.

مسلحو «بوكو حرام» خلَّفوا الخراب والدمار في ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم قوات الأمن والدفاع المدني أفولابي باباوالي، إن خطوط الشبكة الوطنية للطاقة تعرضت مؤخراً لهجمات إرهابية تخريبية، وقد أسفرت عن انقطاع واسع للتيار الكهربائي في أقاليم شمال نيجيريا.

وأوضح المتحدث أنه «حينما كانت فرق الأمن تتفقد خطوط الشبكة الوطنية، تعرضت لهجوم إرهابي نفذه أكثر من 200 مسلح نصَبوا كميناً من قمة أحد التلال»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن المواجهات بين الطرفين «أسفرت عن مقتل أكثر من خمسين إرهابياً، فيما يوجد سبعة جنود في عداد المفقودين».

وتتزامن هذه الهجمات الإرهابية المتفرقة، مع معارك طاحنة تجري منذ أسابيع ما بين جيش تشاد ومقاتلي «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، التي تُوصف بأنها «العمق الاستراتيجي» للتنظيم الإرهابي، حيث توجد قواعده الخلفية وسط الغابات والجزر المترامية في واحدة من أكبر المناطق الرطبة في أفريقيا.