غينيا: توتر بين المجلس العسكري والمعارضة يهدد انتقال السلطة

رجال دين دعوا لـ«الهدوء» بعد احتجاجات دامية

محتجون يشتبكون مع الأمن في مظاهرات في غينيا كوناكري العام الماضي (أ.ف.ب)
محتجون يشتبكون مع الأمن في مظاهرات في غينيا كوناكري العام الماضي (أ.ف.ب)
TT

غينيا: توتر بين المجلس العسكري والمعارضة يهدد انتقال السلطة

محتجون يشتبكون مع الأمن في مظاهرات في غينيا كوناكري العام الماضي (أ.ف.ب)
محتجون يشتبكون مع الأمن في مظاهرات في غينيا كوناكري العام الماضي (أ.ف.ب)

يتزايد التوتر السياسي في غينيا، حيث تتصاعد المواجهة بين السلطة العسكرية الحاكمة والمعارضة التي أعلنت فشل الحوار مع السلطة واللجوء للاحتجاجات للاعتراض على المسار الانتقالي.

والأحد قالت إذاعة فرنسا الدولية، إن أئمة وزعماء دينيين، في غينيا كوناكري، دعوا إلى الهدوء بعد المظاهرات العنيفة التي خلفت 7 قتلى حسب المعارضة، وقتيلين و50 جريحا، وخسائر في الممتلكات حسب المصادر الطبية.

وكانت البلاد شهدت الأسبوع الماضي مظاهرات عارمة، شهدت اشتباكات دامية بين أنصار المعارضة وقوات الأمن، احتجاجا على عدم وضوح خطة تسليم المجلس العسكري الحاكم السلطة للمدنيين.

والشهر الماضي، أعلنت المعارضة في غينيا «فشل المشاورات مع المجلس العسكري الحاكم»، وقرر تحالف «القوى الحية في غينيا» -في بيان- استئناف المظاهرات في الشوارع والساحات العامة بسبب «غياب الإرادة السياسية لدى السلطات».

وكان التحالف -الذي يضم الأحزاب الكبرى ونقابات ومنظمات غير حكومية- استأنف الاتصال مع العسكريين وتخلى عن المظاهرات لإعطاء فرصة لنجاح وساطة تقوم بها سلطات دينية. ومنع العسكريون -الذين استولوا على السلطة في 2021- جميع المظاهرات في البلاد. وتطالب المعارضة بعودة سريعة للمدنيين إلى السلطة والإفراج عن جميع المعتقلين الذين تعدهم سياسيين.

وقال وزير الإدارة الإقليمية واللامركزية موري كوندي، إن غينيا بحاجة إلى 5812 مليار فرنك غيني (أكثر من 610 ملايين يورو) لتمويل عملية إعادة المدنيين إلى السلطة و«وضع أسس تنمية اجتماعية واقتصادية مستدامة»، بحسب تعبيره.

وكان الاتحاد الأفريقي ومنظمة إيكواس علقا عضوية غينيا، بعد استيلاء الجيش على السلطة. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أمهل قادة الدول الأعضاء في «إيكواس»، خلال قمة في نيويورك لم تشارك فيها غينيا، السلطات شهراً لتقديم جدول زمني «معقول ومقبول»، تحت طائلة فرض «عقوبات أكثر شدة» من تلك المفروضة على البلاد.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي قالت المجموعة العسكرية الحاكمة في غينيا إنها وافقت إعادة السلطة للمدنيين في غضون عامين، إثر تهديد بعقوبات وشيكة على قيادة البلاد لمدة ثلاثة أعوام، وفق ما جاء في وثيقة صادرة عن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس). ولم تحدد الوثيقة موعد بدء فترة الأشهر الـ24.

وتولى الكولونيل مامادي دومبويا السلطة بالقوة عام 2021، مطيحاً مع رجاله الرئيس ألفا كوندي، وأدى اليمين كرئيس منذ ذلك الحين. وتعهد تسليم السلطة إلى المدنيين بعد إجراء انتخابات. وأكدت المجموعة العسكرية عزمها على الحكم لمدة ثلاث سنوات، وهو الوقت الذي تحتاج إليه لتنظيم انتخابات ذات مصداقية وإجراء إصلاحات مهمة وضرورية لتحقيق ما تسميه «إعادة تأسيس» الدولة الغينية. وعدت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا هذه المهلة غير مقبولة.

ويرى محمد الأمين ولد الداه، المحلل المتخصص في شؤون الساحل الأفريقي، أن السلطات العسكرية في غينيا «غير جادة في الانتقال السياسي الديمقراطي، وأن المعارضة لديها كل الأسباب لإنهاء الحوار مع السلطة الحاكمة في ظل المماطلة والتسويف المستمر دون اتخاذ إجراءات على الأرض تثبت صدق النية في تبني مسار ديمقراطي».

وتوقع الأمين ولد الداه «تصاعد المواجهات بين قوات الأمن والمحتجين من المعارضة التي لم يعد أمامها سوى ورقة الشارع لإثبات سوء نية السلطة الحاكمة، وهو ما قد يتطور إلى احتراب عرقي وإثني، ويؤدي إلى مزيد من العقوبات الدولية والأفريقية على السلطة، وهو ما سيؤثر على حياة الشعب الفقير بالسلب».


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
TT

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان؛ أي ما يناهز 60 في المائة من سكان هذا البلد الذي يعاني من العنف والكوارث المناخية، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

تدهور الوضع الإنساني في جنوب السودان، أفقر دول العالم، بسبب أسوأ فيضانات تشهدها المنطقة منذ عقود، ووصول أعداد كبيرة من اللاجئين من السودان المجاور الذي يعيش حرباً.

وتوقع أحدث تقرير أصدرته الأمم المتحدة ويستند إلى مؤشر «آي بي سي» (الإطار المتكامل لتصنيف الأمن الغذائي) الذي يتضمن خمسة مستويات لعتبة الجوع، زيادة في عدد الأشخاص المعرضين لخطر انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقدّر آخر تقييم للوضع أن 7.69 مليون شخص، من ضمنهم 2.1 مليون طفل، سيواجهون في أبريل (نيسان) خطر «عدم التمكن من استهلاك كمية كافية من الغذاء، يعرض حياتهم أو سبل عيشهم لخطر فوري» (أي في المستوى الثالث أو أكثر)، مقابل 7.1 مليون هذا العام.

وسيجد من بينهم 63 ألفاً أنفسهم في وضع «كارثة» غذائية (المرحلة 5) التي تسبق المجاعة.

وتقول ماري إلين ماكغروارتي، مديرة برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان في بيان: «عاماً بعد عام، نلاحظ أن الجوع يبلغ أعلى مستوياته في جنوب السودان».

وأوضحت: «عندما نعاين المناطق التي تشهد أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي، فمن الواضح أن مزيجاً من اليأس والنزاع والأزمة المناخية هو السبب الرئيسي».

ويواجه جنوب السودان المعرّض للكوارث المناخية، أسوأ فيضانات منذ عشرات السنين أدت إلى نزوح 380 ألف شخص وتضرر 4.1 مليون، بحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا).

كما ينبغي أن يتعامل مع وصول 810 آلاف شخص فروا من الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 في السودان المجاور، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

وعلى الصعيد السياسي، تعاني البلاد من الشلل وينخرها الفساد والخلافات الناجمة عن الحرب الأهلية التي أدت إلى مقتل 400 ألف شخص ونزوح الملايين بين عامَي 2013 و2018.

كما أعلنت الحكومة في سبتمبر (أيلول) إرجاء أول انتخابات في تاريخ البلد كانت مقررة في ديسمبر (كانون الأول) لعامين.

وتعرّض اقتصاد جنوب السودان إلى ضربة كبيرة حرمته من مصدر عائداته الرئيسي عندما انفجر أنبوب رئيسي للنفط في السودان في فبراير (شباط)؛ ما أدى إلى تدهور العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع الأساسية.