أفاد مسؤولون، الاثنين، بأن عمال الطوارئ في إقليم البنجاب الباكستاني استعانوا بمسيّرات للعثور على الأشخاص الذين تقطعت بهم السبل على أسطح المنازل، جراء الفيضانات الهائلة التي ضربت المنطقة، مع توسيع الحكومة نطاق ما أسمته أكبر عملية إنقاذ في تاريخها. وبالفعل، جرى إجلاء أكثر من 700.000 شخص.

وحذرت إدارة الأرصاد الجوية الباكستانية من هطول المزيد من الأمطار الغزيرة في مناطق البنجاب المتضررة من الفيضانات، وأماكن أخرى في البلاد. في الوقت ذاته، تسببت أسابيع من هطول الأمطار فوق المعدل الطبيعي وتسرب كميات هائلة من المياه من السدود في الهند المجاورة، الأسبوع الماضي، في فيضان الأنهار وتدفق مياهها نحو المناطق المنخفضة، بحسب تقرير لـ«أسوشييتد برس» الاثنين.
وفي مقاطعتي ملتان وجانغ، اضطر السكان إلى الخوض عبر مياه الفيضانات، حاملين أمتعتهم إلى جوانب الطرق والأراضي المرتفعة. واشتكوا من أنهم انتظروا رجال الإنقاذ، قبل أن يقرروا أن يعبروا بمفردهم مياهاً بعمق نحو 5 أقدام (متر ونصف المتر) للوصول إلى بر الأمان، في حين ظل كثيرون آخرون عالقين. ومنذ الأسبوع الماضي، عكف رجال الإنقاذ، بدعم من الجيش وخدمات الطوارئ، على إجلاء أكثر من 700.000 شخص، بحسب ما ذكره عرفان علي كاثيا، المدير العام لهيئة إدارة الكوارث في البنجاب.

وأضاف أنه جرى كذلك نقل أكثر من 500.000 رأس من الماشية إلى أماكن آمنة.
وأوضح كاثيا في تصريحات لوكالة «أسوشييتد برس»: «نتعامل مع وضع غير مسبوق، ونستجيب لأكبر فيضانات شهدتها البلاد على الإطلاق، باستخدام أحدث التقنيات وجميع الموارد المتاحة لإنقاذ الأرواح». من جهتها، أعلنت حكومة البنجاب أنها نشرت مسيّرات، هذا الأسبوع، في ملتان وجانغ ومقاطعات أخرى.

وقال كاثيا: «أولويتنا إنقاذ الأرواح وضمان إمداد الناجين بالمواد الأساسية بشكل مستمر». وقد اجتاح الفيضان مقاطعات ناروال وسيالكوت وكاسور، في حين غمرت المياه قرى بأكملها في جانغ وملتان.
واختفى كل شيء على الجسور الترابية على جانب الطريق، واشتكت العائلات النازحة من ظروف التهجير. من جهتها، قالت حليمة بيبي، 54 عاماً، التي فرت من منزلها المتضرر في جانغ مع سبعة من أقاربها: «لقد دُمرنا. كل شيء ضاع في الفيضان». والآن، تحتمي بيبي مع أقاربها بالعراء دون خيام أو طعام.
وقالت لـ«أسوشييتد برس»: «نفد كل ما كان لدينا من طعام تقريباً. ويمكنك أن ترى بنفسك حجم ما نعيشه من بؤس».
وقال الله ديتا، مزارع من المنطقة نفسها، إنه وجيرانه ناموا على أغطية بلاستيكية وعربات. وأضاف: «جاء رجال الإنقاذ مرة واحدة بالقارب، لكن لم يحضر لنا أحد أي إمدادات. واليوم، نواصل البحث عن طريق، على أمل أن يأتي أحد للمساعدة».
وتقول السلطات في البنجاب إنها أقامت أكثر من 1.000 مخيم إغاثة، لكن الأرقام الحكومية تُظهر أن قرابة 36.550 شخصاً فقط من أصل أكثر من 800.000 نازح جرى إيواؤهم فيها. ومن غير الواضح أين كانت الغالبية العظمى منهم تعيش. كما جرت عمليات إجلاء في إقليم السند الجنوبي، حيث حذر رئيس الوزراء مراد علي شاه، من احتمال حدوث «فيضان هائل» لنهر السند، إذا تجاوز منسوب المياه 900.000 قدم مكعب في الثانية.
من ناحيتهم، يلقي المسؤولون باللوم عن الفيضانات الكارثية على أسابيع من الأمطار الموسمية الغزيرة غير المعتادة، والتي تفاقمت بسبب المياه العابرة للحدود التي انطلقت من أنهار وسدود الهند المتضخمة، الأسبوع الماضي. وارتفع منسوب أنهار رافي وتشيناب وسوتليج في وقت واحد؛ ما أدى إلى غمر مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والقرى.

وقد أبلغت الهند باكستان بشأن إطلاق المياه، في أول اتصال دبلوماسي علني بين الخصمين منذ أن دفعتهما أزمة عسكرية إلى شفا الحرب في مايو (أيار).
33 حالة وفاة
وسجل إقليم البنجاب الذي يقطنه نحو 150 مليون نسمة، وهو منطقة زراعة القمح الرئيسة في البلاد، 33 حالة وفاة على صلة بالفيضانات في 10 أيام - وهو عدد أقل بكثير من فيضانات عام 2022 الكارثية - لكن الأضرار واسعة النطاق.
وأفاد مركز الأرصاد الجوية الباكستاني بأن إقليم البنجاب شهد زيادة في هطول الأمطار الموسمية بنسبة 26.5 في المائة بين الأول من يوليو (تموز) و27 أغسطس (آب)، مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي. وعلى مستوى البلاد، لقي ما لا يقل عن 854 شخصاً حتفهم في حوادث متعلقة بالأمطار منذ أواخر يونيو (حزيران). ويستمر موسم الأمطار الموسمية في باكستان عادةً حتى نهاية سبتمبر (أيلول).


