غواصة صينية جديدة تتحدى صواريخ «تايفون» الأميركية في بحر الصين الجنوبي

سفينة حربية صينية في بحر تاسمان (د.ب.أ)
سفينة حربية صينية في بحر تاسمان (د.ب.أ)
TT

غواصة صينية جديدة تتحدى صواريخ «تايفون» الأميركية في بحر الصين الجنوبي

سفينة حربية صينية في بحر تاسمان (د.ب.أ)
سفينة حربية صينية في بحر تاسمان (د.ب.أ)

من تايوان إلى بحر الصين الجنوبي، إلى بحر تاسمان بين أستراليا ونيوزيلندا، يرسخ الجيش الصيني نفسه حاليا مكونا دائما وبارزا في الساحة العالمية.

يقول براندون ج. ويشيرت، وهو محلل بارز في شؤون الأمن القومي بمجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، في تحليل نشرته المجلة، ونقلت بعض مضمونه «وكالة الأنباء الألمانية»، إن الجيش الصيني يمثل قوة حقيقية وحديثة، تدعمها أكبر قوة صناعية، في العالم. وبشكل أكثر تحديدا، يقوم أسطول جيش التحرير الشعبي الصيني ببناء غواصة بمواصفات عالمية من أجل مواجهة القوات الأميركية المنتشرة في المحيطين الهندي والهادئ.

ورغم الحديث عن هجوم صيني محتمل على تايوان، هناك فقط نقاش متقطع بشأن القضية الأوسع نطاقا، المتعلقة بالسيطرة على بحر الصين الجنوبي بين الفلبين، حليفة الولايات المتحدة، والصين. وفي الوقت الحاضر، يُتوقع أن تهيمن الصين على هذا المسطح المائي الأساسي، في حين تبذل الفلبين قصارى جهدها لمواجهة التعزيزات العسكرية الصينية هناك، بمؤازرة أميركية. ولكن بعد كل مواجهة ناجحة مع الصين، يعود الصينيون بأعداد أكبر، وبمنظومات عسكرية أكثر تطورا وتعقيدا، بحسب ويشيرت، وهو أيضا زميل بارز في مركز «ناشونال إنتريست» الأميركي.

غواصة صينية من طراز «كايلو» (ويكيميديا)

وإذا ما أرادت القوات الصينية محاصرة تايوان المجاورة أو غزوها، فسيكون عليها السيطرة على بحر الصين الجنوبي، ومنع الولايات المتحدة من استخدامه لنشر قواتها ضد أي قوة صينية تهاجم تايوان.

غواصات هجومية

تحدثت صحيفة «ساوث تشاينا مورنينغ بوست» عن فئة جديدة تماما من الغواصات الهجومية قيد البناء في مدينة ووهان، بمقاطعة هوبي الصينية، قد يكون الهدف منها مواجهة أنظمة صواريخ «تايفون» الأميركية الصنع، الموجودة في ترسانة الفلبين.

ونشرت الإدارة الأميركية السابقة منظومة «تايفون» في الفلبين، وتردد حينها أنها فقط للمشاركة في المناورات العسكرية المشتركة «سالاكنيب 2024» التي جرت مع الفلبين. ومع ذلك انتهت المناورات، وبقيت المنظومة في الفلبين.

واتفقت الحكومتان الأميركية والفلبينية في سبتمبر (أيلول) 2024، على إبقاء المنظومة في موقعها بشكل دائم، في خطوة وصفت بأنها رد على سنوات من التعزيزات العسكرية الصينية، وعلى العدوان الصيني الموجه ضد الفلبين في بحر الصين الجنوبي.

وتتمركز منظومة صواريخ «تايفون» في مطار لاواج الدولي بإقليم إيلوكوس نورتي، في بقعة استراتيجية تواجه بحر الصين الجنوبي قرب مضيق تايوان، رغم تقارير أشارت إلى أنه تم نقلها إلى موقع أكثر قابلية للبقاء، في جزيرة لوزون، أكبر جزر الفلبين وأكثرها ازدحاما بالسكان.

ونظام تايفون الصاروخي معروف رسميا بأنه نظام القدرات متوسطة المدى (إس آر سي)، أو نظام النيران الاستراتيجية متوسطة المدى (إس إم آر إف). وهو عبارة عن قاذفة صواريخ أرضية طورها الجيش الأميركي بالتعاون مع شركة «لوكهيد مارتن». وجرى تصميم المنظومة لسد الفجوة في ترسانة الجيش الضخمة، لأن صواريخ «تايفون» تستطيع إصابة أهداف في نطاقات تتراوح بين الصواريخ الضاربة الدقيقة قصيرة المدى والأسلحة فرط الصوتية الأطول مدى.

وتستطيع منظومة «تايفون» إطلاق نوعين من الصواريخ، «توماهوك» للهجوم البري، والذي يصل مداه إلى 1550 ميلا، و«إس إم6-» الذي يصل مداه إلى نحو 300 ميل، ويمكنه إصابة الأهداف الجوية والسطحية على حد سواء. وبعبارة أخرى، يشكل ذلك تهديدا للسفن الحربية الصينية التي سوف تستخدم، بلا شك، في سيناريو الغزو المحتمل أو الحصار المحتمل لتايوان.

وهنا تكمن أهمية الغواصة الصينية الجديدة، التي يجري بناؤها في ووهان وسوف تجهَّز، وفقا لتقرير «ساوث تشاينا مورنينغ بوست»، بصواريخ متطورة تفوق سرعتها سرعة الصوت، مما يجعل الصين في المركز الثاني ضمن القوى الكبرى الثلاث (روسيا والصين والولايات المتحدة) التي تمتلك أسلحة فرط صوتية تعمل من غواصات.

وروسيا هي القوة الكبرى الأخرى الوحيدة التي تمتلك صواريخ فرط صوتية تطلق من غواصات، وذلك في غواصتها «ياسين-إم». أما الولايات المتحدة فلا تزال في مرحلة التطوير لإنتاج أسلحة فرط صوتية.

الفرقاطة الصينية «هينغيانغ» في المياه المقابلة لساحل أستراليا الشرقي (أ.ف.ب)

وثارت تكهنات واسعة حول ماهية الغواصة الصينية الجديدة، ويعتقد محللون أنها جزء من عائلة الغواصات «041» (فئة تشو).

وأوضح ويشيرت أنه جرى تجهيز الغواصة «فئة تشو» بنظام دفع هجين فريد من نوعه يشمل الطاقة التقليدية والنووية، لإنتاج الغواصة الجديدة.

وتشير مصادر، عبر الإنترنت، إلى أن الصينيين ثبتوا مفاعلا نوويا صغيرا، ومحطة طاقة تعمل بالديزل والكهرباء، مما يعني أن الغواصة الجديدة ستمتلك مستويات عالية من القدرة على التحمل أثناء عمليات انتشارها. كما أن فيها مميزات جديدة لا توجد في الغواصات الأخرى التابعة للبحرية الصينية، مثل نظام الإطلاق العمودي الذي يسمح لها بإطلاق صواريخ «كروز»، وأيضا الصواريخ الباليستية المضادة للسفن.

واستخدم المهندسون الصينيون زعانف الذيل على شكل الحرف «إكس» لتعزيز قدرة الغواصة على التخفي أثناء الإبحار.

سباق تسلح خطير

ويرى ويشيرت أنه مهما حدث على المدى القريب، فمن الواضح حصول سباق تسلح خطير للهيمنة على بحر الصين الجنوبي.

وحققت الصين مكاسب واسعة في المنطقة، منذ بدأت بناء الجزر الاصطناعية هناك عام 2009. ومع أن نشر منظومة «تايفون» جاء كخطوة أميركية مهمة من قبل واشنطن، فإنها لا تزال تضع الأميركيين على مسافة خطوات عديدة خلف الخصم الصيني في المنطقة.

وفي ختام التحليل، يؤكد ويشيرت أنه إذا نشرت الصين الغواصات الجديدة المزودة بصواريخ تفوق سرعة الصوت، فإن ذلك سوف يعزز قبضتها بشكل واسع في الإقليم. وهو أمر من شأنه منح القوات الصينية فرصة للسيطرة على بحر الصين الجنوبي لفترة تكفي قواتها لضرب تايوان.


مقالات ذات صلة

دواء جديد واعد لعلاج تليُّف الكبد

يوميات الشرق التهاب الكبد المزمن «بي» يُعد من أصعب التحديات الصحية العالمية (جامعة جورج واشنطن)

دواء جديد واعد لعلاج تليُّف الكبد

كشفت دراسة سريرية أُجريت في الصين أن علاجاً تجريبياً جديداً قد يُحْدث تحسناً كبيراً في حالات تليُّف الكبد الناتج عن التهاب الكبد المزمن «بي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الرياضة الروبوت «تيانغونغ ألترا» يعبر خط النهاية خلال نصف ماراثون إي تاون للروبوتات البشرية (رويترز)

شاهد... روبوتات تنافس البشر في نصف ماراثون بكين

شهدت العاصمة الصينية أول سباق نصف ماراثون للروبوتات والبشر في العالم.

«الشرق الأوسط» (بكين )
حصاد الأسبوع 
الرئيس الأميركي دونالد ترمب جعل حربه الاقتصادية ضد الصين استراتيجية لواشنطن (رويترز)

حرب أميركا ـــ الصين التجارية... بين «واقعية» بكين و«طموح» ترمب

في إطار الحرب التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، يمكن ملاحظة وجود تصعيد تدريجي ومتبادل في الرسوم الجمركية بين البلدين. هذا التصعيد يعكس اتجاهات السياسة الاقتصادية التي تعتمدها الدولتان، حيث تتمثل الولايات المتحدة في دور المبادر في فرض الرسوم الجمركية، بينما تتبع الصين استراتيجية الردّ المتدرج. في البداية، بدأت الولايات المتحدة بزيادة الرسوم الجمركية بشكل حاد وسريع من 10% في فبراير (شباط) الماضي إلى 145% في 10 أبريل (نيسان) الجاري، وهو ما يعكس رغبة الإدارة الأميركية الحالية في ممارسة ضغط اقتصادي كبير على الصين. في المقابل، قامت الصين، في البداية، بالرد بنسب أقل (10% و15% جزئياً) غير أنها رفعت النسبة بشكل تدريجي حتى وصلت إلى 125% بحلول 11 أبريل، ما يبرز توجهاً أكثر حذراً من جانبها في التعامل مع التصعيد.

وارف قميحة (بيروت)
حصاد الأسبوع الرئيس الصيني شي جينبينغ منهياً جولته الآسيوية الأخيرة وبجواره ملك كمبوديا نورودم سيهاميني في مطار العاصمة الكمبودية بنوم بنه (أ.ب)

دعوة للتعقُّل تجنباً لحرب بلا منتصر

تُشكّل العلاقات الصينية ـ الأميركية اليوم أكبر اختبار لقدرة العالم على التعايش في ظل التحولات الجذرية في موازين القوى. ولا أحد ينكر أن التنافس موجود.

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الصيني شي جينبينغ خلال قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 29 يونيو 2019 (رويترز)

صدام جبابرة بين واشنطن وبكين بسبب الرسوم الجمركية

تخوض الولايات المتحدة والصين حرباً تجارية متصاعدة منذ فترة طويلة. ومع عودة الرئيس دونالد ترمب إلى السلطة استعادت هذه الحرب زخمها.

«الشرق الأوسط» (باريس)

صراع صامت بين الدول الكبرى حول آسيا الوسطى

جانب من اجتماع لمجلس وزراء خارجية الجمهوريات السوفياتية السابقة في ألماتي بكازاخستان 11 أبريل (إ.ب.أ)
جانب من اجتماع لمجلس وزراء خارجية الجمهوريات السوفياتية السابقة في ألماتي بكازاخستان 11 أبريل (إ.ب.أ)
TT

صراع صامت بين الدول الكبرى حول آسيا الوسطى

جانب من اجتماع لمجلس وزراء خارجية الجمهوريات السوفياتية السابقة في ألماتي بكازاخستان 11 أبريل (إ.ب.أ)
جانب من اجتماع لمجلس وزراء خارجية الجمهوريات السوفياتية السابقة في ألماتي بكازاخستان 11 أبريل (إ.ب.أ)

بين ثلاثينات القرن التاسع عشر ومطالع القرن العشرين، شهدت منطقة آسيا الوسطى وامتدادها في بلاد القوقاز صراعاً مديداً على النفوذ بين الإمبراطوريتين الروسية والبريطانية، اشتهر فيه عدد من الجواسيس والقادة العسكريين الذين دخلوا تاريخ البلاد التي اصطلح على تسميتها اليوم «يوروآسيا»، والتي، منذ انفراط عقد الاتحاد السوفياتي، تتنافس على استمالتها وتوطيد العلاقات معها جميع القوى الجيوسياسية الوازنة في العالم، لما تختزنه من مصادر الطاقة والموارد الطبيعية والمعادن النادرة.

صورة جوية تُظهر مستودع ذهب فارفارينسكوي في منطقة كوستاناي بكازاخستان 15 أبريل (رويترز)

«اللعبة الكبرى» هو الاسم الذي توافق المؤرخون عليه لتعريف ذلك الصراع الطويل الذي لم يشهد مواجهة عسكرية مباشرة بين موسكو ولندن باستثناء «حرب القرم»، وتخللته محطات مفصلية مثل انشقاق منغوليا عن الصين ثم استقلالها عنها، واستقلال التيبت الذي عاد لاحقاً إلى سيطرة الصين بعد أن استعادت قوتها. وهي لعبة تتكرر اليوم بوسائل وأدوات مختلفة، وتبرز فيها بكين لاعباً أساسياً تكاد الأطراف الأخرى تعجز عن منافسته في توسيع دائرة امتداده التجاري والاقتصادي، وترسيخ حضوره السياسي والأمني في واحدة من أهم المناطق الجيوستراتيجية في العالم.

آخر الوافدين

ورغم أن بكين كانت آخر الوافدين إلى هذه المنطقة التي تهافتت عليها الدول الكبرى لتوقيع اتفاقات للشراكة التجارية والاقتصادية معها منذ أن استقلت جمهورياتها عن موسكو، فقد تمكنت في السنوات الخمس الأخيرة، منذ إطلاق مشروعها الضخم «طريق الحرير الجديد»، من ترسيخ حضورها ونفوذها في كازاخستان وقرغيزستان وتركمانستان وأوزبكستان وطاجيكستان، إلى أن أصبح حجم وارداتها من النفط والغاز والفحم من هذه البلدان يغطي 55 في المائة من احتياجات آلتها الصناعية الضخمة، فيما يزداد التبادل التجاري معها بنسبة 22 في المائة سنوياً.

الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال افتتاح القمة مع دول آسيا الوسطى في شيان الصينية 18 مايو 2023 (إ.ب.أ)

الأسبوع الماضي، استضافت أوزبكستان القمة الأولى للاتحاد الأوروبي مع بلدان آسيا الوسطى، في دليل آخر على محورية هذه المنطقة على الساحة الدولية، في الوقت الذي تنكفئ فيه الإدارة الأميركية الجديدة عن معظم برامجها الإنمائية في العالم، بينما بدأت تظهر المؤشرات الأولى حول تقارب صيني - أوروبي لتشكيل محور واسع لمواجهة إجراءات الرئيس الأميركي «التنمّرية»، كما وصفها الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال استقباله رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز في بكين، داعياً بلدان الاتحاد الأوروبي لرفع الصوت في وجه واشنطن.

وتفيد مصادر دبلوماسية مطّلعة بأن الإعدادات بدأت لعقد قمة موسعة في اليابان، مطلع يوليو (تموز) المقبل؛ لمناقشة هذا الوضع المستجد الذي يهدد بتقويض النظام الاقتصادي القائم.

قوة روسيا «الناعمة»

ويتزامن هذا الاهتمام الأوروبي المتزايد بآسيا الوسطى مع بداية مرحلة جديدة من التعاون الوثيق بين بلدان المنطقة، التي توصلت مؤخراً إلى اتفاق يُنهي النزاعات الحدودية بينها، مؤكدة عزمها على توثيق روابط الصداقة بينها وتعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي والأمني بينها، في محاولة للخروج من تحت العباءة الروسية، والوقوف على مسافة واحدة من القوى الكبرى.

بوتين في اجتماع تحالف أمني للدول السوفياتية السابقة في آستانة بكازاخستان 28 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

ويعترف الأوروبيون بأن آسيا الوسطى ارتقت إلى إحدى أولويات السياسة الخارجية الأوروبية، بعد أن كانت تعدّ منطقة عازلة بين القوى العظمى، وهي اليوم على أبواب التحول إلى شريك استراتيجي للاتحاد الأوروبي في خضم التحولات الكبرى.

وتراجع النفوذ الروسي في المنطقة بشكل ملحوظ منذ بداية الحرب في أوكرانيا، لكن موسكو لجأت مؤخراً إلى تنشيط «قوتها الناعمة» عن طريق تكثيف أنشطتها الثقافية في بلدان آسيا الوسطى، بزيادة المنح الدراسية، وتوثيق العلاقات في مجالات الفنون، وتعليم اللغة، وتبادل الخبرات الإعلامية، مستندةً إلى الأواصر اللغوية والثقافية الروسية الوطيدة في النسيج الاجتماعي لهذه البلدان.

رسالة بكين

لكن رغم حمأة التهافت الدولي على هذه المنطقة، تبقى العيون مركزة على الصين التي تضع كل ثقلها لتوسيع نفوذها فيها، خصوصاً بعد اندلاع الحرب التجارية التي أعلنتها واشنطن، والتي تدل كل المؤشرات على أن بكين هي الجهة الرئيسية المستهدفة فيها.

جانب من لقاء الوفدين الصيني والتركمانستاني على هامش قمة الصين وسط آسيا في مايو 2023 (إ.ب.أ)

وقبل أسابيع قليلة من انعقاد القمة المقبلة بين الصين وبلدان آسيا الوسطى، والتي ستستضيفها آستانة في يونيو (حزيران)، وجّه الرئيس الصيني رسالة إلى نظرائه في المنطقة جاء فيها أن «العالم يشهد وتيرة متسارعة من التغيرات لم يعرفها منذ أكثر من قرن، والصين عازمة على إقامة صداقة أبدية مع بلدان المنطقة في مرحلة حرجة من التاريخ».

وقال شي جينبينغ إن بلاده تريد توثيق التعاون مع دول المنطقة في جميع المجالات؛ من التجارة إلى الطاقة والزراعة والتعليم وعلوم الآثار، ما يظهر اهتمام بكين المتنامي بهذه الجمهوريات المجاورة التي أصبحت مصدراً رئيساً للموارد التي تحتاج إليها الصين، وسوقاً واسعة للمنتوجات الصينية، ومعبراً للبضائع الصينية نحو أوروبا، على غرار ما كانت عليه بين القرنين السابع والعاشر عندما كانت الإمبراطورية الصينية في أوج ازدهارها وقوتها خلال العصر الذهبي لسلالة «تانغ» التي يعود لها الفضل في إطلاق طريق الحرير التي كانت تعبرها القوافل التجارية من الصين إلى الهند وآسيا الوسطى، وصولاً إلى الشرق الأوسط وأوروبا، محملة بالبضائع والأفكار في الاتجاهين.

دور الحرب التجارية

ولا شك في أن التطورات الأخيرة قد دفعت بكين إلى المزيد من التصميم على تفعيل خطتها الرامية إلى إرساء موقعها كنقطة محورية في الشبكة الحديثة للمبادلات التجارية العالمية، وترسيخ هذا الموقع بواسطة مقترحات واسعة النطاق وطموحة تحمل الدمغة الصينية، ومبادرات مثل «التنمية الشاملة» أو «الأمن الشامل» أو «الحضارة الشاملة» التي يرددها جينبينغ في لقاءاته مع قادة المنطقة.

صورة جوية تُظهر جرافة تُحمّل خام الذهب في منجم فارفارينسكوي بمنطقة كوستناي بكازاخستان 15 أبريل (رويترز)

ويشدد الزعيم الصيني على أهمية بناء ما يسمّيها «مجموعة متكاملة ذات مستقبل مشترك»، وضرورة أن تقف الدول الست بحزم في وجه التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لبلدان المنطقة، ومحاولات التحريض على العنف والثورة.

وكانت القمة السابقة بين الصين وبلدان آسيا الوسطى قد شددت في بيانها الختامي، العام الماضي، على أهمية الاستقرار السياسي والاجتماعي في المنطقة، وتعهدت بالدفاع عن سيادتها وأمنها واستقلالها ووحدة أراضيها، في إشارة واضحة إلى المخاوف التي تعتري معظم دول المنطقة من تدخل عسكري روسي، على غرار ما حصل في أوكرانيا.